Movie
Series
Books
Paintings
Article
Anime
Interviews
Theater
Login
 
Contact Us
 
الحرب لا تزال تسيطر على مؤلفاتنا الروائية
BY الروائية زينب مرعي
8.7
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
الروائية زينب مرعي للواء: "أعتقد أنّ الحرب لا تزال تسيطر على مؤلفاتنا الروائية بما أنّها لا زالت تُعدّ ضمن تاريخنا القريب." حاورتها: ضحى عبدالرؤوف المل صنعت الروائية زينب مرعي في روايتها الهاوية الصادرة عن "دار نوفل" و"مكتبة أنطوان" لغةً مسبوكة بطابع الشارع اللبناني، لبث المزيد من التشويق الواقعي لحياة نقلت وقائعها من خلال الحرب اللبنانية ومؤثراتها النفسية المترابطة بالأحداث والعقد التي لا مفر منها إلا بالدخول إلى البيضة أو الحلم بالعودة إلى الولادة والصفاء. ولمعرفة المزيد عن خبايا رواية الهاوية أجرينا هذا الحوار مع الكاتبة زينب مرعي. - لماذا الهاوية والابتعاد عن السقوط؟ يشرح سهيل، الشخصية الرئيسة في الرواية، معنى "الهاوية" بالنسبة إليه. شرحه لهذه الكلمة يبرّر اختيارها كعنوان للرواية في النهاية. وقد يكون سهيل قد انحدر وسقط منذ وقت طويل ربما، بالنسبة إلى الكثير من القرّاء، لكن من وجهة نظره، هو يمشي رويدًا رويدًا نحو هاوية ستبتلعه، بهدف الولادة من جديد! - سيطرت لغة الشارع على الرواية، ألم يخيفك هذا في رواية أولى؟ سهيل ولد وتربّى في حيّ فقير في الجهة الغربية لبيروت. هو لم يكمل تعليمه الابتدائي وقضى معظم أوقاته يجول في الطرقات لأسباب مختلفة، ثم باغتته الحرب وهو فقط في السادسة عشرة من عمره، فانتقل ليصبح مقاتلاً. خلفية الشخصية هذه فرضت عليّ ككاتبة معجمًا لغويًّا معينًا ومحدودًا بالنسبة إلى هذه الشخصية. فهو غير استعماله الكبير للغة السباب والشارع، إلا أنّه أيضًا لا يمكنه التحدث باللغة العربية الفصحى، وحتى استعاراته التي يستعملها في الرواية كلها تشبهه وتشبه البيئة التي خرج منها. يُضاف إلى ذلك الوضع النفسي والصحي لسهيل الذي جعله غير قادر أبدًا على ممارسة أي نوع من الرقابة الاجتماعية على نفسه. طبعًا، ترددت قليلاً في البداية في اختيار واستعمال هذه اللغة، خاصة أن الهاوية هي روايتي الأولى. لكن في سياق تحضيري لنسج شخصية سهيل، التقيت بعدد من المقاتلين القدامى في الحرب الأهلية اللبنانية، الذين عاشوا ظروف سهيل الاجتماعية نفسها، ونقلت لغتهم التي من دونها لن يكون سهيل "حقيقيًّا". وأصبح الخوف من استعمال "لغة الشارع" ثانويًّا أمام الخوف من الفشل في خلق شخصية يعرفها ويخبرها اللبنانيون جيدًا. فالنجاح في بناء الشخصيات يعني بالنسبة إليّ تخطي صعوبة جوهرية في بناء الرواية. ولو كان سهيل أكثر "تهذيبًا" لما كان مقنعًا بنظري ولكان تحول إلى شخصية كاريكاتورية. - "هذه حرب والقتل من قواعدها"... هل هذه جدلية الحرب والقتل أم تبرير لسهيل؟ هذا سهيل يبرّر لنفسه ربما. فسهيل نفسه، كما نقرأ في الرواية، يعيش حالة من التخبّط بين ذنب القتال والقتل في الحرب وبين فكرة الدفاع عن أهله وأرضه. وذلك يعود إلى جدلية الحرب بكل الأحوال. وسهيل، كما الناس كلّها، له وجه ظالم وآخر مظلوم. لذلك أنا لا أحاكم، أبرّئ أو أبرّر أي شيء لسهيل. أترك للقارئ الحرية الكاملة في فهم وبناء علاقته الخاصة مع الشخصية. - ما المقصود من رمزية البيضة في الرواية؟ المقصود هو العودة إلى ما قبل الولادة، إلى الطهر. إلى رغبة في الولادة من جديد وعيش حياة مختلفة. حياة يكون فيها سهيل قادرًا ربما على ارتياد المدرسة واللعب مع الأطفال، حياة يمكن لوالده فيها أن يشتري له الألعاب، كما يعرب عن رغبته في الرواية، وعيش مراهقته وشبابه من دون حرب. - هل من اهتمامات أدبية أخرى ولماذا الحرب تسيطر روائيًّا على العديد من مؤلفاتنا؟ أعتقد أنّ الحرب لا تزال تسيطر على مؤلفاتنا الروائية بما أنّها لا زالت تُعدّ ضمن تاريخنا القريب. وإن أراد الكاتب(ة) أن يرسم أيّ شخصية بعمر الأربعين أو أكبر، فإنّ الحرب تبقى جزءًا ومكوّنًا أساسيًّا في بناء هذه الشخصية. أما على الصعيد الشخصي، فكانت لي تجارب في الشعر، فنشر لي الشاعر الراحل أنسي الحاج قصيدتين في صفحته الأسبوعية "خواتم" في جريدة "الأخبار"، كما نشر لي الشاعر والكاتب عباس بيضون قصائد في ملحق "السفير" الثقافي. - لا بد وأن يتعاطف القارئ مع سهيل. هل هذا نوع من التفكير بإعادة تأهيل مقاتلي الحروب؟ إعادة تأهيل مقاتلي الحروب هو أمر ضروري لكنه للأسف لم يحدث عندنا. الرواية انطلقت من هذه الفكرة، أو من التساؤل عمّا حدث لهؤلاء المقاتلين بعد أن وضعت الحرب أوزارها. أين هم بيننا؟ وهل فعلاً استطاعوا التأقلم في زمن السلم؟ تطرح الرواية، بين تيمات أخرى، هذا الموضوع. - ماذا تقول الروائية زينب مرعي للقارئ عن الرواية؟ "الهاوية" بالنسبة إليّ هي رواية جيلي، جيل ما بعد الحرب. الجيل الذي يبحث ويحاول أن يفهم ما حدث في حرب لا يزال يعيش تداعياتها وانقساماتها حتى الآن، بين قصص الأهل ومناظر الأنقاض والدمار التي تربى حولها. هي رواية فيها الكثير من الحقيقة كما الخيال، وتعبّر عن اهتماماتي بالغوص والبحث في أكثر الأمور غموضًا وغرابة بالنسبة إليّ: النفس الإنسانية. Doha El Mol في الحوار معها ، تبرز الروائية زينب مرعي تبريراتها لاختيار "الهاوية" عنواناً لروايتها. منطقياً، يُشير اختيار هذا العنوان إلى حالة التردّد والانتظار لمصير محتوم، وهو ما يعكس شعور الشخصية الرئيسية، سهيل، الذي يرى في "الهاوية" نقطة التحول نحو ولادة جديدة. كما تبرر مرعي استخدام لغة الشارع من خلال تجسيد واقع الشخصية وتأكيدها على أصالتها، مما يعزز من مصداقية الرواية في تصويرها للبيئة التي تنتمي إليها الشخصية. إذ تنقل الرواية إحساسًا عميقًا بالمعاناة والبحث عن الهوية. مرعي تتعامل مع موضوعات الحرب والدمار بشكل مؤثر، مما يخلق تجربة قراءة ملهمة ومؤثرة. القارئ قد يشعر بالانجذاب إلى شخصية سهيل والتعاطف معها بسبب تعقيداتها النفسية وتحدياتها. الرواية توحي بأن هناك مسعى للبحث عن الأمل والنقاء حتى في أحلك الظروف، وهو ما يجعل التجربة الانطباعية أكثر قوة. كما تُظهر الرواية الصراع الداخلي للشخصية الرئيسية، سهيل، الذي يعاني من ضغوط الحرب والتجارب المؤلمة. يظهر الصراع بين الذنب والتبرير، وهو انعكاس لمفهوم "الجدلية" في الحروب، حيث يتصارع الأفراد مع أنفسهم بشأن أفعالهم تحت الضغط. رمزية "البيضة" تعكس رغبة في العودة إلى حالة نقاء وبداية جديدة، وهو ما يُظهر حاجة الشخصية للشفاء والتجديد. إضافة إلى ذلك، الاستعمال المكثف للغة الشارع يعكس الاضطرابات النفسية للشخصية وعدم قدرتها على التكيف مع العالم المحيط. نفهم من الحوار أن الرواية تُعالج قضايا الحرب وتأثيرها على الأفراد والمجتمع بشكل عميق. تركز الرواية على تجربة مقاتلين سابقين وتطرح تساؤلات حول كيفية تأقلمهم مع الحياة بعد الحرب. الموضوعات الرئيسية تشمل العنف، القتل، والبحث عن الهوية، وهي قضايا حيوية تُعالج بواقعية. الرواية تعكس خلفية تاريخية واجتماعية مهمة وتبحث في الصراعات النفسية والاجتماعية التي تترتب عليها. فالرواية تعكس الواقع الاجتماعي للبنان خلال الحرب الأهلية، وتظهر التأثيرات النفسية والاجتماعية للحرب على الأفراد. من خلال شخصية سهيل، تُبرز الرواية كيف يمكن للحرب أن تدمر حياة الأفراد وتؤثر على نظرتهم للحياة. إن استخدام لغة الشارع كأداة لرواية القصة يعكس التباين الثقافي والاجتماعي في المجتمع اللبناني. الرواية تعكس تأثيرات الثقافة الشعبية على الأفراد وكيف تُشكل تجاربهم ونظرتهم للعالم. كما تستكشف الصراعات الداخلية للشخصية الرئيسية، سهيل، الذي يعاني من آثار الحرب ويبحث عن مسار جديد لحياته. هذا البُعد يسلط الضوء على تعقيدات النفس البشرية تحت وطأة التوتر والصراع. استمتعت بالحوار معها لأنها تتحدث إلى الجيل الشاب الذي يعيش أوضاع ما بعد الحرب. من خلال تناول قضايا مثل الهوية والبحث عن الأمل، تعكس الرواية تحديات هذا الجيل وتأملاته حول الحاضر والمستقبل. فرواية الهاوية للروائية زينب مرعي مثالًا قويًا على كيف يمكن للأدب أن يستكشف عمق التجربة الإنسانية من خلال معالجة قضايا معقدة مثل الحرب، الهوية، والتجديد. توفر الرواية منظورًا متعدد الأبعاد يتناول الصراع النفسي والاجتماعي والثقافي، مما يجعلها تجربة قراءة غنية ومتعددة الأبعاد. dohamol67@gmail.com
×
الروائية زينب مرعي
زينب مرعي (من مواليد 1986 في مدينة بيروت)، هي كاتبة لبنانية درست اللغة الفرنسيّة وآدابها في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة اللبنانية. تكتب في الصحافة اللبنانية والصحافة العربية منذ العام 2005، وهي منتجة الفيلم الوثائقي «طهران Unlimited»، كما أنّ لها روايتان هما «الهاوية» التي صدرت عن دار نوفل للنشر والتوزيع عام 2016، ورواية «منزل عائم فوق النهر» فضلًا عن كتيّبات أخرى. الحياة المبكّرة والتعليم [أيقونة] هذا القسم فارغ أو غير مكتمل. ساهم في توسيعه. المسيرة المهنيّة أول رواية للكاتبة اللبنانيّة هي «الهاوية» التي صدرت عن دار نوفل، وهو الكتاب الذي قام بمقاربة للآثار التي خلفتّها الحرب الأهلية اللبنانية على ناس البلد وعلى مقاتليه. سعت الكاتبة فيه إلى انتشال ما ترّسب في دواخل خائضي تلك الحرب من اعتلال وتشوّه، بل جهدت – حسب قولها – إلى رصدهم عبر شخصية بطل روايتها «سهيل» من خلال حوارية تتردد بينه وبين الشخصية الأخرى «خضر» وهو الأخ الأكبر لسهيل. تعمّدت زينب إفساح حيّز لهذه الشخصية ليلعب دور المرآة عاكسًا عبر الحوارات، أحاسيس سهيل وما يجري في دواخله.صدرت لها رواية ثانيّة بعنوان «منزل عائم فوق النهر» عن دار نوفل للنشر والتوزيع أيضًا وتتناولُ فيها قضية أربع نساء لبنانيات من أسرة واحدة، ينتمين إلى ثلاثة أجيال متعاقبة، تمثلها الجدة والأم والحفيدتان. وترصد كيفية انعكاس اللعنة القدرية على كل منهن، مسارًا ومصيرًا. في الرواية، تطيح هذه اللعنة التي تشبه اللعنات في المسرح الإغريقي، بعلاقات الأمومة بين بديعة وفاطمة، وبين فاطمة وابنتيها ليلى وبانة، من جهة. وتطيح بعلاقات البنوة بين فاطمة وأمها بديعة، وبين الأختين وأمهما فاطمة، من جهة ثانية. وتطيح بعلاقات الأخوة بين الأختين ليلى وبانة، من جهة ثالثة. وتفرد حيزاً كبيراً للغيرة، والحسد، والكره، والتهميش، والتدمير، والانتقام، ما نقع عليه في أحداث الرواية بوقائعها وذكرياتها.قائمة أعمالهاهذه قائمةٌ بأبرز أعمال الكاتبة زينب مرعي: الهاوية منزل عائم فوق النهر
الرواية هي نص رمزي يهدف إلى استلهام التاريخ
BY الروائي محمد طرزي
9.2
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
الروائي محمد طرزي للواء: "الرواية هي نص رمزي يهدف إلى استلهام التاريخ بغرض توظيفه للتعبير عن واقع معاصر." حاورته: ضحى عبدالرؤوف المل تستجيب رواية ماليندي للروائي محمد طرزي والصادرة عن "الدار العربية للعلوم ناشرون" لمتطلبات العصر ومحاكاته من خلال الماضي المرتبط بتاريخ معين، وضمن الصياغة التاريخية لفترة زمنية حددها في ماليندي، وضمن سياق اجتماعي تاريخي تميز بالقوة السردية والفنية، وبوعي لتمثيلات تاريخية تنعكس في اللاشعور، برؤية لحاضر ما زال التخبط اليهودي فيه رغم الفروقات ما بين الاستضعاف والقوة. إلا أنهم في بلاد العرب كانوا بمأمن، وهذا المفهوم يخضع للسياق التاريخي الذي ذلله محمد طرزي في حداثة تاريخية لم تمنع من الربط بين أزمنة جغرافية للتنقل في بلاد مر بها فاسكو وغيره. فقد وضعنا في زمانية معينة لتكوين علاقة غير مسبوقة مع يهود استطاعوا خلق فروقات تاريخية ضمن رواية اشتدت حبكتها بسلاسة مع الصراعات المتعددة، وعلى مستويات مشهدية تشكل وسيلة فعالة للتخيل وللاقتناع بالأحداث التاريخية ومصداقيتها. رغم أن العمل الأدبي الروائي يخضع لمتخيل تاريخي يؤدي وظيفته التي حددها الكاتب. فهل تخاطب ماليندي أحداث العصر من خلال الماضي؟ مع الروائي محمد طرزي أجرينا هذا الحوار. - من يقرأ كتب التاريخ يعرف أن الحروب غير المنتظمة تؤدي دائماً إلى نتائج غير محمودة. هل تشير بذلك إلى السلام أم إلى حرب اليمن؟ هذه العبارة وردت في سياقها التاريخي، وهي تصح في كل الحروب غير المنظمة التي يشنها أي طرف هو في صراع مع طرف آخر. صحيح أن الرواية هي نص رمزي يهدف إلى استلهام التاريخ بغرض توظيفه للتعبير عن واقع معاصر، إلا أن ذلك بطبيعة الحال لا ينسحب على جميع العبارات التي ترد في سياقها الروائي. فضلاً عن أنها ذكرت في معرض توازن القوى، وتفوق الخصم، ما يجعلها بعيدة بعض الشيء عن الحالة اليمينية. - الهتافات الخاوية لا تؤدي بالأمم إلا للهلاك. هل تحاكي الواقع من خلال التاريخ المتخيل؟ هذا صحيح، هذه العبارة تحاكي واقعنا المرير، ولعل الشاعر الكبير نزار قباني نظمها على طريقته: "إذا خسرنا الحرب لا غرابة، لأننا ندخلها بكل ما يملك الشرقي من مواهب الخطابة، بالعنتريات التي ما قتلت ذبابة." فنحن كشعوب عربية عرفنا الهلاك والهزيمة تلو الهزيمة بسبب الهتافات الخاوية التي ما فتئت تطلق من هنا ومن هناك، حتى أن تلك الهتافات تطغى وتقمع الأصوات العاقلة التي تنادي بالتعلم والرفاهية والحريات. - بنو إسرائيل لم يعرفوا الأمان إلا في بلاد العرب. غمزات روائية ذات خلفيات تاريخية، هل تقبلها في الواقع؟ عرف الشعب اليهودي إلى حد بعيد الأمان في الديار العربية مقارنةً مع ما قاساه في ظل الحضارات الأخرى، والرواية إذ تشير إلى معاناة اليهود في الجزيرة الإيبيرية، في غرناطة تحديداً بعد سقوط الحكم العربي، وإلى مآسي الفلاشا في جبال الحبشة، فهي تسلط نوراً على الاستضافة الكريمة التي وفرتها لهم ماليندي العرب. المقارنة مع الواقع لا تبدو سهلة على الإطلاق، باعتبار أن يهود اليوم ما عادوا مستضعفين كما بدوا في تلك اللحظة التاريخية، بل على العكس من ذلك، فإن الدولة اليهودية تقضم حقوقنا وتسلبها. - العرب واليهود في رواية ماليندي، لماذا مزجتها بالحلم الإفريقي؟ الرواية تشير إلى حقبة زمنية من تاريخ العرب في شرق إفريقيا، تلاقت على امتدادها مختلف الشعوب التي استوطنت تلك البقعة الجغرافية، من يهود وعرب وأوروبيين وشيرازيين، فكان لا بد أن يكونوا جميعهم جزءاً من ذلك الحلم الإفريقي وكابوسه. وفي حوار آخر معه لجريدة اللواء لبنان بمناسبة صدور روايته الجديدة: الروائي محمد طرزي للواء: "هدف الرواية هو قراءة الحاضر بالماضي وفهم الماضي بإشكاليات الحاضر." حاورته: ضحى عبدالرؤوف المل صدرت الرواية التاريخية رسالة النور عن "الدار العربية للعلوم ناشرون" للروائي محمد طرزي، الذي اهتم بزمان ابن المقفع، ليضع القارئ أمام حقائق الزمن وقدرته على محاكاة الأحداث وإسقاطات أجراها بمقاربات منطقية تهدف إلى استخراج الحكم الزمني على ما جرى في الماضي وما يجري في الحاضر، وتكوين رؤية مصغرة للمستقبل وما يعانيه المثقف منذ العصور الماضية وحتى الآن. ومع الروائي محمد طرزي أجرينا هذا الحوار. - لماذا الآن رسالة النور وماذا تهدف منها؟ لأن زمان رسالة النور يحاكي زماننا. فقد شهد القرن الثامن الميلادي ثورة تحاكي ما عرفه العالم العربي من ثورات معاصرة. كذلك تسلط الرواية الضوء على حياة المثقف العربي المعاصر وصراعه مع السلطة من خلال تقديم سيرتي ابن المقفع وعبد الحميد الكاتب. بهذا المعنى، يكون هدف الرواية هو قراءة الحاضر بالماضي وفهم الماضي بإشكاليات الحاضر. - رواية عن زمان، هل هي مركبة من تخيلاتك؟ لا يخفى عن القارئ أن الحوادث في رسالة النور مستندة إلى مراجع تاريخية كـ"مروج الذهب"، "تاريخ الرسل والملوك"، "الأغاني" وغيرها. لكنني في آخر الأمر، أقدّم نصاً روائياً وليس دراسةً علميةً يمكن الاعتماد عليها كأي كتاب تاريخي. وبالتالي، فإن الأدب والخيال هما الحاكمان على التاريخ في الرواية وليس العكس. - إسقاطات الزمن في فجوات الرواية منحتها ظلامية ونوراً، ما رأيك؟ بالتأكيد. فالرواية هي انعكاس لصورة الماضي في مرآة الحاضر بكل تجلياته، سواء الظلامية منها أم المضيئة. فعلى سبيل المثال، هناك جانب مشرق ينعكس في الحقبتين الزمنيتين مفاده أن العلم الذي منع "رستم" من خيانة إرث ابن المقفع في منتصف القرن الثامن هو العلم نفسه الذي حال دون أن يقترف الإرهابي جريمته عام 2015م. وهذا يشير إلى أن العلم يعصم من التطرف. أما الجانب المعتم فيتمثل بقتل ابن المقفع وعبد الحميد الكاتب وما يقابله اليوم من اغتيالات وتصفيات لمثقفين عرب لأسباب قد لا تختلف في جوهرها عن الأسباب التي ساقها القتلة لتصفية مثقفي ذلك الزمان. - رسالة بيضاء لمن يقرأ روايتك غير محددة، ألا تخاف من ردات الفعل؟ للحق، أنا لم أقرر أن تكون تلك الرسالة بيضاء. هي كذلك في الواقع. المخطوطة الأصلية تشير إلى أنها مؤلفة من اثنتين وخمسين رسالة، لكن العدد الفعلي للرسائل هو واحد وخمسون. أنا قدّمت تفسيراً لهذا التناقض مفاده أن الرسالة الأخيرة هي بيضاء عن عمد لأن واضعها أراد للقارئ أن يكتبها بنفسه. وأنا، كقارئ لتلك الرسائل، صغت رسالتي الأخيرة عبر الراوي الذي له اسمي في النص. فكانت رواية رسالة النور نفسها هي الرسالة المفقودة. - روايتك تعصف إنسانياً بالرؤى في عدة أزمنة. هل نحن شعب بتقدم مستمر أم أن التخلف يعيدنا لزمان أبعد من زمن ابن المقفع؟ طبعاً نحن شعب في تقدم مستمر، لكن ثمة متخلفين بيننا. هم قلة، لكنهم نجحوا للأسف في إعاقة مسيرة التقدم وتحويل الربيع العربي الذي توسمنا فيه خيراً إلى مشهد دامٍ لا يمت إلى حضارتنا بصلة. - رواية تتحدى بها رسالة الدكتوراه وكأننا أمام تلميذ ابن المقفع؟ الراوي هو باحث وطالب دكتوراه في النص، لكن الرواية تبقى رواية، لها من الخيال نصيب يجرّدها من صفة العمل الأكاديمي الصرف الذي يعتمد على مناهج البحث العلمي. بهذا المعنى، لست تلميذاً لابن المقفع بقدر ما أنا مؤمن به وبأمثاله ممن يقدمون رؤى إصلاحية متقدمة على زمانها من دون أن يتوانوا عن دفع حياتهم ثمناً لما يؤمنون به. - إلى أي مدى نغتال المعرفة التاريخية ومخطوطها؟ طالما أكد الرواد الأوائل للرواية التاريخية في الأدب العربي، أمثال سليم البستاني وجورجي زيدان، أن الهدف من الرواية التاريخية هو تعليم التاريخ من أجل التوجيه والإرشاد، وهم بذلك لم يقبلوا مطلقاً باغتيال المعرفة التاريخية في نصوصهم. هذه المقاربة لم تعد تتماشى مع الرواية التاريخية اليوم. ومع ذلك سعيت في رسالة النور لإيجاد توليفة تجيز لي أن أكون أميناً للمعرفة التاريخية من دون أن يمنع ذلك التفاعل مع هواجس الحاضر والانخراط فيما يفرضه السرد الوجداني والخيال. Doha El Mol الحوار يتناول الروايات التاريخية وتفاعلها مع الواقع المعاصر. يظهر أن الروايات التاريخية مثل ماليندي ورسالة النور ليست مجرد توثيق للأحداث الماضية، بل هي أيضًا أداة لفهم وتفسير الحاضر والمستقبل من خلال مرآة التاريخ. فماليندي: تسلط الضوء على العلاقة بين العرب واليهود في سياق تاريخي معين، وتبرز كيف كان الشعب اليهودي يجد الأمان في بلاد العرب مقارنةً بمعاناتهم في أماكن أخرى. الرواية توظف التاريخ لتسليط الضوء على التغيرات في العلاقات بين هذه الجماعات عبر الزمن، مما يعكس كيف أن الأوضاع قد تتغير من زمن إلى آخر. تركز رسالة النور على فترة زمنية محددة من العصر العباسي، مما يعكس محاولة لفهم كيفية تأثير الأفكار والأحداث التاريخية على الأوضاع الحالية. الرواية تقارن بين معاناة المثقفين في الماضي وصراعاتهم مع السلطة، وبين الأوضاع المعاصرة، مما يعكس نقدًا اجتماعيًا وتاريخيًا.النصوص التاريخية تشكل إطارًا لفهم الأبعاد النفسية للأفراد والجماعات عبر الزمن. تتناول الروايات تأثير هذه النصوص على الفهم الذاتي للأفراد وعلى المجتمعات بشكل عام. كما أن الرواية تسلط الضوء على كيف أن التاريخ يؤثر على الوعي الجماعي للأفراد، وتأثيره على الحاضر والمستقبل. الرواية تعكس شعور الأمان والانتماء لدى اليهود في فترة معينة وكيف يمكن أن تتغير هذه المشاعر بمرور الوقت. في رسالة النور: تسلط الضوء على الصراعات النفسية للمثقفين تحت وطأة السلطة والقمع. الرواية تعكس الإحساس بالإحباط والقلق الذي يعيشه الأفراد الذين يعارضون السلطات، مع التلميح إلى تشابه بين معاناتهم في الماضي ومعاناتهم الحالية. فالحوارمعه عالج قضايا معقدة تتطلب تفكيرًا منطقيًا متماسكًا فكل من الروايتين تستخدم النصوص التاريخية كوسيلة لفهم وتحليل الحاضر. الروايات تقدم قراءة منطقية للتاريخ عبر سبر أغوار الماضي لفهم الواقع المعاصر، مما يعكس استخدامًا منهجيًا للتاريخ كأداة تحليلية. نكتشف من خلال الحوار معه أن طرزي يقدم نقدًا اجتماعيًا من خلال رواياته، ويظهر كيف أن الهتافات الفارغة والأزمات غير المنظمة تؤدي إلى نتائج سلبية. المنطق في هذا النقد يعتمد على الربط بين الأحداث التاريخية وأثرها على الواقع الحالي، مما يعزز مصداقية التحليل. في ماليندي نشعر من خلال كلامه أنها تعكس الفروق الثقافية والاجتماعية بين الفترات المختلفة وكيفية تأثيرها على العلاقات بين الجماعات. الرواية تقارب بين تصورات مختلفة عن الأمان والصراعات الاجتماعية عبر الزمن. بينما رسالة النور تبرز الصراع بين المثقفين والسلطة، وتوفر نظرة على كيفية تطور الفكر والثقافة عبر العصور. الرواية تعكس كيفية استمرار الصراعات الاجتماعية والثقافية من الماضي إلى الحاضر. فالحوار يعكس بشكل واضح كيف يمكن استخدام الأدب التاريخي لفهم وتحليل الواقع المعاصر من خلال قراءة نقدية ومنطقية للأحداث التاريخية. الروايات التاريخية مثل ماليندي ورسالة النور توفر إطارًا لفهم التأثيرات النفسية والاجتماعية للأحداث التاريخية، وتسلط الضوء على التغيرات الثقافية والاجتماعية عبر الزمن. هذا التحليل يعكس كيف أن الأدب يمكن أن يكون أداة قوية للتفكير النقدي وفهم الأبعاد المختلفة للواقع البشري عبر الزمن. dohamol67@gmail.com
×
الروائي محمد طرزي
حمد طَرزي روائيّ لبنانيّ، مواليد بيروت عام 1983، تهتم رواياته بالتاريخ العربيّ في شرق أفريقيا، حيث نشر ثلاثية الحلم الإفريقي.حاز إجازة في القانون، وأخرى في الاقتصاد من الجامعة اللبنانية، وحصل على الماجستير في الاقتصاد المالي من جامعة لندن SOAS.مؤلّفاته الروائيّة1. النبوءة، عن دار الفارابي 2010 2. جُزر القرنفل؛ حكاية الحلم الأفريقي، عن الدار العربية للعلوم ناشرون 2013 3. رسالة النور؛ رواية عن زمان ابن المقفّع، عن الدار العربية للعلوم ناشرون 2016 4. أفريقيا؛ أناس ليسوا مثلنا، عن الدار العربية للعلوم ناشرون 2018 5. ماليندي؛ حكاية الحلم الأفريقي، عن الدار العربية للعلوم ناشرون 2019 6. نوستالجيا، عن مكتبة تونس 2019 7. عروس القمر؛ حكاية الحلم الأفريقي، عن الدار العربية للعلوم ناشرون 2021 8. سرّ الطائر الذي فقد صوته، عن الدار العربية للعلوم ناشرون 2022 9. ميكروفون كاتم صوت، عن الدار العربية للعلوم ناشرون 2023 جوائز وترشيحات جائزة غسان كنفاني للرواية، في عمّان، الدورة السادسة 2017، عن رواية جُزر القرنفل جائزة توفيق بكّار للرواية العربية، في تونس، الدورة الأولى 2018، عن رواية نوستالجياالقائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد للكتاب للدورة الثامنة 2014-2013 (رواية جُزر القرنفل؛ حكاية الحلم الأفريقي) ، القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد للكتاب للدورة الحادية عشرة 2016-2017 (رسالة النور؛ رواية عن زمان ابن المقفّع) ، القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد للكتاب للدورة الثالثة عشرة 2018-2019 (رواية أفريقيا؛ أناس ليسوا مثلنا) القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد للكتاب للدورة الخامسة عشرة 2020-2021 (رواية ماليندي؛ حكاية الحلم الأفريقي)القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد للكتاب للدورة السابعة عشرة 2022-2023 (رواية عروس القمر؛ حكاية الحلم الأفريقي) منحة "إقامة كاتب" في نيويورك، خلال موسم خريف 2022، وهو برنامج ترعاه مؤسّسة آرت أومي الأميركية للمواهب الأدبية على مستوى العالم. مصدر السيرة الذاتية موقع ويكيبيديا https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF_%D8%B7%D8%B1%D8%B2%D9%8A
الأحداث التي تحيط بأبطال روايتي لا تختلف
BY الروائي مناف زيتون
9.0
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
الروائي مناف زيتون للواء: "الأحداث التي تحيط بأبطال روايتي لا تختلف كثيراً عن تلك التي يتعرض لها ملايين البشر يومياً." حاورته: ضحى عبد الرؤوف المل يتمتع أسلوب الروائي "مناف زيتون" بالمرونة الذهنية كلعبة ذكية، حيث يجعلك في أماكن متخيلة تحاصرك وأنت تقرأ، وكأنه يشد حبال الحياة على الإنسان ليمسك به كما الحياة في رخائها وقساوتها. من رواية "قليل من الموت" إلى "طائر الصدى"، وصولاً إلى "ظلال الآخرين" التي تحيا مع أبطالها رغم شدة الوحدة أو الخروج من سجن إلى سجن وبحرية مقيدة، هي الذاكرة والوجود والأثر الباقي من الإنسان في أماكنه، مع الروائي مناف زيتون أجريت هذا الحوار: - لماذا هذا الوصف الشديد للأماكن؟ ألا تظن أننا في عصر الصورة ولا نحتاج لكل هذا الوصف؟ ربما لو كان بإمكاني إرفاق صور مع الرواية، ولكنها ليست الحال هنا. شدة الوصف في الفصول الأولى، خصوصاً، كانت ضرورية لإيصال حالة العجز المحيطة بزكريا، الأفكار المطولة المحصورة بعناصر المكان المحيط به، لنقل شعوره بالعزلة وانعكاس محدودية حركته المادية على رؤيته وإدراكه للكون المحيط به، ليصبح ضيقاً ومحدوداً كغرفته. لم أرد أن أجعله يسرح بذكرياته أو خيالاته لأسلي القارئ ريثما يخرج، بل كان لا بد من الانتصار للمادة وما تحمله من أثر ضخم على أفكارنا ومشاعرنا، بدلاً من التقليل من أهميتها وتصوير حدودها على أنها ليست ذات معنى. كان على القارئ أن يُسجن معه ويشعر بعزلته، حتى يكوّن الخلفية الشعورية اللازمة لفهم الأحداث التالية من وجهة نظر البطل، ولتراوده التساؤلات ذاتها. "- ظلال الآخرين" والحرب والوحدة والعزلة وعتمة الكوكب والعودة إلى البشرية، هل هذه سوداوية الجيل الجديد؟ في هذه الرواية حاولت أن أعالج شأناً عاماً يعنى به جميع البشر، بدلاً من تفاصيل أو أزمات محلية أو إقليمية، لأن هذه هي غاية الأدب وبيئته الطبيعية باعتقادي، وأعني الأدب الحقيقي غير المحكوم بمتغيرات آنية والمنحاز تماماً للإنسان أياً يكن. لا أدري إن كانت سوداوية أم لا، ولكن بالتأكيد إن أردنا أن نعبر عن الحال التي وصلنا إليها، من انعدام العدالة والتضييق المتواصل على البشر الأقل تمكناً، لا يمكننا أن نتوقع نتيجة مبهجة. الأحداث التي تحيط بأبطال روايتي لا تختلف كثيراً عن التي يتعرض لها ملايين البشر يومياً، من سلب الحريات والعزلة الإلزامية أو الاضطرارية، مروراً بالجهل بأسباب أو مسببي الكوارث الكبرى، وصولاً إلى تناقص ما يجمع البشر يوماً بعد يوم مقابل ما يفرقهم، وعزلهم نفسياً قبل أي عزلة أخرى. باعتقادي، الفارق الوحيد هو أن ما تعرض له زكريا وسليمى يجري في مستقبلٍ متخيل، فارق في الزمن ربما لا أكثر. - شعرت وأنا أقرأ الرواية أنني فقدت الزمن، إضافة إلى أنها تشبه اللعبة الذكية الشبيهة ببرنامج إلكتروني. لماذا هذا الأسلوب؟ فقدان الزمن هو برأيي نتيجة طبيعية لفقدان الآخرين. الزمن اليوم يعني بالنسبة لنا التفاصيل المتعلقة بحياتنا العملية، يوم العطلة أو الوقت اللازم للحصول على مبلغٍ من المال أو الحصول على شهادة جامعية أو وصول موعدنا مع أحدهم. سيرورة الزمن محكومة بالآخرين إلى حدٍ كبير، وعدد الآخرين الذين يدركهم زكريا كان عاملاً أساسياً في سيرورة الزمن بشكل خطي أو بشكل فوضوي، حيث يعبر الزمن كله دفعة واحدة واسترجاع الذكريات على شكل تراتبي، كما يحصل في الفصل الأخير حين يختفي جميع الآخرون والزمن معهم. - مناف زيتون ونتائج الحروب على الكوكب، ماذا تريد من الرواية معالجته مستقبلياً؟ سأجيب على هذا السؤال بناءً على صياغته الثانية: المستقبل المشرق برأيي ليس أكثر من جزرة توضع أمام وجوهنا لتدفعنا إلى المزيد من العمل والجهد الضروريين لتحقيق منافع أصحاب الأثر الحقيقي على المستقبل، الذي لن يكون مشرقاً على الإطلاق إن لم نحدث تغييراً جذرياً في أسلوب حياتنا، والحد من آثاره الكارثية سواءً على الكوكب أو مجموعات البشر أصحاب الإمكانات المحدودة، أو حتى على الجانب الأكثر إنسانية فينا، وأعني الفنون والثقافة بشكل عام. ما فعلته في هذه الرواية هو قطع الحبل وترك هذه الجزرة التي نجري وراءها قابلة للمعاينة، ولا أعتقد أن السوداوية التي يراها البعض في الرواية هي أكثر من الغبار الذي علق عليها. أما إن تأملنا هذه الجزرة/المستقبل من الداخل، فإن روايتي ستبدو كمهرجانٍ من الألوان مقارنة بما قد يصيبنا نحن البشر في المستقبل. على الأقل في روايتي، يرحل البشر دون ألم ودون مقدمات، الأمر المعاكس تماماً لما يحصل وسيحصل في الواقع. Doha El Mol يتضح من الحوار معه أن أسلوب الروائي مناف زيتون يتميز بالمرونة والقدرة على خلق عالم متخيل يحيط بالقارئ، كما في وصفه للأماكن والبيئات. هذا الأسلوب يعكس اهتماماً عميقاً بالتفاصيل التي تشكل الخلفية النفسية والبصرية للشخصيات. استخدام الوصف المكثف ليس مجرد أداة تصويرية، بل وسيلة لخلق تجربة شعورية تعزز من تفاعل القارئ مع الشخصيات والأحداث. من خلال رواياته مثل "قليل من الموت" و"طائر الصدى" و"ظلال الآخرين"، يظهر زيتون كاتبًا يدرك تمامًا قوة البيئة المحيطة في تشكيل تجارب الشخصيات وعوالمها الداخلية. هذه البيئة تتسم بالتوتر والعزلة، مما يعكس تماهي الشخصيات مع مشاعرهم وتجاربهم. الأماكن في روايات زيتون ليست مجرد خلفيات للأحداث بل هي عنصر فاعل في تشكيل الحالة النفسية للشخصيات. وصفه للأماكن الضيقة والمعزولة يعكس الإحساس بالاختناق والعزلة، مما يؤثر على نفسية الشخصيات ويعزز من شعور القارئ بالانغماس في هذه المشاعر. يلاحظ أن التباين بين المكان الضيق والعزلة المحيطين بالشخصيات يشير إلى التوتر النفسي الذي تعاني منه، مما يجعل القارئ يشعر بالضيق والتقييد مع الشخصية. هذا الاستعمال المكثف للأماكن يعكس صراع الشخصيات مع عوائقها الداخلية والخارجية، مما يزيد من عمق التجربة الروائية. من حديثه تشعر أن السوداوية التي تتخلل روايات زيتون تعكس حالة من القلق والتوتر المتزايد في عالم يفتقر إلى العدالة والتعاطف. الزيتون يعالج قضايا إنسانية عميقة تتعلق بالوحدة والعزلة وفقدان الأمل، وهذه المواضيع تسهم في تعزيز شعور القارئ بالسوداوية والتشاؤم. تكتشف أيضاً أن الأسلوب الذي يتبعه زيتون في التعامل مع الزمن والذاكرة يعكس كيفية تأثير الماضي على الحاضر. فقدان الزمن الذي يشعر به القارئ أثناء قراءة الرواية يمكن تفسيره على أنه انعكاس لفقدان الشخصيات للاتصال بالعالم الخارجي والآخرين. الزمن في الرواية لا يسير بشكل خطي بل يتخذ أشكالًا متقطعة وفوضوية، مما يعكس الفوضى النفسية للشخصيات. مستقبل زيتون في رواياته لا يظهر كتحقيق لآمال مشرقة بل كجزء من رؤية أكثر واقعية. تعبيره عن المستقبل كـ "جزرة" تُستخدم لتحفيز العمل والجهد يعكس رؤيته للتحديات الكبرى التي تواجه البشرية. الروايات تطرح دعوة للتفكير في كيفية مواجهة المستقبل عبر تغيير جذري في أسلوب الحياة، مما يعكس نظرة زيتون إلى الأدب كوسيلة للتغيير والتحفيز. يقدم الروائي مناف زيتون من خلال أعماله الأدبية تجربة عميقة تجمع بين الوصف الدقيق للأماكن وتأثيرها النفسي، وتناول سوداوي لمشاكل إنسانية معقدة. أسلوبه في التعامل مع الزمن والذاكرة يعكس التوترات الداخلية والخارجية التي تعاني منها الشخصيات، ويحفز القارئ على التفكير في التحديات المستقبلية وكيفية مواجهتها. إن تناول زيتون لموضوعات الوحدة والعزلة والتغيير يعكس رؤية أدبية متعددة الأبعاد تتناول قضايا إنسانية عميقة تتجاوز حدود الزمن والمكان. dohamol67@gmail.com
×
الروائي مناف زيتون
المعلومات الشخصية: الاسم الكامل: مناف زيتون مكان الولادة وتاريخها: دمشق في 13 أكتوبر 1988 الجنسية: سوري السيرة الحياتية: خريج كلية الإعلام في جامعة دمشق. صدرت أولى رواياته “قليل من الموت” عام 2013، وأدرجت في القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد – فرع المؤلف الشاب. إضافة إلى الكتابة، يعمل زيتون صحفيًا ومترجمًا مستقلًا مع عدة مؤسسات ووسائل إعلام عربية، وسبق له إدارة تحرير المجلة الثقافية الاجتماعية السورية (الحياة الجديدة) وموقع (بلوكة .كوم) الذي توقف عن العمل سنة 2017. له عدة نصوص إلكترونية منشورة على مدونته الشخصية، ومن بينها سلسلة القصص القصيرة المعنونة “الفزاعة”، وسلسلة النصوص النثرية والشعرية المعنونة “مادلين”. النتاج الروائي: • “قليل من الموت”، 2013 • “طائر الصدى”، 2014 أما ما قاله عن في مدونته : ولدتُ في نهار عادي إحداثياته 13 تشرين الأول/أكتوبر 1988 في دمشق، حصلتُ على بكالوريوس في الإعلام والاتصال الجماهيري، ومارستُ الكثير من الأعمال، معظمها في مجال الصحافة ولم تتضمن الاستيقاظ باكراً. أحبّ قراءة الكتب والمدونات والمقالات والأخبار والمكونات على علبة الشامبو وصفحة الشروط والأحكام التي لا يقرؤها أحد، وأحبّ الكتابة لدرجة أنني مارستُ حماقة النشر، وصارت لدي أربع روايات معلقة كفضيحة على رفوف المكتبات ومعارض الكتب. إضافة لهذا الموقع، أقوم بتحرير مدوّنة تكنومالي المتخصصة في الاقتصاد والتكنولوجيا والكريبتو. هذا الموقع مساحة حرّة أكتب فيها منفرداً بعيداً عن أعين المحررين، كما أسهّل فيها مهمة التعرف على فضائحي-رواياتي وكيفية الحصول عليها. جميع الآراء الواردة على هذا الموقع تعبر عني في لحظة كتابتها، وكأي إنسان لا تعبر آرائي الماضية عن أفكاري في الحاضر بالضرورة. مصدر نبذة من سيرته الذاتية موقعه الخاص أو مدونته https://manafz.com/about/
التفاصيل المهمّة التي تكدّس الرزايا في يوميّاتنا
BY الروائي سليم البطي
9.0
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
الروائي سليم البطي لـ «اللواء»: نعم، المشهد السوري واحدٌ من التفاصيل المهمّة التي تكدّس الرزايا في يوميّاتنا حاورته : ضحى عبدالرؤوف المل تتساءل وأنت تقرأ رواية «لن أغادر منزلي» الصادرة عن «دار نوفل» للروائي سليم البطي عن زمن السلام المتحجر أو المنتظر وهو يغط في سبات شتوي. إذ يخرج طفل التفاحة من الأزقة ويهرول نحو المجهول دون أن يدرك أن الحروب استنزفت الأجيال من بعده. ففي الرواية يظهر الارتباط الشديد بين الوطن والأم في الكثير من القضايا اللاشعورية التي تلمس جراح الإنسان ما بعد الحروب أو نتائج صراعات البشر ضمن رواية هي مشهد حالي لأمة عربية ما زالت تعاني من الجراح والمآسي والأمراض، ما يجعلها في حالة مرضية مستعصية. ومع الروائي سليم البطي أُجري هذا الحوار: - هل تنتقد المشهد العبثي السوري وهل هذا خاص بسوريا؟ لا أعتقد أنّني من هواة النقد وتحديدًا السياسي. لم أفكّر يومًا في أن أكتب لأنتقد حالة معيّنة في المجتمع. وبالعودة إلى الرواية، سيلاحظ القارئ صورة مصغّرة عن الشارع العربي بشكل عام مُستخلصة من واقعنا. نعم، المشهد السوري واحدٌ من التفاصيل المهمّة التي تكدّس الرزايا في يوميّاتنا، ولكن بالمقابل سنجد تجسيدًا للشارع اللبناني في زمن الحرب الأهليّة وفي الزمن الحاضر، ناهيك عن التطرّق للأزمة العراقيّة بعد الاحتلال. - "لن أغادر منزلي" والخروج قسراً بات مشرعًا في زمن الثورات، ما الجديد؟ عليّ أن أسأل هذا السؤال. فعلًا، ما الجديد؟ هل ثمة ما هو جديد في حياتنا؟ لا أعتقد، لذلك فمسألة الهجرة القسريّة أو حتى الإراديّة هي مشكلة تؤرّق الكثيرين، ولم نستطع في زمن ما قبل الصقيع العربي (لم أرَ ربيعًا يُذكر)، وخلاله وبعده أن نتخلّص من مأزق المغادرة وترك منازلنا وذكرياتنا وذواتنا. لطالما شغلني موضوع التنحّي عن الوطن والانجراف في دقيق الغربة غير منخول الوجع. ربّما لأنّني أحد ضحايا الهجرة التي حنّطتني بالانهزام وفتّقتني ألف مرّة وأعادت خياطتي بإبرة الوحدة بعيدًا عن بيروت التي كانت ملهمتي في رواية «لن أغادر منزلي». - ملأت الرواية بتصوير جمالي ملفت رغم مآسي ما تطرحه، ألم تخف من القارئ؟ بل خفت على القارئ وليس منه. ففي الوقت الذي كانت مجمل حوارات وأحداث الرواية مأساويّة ومزّينة بالأوجاع، أتت اللغة لتحصر القارئ بين هلالين، اللغة المشحونة بالألم والحدث نفسه الصارخ من بين الأسطر، وهذا فعلًا ما وصلني من القرّاء الذين تفاعلوا مع الشخصيّات وصدّقوا تفاصيل العمل سواء كان الحدث سياسيًا أو اجتماعيًا أو أسريًا. - ما أكثرهم الآباء والأيتام، لماذا هذا العتب الروائي المشحون بالكثير من التبطين؟ في وجداني عتب كبير على الحياة بشكل عام وعلى البشر بشكل خاص، حتى وإن كنا نحن من نحفر مجرى الحياة بإزميل القسوة. لم أحاول أن أبطّن شيئًا، على العكس... أشعر أن أفكاري كانت مباشرة ما أزعج الكثير. فعلى سبيل المثال، عديد القرّاء لم يتقبّل فكرة عرض صورة الأم وتشخيصها بهذا الشكل السلبي. وهذا شيء محزن لأنّ الأم في النهاية بشر والبشر خطّاء بطبعه، فأردتُ من خلال الرواية معالجة هذه المشكلة وتقريب القارئ من الصورة الحقيقيّة للإنسان بمعزل عن مكانته الاجتماعية أو الأسريّة أو ما إلى ذلك. - لعبة فنية روائية مدروسة بدقة فيها الكثير من الدهاء للترغيب والتأثير بالقارئ أم اعتبرها تكنيكًا خاصًا بك؟ صدّقيني، لم أكتب في مشواري الأدبي القصير كلمةً واحدةً لترغيب القارئ في نتاجي. أكتب بصدق يصدمني أحيانًا. أذكر اليوم الأول بعد توفّر الرواية في المكتبات. قرأتها ودخلتُ غرفتي ولم أغادرها لأيام. جملة وحيدة ردّدتها مع ذاتي: "ماذا فعلتُ بنفسي"؟.. Doha El Mol من خلال تحليل الحوارتشعر أن البطي يتميز بأسلوب روائي غني وعاطفي، حيث يعكس الروائي سليم البطي اهتمامه العميق بالتفاصيل الحسية والجمالية في روايته. من خلال استخدام تعبيرات مثل "المشهد السوري واحدٌ من التفاصيل المهمّة" و"ملأت الرواية بتصوير جمالي ملفت"، يمكن استشعار أن البطي يسعى إلى تقديم تجربة قراءة تدمج بين الجماليات والتراجيديا. هذا يخلق انطباعًا قويًا لدى القارئ حول أن الرواية ليست مجرد سرد للأحداث، بل هي أيضاً تجربة حسية وفكرية. تمحور الحوار حول قضايا كبيرة مثل الهجرة، الحروب، والوطنية، مما يضيف عمقًا إلى الرواية. يعكس ذلك انطباعًا بأن الرواية تعالج مواضيع ذات أهمية إنسانية واجتماعية عميقة، مما يجعلها ذات صلة بالقضايا المعاصرة والمستمرة في العالم العربي. كما يبرز البطي موقفه من النقد السياسي من خلال التأكيد على أنه ليس من هواة النقد السياسي. يركز بدلاً من ذلك على تقديم صورة تعكس الواقع العربي بشكل عام، ما يعكس موقفًا موضوعيًا يتجنب التحيز ويتناول القضايا بشكل شامل دون الانغماس في النقد السياسي الحاد. يُقدم البطي تحليلًا موضوعيًا لمشكلة الهجرة والتشرد، مبينًا أن هذه الظواهر ليست جديدة، بل هي جزء من معاناة طويلة الأمد. هذا يعكس فهمًا عميقًا لتاريخ الأحداث وتأثيراتها على الأفراد والمجتمعات. أما تحليل البطي لتصوير الجماليات في الرواية يعكس اهتمامه العميق بالتفاصيل والتقنيات الأدبية التي قد تشد القارئ عاطفيًا. هذا يشير إلى حرص البطي على الجمع بين الجمال الفني والواقع القاسي، ما يعزز الأثر الموضوعي للرواية. يشير البطي في الحوار إلى تجربته الشخصية كضحايا للهجرة، وهو ما يضيف بُعدًا نفسيًا عميقًا لروايته. تعبيراته مثل "حنّطتني بالانهزام" و"أعادت خياطتي بإبرة الوحدة" تكشف عن مستوى عميق من الألم والشعور بالانفصال الذي يعاني منه. هذه التفاصيل تعكس الألم العاطفي والشعور بالانفصال الذي يؤثر على الكتابة. وعندما يشير البطي إلى خوفه على القارئ وليس منه، يعكس ذلك قلقًا من التأثير الذي قد تتركه الرواية على القراء، وهو دليل على الاهتمام العميق بمشاعر وتفكير القارئ. هذا القلق يعكس الصراع الداخلي للبطي بشأن كيفية تلقي روايته وتفسيرها. يمكن ملاحظة أن البطي يستخدم الرواية كوسيلة لاستكشاف وتفريغ مشاعره الداخلية ومواجهة الصراعات النفسية الشخصية. اعترافه بأن اللغة والأحداث "تصرخ من بين الأسطر" يسلط الضوء على الصراع العاطفي الذي يواجهه، ويعزز من الأثر النفسي للرواية. يشعر القارىء لهذا الحوار أن الرواية تعكس تجربة متكاملة تجمع بين الجماليات الأدبية والتجربة النفسية. من خلال التصوير الجمالي والموضوعات الثقيلة، يعكس البطي تجربة إنسانية مليئة بالتحديات. تعبيره عن الألم والهجرة يعكس بُعدًا نفسيًا عميقًا يساهم في تشكيل التقدير الأدبي للرواية. من خلال مزيج من الأسلوب الجمالي والمواضيع الصعبة، تخلق الرواية تجربة قراءة متكاملة تؤثر على القارئ على مستويات متعددة. من الممكن أن يشعر القارئ بالتعاطف مع الشخصيات والأحداث، مما يجعل الرواية تجربة نفسية وعاطفية مؤثرة. فالرواية تتناول قضايا اجتماعية وثقافية معقدة تعكس الواقع العربي، مما يساهم في تقديم فهم أعمق للتجارب الإنسانية المشتركة. الأبعاد الاجتماعية في الرواية ترتبط بشكل وثيق بالتحولات الثقافية والسياسية في العالم العربي، مما يعزز الأثر الثقافي للرواية. بالنهاية ، يمكن القول إن الرواية وحوار البطي يعكسان تجربة أدبية ونفسية عميقة، تعكس همومًا اجتماعية وثقافية معقدة. dohamol67@gmail.com
×
الروائي سليم البطي
سليم بطي أديب وكاتب لبناني ولد في بيروت عام 1987. صدر له في بيروت رواية لن أغادر منزلي ورواية فونوغراف عمل في منظّمة MCC لدعم اللاجئيين العراقيين والسوريين في شمال أميركا. ساهم في حملات توعية عديدة ضد الجندرة وحاضر في حقوق الإنسان والمرأة والطفل. صدر له عن الجامعة المفتوحة للدومينيكان حيث حاضر في الأدب الإنجليزي كُتيّب بعنوان مشكلات الترجمة العلميّة.حياته ولد سليم بطّي في بلدة تنورين في شمال لبنان وبعدها غادر إثر الحرب الأهلية اللبنانية إلى لندن وأكمل دراسته في مدرسة بيدفورد الداخلية حتى تخرجه منها في عام 2004. أكمل دراسته الجامعية في اللسانيات اللغوية في لندن وغادر بعدها إلى دبي لدراسة الأدب العربي. في عام 2016 هاجر إلى كندا وبدأ دراسة النقد الأدبي هناك. أعماله ضجيج (مقالات 2009) مشكلات الترجمة الأدبية (دراسة 2011) علم الدلالة في الترجمة العلمية (دراسة 2012) رواية لن أغادر منزلي (2017) رواية فونوغراف (2018) ثوب حداد ملون (2019)
«
21
22
23
24
25
»