Movie
Series
Books
Paintings
Article
Anime
Interviews
Theater
Login
 
Contact Us
 
عدسة بدرو الصفدي التي تجادل الأشياء
BY photographer pedro safadi
9.0
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
عدسة بدرو الصفدي التي تجادل الأشياء من حولها وتتركها في حوار دائم مع الضوء ضحى عبدالرؤوف المل لفتتني فوتوغرافيا صور الفنان الفرنسي «لودفيك فلوران» واخذتني دهشة معاييره التصويرية، ولكني توقفت عند اسلوب معين في اسلوبه التصويري ولم اكمل الباقي، لان الحركة اخذت الجزء الاكبر في اسلوبه التعبيري الفوتوغرافي ان صح القول. لكني فوجئت بفوتوغرافي من لبنان، ومن مدينة طرابلس تحديدا يلتقط صوراً فوتوغرافية ببراعة جيومترية ان حاولنا جمع الخيوط الضوئية التي يؤلفها. اذ تختلف رؤية الفوتوغرافي الفنان» بدر الصفدى» او «بدرو الصفدى» كما اطلق على نفسه (Pedro safadi) من حيث بناء الصورة اثناء تشكيلها في العدسة اي قبل خروجها الى النور. لتشكل نوعا من التحكم بالاخراج الضوئي الذي يحدد الخطوط الاولى لصورة تبدو للوهلة الاولى تلقائية. الا انه يؤلف فلسفة تعكس اسلوبه الجيومتري الميال الى التحكم بالضوء. المبني على قيمة الموضوع، وابراز معناه البصري باختصار في الفراغات المطلوبة. لجذب البصر نحو فكرة معينة يريد بدرو ايصالها فوتوغرافيا الى الحواس، ومن ثم الى العقل المحلل لخيوط الضوء التي ترسم الشكل وفق مقاييس ومعايير يطبقها داخل العدسة. ومن ثم يعمل على تطويرها لاظهارها فوتوغرافيا بشكل مدروس ومتوالف مع الضوء والعتمة او الاسود والابيض ، حتى استكمال الالوان لبعضها البعض او التعشق اللوني ان صح التعبير. خاصة بين الذكر والانثى او بين الضوء والضوء نفسه في فترات تؤثر الانعكاسات فيها على العدسة، وينتظرها بفارغ الصبر. لتشكل ثورة في اعماله الفوتوغرافية التي تثير الدهشة، وان لم يشعر المتلقي بالحداثة المعاصرة فيها لانه لم يعتمد على الفوتوشوب كليا، ولم يترك للعدسة حرية الاختيار. فعقلانية البصر عنده تجمع بؤرة الضوء وتضيق الدائرة بحيث يجمع الكثير في القليل عبر خطوط الضوء المتناسقة مع بعضها والمتنافرة مع العتمة او الفراغ العدمي الذي ينفيه رغم تمسكه به في صوره الميالة الى خلق الدهشة عند المتلقي. رغم انه ينافس بعضه البعض من حيث ممارسة التضاد على المواضيع التي يتحدى ذاته بها. او بالاحرى يتحدى العدسة كصوره للمرأة بحجابها التي تفرض عليك تأملها وصوره للمرأة غير المحجبة التي تفرض عليك نوعا من القناعة ان صورة الانسان الداخلية هي التي تجعلها تتصف بالجمالية، وان التقطتها عدسة «بدرو الصفدي» التي تجادل الاشياء من حولها وتتركها في حوار دائم مع الضوء. فهل يمكن اننا نختار العتمة لتنير لنا تفاصيل الرؤية التي ننتظر شعلة الضوء فيها؟ قد يظن البعض اني ابالغ الا اني حاولت جمع نقاط الضوء في اكثر الصور التي يطرحها بصريا امام المتلقي. لتؤلف النقاط في كل مرة عدة اشكال جيومترية صحيحة تتداخل فيها الخطوط انعكاسيا بشكل ملفت جدا، مما يجعلها مدروسة ضوئيا وبعدة اشكال لتثير متعة بصرية تجعلك تنتظر كل صورة يلتقطها ذات موضوع خاص. فهو لا يلتقط الصور لمجرد الالتقاط الضوئي، وانما للتأليف الفوتوغرافي الفيزيائي اولا والجيومتري ثانيا ، ومن ثانيا لتكون الصورة هي الجزء النفسي الذي يحتاج للتحليل البصري لفهم ما ورائية الصورة واهدافها وقدرتها على المحاكاة. فكيف تموت جمالية عدسة فوتوغرافية باتت موجودة في كل خليوي وعبر كل غالبية الالات التي نستخدمها، ونحن نستمتع بالصور التي تفرض نوعا من معادلات الضوء على المتلقي، فيعترف بقوتها ويدرك فلسفتها ويتأمل عمق العتمة والضوء فيها، وبدهشة فنية يتركها «بدرو الصفدي» في اعماله وان اختلفت المواضيع. وهذا ما جعلني اكتب عن هذا الفوتوغرافي الطرابلسي الاصل والمقيم في الخارج والمعروف ببدرو الصفدي. اعمال الفنان اللبناني «بدرو الصفدى» (Pedro safadi). dohamol@hotmail.com https://aliwaa.com.lb/%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D8%A9/%D8%B9%D8%AF%D8%B3%D8%A9-%D8%A8%D8%AF%D8%B1%D9%88-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%81%D8%AF%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%8A-%D8%AA%D8%AC%D8%A7%D8%AF%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B4%D9%8A%D8%A7%D8%A1-%D9%85%D9%86-%D8%AD%D9%88%D9%84%D9%87%D8%A7-%D9%88%D8%AA%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%87%D8%A7-%D9%81%D9%8A-%D8%AD%D9%88%D8%A7%D8%B1-%D8%AF%D8%A7%D8%A6%D9%85-%D9%85%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%B6%D9%88%D8%A1/
×
photographer pedro safadi
لاحقا
التحليل الجيومتري في لوحة جبران طرزي
BY Artist Gebran Tarazi
9.0
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
هل التحليل الجيومتري الديناميكي في لوحة جبران طرزي يعزز الإيهام البصري؟ ضحى عبدالرؤوف المل تسود الألوان الدافئة في لوحة الفنان جبران طرزي خصوصاً درجات الأحمر، الزهري، البرتقالي، والذهبي، ما يضفي على بصر المتلقي إحساساً بالحيوية والدفء والأنوثة والبهجة معاً . تدرج الألوان داخل الأشكال يخلق تأثيراً ثلاثي الأبعاد يجعل كل وحدة تبدو وكأنها تخرج من السطح أو تغوص فيه.إذ يعتمد طرزي في هذه اللوحة على تكوينات مربعة داخل إطار منتظم، تنقسم إلى مثلثات ومنحنيات. تظهر خطوط قطرية وشبه منحنيات تُكوِّن ما يشبه الزهور أو الكُثبان أو الأشكال النجمية، وهي تتكرر بتكرارات مدروسة تنقل العين من زاوية لأخرى في حركة دائرية داخلية.كما أنه هناك وحدة في التكرار لكن بتنوع بصري صغير داخل كل وحدة مربعة. هذا الإيقاع المتوازن يُشعر المشاهد بالانسجام البصري، وكأن اللوحة تنبض.فهل الإطار الخارجي متعدد الألوان يكرر فكرة اللوحة، ويعمل كعنصر احتواء بصري يعمّق الإحساس بالتماثل والاحتضان داخل هذه اللوحة تحديداً . كثافة الألوان الوردية والزهرية توحي بطاقة أنثوية مشعة في هذه اللوحة ربما ناتج عن شاعرية أو قوة الحياة المتجذرة في روح الإنسان. كل مربع هو كأنثى مستقلة بذاتها لكنها في انسجام مع الأخريات أو رمز للجماعة النسائية المتماسكة. لماذا قلت جماعة نسائية ربما توحي بقوة الراهبات أو قوة الأبناء من الإناث أو حتى كل شىء في الطبيعة أنثوياً ، فماذا عن التكرار والتأمل؟وهل التكرار الهندسي المرتب يمكن قراءته كتأمل بصري Zen-like، يشبه الماندالا، مما يدعو إلى تهدئة العقل والدخول في حالة من الصفاء البصري؟ الأشكال تعطي انطباعاً بالتحرك أو الانثناء، مما يخلق توتراً ديناميكياً يجعل العين تتحرك بلا توقف بين الأجزاء. فالوحدات تتكون من مثلثات، شبه منحرف، ومربعات مقوسة الزوايا. والتوازن ملموس في تماثل محوري (Axia Symmetry) أما النقاط المركزية فكل مربع يحتوي نقطة توازن داخلية عبر تقاطع الأشكال، كأنها بوصلة بصرية. ينجح طرزي في مزج الحسابات الهندسية الصارمة بالحس الجمالي الطفولي والبسيط. هو عمل بصري تأملي لا يخلو من البهجة الحسية والذكاء التركيبي، ويعبر عن لقاء نادر بين الرياضيات والمشاعر، بين البنية والانسياب. فالهيكل الأساسي في اللوحة مكون من مصفوفة مربعة (grid)، تحديدًا 4 صفوف × 5 أعمدة من الوحدات المربعة المتساوية الحجم. كل وحدة مربعة تنقسم إلى أربعة مثلثات أو شبه منحرفات، بعضها يظهر كـ مقاطع منحنيّة. تقاطع هذه الأشكال يصنع ما يشبه شكلاً نجمياً أو زهرياً في المركز. بعض هذه الأشكال تعكس تماثلًا حول محور قطري (diagonal symmetry)، والبعض حول محور عمودي .فالعناصر الجيومترية المكوّنة من المربعات الأساسية هي وحدات البناء، تعمل كإطار حاوي لكل نظام فرعي داخلي. و الأشكال الداخلية مثلثات متساوية الأضلاع ومثلثات حادة الزوايا شبه منحرفات مائلة بزوايا غير متساوية. أقواس ناعمة أو خطوط شبه منحنية توحي بالعمق (تشبه القطاع المقطوع من دائرة).فهل تقاطع الخطوط عند مركز المربع؟ وماذا عن العلاقات الرياضية والبصرية؟ الخطوط القطرية تتقاطع عند مركز المربع، ما يُنتج نقطة محورية.هناك محاور تناظر داخلية داخل كل مربع، وعبر المصفوفة كلها (محور أفقي وعمودي يمران بمركز اللوحة). الوحدة تتكرر بشكل متناوب، ولكن بتغييرات طفيفة في اتجاه الأشكال. كأن كل وحدة هي نسخة مدوّرة أو معكوسة (Rotation & Reflection). أما التماثل (Symmetry) هو تماثل انعكاسي على المحورين الأفقي والعمودي في مركز كل مربع.و تماثل دوراني في بعض المربعات (Rotational symmetry من 180 درجة. والخطوط غير المرئية غير المرئية (Hidden Geometry):عند ربط الزوايا الداخلية لمربعات متجاورة، تنشأ أشكال نجمية سداسية أو ثمانية الزوايا، مما يخلق بُنية خفية توحي بعمق رياضي وجمالي. فهل التحليل الفني الجيومتري الديناميكي يعزز الإيهام البصري؟ الألوان تُستخدم لتعزيز الإيهام البصري بوجود بُعد ثالث وكأن المربعات طيات ورقية ثلاثية الأبعاد (Origami-like). و توزيع الظل والضوء عبر التدرجات اللونية يخلق نقاط توازن هندسي و"وهم مجسّم" في سطح ثنائي الأبعاد. أما التقاء خطوط الطاقة البصرية (Geometric Focus Points) فإن مركز كل وحدة يعمل كنقطة التقاء بصرية. لكن أيضاً عند تقاطع أربع وحدات، تتكون نقاط تقاطع هندسية عليا تشبه النجوم أو المراكز الروحية، ما يشبه الـ Mandala Nodes في الفنون الشرقية. تُبنى اللوحة على هندسة طبقية من التماثلات، التكرارات، والزوايا المتغيرة بدقة. كل مربع يخفي وراءه نظاماً صارماً من الحسابات البصرية التي تُنتج في النهاية تأثيراً عضوياً نابضًا بالحياة. فطرزي يفتح لنا باباً بصرياً لفهمه من منظور الطاقة، الضوء، البنية المادية، وإدراك العمق، كما لو كان تركيباً فيزيائياً داخل فضاء ثلاثي الأبعاد .فهل الوهم البصري والعمق (Perceived Depth):يتضح من التدرجات اللونية من الزهري الفاتح إلى الأحمر الغامق ليحاكي مبدأ فيزيائي يُعرف بـ" التظليل ثلاثي الأبعاد"؟ أم أن هذا يخلق إيهاماً بعمق مجسم، كما لو أن كل شكل عبارة عن طيّة أو حافة تنثني داخل سطح، رغم أن اللوحة مسطحة.؟ وهل الضوء والظل (Light and Shadow Interaction)كل منهما يعمل ضمن توزيع الألوان يعمل كـ"خرائط ظل" (Shadow Maps)، كما تُستخدم في الرسوم الثلاثية الأبعاد.؟ أم أن كل وحدة تحتوي على "جهة مضيئة" وجهة "مظللة"، مما يخلق استجابة حسية مشابهة لطريقة الدماغ في تفسير النتوءات والانخفاضات المادية. ربما من يقرأ مقالي هذا يظن أنه نوع من الجنون البصري إلا أن طرزي يبدو مهتما بالفلسفات الشرقية والغربية ونظرته تمتد لتساؤلات عن الوجود والكينونة وهذا السر العظيم الذي يختبىء في كل شىء ويريد أن يراه من خلال رسوماته. إذ يشبه هذا تأثيراستخدام التباين بين الضوء والظل لفهم العمق في الفيزياء البصرية. فهل انكسار وانعكاس الضوء (Refraction & Reflection) عند الحواف الحادة والتدرجات المفاجئة في بعض الزوايا تعطي إحساساً يشبه تأثير انكسار الضوء عبر زجاج ملوّن أو منشور.؟ بعض الزوايا تعمل كـ "مرايا زاويّة" تعكس الألوان حولها، خاصة عند التقاء الألوان الذهبية والوردية. في تشبيه كأنك تنظر من خلال بلّورة مُضلّعة (Polyhedral Crystal) فاللون الزهري والأحمر يقعان ضمن الأطوال الموجية الطويلة للضوءهذه الألوان تنقل إحساساً بالحرارة، القرب، والطاقة العالية، فتُثير نشاطاً بصرياً في المشاهد. إن نظرنا إلى اللوحة من منطلق علم الطاقة، فهي لوحة "مُفعّلة" بالترددات الدافئة، وتبعث على الحركة الداخلية في المشاهد. فهل التناظر والاتزان يتزن في توزيع العناصر حول محورين متعامدين يشبه فكرة الاتزان الديناميكي؟ وهل اللوحة هي نظام مغلق ومتوازن (Closed Symmetric System)، لا يفقد طاقته مهما دارت عين المشاهد حوله.؟ الملمس البصري للوحة يوحي بخامات مثل النسيج المطوي أو الورق السميك الملون. أو حتى سيراميك زجاجي ذو سطح مائل وعالي الانعكاس.هذه ليست مجرد لوحة زخرفية، بل تكاد تكون محاكاة فيزيائية لبيئة هندسية ذات أبعاد ثلاثية مخفية، حيث كل لون يحمل طيفاً ضوئياً . كل خط يشير إلى مسار طاقة. كل تكرار هو تموّج داخل "مجال طيفي" مغناطيسي بصري. فالعمل يُترجم قوانين الضوء والكتلة والطاقة إلى سطح ساكن... لكنه يتحرك داخلياً. فهل من تشكيلات فيزيائية من الطبيعة؟ كأن نقارنه بتراكيب البلورات، أو خطوط الحقل المغناطيسي، أو الأنماط الاهتزازية؟ نُفسّر هذا العمل الفني من خلال مفاهيم المادة، الروابط، البنية الجزيئية، وأثر العناصر الكيميائية على اللون والشكل والإحساس. التحليل الكيميائي لهذا العمل الفني نلمسه في الألوان كمركّبات كيميائية (Pigments as Molecules) في العالم الكيميائي، كل لون هو نتيجة تفاعلات ضوئية مع جزيئات معينة، فالتدرجات في اللوحة توحي بأن اللوحة تمثل طيفاً من المركّبات الصبغية العضوية النشطة. البنية الجزيئية كتماثلات هندسية كل مربع في اللوحة يشبه جزيء عضوي كبير مكوّن من نواة مركزية وحلقات متفرعة. تكرار الأشكال يوحي بوجود بوليمرات ذات وحدات مكرّرة (Repeating Units)، ما يشبه البوليستر أو النايلون. تشبيه مباشراللوحة هي كسلسلة بوليمرية مرئية، كل وحدة منها "مونومير بصري".التفاعلات الكيميائية البصرية (Photo-reactivity) الألوان الزهرية والذهبية تمثّل جزيئات حساسة للضوء (Photochromic). في الكيمياء، هذه الجزيئات تغيّر بنيتها عند امتصاص ضوء معين . اللوحة تُحاكي لوحة تتغير كيميائياً لو تعرّضت للضوء ،مثل العدسات الفوتوكرومية أو الأحبار الحرارية. من حيث الكيمياء البنيوية ، التماثل الدقيق في الشكل يوحي بوجود روابط تساهمية مستقرة، كأن الشكل مبني من شبكة ذرات مربوطة بثبات. الزوايا المتكررة هي تشابه هندسي مع زوايا الروابط الجزئية كل وحدة في العمل يمكن تصورها كمركّب ذو روابط مشبعة، مستقر في حالته. الألوان الدافئة ترتبط بطاقة عالية في الكيمياء الروابط المزدوجة تحمل طاقة أكثر من الروابط الأحادية. الصبغات العضوية تكون غالباً "محتبسة للطاقة"، وتُطلقها مع تغيّر الظروف (ضوء، حرارة). اللوحة كيميائياً تمثل حالة نشطة مفعّلة (Activated State)، لكنها محصورة ضمن بنيتها مثل جزيء في حالة شبه مستقر. شكل بصري هو انعكاس لتركيب جزيئي منتظم، تناظري، مشحون بالطاقة، حيوي اللون، لكنه شديد التنظيم البنائي.هذه اللوحة ليست مجرد تركيب فني بل "جزيء خيالي عملاق"، مشكّل من وحدات صبغية ومركبات عضوية منظمة.فيها روابط تساهمية، طاقة كامنة، طيف ضوئي ملوّن، ومحاور تناظر كما في البلورات. كل مربع = "ذرة" وكل خط = "رابطة"، والكل يعمل كـ جزيء حيّ يتفاعل بصرياً وكيميائياً في كل لحظة. اللوحة رغم صمتها تتكلّم بلغة التجريد، واللون، والتكرار... وكلها أدوات الفيلسوف لرؤية ما وراء الشكل. كالوجود بين التكرار والاختلاف فالتكرار هنا ليس مُملاً، بل مفعم باختلافات دقيقة. المربعات تتشابه، لكنها لا تتطابق تماماً. هذا ما أشار إليه جيل دولوز في مفهومه: "التكرار ليس تكرارًا بل تفجّر للاختلاف". اللوحة تُمثّل بنية الوجود نحن نبدو متشابهين، نعيش أياماً متكررة، لكن في كل يوم شيءٌ يختلف ضمن طيف خفي من التحوّل. فهل التناظر فيها هو كبحث عن النظام الكوني (Pythagorean Aesthetics)؟ البنية المتناظرة، الخطوط الدقيقة، والوحدات المربعة تذكرنا بأفكار فيثاغورس و"الهارموني الكوني"، حيث الجمال يُولد من النظام العددي والهندسة. كل وحدة هي "عدد"، كل شكل هو "معادلة"، واللوحة كلها = موسيقى بصرية صامتة، تنشد اللانهاية. فماذا عن الحدّ بين العقل والعاطفة وهل هذه اللوحة تُخاطب العقل الهندسي، المنطقي، لكنه مشحون بالعاطفة اللونية الدافئة. كانط تحدث عن الفن الذي يُدهشنا بالعظمة دون أن نستطيع إحاطته بالكامل هذا العمل هندسي لكنه غير مُغلق، منظم لكنه حيّ، يذكّرنا بأن الجمال الحقيقي يتجلى في هذا التوتر بين الشكل والعاطفة. فماذا عن . الرؤية الصوفية للعالم (ابن عربي، لاوتسه)؟ وماذا عن مركزية النقطة في كل مربع، وتكرارها، هل توحي برؤية صوفية؟ أن الكثرة تنبثق من وحدة، وأن التنوّع لا ينفصل عن الأصل. ابن عربي قال: "النقطة أصل الخط، والخط أصل الشكل، والشكل مظهر من مظاهر الواحد". كل مربع هنا هو "كائن"، وكل كائن متفرّع من نقطة مركزية. الوجود الإلهي الواحد.كل مربع يبدو مستقلًا لكنه جزء من منظومة، وكل وحدة تكتسب معناها من الجوار والتكرار. اللوحة تُجسّد فلسفة اجتماعية وهي أن الفرد ليس وحده، بل يتشكّل في نسيج أكبر. الوحدة تعني الانتماء لا الانعزال. كل ذات هي "مربع"، لها زواياها، ولكنها تنعكس في ذات أخرى. فماذا عن الزمن واللحظة ؟ التكرار الشبكي يذكّر بتوالي اللحظات، وكل مربع هو لحظة في تدفق الزمن. لكن الشكل الكليّ ثابت. ما يشبه مفارقة برغسون عن "الزمن المدرك" مقابل "الزمن الميكانيكي". اللوحة تقول: الزمن ليس دقائق تتكرّر، بل تجارب تُعيد تشكيل الذات. فهل الهندسة هي تعبير عن المطلق؟ أفلاطون رأى أن الأشكال الهندسية تعكس "عالم المُثل" – عالم صافٍ، لا يتغيّر. هذه اللوحة ، بتناظرها ودقّتها، تقترح أن هناك جمالًا أعلى، وأن العالم ليس عبثًا، بل له تصميم خلفي، وإن خفي. هذه اللوحة ليست مجرّد تكرارٍ بصري، بل مرآة وجودية تُذكّرنا بوحدتنا وتفرّدنا. تُنذرنا بأن الجمال في التنوّع، وأن التناسق ليس تنازلاً عن الحرية. تُعلّمنا أن الكون قد يبدو فوضوياً، لكن خلفه رياضيات كونية، لونٌ سماوي، ونقطة روحية تُضيء البُنى. هذه اللوحة حين نتأملها بروحانية متسائلة تُصبح أكثر من عمل بصري. إنها شفرة روحانية، تتشابك فيها رموز البنية والطاقة والنور مع تعاليم الصوفية، البوذية، الفلسفة الشرقية، وحتى كيمياء الروح في الحضارات القديمة. إذ تُحاكي بنية "تفتح داخلي"، وكأن المربعات تمثل بتلات زهرة لوتس روحية، كل واحدة تعكس مستوى من الوعي أو باباً للطاقة. تشابه المربعات وتكرارها يشبه تماماً بنية الماندالا، وهي تمثيل رمزي للكون في التقاليد البوذية والهندوسية. كل مربع هنا كأنه "بوابة روحانية"، وكل طبقة لون/خط تشير إلى رحلة نحو المركز ، أي الذات العليا. المركز هو نقطة التوحّد، وهو ما عبّر عنه الرهبان بأنه "الفراغ الممتلئ".فماذا عن وحدة الوجود عند الصوفيّة؟ قال ابن عربي: "الكل في الواحد، والواحد في الكل" واللوحة تقدّم هذه الفكرة بصرياً ، كل وحدة مستقلة لكنها متصلة. كل شكل يحمل النواة ذاتها. تنوع في الشكل، وحدة في الجوهر وكأنها تجسيد بصري لفكرة: "الخلق تجلٍّ مستمرّ للواحد، بأشكال لا نهائية." بما أن اللوحة تتكرّر لكنها غير مملة، تُحاكي مفهوم اللحظة كما في الزن (Zen) فالزمن الروحي واللحظة الحاضرة (الآن) كل لحظة هي نفسها، لكنها تختلف إن أدركتها بوعي.كل مربع كأنه "أنفاس تأملية"، كل لون = ومضة وعي. هي دعوة للثبات، ولكن في مركز متحرك... كالنقطة في وسط الدائرة. أما الصليب الداخلي المتخفي في تلاقي خطوط كل مربع، يوحي ببنية صليبية مقدسة، موجودة في بنية الكنائس القوطية. رمزية التوازن بين الروح والمادة. وفي اللاهوت الصوفي، يُقال إن "اللون والنور والمادة" هي آيات للخالق لا تُقال بل تُرى. وهذه اللوحة الغنية بالشكل، اللون، الإيقاع، التكرار، الطاقة، والتناظر تتيح لنا عشرات المسارات للكتابة، منها الفني، ومنها الفلسفي، ومنها الشخصي والتأملي والروحي، وأيضًا العلمي والمعماري والنفسي. لبنان \طرابلس في 29 تموز الساعة الثامنة والنصف صباحا 2025 https://m.ahewar.org/s.asp?aid=878720&r=0&cid=0&u=&i=2776&q=
×
Artist Gebran Tarazi
الفنان اللبناني "جبران طرزي" – السيرة الذاتية بقلم مارك جبران طرزي ولد الفنان اللبناني الهندسي التجريدي "جبران طرزي" Gebran Tarazi سنة ١٩٤٤ في دمشق في بيت تراثي عريق وفي أسرة امتهنت الحرف المشرقية منذ أكثر من ١٦٠ سنة مثل الأعمال الخشبية الهندسية من أرابسك ورسوم نباتية نافرة التي تخصص للقصور المشرقية الفاخرة بالإضافة إلى تجارة التحف المشرقية المزخرفة من نحاس مرصع بالفضة التي تحمل بعض تحفه المتحفية إسم "طرزي" مرصعا بالفضة. علما بأن هذه الأعمال لآل الطرزي كان لها انتشار في عدة عواصم عربية مثل دمشق وبيروت والاسكندرية والقدس. ويسجل تاريخيا انتقال الأسرة للإقامة في بيروت سنة ١٨٦٠ وعرفت أيضا بطباعة البطاقات البريدية التي توثق تاريخ بيروت ومدن المشرق. وشاءت الأقدار أن ينتقل والد الفنان اللبناني "جبران طرزي" السيد ألفرد مصطحبا نجله جبران وزوجته إلى مدينة الرباط في المملكة المغربية الشريفة في الأربعينات من القرن العشرين حيث تربى جبران طرزي لينهل من الفنون البصرية المغربية وتجارة التحف المغربية وذلك يضاف إلى احتراف الأسرة الفنون المشرقية أي بذلك تكوم الأسرة وفقت بين كل من الفنون العربية المغربية والمشرقية. في طفولته وشبابه في مدينة الرباط انكب جبران طرزي على المطالعة والقراءة في الأدب الفرنسي ثم عادت الأسرة نهائيا إلى بيروت سنة ١٩٥٩ واستمرت في نفس النشاط الحرفي العربي الفني إلا أن جبران طرزي أكمل الدراسة في الفلسفة ثم نال اجازة في الحقوق. كان جل اهتمام جبران طرزي الحداثة الأدبية وكان ضليعا بالأدب الفرنسي وألف رواية "معصرة الزيتون" خلال الثمانينات التي صدرت بعد ذلك في باريس سنة ١٩٩٦. على الرغم من اهتمامه الأدبي واعراضه عن مهنة وحرف أسرته كان جبران طرزي يهوى اقتناء التحف من سجاد قوقازي ورسوم هكوزاي اليبانية والسيراميك الصيني القديم ويظهر في روايته "معصرة الزيتون" وصف الألوان بشكل مبدع ورائع قبل أن يصبح فنانا معاصرا كبيرا. لكن خلال الحرب الأهلية اللبنانية التي بدأت سنة ١٩٧٤ فرضت الظروف الاقتصادية أن يكون مسؤولا عن الألوان والتلوين في مشغل آل طرزي للفنون الخشبية المشرقية العريقة حيث كانت له نظرة ثاقبة. أما بعد انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية وأحزانها استقر في قرية بلونة في قضاء كسروان في جبل لبنان. لم يتمكن حينذاك من استكمال مسيرته في الأدب الفرنسي لأنه كان رب أسرة فأقام عدة محاولات تجديدية بسيطة في الحرفة المشرقية من خلال تصميم مرايا وصناديق ذات الطابع الشرقي وبعد عدة محاولات وتجارب وجد نفسه يعيد ويعيد لوحة بشكل مربع. وبعد زيارة أصدقاء له ينشطون في النقد الفني في الثقافة والذين أكدوا له أنه انتقل من الحرفة المشرقية إلى الفن العربي المعاصر انتطلقت مسيرة فنية حديثة من العطاء ليلا نهارا خلال ١٥ سنة انقطع خلالها جبران طرزي عن المجتمع ليخصص وقته لتلك التجربة. كان يفتخر بأعماله الفنية الهندسية المعاصرة وذلك بأنه لم يتبع منهجية فنية غربية وأساليب مقتبسة من فنانين غريبين أو مدارس فنية غربية كما أنه افتخر بتأسيس مدرسة فنية مشرقية حديثة تختلف جذريا وتنشق عن الحرفة التقليدية التي عرفت بها أسرته. هذه الطروحات حري أن تطلع عليها المعاهد الفنية في الوطن العربي. وجاء ابتكار هذا الفنان المجدد للرسوم الهندسية وتخطيطها وتنظيمها على مئات الأوراق والخرائط قبل تحويلها وتطبيقها على عمل لوحة ملونة. أما الحديث عن تنسيق الألوان فاستغرق وقتا طويلا من التأمل واعادة النظر والتفكر والتركيز والتجارب. وهي عملية شبه هستيرية وجنونية تعيي الصابرين وتتحدى الوقت من الصباح إلى جوف الليل يوميا خلال ١٥ سنة. حتى ان الوقوف لساعات طويلة كان يؤلم قدميه. كل ذلك من اجل انجاز عمل فني يليق باسمه ومكانته ويمكن أن نجزم بأن كل لوحة تستر عشرات التجارب من الألوان أي أن اللوحة قد تخفي ٣٠ لوحة أو تجربة للألوان حتى ينتهي من اللوحة الواحدة بعد عدة أشهر. وقد توفي جبران طرزي سنة ٢٠١٠ بعمر ال٦٦ بعد عطاء فني وأدبي كبير تاركا للفن العربي المعاصر تجربة تطرح الكثير من الرؤى والأفكار. ونلفت الانتباه إلى أن أعمال "جبران طرزي" دخلت المتاحف منها "المتحف العربي للفن الحديث" في دولة قطر سنة 2015 بمجموعة متكاملة بالإضافة إلى متحف عالمي آخر شهير سنة 2023 إلى جانب مشاركته في أهم المعارض الفنية العربية وقد عرضت لوحاته في باريس سنة 2016 إلى جانب الفنان العالمي "فزارلي" تقديرا لمساهمة جبران طرزي الكبرى في الفن الحديث العربي وأصالته. وفي سنة 2023 أنجز "متحف بيروت للفن" BeMA وهو مشروع فني ضخم قيد الإنشاء في قلب بيروت تحويل كامل أرشيف وانجازات "جبران طرزي" إلى أرشيف إلكتروني رقمي ستتاح للباحثين والمؤرخين في مجال الفن مطالعته ودراسته. كما أن في سنة 2024 أدخلت تجربة "جبران طرزي" في برنامج الدراسات العليا في "الجامعة اللبنانية" الرسمية تقديرا لدوره الابداعي والفني والأدبي الريادي في التاريخ الفني للبنان والبلاد العربية.
«
141
142
143