Movie
Series
Books
Paintings
Article
Anime
Interviews
Theater
Login
 
Contact Us
 
تنافس الشارات الغنائية أو (التتر)
BY Writer Doha El MOL
9.0
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
تنافس الشارات الغنائية أو (التتر) في مسلسلات رمضان الدرامية ضحى عبدالرؤوف المل تتنافس الشارات الغنائية في مسلسلات رمضان الدرامية، ليدخل التتر إلى جانب الفنان في سباق أغنية الشارة الأجمل أو التتر الأدائي المتوافق مع المسلسل من حيث الكلمة والمعنى والتناغم مع البداية والنهاية التي توحي بالأحداث في كل حلقة من حلقات المسلسل. وهذا يضيف إلى الدراما الرمضانية نكهة الأصوات الطربية التي اجتاحت هذا العام الدراما بقوة من حيث الأداء والتنافس والصوت كأغنية تتر ترافق المشهد التخيلي الذي يحتفظ به المشاهد عند الاهتمام بكلمات الأغنية ومعانيها، ليلتقط تفاصيل السيناريو والإيحاءات. فمن منا لم يحفظ تتر برنامج الأطفال "حكايات عالمية" بصوت المطربة أصالة نصري، والذي ما زال يتردد على سمع أطفالنا بين الحين والآخر؟ حبكة الأغنيات ننتظرها كما ننتظر المسلسل لما تحمله من كلمات دالة ومؤثرة في نفس المشاهد من حيث الخطوط الدرامية الرئيسة التي يتناولها المسلسل. وربما لهذا السبب نشهد هذا العام أهمية مكثفة في وجود أصوات المطربين عبر أغنية الشارة أو التتر، مثل المطرب ملحم زين الذي يقدم من كلمات وألحان فادي مرديني مقدمة مسلسل "قصة حب" نص نادين جابر، وإخراج فيليب أسمر، وبطولة باسل خياط، نادين الراسي، حيث تحافظ الأغنية الدرامية على لغة خاصة سمعية وبصرية بامتياز مع اللحن المتوازن والموسيقى التصويرية وإيقاعاتها الهادرة أو المنخفضة. فهل سنشهد تنافسًا هذا العام في الأغنية الدرامية الخاصة بالمسلسلات؟ تلخيص الأفكار الدرامية يحتاج إلى نوع معين من كتاب الأغنية الخاصة التي بات يبحث عنها الفنان، لتكون بمثابة خاصية ترافق المشاهد سمعيًا وكأنها مفتاح الدخول إلى القلب أو السمع. فالفنان مدحت صالح سيرافقنا صوته المميز خلال شهر رمضان في عملين: "يا أنا يا إنت" و"ولي العهد"، لتأجج المنافسات أكثر مع المطربة شيرين عبد الوهاب، ومقدمة مسلسل "طريقي" بصوت عذب يقود المخيلة نحو الفكرة بانجذاب يطغى على السمع والحواس. ومن كلمات وليد الغزالي وألحان إيهاب عبد الواحد: ("طريقي ولازم أمشيه مفروض علي ومفروض عليه لا قادرة منه أرجع ولا حتى عارفة نهايته إيه طريقي"). ويذكر أنه شاركها في البطولة بجانب محمود الجندي وكل من سوسن بدر، باسل خياط، تامر حبيب، محمد عادل، محمد ممدوح، محمد شاكر، تيمور تيمور وغيرهم، وهو من تأليف تامر حبيب ومن إخراج محمد شاكر. أصوات ستحمل لنا الكثير من المميزات في مسلسلات ربما تنجح في كسب التذوق الدرامي وربما تكون عابرة. إلا أن لأغنية الشارة أهمية سمعية درامية يحملها الفنان هذا العام بأهمية كبرى مثل الفنان وائل جسار، الذي قدم سابقًا تتر مسلسل "الشك" و"الزوجة الرابعة" في الأعوام السابقة، وقام بتسجيل مقدمة مسلسل درامي واجتماعي "أستاذ ورئيس قسم" من بطولة الفنان الكبير عادل إمام، نجوى إبراهيم، أحمد بدير، هيثم أحمد زكي، إدوارد، لقاء سويدان، انتصار، أحمد راتب، رشا مهدي، محمد كريم، محمد الشقنقيري ومن تأليف يوسف معاطي وإخراج وائل إحسان. والثاني: "أريد رجلاً" (ما عارفة والنهاية واحدة، آخرها بترسي على وحدة، مش فارقة واحد من وحدة، ما حدش آمن الدنيا ولا الأيام) كلمات أيمن بهجت قمر. فهل نقرأ من أغنيات المسلسلات لغة جديدة هذا العام بدأ المشاهد بالاهتمام بها؟ فمن سيفوز بلقب أفضل أغنية مسلسل أو تتر المقدمة الدرامية في رمضان؟ المطرب مروان خوري وتتر مسلسل "تشيللو" وهو من بطولة نادين نسيب نجيم، تيم حسن، يوسف الخال، كارمن لبس، جهاد الأطرش، يسرا اللوزي، أنجو ريحان، مديحة كنيفاتي، علي منيمنة، سوسن أبوفا، خالد السيد، سلطان ديب، جمال قبش، جناح فاخوري (إيمن عبد السلام) إخراج سامر البرقاوي، نص نجيب نصير، إنتاج صادق الصباح، وضع الموسيقى وسجلها في كييف إياد الريماوي. والأغنية بعنوان "حبي الأناني" تقول الكلمات: (بيتغيروا هالناس بيتغير شكل الحب، لكن عن الإحساس بضل، منبدل الآمال ومشاعر الحنان لعبة ثواني منتعب ومنمل، ومنقول ضاع الحب وخلص تنكتمل مندور على النقص منتصيد فرص ومنشتري ومنبيع). فإلى أي مدى تترجم الأغنية التتر عمق المعنى الذي ننتظره عبر المشاهد والأحداث؟ المطربة أنغام ومسلسل "الكابوس" من تأليف هالة الزغندي وإخراج إسلام خيري، ومن بطولة غادة عبد الرازق، كريم محمود عبد العزيز، أيتن عامر، محمد شاهين، كريم قاسم، رحاب الجمل، نهى عابدين، وندا موسى، ومجموعة أخرى من الفنانين. تقول الأغنية: (أنا مش باقية عليك وانت بايع نفسك، يا حبيبي أنا كنت ليك حاجة غالية وانت خسرتها، وهتعرف بكرة قيمتي وكل حاجة في وقتها، ضحيت أنا كتير في حق نفسي مقصرة، عاملاك أنت الكبير وانت شايفني صغيرة). أما الفنانة صاحبة الصوت الجميل نانسي عجرم و"حالة عشق" مع مي عز الدين وآخرين، فأغنيتها للتتر هذا المسلسل هي بمثابة تحولات درامية تنقلنا إليها عبر الصوت والكلمة. فهل لتتر الدراما نجومها الذين باتوا في منافسات تبلغ أشدها في اختيار الكلمات واللحن وحتى النص الدرامي المحبوك مع أغنية أو تتر المسلسل؟ برؤية أخرى تعتبر تترات المسلسلات، أو الشارات الغنائية، من العناصر الأساسية التي تساهم في تحديد هوية المسلسل وتدعيم الرسالة الفنية التي يهدف إليها. فهي لا تقتصر على تقديم مقدمة موسيقية وحسب، بل تعبر أيضًا عن روح العمل الدرامي وتكمل تفاصيله العاطفية والقصصية. بفضل تميزها، تصبح الشارة جزءًا لا يتجزأ من تجربة المشاهدة، وقد تساهم في تعزيز تعلق الجمهور بالعمل أو حتى في تحديد نجاحه. تعتبر الجوانب السمعية لتترات المسلسلات محورية في نقل الإيقاع والمزاج العام للعمل الدرامي. الموسيقى التصويرية والتوزيع الموسيقي يلعبان دورًا رئيسيًا في خلق جو يناسب نوعية المسلسل سواء كان دراميًا، رومانسيًا، أو تشويقيًا. استخدام آلات موسيقية معينة، وتوزيع الإيقاع، والتغيرات الديناميكية، كلها عناصر تضيف طبقة من التأثير السمعي الذي يعزز التجربة البصرية. من الناحية الفنية، تترات المسلسلات تعتبر مساحة للتجريب والإبداع الموسيقي. الأسلوب الغنائي، نوعية الإيقاعات، والألحان، جميعها عناصر تساهم في إبراز الطابع الفني للعمل. التعاون بين الشعراء، الملحنين، والمغنين يتطلب توافقًا فنيًا دقيقًا لضمان توافق الشارة مع السرد القصصي للمسلسل. على سبيل المثال، يمكن لموسيقى غنية بالتوتر والإثارة أن تعكس طبيعة مسلسل تشويقي، بينما يمكن أن تكون موسيقى هادئة وعاطفية أكثر ملاءمة لمسلسل درامي. الجماليات الموسيقية تتجلى في التناغم بين الكلمات واللحن والتوزيع. الجمال في تترات المسلسلات ليس مجرد مسألة متعلقة بجودة الصوت بل يشمل أيضًا تناغم العناصر الموسيقية مع الصور والقصص التي يعرضها المسلسل. الموسيقى التي تدمج بين التقاليد والحداثة، وتقدم ألحاناً مميزة تتناسب مع مضمون العمل، تضيف قيمة جمالية وتجعل الشارة جزءاً من التراث الموسيقي للفن الدرامي. كما أن تترات المسلسلات تلعب دورًا في نقل المشاعر والأجواء المرتبطة بالعمل الدرامي. الأغاني التي تحتوي على كلمات مؤثرة ولحن جذاب يمكن أن تؤثر بشكل كبير على تجربة المشاهد وتضيف عمقًا للشخصيات والأحداث. هذه الشارات تصبح أحيانًا رمزًا للمسلسل نفسه، مما يعزز التفاعل العاطفي بين المشاهدين والعمل. تترات المسلسلات تؤثر بشكل كبير على تفاعل الجمهور مع المسلسل. أحياناً تكون الشارة أكثر من مجرد مقدمة، بل تصبح جزءاً من ذاكرة المشاهدين وتساعدهم في ربط المسلسل بلحظات معينة. الأغاني الجيدة يمكن أن تظل عالقة في الأذهان لسنوات، وتصبح جزءاً من الثقافة الشعبية. : في السنوات الأخيرة، لوحظت تحولات في كيفية تصميم تترات المسلسلات، حيث أصبح يتم دمج الأساليب الحديثة مع التقليدية، واستخدام التكنولوجيا في تحسين جودة الصوت والتوزيع. هذا يعكس تغييرات في تفضيلات الجمهور وتأثير الاتجاهات الموسيقية الحديثة على صناعة التترات. تترات المسلسلات ليست مجرد مدخل موسيقي، بل هي عنصر حيوي يعزز من التجربة الدرامية ويعكس الفن والمشاعر التي يسعى العمل الدرامي لنقلها. تأثيرها يمتد إلى الجوانب السمعية والفنية والجمالية، مما يجعلها جزءًا لا يتجزأ من نجاح المسلسل وارتباط الجمهور به. Doha El Mol dohamol67@gmail.com
×
Writer Doha El MOL
ضحى عبدالرؤوف المُل كاتبة وروائية لبنانية وعضو اتحاد الكتاب اللبنانيين . وصحفية في جريدة اللواء لبنان القسم الثقافي.. ولدت في طرابلس لبنان في الواحد من تموز عام 1967 في حارة البقار التي احترقت في الحرب اللبنانية وهجرها أهلها كما تهجّرت هي في صباها منها عام 1982 ونجد تأثرها بذلك في روايتها زند الحجر .. درست علم النفس والتربية الحضانية مارست التعليم لمدة 18 عام. بدأت الكتابة عام 2007 في جريدة الانشاء طرابلس بعد ان قدمت استقالتها من التعليم والتجميل الذي مارسته مدة 9 اعوام الى جانب التعليم 18 سنة. لتتفرغ للكتابة منذ عام 2007في الكثير من المواقع والجرائد السعودية والعراقية والعمانية واللبنانية . بداية تحت الإسم المستعار وردة الضحى أحيانا وأحيانا أخرى ضحاه وتقول عن ذلك " بدأت باسم مستعار لحماية الهوية الشخصية من معرفتها، وذلك لاستمتع بحرية التعبير عن الحب كامرأة شرقية توفّر حماية نفسها من القيل والقال وأنا ربة أسرة قبل أي شىء آخر " عملت عام 2009 في الصحافة فكتبت في جريدة المدى العراق وفي جريدة الصباح العراق والقدس العربي والمجلة العربية السعودية والمعرفة السعودية ومرايا عمان ومجلة نزوى وجريدة اللواء وغيرها ... بدأت كصحفية في جريدة اللواء في القسم الثقافي منذ عام 2012 حتى الان ... ابرز اهتمامها النقد الفني ...أصدرت سلسلة همسات وردة الضحى وتضم _ كتاب الوردة العاشقة عام 2007 _كتاب أماسي الغرام عام 2008 (جروس برس ) كتاب رسائل من بحور الشوق عام 2012 (جروس برس )وسلسلة همسات وردة الضحى كتبتها في فترة المراهقة واحتفظت بها لتنشرها عام 2007 كنوع من الأدب الخفيف الذي يجمع بين الرومانسية والخيال والأصوات الخافتة الخجولة وكأنها كتبتها بسرية وحميمية ، وهذه الكلمة تستخدم عادة للإشارة إلى الأحاديث الخاصة أو الرومانسية والحميمية وتقول المُل عنها :" همساتي كان يقرأ أبي ليلا لأني كنت أكتبها وأضعها تحت وسادتي لهذا احتفظت بها فهي من مذكرات مراهقة تخاف الجهر بمشاعرها فكانت همساتي " _كتاب اسرار القلوب عن( مركز محمود الادهمي) عام 2015 _ مجموعة قصصية هي في قبضة الريح عام 2016 (دار الفارابي ) _رواية زند الحجر عام 2018 (دار الفارابي ) كتاب رحلة يراع عن( دار سابا زريق) عام 2019 رواية الواعظ عام 2020 عن (دار الفارابي)... وقد حازت رواية زند الحجر اهتماما واسعا لدى القراء والنقاد والصحف وكذلك رواية الواعظ وايضا كتاب رحلة يراع الذى لاقى اهتماما من طلاب المدارس كما اقامت ندوات كثيرة عن كتاب رحلة يراع في مكتبات المدارس في طرابلس/ لبنان من ضمنها ثانوية القبة الرسمية وغيرها .... رواية نوريس صدرت عام 2023 عن المكتبة الحديثة للكتاب وكتاب تعابير غامضة عم دار الجندي في مصر وهو مجموعة مقالات فن التشكيل وحوارات وكتاب لمح بصري من سلسلة انتباهات فن التشكيل عن دار الجندي للنشر والتوزيع مصر وأيضا توازن بصري وجذب بصري وخطف بصري .... لها عدة لقاءات تلفزيونية عبر تلفزيون لبنان وقناة mtv وقناة مريم وقناة otv ادارت العديد من الندوات فاستضافت الكثير من الكتاب والفنانين في الرابطة الثقافية طرابلس كالكاتب والروائي السوداني امير تاج السر والروائي والقاص العراقي نزار عبدالستار والروائية الليبية نجوى بن شتوان والشاعر المصري عاطف الجندي وغيرهم... لها العديد من المقالات في الانطباع النقدي في الفن التشكيلي والدراما والكتب الروائية والفكرية وغير ذلك والانطباع النقدي هو التقييم الشخصي الذي لايقوم به الناقد الأدبي أو الفني عند مراجعة عمل ما، مثل كتاب، فيلم،مسرحية، أو قطعية موسيقية . يعبر الناقد من خلال هذا الانطباع عن رأيه الخاص حول جودة العمل، نقاط قوته وضعفه، وأثره على الجمهور.يتضمن الانطباع النقدي عادة . تقييم الجودة : تحليل مدى جودة العمل من حيث الكتابة، الإخراج ،التمثيل، أو الأداء الفني. نقاط القوة والضعف: تسليط الضوء على العناصر التي تميز العمل إيجابياً وسلبياً. التأثير العاطفي والفكري: تقييم مدى تأثير العمل على المشاهد أو القارىء من الناحية العاطفية والفكرية . المقارنة: مقارنة العمل بغيره من الأعمال المشابهة أو السابقة لنفس المؤلف أو الفنان . التوصية: توجيه توصية للجمهور بقراءة أو مشاهدة العمل أو تجنبه بناء على التقييم النقدي بالنهاية تقول : الانطباع النقدي يعتبر مهمًا لأنه يساعد الجمهور في اتخاذ قرارات مستنيرة حول متابعة أو تجنب الأعمال المختلفة .. لهذا أنشأت الموقع الإنطباعي النقدي وهذا الرابط الخاص به https://www.sunriseimpact.com/books.php
الشخصية العربية في المفهوم الغربي الدرامي
BY Writer Doha El MOL
9.0
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
الشخصية العربية في المفهوم الغربي الدرامي ضحى عبدالرؤوف المل _ طرابلس _ لبنان تمتلك الدراما الغربية مفهومًا متحررًا من الأخلاقيات التي ترتبط ببناء الشخصية العربية في الأعمال السينمائية، حيث تركز على الصورة العربية بأوجه مختلفة. يظهر العربي إما كبدوي مستهتر سلوكياً أو كراعي لصحراء يسير فيها أو كإرهابي يقتل الملايين، دون مراعاة العمق الحقيقي للشخصية العربية بمختلف توجهاتها. كما يتم تصويره ببعد نفسي تشويهي وبتدليس تفافي، دون الاهتمام بالقدرة على تجسيد ذلك الكيان البشري. ومع ذلك، لكل فرد خصوصية تميزه عن الآخر، بغض النظر عن كينونته الإنسانية أو الفروقات الجغرافية والبيئية المتأثرة بنظرة الغرب الاستعلائية على العرب. بل ومحاولة رمي الخطيئة الغربية على عربي يجول في صحراء مصر كمرشد سياحي يحاول قتل عالم آثار أراد سرقة حجر الكوديك في فيلم "يوم المومياء". يستعرض الفيلم نباهة الغرب الحداثية أمام العربي الأحمق الذي ظن أنه سيستطيع الانتصار عليهم. في هذا، قمة الاحتيال على العقل الغربي نفسه قبل العربي، لأنه يشير إلى عدم فهمهم الإنسان العربي بالمطلق، بل بسطحية تميل إلى خلق التعالي عبر الدراما البصرية، دون الاهتمام بالمضمون الجوهري الذي يجب أن يُبنى بحيادية درامية. فهل الشخصية العربية في المفهوم الغربي نموذج سيئ متخلف يمكن الانتصار عليه بمشهد أو بفيلم لا يحمل إلا المفاهيم المغلوطة بنسبة عالية؟ لم تتبلور الشخصية العربية بمعناها الإنساني في المفاهيم الدرامية الغربية من القدم حتى الآن. فتوظيف الفعل الدرامي المؤثر على الفكر الغربي لإدخال فكرة الأفضلية عبر دوافع الخير والشر ونظرة العربي إلى الغربي، وكأنه في الغالب ابن الصحراء المكبوت نفسياً، وغير قادر على التماسك، والملاحق للنساء وما إلى ذلك من غرائز تُخصص لغرزها في العقل الغربي نحو العربي من خلال الدراما، وما تحمله من قيم لا تتوازى فيها الحقوق الإنسانية كما ينادى بها في العالم، وليس في الغرب نفسه. فهل من دراما عربية تحمل الحقيقة للعوالم باختلافها، ودون دس السموم في الدسم كما هي الحال في الدراما الغربية؟ وهل من إيديولوجية للدراما العربية كي تقاوم فيروسات الغرب الدرامية التي تصيب الحواس بالاستفزاز في غالبها، ونادراً ما نرى العكس؟ لأنه إن تم ذلك فعبر التحرر المرفوض فكرياً وأخلاقياً، عبر الخروج عن مفاهيم العائلة العربية التي فشل الغرب في الحفاظ عليها. فأين التوازن الدرامي بين العرب والغرب ضمن الفكر الإنساني أولاً، بعيداً عن الدسائس البصرية التي يتم طرحها عبر الأفلام مثل فيلم "الخطوة العالية" الذي يعالج فكرة مدرسة إيرانية تعلم فن الرقص لطلاب الجامعة في أميركا، حيث شن الأسقف هجوماً عليها لمجرد رآها تدربهم على أصول الفن الشرقي في التعبير عن الحركة الداخلية. فالفيلم، برغم أنه أخذ منحى الدفاع عن التعصب الأميركي، إلا أنه أيضاً انتزع من المرأة الشرقية صفة الالتزام العائلي والفكري ومسايرة الغرب في تطلعاته نحو المرأة. فهو كالمرآة، ما نراه من خلالها هو انعكاس للمفهوم الغربي على الشخصية العربية بحد ذاتها، بل وبتعصب أعمى في الغالب. دسائس هوليودية توحي للفكر الغربي نفسه بالشخصية العربية الميالة إلى القتل والخراب والفساد، أو إلى الانقياد والتبعية، أو إلى النظرة المعجبة بالغرب وتقليده لتكون ببغائية في تعاطيها وتنتمي إلى ما يسمونه التقدم ومجابهة التخلف العربي. يقول جاك شاهين: "القوة التي تصور بها بعض «الآخرون» غرباء وخطرين بالفطرة وباعتبارهم مخلوقات كريهة لا تتشابه مع الباقين، هي قوة مدمرة مثلها مثل الأسلحة الفتاكة". والصور المنحازة تحدث نوعاً من العمى وسط الأمريكيين الآخرين، أولئك الذين يستهلكون دون عمد هذه البروباجندا منذ أجيال أثناء عملية الترفيه عن أنفسهم. فهل من دراما عربية تخاطب الغرب من خلال توجيه الحقيقة إلى مسارها الصحيح عبر الإتقان في التأليف الدرامي والإخراجي وتقديم صورة تحمل حقيقة الإنسان في كل مكان من العالم، ومن مبدأ الإيمان بسواسية البشر وتأرجحهم بين الشر والخير دون التخصيص لغربي أو لعربي بإساءة تردد مع الصورة؟ فالدراما البصرية هي الفن الذي يجب أن يحافظ على جوهر الإنسان لتبني الأمم بشكل سليم. فمتى تصبح الشخصية العربية في المفاهيم الغربية مصححة من الشوائب؟ وهل من دراما عربية تواجه الفكر الغربي بسلاسة ومنطق وعمق؟ خبايا المفاهيم الغربية في أفلام مشفرة بنبذة يصعب اكتشافها عند المشاهد العادي، إلا أنها تترسخ في ذهنه لتصبح كفيروس ناشط يصعب مكافحته. لأنها ضوئية الزمن وبصرية الرؤية، وتعيد مشهدية الصورة إلى الذهن كلما تراءت شخصية عربية أمامه. ما تحمله خبايا فيلم "مملكة السماء" يؤكد أن التوجيه الدرامي الغربي مبني على فكرة العربي الذي يأكل حقوق الآخرين، بل ويستبيح القتل لاسترداد ما ليس له، في تلميح يسيء إلى القائد صلاح الدين وملكية القدس، ولكن بأسلوب درامي سينمائي بإنتاج ضخم يمتلك ما يكفي من مؤثرات سمعية وبصرية، ليملأ فؤاد المشاهد عبر مخيلة درامية مبطنة تحمل الجمال في ظاهرها وتبطن مخاطبة الفكر. لتدس صورة العربي الأعرابي بشخصية قاتلة مسرفة أو مستسلمة خاضعة، وحتى عبر التاريخ. فهل من دراما عربية تعيد مجد العرب بصرياً، وعبر السينما التي باتت جزءاً أساسياً في التأثير على العقول وبرمجتها وفق الرؤية السياسية التي تخدم الغرب لتصوير العرب بشتى الطرق السلبية؟ ولم تسلم من هذا حتى الأفلام الوثائقية مثل فيلم "مقتل إمام". فالانتاج الدرامي الهوليودي الغزير والمتعصب بمفاهيمه السوداء ينتج هذه الأفلام، وبدراسة مكتملة الجوانب لتكون بمثابة محاكاة مستمرة حتى ضمن الشخصية الكرتونية الموجهة للأطفال، وبرمزية يتعاطى معها الطفل لاحقاً عندما يتم ربط الشخصيات بالشخصيات التاريخية مثل المومياء السحرية وغيرها، والشبيهة بجوهرها الدرامي بالفيلم السينمائي المومياء. لا بد للشخصية العربية أن تكافح في مواجهة تشويهها، لتدخل مجدداً بإشراقتها للمفهوم الغربي من خلال النصوص الدرامية البناءة أولاً، والبعيدة عن التعصب، بل بفكر إيماني يبني مجد الإنسان، لنستطيع تخطي مساوئ الزمن الهوليودي بكل عتمته التي تتوهج في عيون البعض ممن تغريهم الصورة، وتبعدهم عن الفكرة، بل عن التفكر الموضوعي بحيث تصبح الشخصية الغربية قدوة يحتذى بها، لتتراجع الشخصية العربية إلى الحد الأدنى. وهذا من شأنه التأثير على الأجيال المتعاقبة التي تضع أمامها مبادئ التحرر من منظور الانزلاق في الأهواء والملذات، كتلك التي نراها في الأفلام السينمائية الغربية. فهل يمكن مواجهة قرون الزمن الهوليودي واقتلاعها درامياً، لنبني شخصية الإنسان عالمياً دون الفروقات التافهة التي يضعها الغرب في الحد الأدنى من الأخلاق عبر مفاهيمه المدسوسة سينمائيًا؟ برؤية أخرى تُعَدّ الدراما أحد أبرز وسائل التعبير الفني التي تؤثر في تشكيل التصورات الاجتماعية والثقافية للأفراد والمجتمعات. وعلى الرغم من تطور الدراما الغربية وتنوعها، فإن الصورة النمطية للشخصية العربية في هذه الدراما تظل محبوسة في دوائر ضيقة من التحيز والتشويه. وفي هذا السياق، يمكننا تقديم رؤية تحليلية اجتماعية بموضوعية وانطباعية لفهم كيف تُبنى هذه الصورة وما هي تداعياتها على المجتمعات العربية والغربية على حد سواء. الدراما الغربية غالبًا ما تقدم صورة نمطية للعربية على أنها شخصية بدوية متخلفة، إما مستهترة أو إرهابية. هذه الصورة تقوم على اختزال معقد ومبسط لشخصيات وثقافات متعددة، مما يؤدي إلى تكوين انطباع أحادي الجانب لا يعكس الواقع المتنوع والثراء الثقافي للعالم العربي. من البديهي أن يكون هذا النمط من التصوير قد نشأ من قوالب نمطية قديمة وراسخة، تُستعمل لإثارة مشاعر معينة في الجمهور الغربي، مثل الخوف أو الاستهزاء. يظهر العربي في هذه الدراما إما كراعي يقطع صحراء شاسعة بحذاء مزخرف أو كإرهابي يسعى لتدمير الحضارة الغربية. وفي كلتا الحالتين، تفتقر الصورة إلى التعقيد والتنوع، مما يجعلها تجسيدًا مشوهًا يعزز من نظرة الغرب الاستعلائية تجاه الشرق. الدراما الغربية لا تتعامل مع الشخصية العربية ككيان مستقل ذي عمق إنساني، بل تستخدمها كوسيلة لتعزيز شعور التفوق الغربي. فالصورة التي تُعرض ليست مجرد انعكاس لثقافة أخرى، بل هي تعبير عن نظرة تفوقية تميل إلى تعزيز الفجوة بين الشرق والغرب. يُقدَّم الغربيون كرموز للحداثة والتقدم، بينما يُصور العرب كرموز للتخلف والتهديد. وهذا لا يعكس مجرد انحيازات فنية، بل هو جزء من استراتيجية أوسع لتعزيز الهيمنة الثقافية والسياسية. في مواجهة هذا التشويه، تسعى الدراما العربية إلى تقديم صورة أكثر دقة وتنوعًا. لكن التحديات ليست بسيطة. فغالبًا ما تواجه هذه الأعمال صعوبة في اختراق السوق الغربية المهيمنة، كما تتعرض لانتقادات قد تكون أكثر شدة من تلك التي تواجهها الأعمال الغربية عندما تُعرض في العالم العربي. علاوة على ذلك، قد يتعرض المحتوى العربي لضغوط تتعلق بمدى توافقه مع القيم الغربية المهيمنة، مما يجعله عرضة للمساومة. تحتاج الدراما العربية إلى تقديم سردية تعكس التعقيد والثراء الثقافي للعالم العربي، مع التركيز على الأبعاد الإنسانية التي تضع الشخصية العربية في إطار من الاحترام والتفاهم المتبادل. كما يجب أن تكون هذه السرديات قادرة على تقديم العرب ليس كآخرين بعيدين، بل كأفراد يشتركون في التجارب الإنسانية الأساسية مع بقية العالم. الانتقال من الصورة النمطية إلى التفاهم المتبادل يتطلب أكثر من مجرد إنتاج درامي محسن. يحتاج إلى جهود ثقافية وتعليمية تُعنى بتطوير الفهم والتقدير المتبادل بين الشعوب. يمكن للدراما أن تلعب دورًا مهمًا في هذا السياق، ولكن يجب أن تكون مبنية على أسس من الحوار والتفاهم، بدلاً من الاستغلال البسيط للصور النمطية القديمة. في نهاية المطاف، إن تصحيح الصورة النمطية للعربية في الدراما الغربية ليس مجرد مسعى فني، بل هو خطوة نحو تحقيق العدالة الاجتماعية والثقافية. من خلال تقديم سرديات تتسم بالموضوعية والانفتاح، يمكن للدراما أن تسهم في بناء جسر للتفاهم بين الثقافات المختلفة، وتساعد في تجاوز الفجوات التي تقسم العالم اليوم. Doha El Mol dohamol67@gmail.com
×
Writer Doha El MOL
ضحى عبدالرؤوف المُل كاتبة وروائية لبنانية وعضو اتحاد الكتاب اللبنانيين . وصحفية في جريدة اللواء لبنان القسم الثقافي.. ولدت في طرابلس لبنان في الواحد من تموز عام 1967 في حارة البقار التي احترقت في الحرب اللبنانية وهجرها أهلها كما تهجّرت هي في صباها منها عام 1982 ونجد تأثرها بذلك في روايتها زند الحجر .. درست علم النفس والتربية الحضانية مارست التعليم لمدة 18 عام. بدأت الكتابة عام 2007 في جريدة الانشاء طرابلس بعد ان قدمت استقالتها من التعليم والتجميل الذي مارسته مدة 9 اعوام الى جانب التعليم 18 سنة. لتتفرغ للكتابة منذ عام 2007في الكثير من المواقع والجرائد السعودية والعراقية والعمانية واللبنانية . بداية تحت الإسم المستعار وردة الضحى أحيانا وأحيانا أخرى ضحاه وتقول عن ذلك " بدأت باسم مستعار لحماية الهوية الشخصية من معرفتها، وذلك لاستمتع بحرية التعبير عن الحب كامرأة شرقية توفّر حماية نفسها من القيل والقال وأنا ربة أسرة قبل أي شىء آخر " عملت عام 2009 في الصحافة فكتبت في جريدة المدى العراق وفي جريدة الصباح العراق والقدس العربي والمجلة العربية السعودية والمعرفة السعودية ومرايا عمان ومجلة نزوى وجريدة اللواء وغيرها ... بدأت كصحفية في جريدة اللواء في القسم الثقافي منذ عام 2012 حتى الان ... ابرز اهتمامها النقد الفني ...أصدرت سلسلة همسات وردة الضحى وتضم _ كتاب الوردة العاشقة عام 2007 _كتاب أماسي الغرام عام 2008 (جروس برس ) كتاب رسائل من بحور الشوق عام 2012 (جروس برس )وسلسلة همسات وردة الضحى كتبتها في فترة المراهقة واحتفظت بها لتنشرها عام 2007 كنوع من الأدب الخفيف الذي يجمع بين الرومانسية والخيال والأصوات الخافتة الخجولة وكأنها كتبتها بسرية وحميمية ، وهذه الكلمة تستخدم عادة للإشارة إلى الأحاديث الخاصة أو الرومانسية والحميمية وتقول المُل عنها :" همساتي كان يقرأ أبي ليلا لأني كنت أكتبها وأضعها تحت وسادتي لهذا احتفظت بها فهي من مذكرات مراهقة تخاف الجهر بمشاعرها فكانت همساتي " _كتاب اسرار القلوب عن( مركز محمود الادهمي) عام 2015 _ مجموعة قصصية هي في قبضة الريح عام 2016 (دار الفارابي ) _رواية زند الحجر عام 2018 (دار الفارابي ) كتاب رحلة يراع عن( دار سابا زريق) عام 2019 رواية الواعظ عام 2020 عن (دار الفارابي)... وقد حازت رواية زند الحجر اهتماما واسعا لدى القراء والنقاد والصحف وكذلك رواية الواعظ وايضا كتاب رحلة يراع الذى لاقى اهتماما من طلاب المدارس كما اقامت ندوات كثيرة عن كتاب رحلة يراع في مكتبات المدارس في طرابلس/ لبنان من ضمنها ثانوية القبة الرسمية وغيرها .... رواية نوريس صدرت عام 2023 عن المكتبة الحديثة للكتاب وكتاب تعابير غامضة عم دار الجندي في مصر وهو مجموعة مقالات فن التشكيل وحوارات وكتاب لمح بصري من سلسلة انتباهات فن التشكيل عن دار الجندي للنشر والتوزيع مصر وأيضا توازن بصري وجذب بصري وخطف بصري .... لها عدة لقاءات تلفزيونية عبر تلفزيون لبنان وقناة mtv وقناة مريم وقناة otv ادارت العديد من الندوات فاستضافت الكثير من الكتاب والفنانين في الرابطة الثقافية طرابلس كالكاتب والروائي السوداني امير تاج السر والروائي والقاص العراقي نزار عبدالستار والروائية الليبية نجوى بن شتوان والشاعر المصري عاطف الجندي وغيرهم... لها العديد من المقالات في الانطباع النقدي في الفن التشكيلي والدراما والكتب الروائية والفكرية وغير ذلك والانطباع النقدي هو التقييم الشخصي الذي لايقوم به الناقد الأدبي أو الفني عند مراجعة عمل ما، مثل كتاب، فيلم،مسرحية، أو قطعية موسيقية . يعبر الناقد من خلال هذا الانطباع عن رأيه الخاص حول جودة العمل، نقاط قوته وضعفه، وأثره على الجمهور.يتضمن الانطباع النقدي عادة . تقييم الجودة : تحليل مدى جودة العمل من حيث الكتابة، الإخراج ،التمثيل، أو الأداء الفني. نقاط القوة والضعف: تسليط الضوء على العناصر التي تميز العمل إيجابياً وسلبياً. التأثير العاطفي والفكري: تقييم مدى تأثير العمل على المشاهد أو القارىء من الناحية العاطفية والفكرية . المقارنة: مقارنة العمل بغيره من الأعمال المشابهة أو السابقة لنفس المؤلف أو الفنان . التوصية: توجيه توصية للجمهور بقراءة أو مشاهدة العمل أو تجنبه بناء على التقييم النقدي بالنهاية تقول : الانطباع النقدي يعتبر مهمًا لأنه يساعد الجمهور في اتخاذ قرارات مستنيرة حول متابعة أو تجنب الأعمال المختلفة .. لهذا أنشأت الموقع الإنطباعي النقدي وهذا الرابط الخاص به https://www.sunriseimpact.com/books.php
ثاني أهم مدينة في العالم
BY Writer Doha El MOL
9.0
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
مدينة طرابلس هي ثاني أهم مدينة في العالم بعد القاهرة في الآثار." ضحى عبدالرؤوف المل تنشط مدينة طرابلس ثقافيًا واجتماعيًا لتنفض غبار الإعلام الذي يحاول تصويرها كمدينة تحتضن الإرهاب، فهي مدينة "تضرب جذورها في عمق التاريخ، وترتقي إلى ثلاثة آلاف وخمسمئة عام، حيث أسسها الفينيقيون قبل الميلاد بنحو ألف وخمسمئة عام. وتعاقبت عليها الأمم والعهود من الفينيقيين حتى الانتداب الفرنسي، مرورًا بالرومان، والبيزنطيين، والعرب، والفرنجة، والمماليك، والعثمانيين." تنطوي الآثار الظاهرة في مدينة طرابلس الفيحاء على تراث تمتلكه المدينة من حيث القيمة التاريخية الممتدة إلى آلاف السنين، فهي الفيحاء بقلعتها على كتف نهر أبي علي، وهي الشرقية في نسائمها الناعمة بعطر زهر الليمون التي ما زالت تفوح برغم كثافة الأبنية والتغيير العمراني. وبساعة التل الشامخة في تفاصيلها وسط ساحة تعج بحركة الوافدين إليها من كل بقاع المناطق الأخرى وحتى من الخارج، فكيف لا تستطيع مدينة تاريخية الوقوف في وجه التحديات، وهي التي أُقيمت فيها "عشرات المساجد والمدارس والزوايا والتكايا والخوانق والربط والحمامات والخانات والقياسر والطواحين، ومن أشهر معالمها: الجامع المنصوري الكبير، وجامع التوبة، وجامع العطار، والبرطاسي، والسيد عبدالواحد المكناسي، وطينال، والمدرسة القرطاوية، والشمسية، والنورية..." والعديد من المعالم التي ما زالت تحتفظ بنكهة التاريخ الذي احتفظت فيه طرابلس ضمن آثارها، وهذا ما يجعلها من المدن المهمة بتراثها الشرقي وآثارها المتعددة كالجوامع والأسواق والحمامات وما إلى ذلك. "ويعتبر عهد الأتراك في طرابلس أطول العهود الإسلامية التي خضعت لسيادتها، حيث امتد حكمهم نحو نيف وأربعة قرون، باستثناء ثماني سنوات خضعت فيها للحكم المصري حين دخلها "إبراهيم باشا" ابن محمد علي الكبير سنة 1832م، واتخذها قاعدة عسكرية أثناء حملته على بلاد الشام وأقام فيها. وعادت إلى الأتراك العثمانيين بعد جلاء المصريين عنها سنة 1840م، ثم خضعت للانتداب الفرنسي سنة 1918م، فكانت ساعة التل آخر ما تركه العثمانيون من آثار في طرابلس." إن ساعة التل وما تحمله من أهمية جمالية إضافة إلى أنها نقطة تلاق لمن هو آتٍ إليها أو راحل عنها، حيث تجمع في وسط المدينة نقاطًا مهمة، وتحتضن قصر نوفل الأثري والناشط ببرامجه الثقافية وندواته ومعارضه الفنية، فهو القصر الثقافي والإرث التاريخي، إضافة إلى الأماكن الأخرى التي تحتضن الأنشطة الثقافية في طرابلس كالرابطة الثقافية، وبيت الفن، ومركز الصفدي الثقافي. تحتاج طرابلس اليوم إلى الالتفاف حولها من كافة الأصعدة، لأنها مدينة الجمال والعلم، ولتحقيق المزيد من إبراز الجمال السياحي، يقول رئيس نادي آثار طرابلس "بكر الصديق": "يحيي نادي آثار طرابلس ثانوياً يوم طرابلس حيث تقام مسيرة حاشدة ومهرجان شعبي، ومسابقة ميدانية الأولى من نوعها في لبنان، يسبقها عشرات الندوات والمحاضرات. كما ينظم النادي شهريًا حملات صيانة وتنظيف لأحد المواقع الأثرية، إضافة إلى الرحلات المدرسية والجامعية التي ينظمها النادي للتعريف بالآثار والتراث في طرابلس، كما يهتم النادي أيضًا بالتعريف عن آثار طرابلس عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فكانت صفحة النادي على الفايسبوك تقيم المسابقات وتنشر الصور.. وشارك النادي في تأسيس الحملة المدنية لإنقاذ آثار وتراث طرابلس، وأسس فريق التراث لإحصاء المباني التراثية والمطالبة بإدراجها على لائحة مديرية الآثار في وزارة الثقافة لحمايتها من الهدم أو التشويه. وعن الدورة التي أقامها النادي في "الرابطة الثقافية" طرابلس لتخريج معرفين آثار من كل المناطق، يقول بكر الصديق: "إن أهداف الدورة هي لتأهيل معرفين في آثار طرابلس، فبناء المعرفين لآثار طرابلس هو ضمن مجموعات تقود رحلات في لبنان ومن خارج لبنان لتعريف الناس على أهمية آثار المدينة وتراثها. كما أن هناك تعطشًا عند الناس لمعرفة المزيد عن آثار هذه المدينة التي تحتفظ بعبق التاريخ. لأن مدينة طرابلس هي ثاني أهم مدينة في العالم بعد القاهرة في الآثار، وهذا ربما غاب عن أهل الفيحاء. أما خلال نشاطنا كنادي آثار طرابلس، نحن نشعر بوجود اهتمام جيد عند الناس، فالنادي أقام هذه الدورة لتحفيز البعض على معرفة المزيد عن تراث هذه المدينة الجميلة. كما أننا ندعوهم لزيارة مدينة طرابلس ليكتشفوا جمال هذه المدينة، ويصححوا جمال صورتها المشوهة في الإعلام بشكل كبير جدًا، فهي ليست مدينة القتل والإرهاب والتعصب، هي ليست قندهار، هي طرابلس التاريخية، فعمرها أكثر من 3500 سنة من تاريخ الفينيقيين وحتى اليوم، هي منفتحة ومعتدلة، مدينة العلم والعلماء، ليتعرفوا على مجتمعها المتعايش بمحبة." إن ما يقوم به "نادي آثار طرابلس" من تأهيل معرفين سياحيين من كافة المناطق عن الآثار الطرابلسية هو بمثابة علاقات تعنى بشد أواصر المدينة. لتستقبل السائح الآتي لرؤيتها ولمعرفة آثارها، ولإظهار قدرات معالمها السياحية التي تحتاج إلى محو الأفكار المغلوطة، والصور الإعلامية المشوهة في حقها، فهي المدينة المشبعة بالأثر الحي النابض بين أحيائها وفي أسواقها ومساجدها، والمتزين في معالمها المكتحلة بمحبة أهلها من كافة الطوائف والمذاهب، وقد لعبت دورًا مهمًا عبر التاريخ، وما زالت حتى الآن تمثل القلب النابض بالحياة للبنان. برؤية أخرى تُعد مدينة طرابلس من أبرز المدن التاريخية في لبنان، حيث تتميز بتراثها الثقافي والمعماري الفريد الذي يجسد تاريخًا يمتد لآلاف السنين. تحتضن المدينة العديد من الآثار التي تعكس تنوع حضاراتها المتعاقبة، مما يجعلها موضوعًا غنيًا للدراسة من الناحية الأثرية والجمالية. تأسست مدينة طرابلس في القرن التاسع قبل الميلاد على يد الفينيقيين، واستمرت عبر العصور لتصبح مركزًا تجاريًا وثقافيًا هامًا. العمارة في طرابلس تعكس هذا التنوع، حيث تتداخل التأثيرات الفينيقية، الرومانية، البيزنطية، والعثمانية. من أبرز المعالم المعمارية فيها هو الجامع المنصوري الكبير، الذي بُني في القرن الثالث عشر. يتميز بتصميمه الفريد وقبته الضخمة، ويعد نموذجًا رائعًا للهندسة الإسلامية في تلك الحقبة. تعتبر قلعة طرابلس من المعالم الهامة التي تعكس تأثير الحروب الصليبية، حيث تبرز جدرانها القوية وأبراجها الشامخة. تشكل القلعة نقطة جذب سياحية رئيسية، حيث يمكن للزوار الاستمتاع بإطلالات خلابة على المدينة. تتميز مدينة طرابلس بزخارفها المعمارية الفريدة، حيث يمكن رؤية النقوش المعقدة والألوان الزاهية في العديد من المساجد والمدارس. يُعد جامع التوبة مثالًا رائعًا على هذا النوع من الزخارف، حيث يُظهر استخدام الخزف الملون والأقواس المذهبة التي تضفي جمالًا خاصًا على المكان. كما يمكن رؤية تأثير الفنون الإسلامية في النوافذ المقرنصة، التي تعكس الضوء بطريقة ساحرة، مما يُضفي أجواء روحانية على الفضاء الداخلي. تُعرف طرابلس أيضًا بأسواقها القديمة، مثل سوق العطارين وسوق النجارين، حيث تمتزج الروائح العطرية للبهارات والأعشاب مع الأصوات النابضة للحياة اليومية. هذه الأسواق ليست مجرد أماكن للتسوق، بل هي أيضًا مساحات اجتماعية تعكس الهوية الثقافية للمدينة. تتداخل الأزقة الضيقة مع المحلات التجارية الصغيرة، مما يخلق تجربة فريدة للزوار. تُعتبر مدينة طرابلس مثالًا على كيفية تفاعل العمارة مع البيئة المحيطة. تقع المدينة على ضفاف نهر أبي علي، حيث تُضفي الطبيعة جمالًا إضافيًا على المشهد الحضري. تُعتبر حديقة الورد من المناطق الخلابة التي تتيح للزوار الاستمتاع بجمال الطبيعة مع التاريخ، حيث يمكنهم التجول بين الأشجار والنباتات المحلية والاستمتاع بإطلالات على المعالم الأثرية المحيطة. رغم جمال طرابلس وتراثها الغني، تواجه المدينة تحديات عدة، منها التغيرات العمرانية السريعة التي تهدد بعض المعالم التاريخية. يساهم الضغط العمراني في إخفاء أجزاء من تاريخ المدينة، مما يستدعي جهودًا متضافرة للحفاظ على هذا التراث. يُعد "نادي آثار طرابلس" مثالًا على المبادرات المحلية التي تهدف إلى الحفاظ على هذا الإرث الثقافي، من خلال تنظيم ورش عمل وفعاليات توعوية. تُعتبر الثقافة الطرابلسية مزيجًا غنيًا من التأثيرات المتعددة التي شكلت هوية المدينة عبر العصور. تمثل الفنون الشعبية، مثل الرقصات والموسيقى التقليدية، جزءًا لا يتجزأ من التراث الطرابلسي. الفنون الجميلة تُعد أيضًا جزءًا مهمًا من هذه الهوية، حيث يتم عرض الأعمال الفنية التي تعكس التراث الثقافي في المعارض المحلية. إن التحليل الأثري البصري الجمالي لمدينة طرابلس يكشف عن تنوعها الثقافي والمعماري، ويبرز أهمية الحفاظ على هذا التراث. يجب أن تكون هناك جهود متواصلة لحماية الآثار والمعالم التاريخية من التهديدات الحديثة، ولتعزيز الوعي بأهمية هذا الإرث. تعد طرابلس، بتاريخها العريق ومعمارها الفريد، رمزًا للجمال والتنوع الثقافي في لبنان، مما يستحق الاهتمام والرعاية لضمان استمرار إشعاعها في المستقبل. Doha El Mol dohamol67@gmail.com
×
Writer Doha El MOL
ضحى عبدالرؤوف المُل كاتبة وروائية لبنانية وعضو اتحاد الكتاب اللبنانيين . وصحفية في جريدة اللواء لبنان القسم الثقافي.. ولدت في طرابلس لبنان في الواحد من تموز عام 1967 في حارة البقار التي احترقت في الحرب اللبنانية وهجرها أهلها كما تهجّرت هي في صباها منها عام 1982 ونجد تأثرها بذلك في روايتها زند الحجر .. درست علم النفس والتربية الحضانية مارست التعليم لمدة 18 عام. بدأت الكتابة عام 2007 في جريدة الانشاء طرابلس بعد ان قدمت استقالتها من التعليم والتجميل الذي مارسته مدة 9 اعوام الى جانب التعليم 18 سنة. لتتفرغ للكتابة منذ عام 2007في الكثير من المواقع والجرائد السعودية والعراقية والعمانية واللبنانية . بداية تحت الإسم المستعار وردة الضحى أحيانا وأحيانا أخرى ضحاه وتقول عن ذلك " بدأت باسم مستعار لحماية الهوية الشخصية من معرفتها، وذلك لاستمتع بحرية التعبير عن الحب كامرأة شرقية توفّر حماية نفسها من القيل والقال وأنا ربة أسرة قبل أي شىء آخر " عملت عام 2009 في الصحافة فكتبت في جريدة المدى العراق وفي جريدة الصباح العراق والقدس العربي والمجلة العربية السعودية والمعرفة السعودية ومرايا عمان ومجلة نزوى وجريدة اللواء وغيرها ... بدأت كصحفية في جريدة اللواء في القسم الثقافي منذ عام 2012 حتى الان ... ابرز اهتمامها النقد الفني ...أصدرت سلسلة همسات وردة الضحى وتضم _ كتاب الوردة العاشقة عام 2007 _كتاب أماسي الغرام عام 2008 (جروس برس ) كتاب رسائل من بحور الشوق عام 2012 (جروس برس )وسلسلة همسات وردة الضحى كتبتها في فترة المراهقة واحتفظت بها لتنشرها عام 2007 كنوع من الأدب الخفيف الذي يجمع بين الرومانسية والخيال والأصوات الخافتة الخجولة وكأنها كتبتها بسرية وحميمية ، وهذه الكلمة تستخدم عادة للإشارة إلى الأحاديث الخاصة أو الرومانسية والحميمية وتقول المُل عنها :" همساتي كان يقرأ أبي ليلا لأني كنت أكتبها وأضعها تحت وسادتي لهذا احتفظت بها فهي من مذكرات مراهقة تخاف الجهر بمشاعرها فكانت همساتي " _كتاب اسرار القلوب عن( مركز محمود الادهمي) عام 2015 _ مجموعة قصصية هي في قبضة الريح عام 2016 (دار الفارابي ) _رواية زند الحجر عام 2018 (دار الفارابي ) كتاب رحلة يراع عن( دار سابا زريق) عام 2019 رواية الواعظ عام 2020 عن (دار الفارابي)... وقد حازت رواية زند الحجر اهتماما واسعا لدى القراء والنقاد والصحف وكذلك رواية الواعظ وايضا كتاب رحلة يراع الذى لاقى اهتماما من طلاب المدارس كما اقامت ندوات كثيرة عن كتاب رحلة يراع في مكتبات المدارس في طرابلس/ لبنان من ضمنها ثانوية القبة الرسمية وغيرها .... رواية نوريس صدرت عام 2023 عن المكتبة الحديثة للكتاب وكتاب تعابير غامضة عم دار الجندي في مصر وهو مجموعة مقالات فن التشكيل وحوارات وكتاب لمح بصري من سلسلة انتباهات فن التشكيل عن دار الجندي للنشر والتوزيع مصر وأيضا توازن بصري وجذب بصري وخطف بصري .... لها عدة لقاءات تلفزيونية عبر تلفزيون لبنان وقناة mtv وقناة مريم وقناة otv ادارت العديد من الندوات فاستضافت الكثير من الكتاب والفنانين في الرابطة الثقافية طرابلس كالكاتب والروائي السوداني امير تاج السر والروائي والقاص العراقي نزار عبدالستار والروائية الليبية نجوى بن شتوان والشاعر المصري عاطف الجندي وغيرهم... لها العديد من المقالات في الانطباع النقدي في الفن التشكيلي والدراما والكتب الروائية والفكرية وغير ذلك والانطباع النقدي هو التقييم الشخصي الذي لايقوم به الناقد الأدبي أو الفني عند مراجعة عمل ما، مثل كتاب، فيلم،مسرحية، أو قطعية موسيقية . يعبر الناقد من خلال هذا الانطباع عن رأيه الخاص حول جودة العمل، نقاط قوته وضعفه، وأثره على الجمهور.يتضمن الانطباع النقدي عادة . تقييم الجودة : تحليل مدى جودة العمل من حيث الكتابة، الإخراج ،التمثيل، أو الأداء الفني. نقاط القوة والضعف: تسليط الضوء على العناصر التي تميز العمل إيجابياً وسلبياً. التأثير العاطفي والفكري: تقييم مدى تأثير العمل على المشاهد أو القارىء من الناحية العاطفية والفكرية . المقارنة: مقارنة العمل بغيره من الأعمال المشابهة أو السابقة لنفس المؤلف أو الفنان . التوصية: توجيه توصية للجمهور بقراءة أو مشاهدة العمل أو تجنبه بناء على التقييم النقدي بالنهاية تقول : الانطباع النقدي يعتبر مهمًا لأنه يساعد الجمهور في اتخاذ قرارات مستنيرة حول متابعة أو تجنب الأعمال المختلفة .. لهذا أنشأت الموقع الإنطباعي النقدي وهذا الرابط الخاص به https://www.sunriseimpact.com/books.php
شحرورة لبنان من المهد إلى المهد
BY Writer Doha El MOL
9.0
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
شحرورة لبنان من المهد إلى المهد ضحى عبدالرؤوف المل – بيروت - لبنان وضعت جدتي الراديو الأسود الصغير المغلف بالجلد والمزين بحبات من الخرز الأزرق على حضنها بعد أن جلست متربعة على كنبة عتيقة قرب شجرة الدفلة الكبيرة. كنت أدرك أن جدتي الآن في حالة سمعية لا يمكن لأحد أن يحاكي وحدتها الطربية هذه، لأن عصاها ستكون بالمرصاد لمن يثرثر أو يشاغب أو يحاول إزعاجها في فترة ذهبية تأتي بموعدها لتستمع إلى الأغاني الطربية. تأففت من هذه الحالة كثيرًا فيما مضى، لأنها كانت تمنعني من الكلام وتسبب لي في بعض الأحيان لطشة عصا لا تصيبني، ولكن تسبب لي الفزع من ضربة تكاد تتسبب لي بوجع أشعر به في مخيلتي عند الهرب منها لاختبئ خلف كومة الحطب قريبًا من شجرتها هذه لأستمع معها إلى الأغاني الصادرة من علبتها السوداء الغريبة بالنسبة لي. كان الصوت الذي يخرج من الراديو أشبه بسنابل القمح الذهبية التي تتأرجح مع الهواء الصيفي الحاد المحمل بلفحة ساخنة كلفحة الصوت الذي أسمعه، وهو بين "الأوف والعتابا" و"هويدا هويدا لك". كانت جدتي تترنم ودخان سيجارتها يتراقص راسمًا أشكالًا متعددة مع الهواء الساخن ثم يتلاشى، كما يتلاشى صوت المطربة في حواسي كلها، وبذوبان استقر في سمع لم ينم، إنما استفاق بقوة الآن. صرخت أمي بصوت أفزعني من غفلة المراقبة هذه ونشوة الأغنية تأخذني مع جمال الطبيعة في رحلة صوت مجدته سنابل القمح المتراقصة أمامي. لكنني لم أحرك ساكنًا، بل انبطحت على التراب كي لا تراني أمي، لأنه حان وقت الغذاء، وأنا أردت البقاء مع هذا الصوت المشبع بالطبيعة وجمالها، ويتردد صداه بين أغصان شجرة الدفلة والسنابل وحتى العصافير التي تحط وتطير كأنها جوقة موسيقية، إلا أن الصوت الذي يخرج من علبة جدتي السوداء وأحس معه بحاجة للتأمل حينا وللرقص أحيانًا توقف عن الغناء بعد أن برمت جدتي الزر المعلق في علبتها الغامضة. كنت يومها لا أعرف من صاحبة هذا الصوت الذي تسمعه جدتي في جلستها الانعزالية تحت شجرة الدفلة. حينها اقتربت من جدتي لأتحسس ثوبها محاولة لمس علبتها السوداء. إلا أنها أمسكتني بيدي وقالت لي: "هذا الراديو، ما تلمسيه بتكسريه يا ستي، خلينا منه نسمع صوت صباح بكل صبحية وعصرونية". كانت المرة الأولى التي أسمع فيها باسمها "صباح". سألتها بصوت مشاكس: "مين صباح يا ستي، زلمي أو مرا؟" نظرت جدتي نظرة غاضبة وفي عينيها شرارة تعني أني أغضبتها، وقالت: "هيدي ملكة الصوت يا بنت. (هيدي) "هويدا هويدا لك يا هويدا هويدا لي". أحسست أن جوابها سؤال يثير الحيرة أكثر. تتابعت الأيام وكانت مواعيد جدتي النظامية مع علبتها السوداء مواعيد ثابتة. فيروز صباحًا وخلال النهار والليل صباح، وعند العاشرة أم كلثوم، ثلاثية راديو جدتي الشهيرة. توالت الأيام واشترى أبي التلفاز بصندوقه الخشبي وقوائمه الأربعة. فصرت أنتظر أطلالتها المشرقة وشلال شعرها الطويل بزینته وتسريحته الأنثوية، وخامة صوتها السابحة مع الحياة، وثوبها المتمايل مع حركاتها التعبيرية حين تطل من على شاشة تلفزيون لبنان بالأبيض والأسود. كنت يومها أتحرق شوقًا لمعرفة ألوان ثوبها الجميل المزركش بألوان غامضة، لأن التلفزيون الأبيض والأسود لا يمنح الألوان لفستان أحلم به كالأميرات، وصوت يستحق أن تكون الدبكة عامرة معه. وعندما كبرت بدأت أدرك من هي المطربة "صباح" ومن تكون، من صوت في راديو وصورة متحركة على تلفزيون أبيض وأسود، وصورها في المجلات التي كنت أقصص منها صور الصيوحة لأحتفظ بأثوابها الألقَة مع ما كنت أحتفظ به من مجلات قديمة لما تحمله من معلومات عنها، وعن قصص الحب التي كانت تُروى عنها. إلا أن صوتها بالنسبة لي كان أقوى من صورتها، لأنني عرفته من راديو جدتي القديم منذ طفولة عرفتها فيها كصوت ذهبي يشبه حفيف سنابل القمح في فصل الصيف. لا أعرف ما هي أحاسيسي ولماذا تذكرت راديو جدتي، وأنا أتابع وقائع اليوم الطويل لرحيل مطربة حملت معها للإنسانية قيمة المحبة والسلام بمفهومها الغني بالاحترام للإنسان نفسه والمحبة لذاتها وللآخرين. كل هذه الذكريات التي مرت على ذهني، أو بالأحرى تلك التي خرجت من صندوق الذاكرة الذي جمع بين جدتي وأبي وأنا مع مطربة تناغمنا مع أحاسيسها وأناقتها وعطاءاتها لوطنها وللعالم الذي منحته إرثها الفني ليحيا كتراث إبداعي زاخر بالتنوع الغنائي والتمثيل السينمائي والمسرحي، وبالتعبير الجمالي الذي يخرج من وجه صبوح تألقت معه أرزة لبنان. إن تولد في يوم الموت هو قمة المجد الذي يبنى ثانية ثانية، فمن يمنح ذاته للحياة تمنحه هباتها وساعاتها. بل! وحتى تاريخها ومستقبلها، فمن يأسف لرحيل شحرورة لبنان المولودة في يوم رحيلها؟ من يأسف لأغانٍ عابقة بمجد لبنان وجيشه الذي غنت له "تسلم يا عسكر لبنان" فعزف لها يوم عرسها؟ إرث فني يضيء جبهة الشمس بإنجازات فنية ترسم لبنان في ذاكرة جيل تلو جيل، بل! في صوت شجي تراثي شعبي فلكلوري جعل من أعمدة بعلبك وأرز لبنان في كل مكان ثابتة ممجدة بكل فخر واعتزاز. هي امرأة عاشت كما أرادت أن تحيا بنجاح تلو نجاح، متناسية الألم والحزن والمعاناة، وفي رصيدها كنز فني دخلت به كتاب غينيس، كما دخلت به قلوب الملايين ممن بكوا وضحكوا في عرسها الأخير، فالابداع الفني لا يوارى الثرى، لأنه يتعاقب عبر الأزمنة بما يحمله من صدق في العطاء وجودة في البناء وازدهار في معانيه. ماذا أقول لجدتي عن "صباح" التي عاشت مع صوتها ولم تستمتع برؤيتها، وكانت أمنيتها أن ترى الوجه الصبوح الذي كان يصفه لها البعض بالجمال، فتكتئب وتقول بكبرياء: "أنا حين أسمع صوتها أراها". ماذا أقول لنفسي وقد جعلتني أشعر بأننا في لبنان جعلتنا في موتها نحاسب أنفسنا على أخطاء نرتكبها بحق الفنانين الحقيقيين المتأصلين من جذور أرزة ديمومة اخضرارها من ديمومة أبناء خدموها ورفعوها عاليًا، وجعلوها منارة تضيء لبنان في كل مكان. ماذا أقول لجيل أنا منه، وهي عاشت فيه ورافقناها معه بكل تفاصيل حياتها وأغنياتها ومسرحياتها وأفلامها، وضحكتها التي تشبه الشمس؟ ماذا أقول لجيل عرفها غنى معها "عاشقة وغلبانة والنبي" و"ساعات ساعات" و"يا دلع يا دلع" التي كانت تلتقطها سمعي حين يهدأ الرصاص وصوت القذائف في الأسواق يصمت ليقول البعض (أي والله يا صباح خلينا نفرح بصوتك شوي وننسى الموت)، فهل جعلتنا في يوم وداعها أن ننسى الموت؟ ذكريات تولد فجأة، وفي الحواس نكهة الأصوات التي ترتبط بتفاصيل لا تُنسى. رحلت جدتي وتركت لي علبتها السوداء المرصعة بالخرز الأزرق، وهو صامت منذ رحيلها، لأننا في انشغالاتنا الحياتية تنام الذاكرة وتصبح الأشياء مجرد خيالات بعيدة تحتاج لوعي يوقظها، واليوم في عرس لبناني استيقظ وعي ذاكرتي على أول يوم سمعتها فيه من راديو، وضعته على طاولة معتبرًا إياه من تراث الزمن الجميل، والذكريات مع جدتي التي لم تر مطربة لبنان "صباح" لكن سمعت صوتها. اليوم أحسست أن الراديو عاد له الصوت الذهبي مجددًا، ودبت فيه الروح التي غادرته مذ غادرت جدتي الحياة، برمت زره القديم الذي كان يزعجني لأنه يتسبب بإسكاته، وبعد عدة محاولات متكررة في تصليحه عاد للكلام وللغناء، ولكن هذه المرة سمعت أغنياتها والعين تكفكف دمعها، لترتسم الفرحة على القلب الحزين في عرس الصبوحة شحرورة لبنان وأرزتها الفنية. Doha El Mol dohamol67@gmail.com
×
Writer Doha El MOL
ضحى عبدالرؤوف المُل كاتبة وروائية لبنانية وعضو اتحاد الكتاب اللبنانيين . وصحفية في جريدة اللواء لبنان القسم الثقافي.. ولدت في طرابلس لبنان في الواحد من تموز عام 1967 في حارة البقار التي احترقت في الحرب اللبنانية وهجرها أهلها كما تهجّرت هي في صباها منها عام 1982 ونجد تأثرها بذلك في روايتها زند الحجر .. درست علم النفس والتربية الحضانية مارست التعليم لمدة 18 عام. بدأت الكتابة عام 2007 في جريدة الانشاء طرابلس بعد ان قدمت استقالتها من التعليم والتجميل الذي مارسته مدة 9 اعوام الى جانب التعليم 18 سنة. لتتفرغ للكتابة منذ عام 2007في الكثير من المواقع والجرائد السعودية والعراقية والعمانية واللبنانية . بداية تحت الإسم المستعار وردة الضحى أحيانا وأحيانا أخرى ضحاه وتقول عن ذلك " بدأت باسم مستعار لحماية الهوية الشخصية من معرفتها، وذلك لاستمتع بحرية التعبير عن الحب كامرأة شرقية توفّر حماية نفسها من القيل والقال وأنا ربة أسرة قبل أي شىء آخر " عملت عام 2009 في الصحافة فكتبت في جريدة المدى العراق وفي جريدة الصباح العراق والقدس العربي والمجلة العربية السعودية والمعرفة السعودية ومرايا عمان ومجلة نزوى وجريدة اللواء وغيرها ... بدأت كصحفية في جريدة اللواء في القسم الثقافي منذ عام 2012 حتى الان ... ابرز اهتمامها النقد الفني ...أصدرت سلسلة همسات وردة الضحى وتضم _ كتاب الوردة العاشقة عام 2007 _كتاب أماسي الغرام عام 2008 (جروس برس ) كتاب رسائل من بحور الشوق عام 2012 (جروس برس )وسلسلة همسات وردة الضحى كتبتها في فترة المراهقة واحتفظت بها لتنشرها عام 2007 كنوع من الأدب الخفيف الذي يجمع بين الرومانسية والخيال والأصوات الخافتة الخجولة وكأنها كتبتها بسرية وحميمية ، وهذه الكلمة تستخدم عادة للإشارة إلى الأحاديث الخاصة أو الرومانسية والحميمية وتقول المُل عنها :" همساتي كان يقرأ أبي ليلا لأني كنت أكتبها وأضعها تحت وسادتي لهذا احتفظت بها فهي من مذكرات مراهقة تخاف الجهر بمشاعرها فكانت همساتي " _كتاب اسرار القلوب عن( مركز محمود الادهمي) عام 2015 _ مجموعة قصصية هي في قبضة الريح عام 2016 (دار الفارابي ) _رواية زند الحجر عام 2018 (دار الفارابي ) كتاب رحلة يراع عن( دار سابا زريق) عام 2019 رواية الواعظ عام 2020 عن (دار الفارابي)... وقد حازت رواية زند الحجر اهتماما واسعا لدى القراء والنقاد والصحف وكذلك رواية الواعظ وايضا كتاب رحلة يراع الذى لاقى اهتماما من طلاب المدارس كما اقامت ندوات كثيرة عن كتاب رحلة يراع في مكتبات المدارس في طرابلس/ لبنان من ضمنها ثانوية القبة الرسمية وغيرها .... رواية نوريس صدرت عام 2023 عن المكتبة الحديثة للكتاب وكتاب تعابير غامضة عم دار الجندي في مصر وهو مجموعة مقالات فن التشكيل وحوارات وكتاب لمح بصري من سلسلة انتباهات فن التشكيل عن دار الجندي للنشر والتوزيع مصر وأيضا توازن بصري وجذب بصري وخطف بصري .... لها عدة لقاءات تلفزيونية عبر تلفزيون لبنان وقناة mtv وقناة مريم وقناة otv ادارت العديد من الندوات فاستضافت الكثير من الكتاب والفنانين في الرابطة الثقافية طرابلس كالكاتب والروائي السوداني امير تاج السر والروائي والقاص العراقي نزار عبدالستار والروائية الليبية نجوى بن شتوان والشاعر المصري عاطف الجندي وغيرهم... لها العديد من المقالات في الانطباع النقدي في الفن التشكيلي والدراما والكتب الروائية والفكرية وغير ذلك والانطباع النقدي هو التقييم الشخصي الذي لايقوم به الناقد الأدبي أو الفني عند مراجعة عمل ما، مثل كتاب، فيلم،مسرحية، أو قطعية موسيقية . يعبر الناقد من خلال هذا الانطباع عن رأيه الخاص حول جودة العمل، نقاط قوته وضعفه، وأثره على الجمهور.يتضمن الانطباع النقدي عادة . تقييم الجودة : تحليل مدى جودة العمل من حيث الكتابة، الإخراج ،التمثيل، أو الأداء الفني. نقاط القوة والضعف: تسليط الضوء على العناصر التي تميز العمل إيجابياً وسلبياً. التأثير العاطفي والفكري: تقييم مدى تأثير العمل على المشاهد أو القارىء من الناحية العاطفية والفكرية . المقارنة: مقارنة العمل بغيره من الأعمال المشابهة أو السابقة لنفس المؤلف أو الفنان . التوصية: توجيه توصية للجمهور بقراءة أو مشاهدة العمل أو تجنبه بناء على التقييم النقدي بالنهاية تقول : الانطباع النقدي يعتبر مهمًا لأنه يساعد الجمهور في اتخاذ قرارات مستنيرة حول متابعة أو تجنب الأعمال المختلفة .. لهذا أنشأت الموقع الإنطباعي النقدي وهذا الرابط الخاص به https://www.sunriseimpact.com/books.php
«
18
19
20
21
22
»