Movie
Series
Books
Paintings
Article
Anime
Interviews
Theater
Login
 
Contact Us
 
جماليات الإيحاء وأسفار اللون في المعاني التورات
BY Writer Doha El MOL
9.0
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
جماليات الإيحاء وأسفار اللون في المعاني التوراتية ضحى عبدالرؤوف المل إن الإحساس بالأطياف اللونية هو انبثاق للحركة عبر التدرجات الضوئية ، وانعكاساتها المثيرة لنشوة الحس الجمالي عند كل فنان دون استثناء، فإشكالية الموضوع في كل لوحة تضيف إلى التاريخ الفني نموذجا يحتذى به. لتكون ضمن المتاحف العالمية كهمزة وصل تنطق بمقاييس رفعت من قيمتها الجمالية. لتتآزر محاور الجمال وترتكز على مفهوم نسبيز ربما هو الجزء الأهم من اللوحة التي تحتاج إلى بصر يفهم شيفراتها، لتتعرى مقاييسها وندرك أهميتها ، فالشكل البنائي المتفاوت في حركته وتطلعاته ونسيجه اللوني يشكل بإبعادة مستويات عديدة ذات مفاتيح بصرية تختلف في الفهم والمعرفة والأسلوب المرتبط بعناصر البناء الفني، لتتسق المفردات مع تطور والخطوط والألوان، وتولد اللوحة قوية بأركانها الواعية ومحاور ارتكازها المشدودة إلى بعضها البعض، وربما هذا ما استفز بي قراءة لوحة " الرضيع "التي تتدفق فيها الحياة من عتمة يصنعها القدر، ليولد الضوء في لحظات ترسم الأمل لظل مطمئن رغم الخوف الداخلي ، فتظهر الأشكال في أبعادها، وكأنّها مخلوقات خالدة تحيا أكثر مما يحيا الفرد البشري، وهي ضمن لوحة تظللها الخطوط، والأشكال الهندسية لتتناغم الكتل والتموجات اللونية، فتعطي الحياة لوجوه نتأملها، ونحاكيها لنرتقي في سمو فكرة ولدت من مخيلة رسام رأى في الظل والضوء عتمة ساحرة، ليتدرج الضوء من ريشة انطباعية تحدد المفاهيم لفن تشكيلي حمل اسم "جورج دولاتور" رأيت اللوحة صدفة، بعد أن قرأت عنها في رواية أصابع لوليتا للروائي "واسيني الأعرج" فبناء الرواية المبني على لوحة "المجدلية" لهذا الفنان جعلني أدخل مكتبة العم غوغل وأبحث عن لوحات "جورج دولاتور" هذا !..لكنني فوجئت بجمال لوحة "المجدلية" كما بهرتني لوحة "الرضيع" التي تأملتها حتى ساعات مع موسيقى بيتهوفن، لأشعر بشريط ذكريات مرّ أمامي كأنه فيلم مصور عن كل مراحل أمومة عشتها وحتى إحساسي بالرضيعة حفيدتي وهي بين يدي ابنتي.. شفافية، وانعكاسات ضوء على الوجوه يزيل الظلمة عن القلوب القاسية، وكأنه يبرز الحالة النفسية للمرأة الممتلئة بالعاطفة، بل لون الحقيقة الداخلية التي تنعكس من مشاعر شخوص لوحته في توحد كامل مع كل أركان اللون والقياسات ، والأبعاد في معان يقينية وتفاعل اللون الأبيض، وكأنه يرمز لصدر المرأة المغمور بضوء الحياة. بل بنور ينبع من نقاط جمالية محددة بدقة، وفلسفة عالية. لتتجسد رؤية الرضيع في خيالنا وتتطور في مفاهيم دينية أو ربما أسطورة، وكأن الكف المكوّرة التي تمتد لتمسح وجه الطفل هي كف أ م موسى وهي تلامس طفلها قبل أن ترميه أخته في اليم. إن نقاء اللون يضفي على النظر جواً نفسياً يبعث الطمأنينة والإحساس بالأمان، وكأن شاعرية الحركة في الأحجام المدروسة تتفاعل مع النظر والإيقاع اللوني أو الشمسي إن صح التعبير، فدرجة السطوع في اللوحة تشبه مراحل الغسق الأولى في توحد تام مع انفعالاته النفسية والحسية التي وصلتنا من داخل وخارج اللوحة! وكأن الذاكرة البصرية تستعيد مراحل رسم الرضيع الجنينية، وحتى الولادة في امتزاج اللون الإشراقي من ثوب الفتاة التي تحمل الطفل وحركة أصابعها. لتمتزج القوى الحياتية المنبعثة من ثلاثية العناصر الموجودة، فينبعث النور وكأنه يقول"ليكن نوراً" إن للفن التشكيلي لغة تؤثر بالحواس التي تتلقى العمل الفني وتوزعه بالتساوي على كل العناصر الحسّية، لتندمج مع الرؤية القادرة على إتقان العمل الفني بكل مراحله الإبداعية التي تجعله كقطعة موسيقية أو رواية أو قصة قصيرة أو أسطورة ذهبية نتأثر بها ونعيش مراحلها، لتبقى في مخزون الذاكرة كضوء في عتمة أو ظل يخترق كل صلب لطيف نموذجي يستطيع تحوير الرؤية ليخلقها مجدداً من ذاكرة الخيال. يقول بيكاسو:" الطبيعة والفن شيئان مختلفان ولا يمكن أن يكونا الشىء نفسه". بحثت عن الفراغ في اللوحة لأجد أنني سابحة داخل نظرة الأم التي تنظر إلى وجه ابنتها، أو تلك الراهبة المتتلئة نعمة وحنان، فالتوازنات المدروسة للكتل في الفراغ أظهرت بدقة الفكر الفلسفي لنظرة الفتاة وتقاسيم وجهها المرسومة بما يناسب عمرها، فالأعمار كالأحجام لكن الأولى حسية زمنية والثانية ملموسة واقعية ، لنشعر بالفرق الزمني بين المراحل الثلاثة في اللوحة بينما هو وضع نقطتين بدأ منهما في رسم لوحته الساحرة. استهدف جورج دولاتور الروح الطاهرة المحملة بمضامين تستهدف جوهر المرأة ، واللون، والعتمة، والضوء، والظل، ليسطع سطح اللوحة بوهج الحياة، ونشعر بالسكون الداخلي المنبعث من خارج اللوحة إلى داخلها ليعكس المضمون الإنساني، وفي ريشة رسمت أتقنت! أبدعت، وتجردت من كل شوائب اللون عبر عناصر محددة تولّد انعكاس لوني في تقنيات واقعية معينة اعتمدت على تناقض الضوء والظل ،فنحن نعلم أن الضوء لا يخترق الأجساد لكنه يعكس عتمتها فيحولها إلى ظل ليختصر كل التفاصيل الأخرى.. بالإضافة إلى ذلك اهتمامه بمعايير الجودة العالية التي يتقنها لتكوين غموض مُلفت في كل لوحاته لنتساءل ما هذا الجمال؟ فالعناصر البصرية المشدودة كألياف سمعية أو كوتر يعزف أكثر من نغمة، فيخفي أي خلفية حركية لوصف طبيعي، لكنه حي في لوحاته رغم بساطة المشهد. إلا أنه حاد على حدقة العين وعلى الطفل الحديث الولادة في أسلوب أبرز قدراته في قوة درجات اللون المعتم، والمضاء لأن الطفل المقمّط يضىء وجهه النورمن طاقة تعكسها الشمعة المخفية خلف كف السيدة، وكأنها لوحة دينية تمثل العذراء وابنها مع قديسة هي الأم الحنون التي استطاع تجسيد مخاوفها وتسليط الضوء على الأنف والفم المفتوح ، لنشعر بمخاوفها على وليدها، فالشعلة!... كخفقان القلب المخفي مع الألوان ! الأحمر، الأبيض، الأرجواني، وخليط مركب من البني غير الظاهر تقريبا. ألا بنسبة مدروسة ليستعمل اللون الأبيض في رمزية الطهارة التي تغلف الرؤية كلها لتتفاعل يديها في إيحاء أمومي إ لهي يبدو أكثر وضوحاً لو نظرنا إليها من مراحل مختلفة. كما في لوحة عشاء في عمواس..لكارافاجيو وهي عبارة عن موجات ضوئية تتلاعب مع الإحساس البصري في تصوير ديني انبثق من فكر إلهي، لا يخلو من الخيال رغم واقعية كل نقطة في لوحة "عشاء في عمواس" للفنان الإيطالي " ميكيلا نجلو ميريزي" الملقب " كارافاجيو " فالتأثير المباشر في هذه اللوحة على البصر يعتمد على اللون الأبيض الذي يستقطب انتباه كل الألياف البصرية للناظر إليها، في دراما مسرحية ذات إ ضاءة تجعل اللوحة تبدو أكثر امتداداً، وكأنك تقف وراء الكواليس تتابع الأحداث بدقة. فاللقطة تخبرك بالحدث لأن التفاصيل الواضحة، والدقيقة تملأ كل فراغ بالحركة، لنشعر بعمق المفهوم الديني في مضمون لوني تعبيري لا ينفصل عن الشكل النابض بالحيوية والحياة، وكأنك تسمع وترى في توافق مشدود بين الداخل والخارج وبين الريشة واللون وبين الخط والنقطة .. ينابيع لونية حارة، نقية وصافية تشبه قرية عمواس، إلا أن تناغم اللون الأبيض لمس الضوء في انعكاس لعتمة، وظل ارتسم على المائدة التي امتلأت بالخيرات، وهي تتميز بألوان الطبيعة وفق علاقة جدلية بين الطبيعة والإنسان والواقع، لعتمة تتخللها نظرات عيون تختلف من عنصر لعنصر، ومحاكاة فنية شبه فوضوية لعبقرية استطاعت التمييز في إظهار تجاعيد الوجه، والإيحاءات المرتبطة بحركة اليدين، وغموض نظرات تبحث عن يقين داخلي في وجه يراه، وثوب أخضر يشبه الجسد الممزق لنفس تعاني من صراعها الوجودي بين الخير والشر،واليقين والشك، فكل حركة في اللوحة مرتبطة بتناغم الوعي، والفكر الديني الفطري الذي يجعلنا نترجم اللوحة في خصوصية دينية نراها وقد أتقن فيها الأداء الحركي للحواس في عيون تفتحت لرجل يتفحص الوجه الملائكي وقبضة يديه تمسكان بالكرسي بقوة .. تجسيد لأفكار ورؤى إنجيلية ذكرتني حتى بأخوة يوسف، في بساطة استمدت من اللون والظل حقيقة واقعية، فالألوان تثير النشاط الذهني لمن يقرأ اللوحة من مختلف تصوراتها التي انبعثت من عقل فنان جعل من العتمة مساحة ضوئية ممتدة، ومن الخطوط صوراً متعددة تحدد ملامح الكتل الموجودة في عمل خلاق يضفي البهجة لعيون تتأمل الأداء التقني، الفني في تناسب وتوافق، وتناغم يرتبط بلغة تعبيرية لونية، لنستحضر الزمن الماضي إلى الزمن الحاضر في حوار انفعالي اشتعل مع لون القميص الأحمر النابض بالحياة، وكأنه قميص يوسف الذي أعاد البصر ليعقوب، ليتلاقى الشكل واللون مع المضمون والإيحاءات الخفية في لوحة ذات محور جمالي يحافظ على الأشكال الهندسية البشرية، وكأنها لغة فنية تفهمها حاسة النظر التي تكتشف الخيال وأثره على الواقع والطبيعة من حولنا في دقة وصفية بنائية رسمها" كارافاجيو" فاليدان المفتوحتان على خط واحد والتي تتداخل وتتناغم في إيقاع حركة الأنامل التي نشعر بها في ديناميكية إشارات هي على قدر عال من التقنية. إن اللون الأحمر أكثر الألوان التي تشير إلى قوة الحياة خصوصاً حين ينخفض ضوء الشمس، فهو جعل الأحمر لوناً صافيا جذاباً للعين، ليترك لون الطبيعة الأخضر في لباس شخصياته المتناظرة في تقنية استخدم فيها الضوء والظلام ليخلق تأثيراً ذات أبعاد ثلاثية. يقول أرسطو: إن الألوان ربما تتواءم كما تتواءم الأنغام بسبب تنسيقها المبهج" فالانسجام والتشابه في تضاد استعمله أدهش البصر. لأنه استطاع إبراز التباين في تقنية جمعت الأحمر مع الأخضر، مما أضفى على اللوحة تناغماَ ولمعاناً زاد من القيمة الضوئية المتداخلة في العتمة لينعكس الظل وفقاً للعين التي التقطت اللون الأبيض الممتد على المائدة ، والحوار الداخلي لنشاط ذهني يجعلك تستحضر شحنات دينية وتاريخية، وأدبية لأحداث مشابهة ترتبط بذهنية الفنان وذهنية العين المبصرة لهذه اللوحة مع إدراك بصري متناسب ومتوافق. بل ومنسجم مع طاقة اللون التعبيرية، والتي تثير العواطف الإنفعالية، فنرى في الوجه الملائكي طيف يوسف أو الطفل يسوع أو رحلة المحبة والسلام. يقول ويليام بزيونيس:" ليس هناك نظام معين أتبعه حين أشرع في الرسم، فكل لوحة لها طريقتها في التنامي. قد يبدأ أحدهم بمساحات لونية على القماشة، والآخر بعدد لا يحصى من الخطوط، وثالث بغزارة في الألوان. وكل من هذه البدايات يوحي بشىء ما حالما أتلمس هذا الإيحاء أبدأ بالرسم عفويا. وحينئذ يمسي الإيحاء شبحاً يجب الإمساك به وجعله حقيقة. وبينما أنا أرسم، أو حين تنجز اللوحة يكون الموضوع قد كشف نفسه."لكن كارفاجيو وضع الفكر الإلهي في مخيلته وأسقطه على الواقع الفني في اللوحة. إن قوة اللون وتدرجاته تبرز أهمية حوار العناصر،ولتصبح الخطوط أكثر تحرراً في تداخلاتها وتفاصيلها، ويحولها إلى شكل لغوي يتوافق مع النص التوراتي أو التاريخي ، " فكارافاجيو" امتلك الأداء المتقن وسيطر على تقنية فرشاته. بل تفرد في تقديم لوحات ذات خصائص فردية تظللها العتمة والضوء ولون أبيض كوقفة موسيقية قادرة على إثارة الدهشة، فالفاكهة على الطاولة هي كتلة ساكنة تعددت ألوانها في تقارب يعكس ألوان الثياب، لتصبح حركة البصر متساوية مع خطوط اليدين لتوليف حركة تعبيرية هندسية، فالتراكيب وحركات اليد تجسد تدفق الخيال في إيحاء استمد واقعيته من ملامح شخوصه التي استطاع إبرازها في إيقاع حيوي وتقنية واعية ربطت بين المضمون والشكل، ليتحرر العمل من الانفعالات الداخلية إلى الأشكال الخارجية لمادة نصية توراتية أعطاها اسم "عشاء في عمواس" Doha EL mol
×
Writer Doha El MOL
ضحى عبدالرؤوف المُل كاتبة وروائية لبنانية وعضو اتحاد الكتاب اللبنانيين . وصحفية في جريدة اللواء لبنان القسم الثقافي.. ولدت في طرابلس لبنان في الواحد من تموز عام 1967 في حارة البقار التي احترقت في الحرب اللبنانية وهجرها أهلها كما تهجّرت هي في صباها منها عام 1982 ونجد تأثرها بذلك في روايتها زند الحجر .. درست علم النفس والتربية الحضانية مارست التعليم لمدة 18 عام. بدأت الكتابة عام 2007 في جريدة الانشاء طرابلس بعد ان قدمت استقالتها من التعليم والتجميل الذي مارسته مدة 9 اعوام الى جانب التعليم 18 سنة. لتتفرغ للكتابة منذ عام 2007في الكثير من المواقع والجرائد السعودية والعراقية والعمانية واللبنانية . بداية تحت الإسم المستعار وردة الضحى أحيانا وأحيانا أخرى ضحاه وتقول عن ذلك " بدأت باسم مستعار لحماية الهوية الشخصية من معرفتها، وذلك لاستمتع بحرية التعبير عن الحب كامرأة شرقية توفّر حماية نفسها من القيل والقال وأنا ربة أسرة قبل أي شىء آخر " عملت عام 2009 في الصحافة فكتبت في جريدة المدى العراق وفي جريدة الصباح العراق والقدس العربي والمجلة العربية السعودية والمعرفة السعودية ومرايا عمان ومجلة نزوى وجريدة اللواء وغيرها ... بدأت كصحفية في جريدة اللواء في القسم الثقافي منذ عام 2012 حتى الان ... ابرز اهتمامها النقد الفني ...أصدرت سلسلة همسات وردة الضحى وتضم _ كتاب الوردة العاشقة عام 2007 _كتاب أماسي الغرام عام 2008 (جروس برس ) كتاب رسائل من بحور الشوق عام 2012 (جروس برس )وسلسلة همسات وردة الضحى كتبتها في فترة المراهقة واحتفظت بها لتنشرها عام 2007 كنوع من الأدب الخفيف الذي يجمع بين الرومانسية والخيال والأصوات الخافتة الخجولة وكأنها كتبتها بسرية وحميمية ، وهذه الكلمة تستخدم عادة للإشارة إلى الأحاديث الخاصة أو الرومانسية والحميمية وتقول المُل عنها :" همساتي كان يقرأ أبي ليلا لأني كنت أكتبها وأضعها تحت وسادتي لهذا احتفظت بها فهي من مذكرات مراهقة تخاف الجهر بمشاعرها فكانت همساتي " _كتاب اسرار القلوب عن( مركز محمود الادهمي) عام 2015 _ مجموعة قصصية هي في قبضة الريح عام 2016 (دار الفارابي ) _رواية زند الحجر عام 2018 (دار الفارابي ) كتاب رحلة يراع عن( دار سابا زريق) عام 2019 رواية الواعظ عام 2020 عن (دار الفارابي)... وقد حازت رواية زند الحجر اهتماما واسعا لدى القراء والنقاد والصحف وكذلك رواية الواعظ وايضا كتاب رحلة يراع الذى لاقى اهتماما من طلاب المدارس كما اقامت ندوات كثيرة عن كتاب رحلة يراع في مكتبات المدارس في طرابلس/ لبنان من ضمنها ثانوية القبة الرسمية وغيرها .... رواية نوريس صدرت عام 2023 عن المكتبة الحديثة للكتاب وكتاب تعابير غامضة عم دار الجندي في مصر وهو مجموعة مقالات فن التشكيل وحوارات وكتاب لمح بصري من سلسلة انتباهات فن التشكيل عن دار الجندي للنشر والتوزيع مصر وأيضا توازن بصري وجذب بصري وخطف بصري .... لها عدة لقاءات تلفزيونية عبر تلفزيون لبنان وقناة mtv وقناة مريم وقناة otv ادارت العديد من الندوات فاستضافت الكثير من الكتاب والفنانين في الرابطة الثقافية طرابلس كالكاتب والروائي السوداني امير تاج السر والروائي والقاص العراقي نزار عبدالستار والروائية الليبية نجوى بن شتوان والشاعر المصري عاطف الجندي وغيرهم... لها العديد من المقالات في الانطباع النقدي في الفن التشكيلي والدراما والكتب الروائية والفكرية وغير ذلك والانطباع النقدي هو التقييم الشخصي الذي لايقوم به الناقد الأدبي أو الفني عند مراجعة عمل ما، مثل كتاب، فيلم،مسرحية، أو قطعية موسيقية . يعبر الناقد من خلال هذا الانطباع عن رأيه الخاص حول جودة العمل، نقاط قوته وضعفه، وأثره على الجمهور.يتضمن الانطباع النقدي عادة . تقييم الجودة : تحليل مدى جودة العمل من حيث الكتابة، الإخراج ،التمثيل، أو الأداء الفني. نقاط القوة والضعف: تسليط الضوء على العناصر التي تميز العمل إيجابياً وسلبياً. التأثير العاطفي والفكري: تقييم مدى تأثير العمل على المشاهد أو القارىء من الناحية العاطفية والفكرية . المقارنة: مقارنة العمل بغيره من الأعمال المشابهة أو السابقة لنفس المؤلف أو الفنان . التوصية: توجيه توصية للجمهور بقراءة أو مشاهدة العمل أو تجنبه بناء على التقييم النقدي بالنهاية تقول : الانطباع النقدي يعتبر مهمًا لأنه يساعد الجمهور في اتخاذ قرارات مستنيرة حول متابعة أو تجنب الأعمال المختلفة .. لهذا أنشأت الموقع الإنطباعي النقدي وهذا الرابط الخاص به https://www.sunriseimpact.com/books.php
تأرجح بين الجودة الفنية والحركة التسويقية
BY Writer Doha El MOL
8.0
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
تأرجح بين الجودة الفنية والحركة التسويقية (عام 2013) الجمعة,3 كانون الثاني 2014 الموافق 2 ربيع الأول 1435 هـ الحاجة إلى متحف فني يؤرشف ويعرض على مدار السنة قضايا الفن التشكيلي المتأرجحة بين الجودة الفنية والحركة التسويقية في لبنان عام 2013 يتواصل الجدل حول قضايا الفن التشكيلي، فتتصف المعارض بصفات شتى منها التجارية البحتة، ومنها تلك التي تبحث عن الجودة والنوعية، ومنها من يستطيع اتقان الفن التجاري لتسويق لوحات ذات مقاييس فنية تستحق أن تتواجد بمعرض دائم أو متحف فني، ومنها ما هو قادر على تشجيع المواهب والبحث عن مجالات فنية عالية الجودة تتصف بالأهمية، لانها تعالج قضايا اجتماعية أو سياسية أو أدبية أو حياتيه بلغة فن تشكيلي يسمو بالحواس نحو جماليات موضوعية. ليتخطى المتلقي الحواجز القرائية للوحة باعتبارها نصا بصريا مفتوحا على تأويلات متعددة، فهي تمثل في حد ذاتها مواضيعا فنية ذات هندسة تعتمد على تقنيات متعددة. تمنح المتذوق مسافات تخيلية مدهشة خصوصا الهندسية والجيومترية بامتياز، فهي تفتح افاق البصر نحو فضاءات قوية التأثير من معاييرها اللونية وأهدافها الفنية التي تتأرجح دلاليا بين الذاتي والموضوعي لتؤلف رؤية تجمعنا وتفصلنا عن الواقع في آن. مناخ المعارض تسود المعارض مناخات فنية لا تخلو من منافسات على النوعية لا على الكمية، وعلى جودة اللوحات لا على الأسماء، فبعض المعارض موشومة بمدارس فنية معينة، والبعض الآخر يستضيف من الخارج الوجوه الفنية التي تحمل صفة الجمال الفني، ليتوّج لبنان بثقافات فنية مختلفة ذات قيمة تتخطى كل الشعارات التقليدية. لنلمس بجدّية مستويات يحق لها أن يستضيفها لبنان بكل جدارة في كل عام. الا ان هذا العام أطلت علينا «هوغت غالان» وهي من أصل لبناني بأعمالها الاحترافية فنيا والمتميّزة بجماليات القلم والحبر، والألوان المختلفة مع الخطوط والزخرفة المصممة بدقة تتميّز بتداخلات تتصف بحياكة نسيجية لها أصولها التشكيلية المدهشة بكل تفاصيلها الفنية. أيضا استضاف غاليري أليس مغبغب «كاي لوكلرك» مع أعماله الفنية التي تتميّز ببساطة في الشكل مع هندسة عميقة فكريا تتوافق مع وحدة الخط رغم شفافيته وفواصله مع المحافظة على أسس علمية فسيولوجية انطلق منها «كاي لوكلرك» لتحقيق الفن التعبيري في المفهوم التجريدي الهندسي، ليخلق ابعاداً فنية أكثر عمقا ودلالية، فيصوغ أشغاله وفق أبجدياته المبتكرة، والفراغات المتكونة بين بعدين، ولونين، وشكلين، وهذا ما يثير التجدد في لوحات مساحاتها توحي بالبعد الحركي لأشكال سابحة في فضاءات لوكلرك الخاصة. ان الرؤية الفنية تتميّز بالجمال وبمؤثرات حسيه تدفعنا نحو تأملات فكرية تثير المعرفة لنستكشف ببساطة غموض الأساليب الفنية، ونستمتع بوضوحها الفكري أو الشاعري. مما يعمّق هذه الرؤية لتبدو الحضارات مقروءة بريشة الفنانين الحاملة مفاهيمهم، وتأثيراتهم، وانطباعاتهم التي تتم ترجمتها باللون والخط، والمساحات القماشية أو الجدارية أو الفوتوغرافية. لتظهر أفكارهم كنص مقروء أو كقصيدة موزونة تحمل قيما جمالية أو تطرح موضوعا أساسيا، لينتقد بذلك سياسة ما كما في لوحة «جيراردو غوميز» التي تطرح موضوع الصراع السوري، وتأثيراته على المحيط العالمي بأسره، فما حملته لوحته من فنتازيات متعددة جعلتها تؤرّخ لنظرة فنية تسجل تاريخيا تواجداً فنيا تشكليا معاصراً حيث جمع فيها وجوها لأقطاب سياسية عالمية في ثورة انطبعت بصراعات أطراف سلطوية متعددة، تمثلت باللوحة من خلال الأشكال المتزاحمة والواعية فنيا لما يحدث في العالم كما حمل «منير الشعراني» لوحاته الحروفية المتميّزة بدقة الخط والاحتفاظ بأصوله وجماليته في لوحات جمعت جمالية المعنى والمبنى بالأسلوب الباحث عن زخرفة انحصرت بالنقطة والشدة والمد، وكأنه يتبع رؤية تعكس حركة (الطول والعرض) في صرامة شديدة يمارسها على القلم، لتشعر أن آداء القلم يتوافق مع حركة اليد والحرف وفقاً لسلطة العقل وأبعاده الجمالية، المشبعة بحركة كونية تظهر قوة الاتجاه أو جمال الطواف الدائري، فهو بذلك يحدد اتجاهات كل حرف يمتد أو يستدير أو ينبسط متقاربا أو مبتعد أًو رأسياً أو أفقياً أو مائلا، فتشعر بامتزاج الحروف بما يكفي لتلامس الخط اللامتناهي للنهايات والبدايات، مما يجعلك تقرأ ما هو مكتوب في اللوحة أكثر من مرة لا إراديا. الفوتوغراف يزاحم يتسع الوعي الفني على مر الزمن حيث نشهد تطوّرات في المجالات الفنية بشكل عام، ومنها الصورة الفوتوغرافية وقدرتها على منافسة الفن التشكيلي بألوانه وخاماته، فهي استطاعت تكوين مفاهيم جديدة مع التطوّرات التقنية التي طرأت على التكنولوجيا الرقمية، وخيوطها الضوئية المختلفة عن كلاسيكية زمن بدأ بتطورات تتشايه فيها النظرة الفنية ما بين الفوتوغرافي والتشكيلي. إلا ان ما حمله معرض «بسام لحود» هذا العام جعلني أدرك أن القيمة الهندسية للعمل الفني هي في فكرة تنطلق من عين تتخذ منها اللحظة وقفة فنية تجمع ما بين الخطوط والحركة والضوء والظل، ما يجعلك تقف متأملا عملا فوتوغرافيا لا يقل أهمية عن العمل الفني التشكيلي، لما يحمله من ثقافة بصرية ومخزونات هندسية وفكرية، وحتى ضوئية نلمسها في العمل الفني الجاذب للحواس برمّتها، ويثير فيك لحظة زمنية غادرتها حاضرا وعادت إليك حاضرة بغيابك، لتستمتع بتأمل تفاصيلها الجمالية وتستكشف فيها ما غاب عنك رؤيته. كما أن أعمال الفنان «ستيف سابيلا» حملت مفاهيما خاصة تميّزت بتصوير الذهن العربي والتصحر الفكري فوتوغرافيا من خلال أساليب تشكيلية ورؤى يصرية، يسعى من خلالها سابيلا اظهار تعقيدات شبكية، لصورة فوتوغرافية توضح مسعى احتلال ذهني حقيقي. تختفي فيه معالم يخاف تحديد هويتها. الا انه يترك للعدسة البحث بين الجزئيات الروحية والنفسية التي ما زالت متمسكة بالجذور المتشابكة ذات الأنماط الضوئية المختلفة، مما يجعل تباينها شبيها بالألياف البصرية أو الحزم الليفية الظاهرة، كغصون أشجار مصورة بعدسة ذات درجات ضوئية تلتقط الحركات في عتمة تنتج تقاطعات بصرية. فهل من حركة تسويقية فنية ترعى هذه الأعمال الجمالية فوتوغرافيا لتحفظها في معرض دائم، فتتبع بذلك مقاييس الجودة قبل مقاييس المبيع؟ ماذا عن التسويق؟ تنشط حركة الفن التشكيلي كل عام، ولكن هل تنشط معه حركة التسويق الفنية والجيدة لهذا الفن؟ سؤال طرحته على مديرة معرض «عايدة شرفان» وهو بين الجودة الفنية والحركة التسويقية في لبنان ماذا تقول السيدة عايدة شرفان؟ أو بالأحرى كيف هي المقاربة بين قيمة الفن التشكيلي ورواجه التجاري الحالي؟ تقول: «منذ مدة لا بأس بها تشهد مدينة بيروت افتتاح عدة صالات عرض فنية (غاليري) ونتساءل: من أجل أي جمهور ولبنان بلد صغير؟ نادراً ما تستمدّ تلك «الغاليريات» استمراريتها من الجمهور اللبناني، فعدد سكان لبنان يناهز الأربعة ملايين نسمة ونسبة المستهلكين للفن التشكيلي قليلة جداً إذ لا يكفي أن نكون من محبّي التحف الفنية بل أيضاً أن نتمكّن من اقتنائها. في الوقت الحالي، يبدو لي أن عدد الفنانين التشكيليين يفوق عدد الذين يشترون التحف. السوق يفيض بأعمال فنية دون المستوى، وغالباً ما تكون من المقاس الكبير لتبرير السعر المدرج لها. فأنا أرفض تعليقات تشبه «لا بأس إن كانت بهذا السعر». يهتمّ اللبنانيّون حالياً بالفن التشكيلي أكثر بكثير من ذي قبل لاعتبارهم أنه استثمار جيّد وهذه قفزة حسنة إلى الأمام. القاعدة الذهبية هي في أن تسعى لاستشارة قبل المغامرة في شراء أي شيء. البيع في المزاد ليس مؤشراً على قيمة التحفة، فالمزاد مواجهة بين شخصين أو أكثر ومزاحمة على قطعة معروضة. هناك عامل الصدفة والإمكانيات التي تقلب كل المعطيات الأساسية.في الختام، يمكن القول بأن سوق الفن التشكيلي بخير وأما عن القيمة الفنية وحركة السوق فالمقاربة ضعيفة». ويقول عن ذلك الأستاذ «زهير موسى» مدير معرض زمان: انه برغم الأوضاع السياسية التي طرأت على المنطقة بشكل عام وبرغم ان حركة السياحة الثقافية كانت خفيفة نوعا ما هذا العام الا ان الاقبال على المعارض كان ناشطا فنيا لأن كل فنان يمتلك خاصية به ويبحث عنها المتذوّق، وبرغم أن البعض كان يسأل عن اسم معين ليقتني من لوحاته، لكن هذا لم يمنع المتذوق من التعرّف على الأعمال التي عرضناها، والبعض اقتنى لوحات لكل فنان تقريبا عرض في غاليري، وهذا لم نشهده من قبل لكن بالنسبة للتسويق نعتمد على سياسة تسويقية معينة نستفيد منها ويستفيد منها أيضا الفنان والمقتني للوحاته». وأيضا تقول عن ذلك السيدة عليا نويهض نهرا مديرة معرض »آرت سيكل»: «إن الحركة التسويقية للفن لا تقلّل من جودته الفنّية بل تضيف من قيمة الفن والفنان معاً. على أن يكون التسويق راقياً ومركّزاً في أماكن أو وسائل خاصة بالثقافة والفن. لا يجوز للفن أن يسوّق كسلعة تجاريّة لكن بهدف أن يكون بمرأى للناس، فلا بدّ أن يُعلن عنه». كما تقول مديرة معرض «آرت اون 56» السيدة «نهى محرم»: إختياري للأعمال الفنية يترتب بالمرتبة الأولى على الجودة. إن كل عمل فني يتميّز بعناصر وأسلوب يجذب النظر ويحرك المشاعر. هذا هو محور وأساس ما أبحث عنه في الفن مما يتيح لي أن أفتح له المجال في الوسط التسويقي، وكما يقال أيضاً إن الجمال هو في عين الناظر. تنشط المعارض في كل عام بدرجات تتفاوت فيما بينها بين الجيد والمتوسط، الا انها استطاعت هذا العام حمل راية الفن السوري من حيث تواجده النوعي والموضوعي، كأعمال الفنان «بطرس المعري» في معرضه تحت عنوان غريب في مقهى النوفرة، وما تميّز به من فن حركي صامت يشبه فن «شارلي شابلن»، فاللغة البصرية في لوحاته خضعت لاختزال اللون، محاولا بذلك ابتكار فونيمات تعبيرية قوية، يمكن تصنيفها كفن مسرحي تشكيلي يجعلنا نقرأ الحوارات الداخلية بعين تبحث عن خلفية تترجم اللون كمصدر شبيه بإسدال الستارة، ليبدأ الحكواتي بالكلام، ويا سادة... يا كرام.. هذه مشاهد لها عبقها، وخيالها الحركي الكاريكاتوري، والتعبيري من ذكورية تعاني لتقديم وردة حمراء لامرأة، يحاول كسب ودّها، وفي الخلفية لوحات رومانسية واقعية انطباعية. تؤكد على الزمن الموجودة فيه اللوحة وخطوط، لاشكال ديالكتيكية تحاور وتجادل، وتثبت وجودها بقوة، وكأن وجودها أكبر من المكان، وأوسع من زمن له توليفاته وموتيفاته، وأحجامه وأشكاله التي تبرز جوانب عديدة لحي قديم في دمشق. وأيضا مع الفنان «حمود شنتوت» وما قدّمه في معرضه من معادلة ذهبية تعبيرية للكائن الحي، فهو فكرة، هو شجرة، زهرة، إنسان، غيمة، هو سمو رمزي نحو الذات حيث تنطلق الفرشاة من ذاتها لتعود الى ذاتها، وتتركنا نتفكر افلاطونيا، بلغة الحكمة البصرية التي يقدّمها، في فن تشكيلي إيمائي، تصويري له قدرة الفرد الواحد على التوحّد، بأبسط المستويات التعبيرية وأصعبها. أجيال... وتنوّع المدارس هذا لم يؤثر على الفن التشكيلي اللبناني ومتذوقيه، فبعض المعارض التي اكتظت بالفنانين السوريين بعد ثورة فرشت حتى الثلوج الا انها لم تصاب بالبرد بل ابتعدت عن النمطية، وحاولت تقديم ثقافات فنية مختلفة من نحت، وحروفية، وكولاج، وفن معاصر، وتشكيل من مدارس مختلفة. كما منحت الفنان السوري حرية التعبير بكل شفافية مع الاهتمام بالفنان اللبناني، وما يحمله من تراث جمالي وقيمة فنية تهدف الى ابراز الجمال، وإزاحة الغموض عن المعاني التشكيلية الابداعية دون النظر إلى الموارد المالية التي تدفعه للاستمرار لانه يتوجه نحو اللوحة برؤيته الفنية دون استكمال الأمور الأخرى. الا ان لهذه اللوحات صفة حضارية تمنح لبنان هوية جمالية نفتخر بها مثل أعمال الفنان «ميشال روحانا» وريشته التي تصارع كل تلوث بيئي، ليبقى الجمال في لبنان هو المبتدأ في كل لغة فنية تنطق بالدقة والرقة والرشاقة.والفنان «حسين ماضي» المتميّز باسلوبه الفني وتشابكات الخطوط الحادة في الأشكال التكعيبية او التفكيكية البنائية داخل لوحات «حسين ماضي»، ما هي الا تجريد هندسي يجعله يختزل من التعابير، ليضيفها الى اللون، وكأنه يرى الحقيقة الكونية تتجلى أمامه من خلال الرقم واحد الصحيح، والأرقام الأخرى. أو من خلال الأحرف الأبجدية وهندستها الجمالية الشبيهة بحركتها قوام الانسان، والنسبة الذهبية المرتبطة بشكله، وحجمه وكينونته البشرية، لينطلق مع الفكر نحو غياهب الخلق، وهذا ما يجعله يتمتع بمرونة فنية بسيطة جدا ومعقدة في آن. تميّزت أيضا هذا العام أعمال الفنانة «ايتل عدنان» وجمالية ذات نكهة ايقاعية هندسية توحي بالقسوة وتزخر بالعاطفة والنظام التجريدي الهندسي، المتمحور حول الشكل الموسيقي للون، والكتلة الهندسية الرياضية التي تتميّز باعتمادها على موتيفات نموذجية. وما بين القبول والرفض تميّزت أعمال «انا كاربيرو» بموضوعية جعلتنا نحلق في فضاءاتها الابتكارية، بعد أن فرضت علينا متعة جمالية دفعتنا لمتابعة كل حركة وضوء وظل، فالاسقاطات الفيزيائية على الأشكال تضعك في أوزان فراغية تفقد فيها وزنك الجسدي الحقيقي، لتدخل في رحلة تخيّلية تمنحك من ذاكرة الطفولة ما تحتاجه لتقف أمام المفاهيم التحريضية الذهنية بتماسك وخفة وحركة وانضباط، فالمشاهد التي لا تخلو من سينوغرافية وظل ترسم من خلاله صورا ذهنية انيقة وجذابة، تحمل لذة للعين وجمالية للفكر. أيضا تميّز الفنان «جميل ملاعب» وأعمال فنية تميّزت بمفهوم سيميائي لمفاهيم حياتية اجتماعية وجمالية قدّمها من خلال عين تحاكي الواقع ومخيّلة تربط الأزمنة وفرشاة تحقق للفن فطرته وشموليته، ولون يسرد مفردة لها زبجديتها داخل لوحة فطرية المعايير، لكنها دقيقة تجريديا، فهو يقدّم تاريخ كل يوم وفق رؤية فنية فاعلة ترتكز آلياتها على إدراك المتلقي، واستيعابه الحكاية التراثية أو الشعبية أو حتى لهجة منمنمات تعكس جمال الطبيعة، وتراصف العلامات الرمزية المتوالدة ديناميكيا. أما «وليد رعد» فقد ساعد فنيا على تحريض البصر لاثارة الحواس، وتجريد كوامن النفس من مخاوفها وهواجسها الايحائية، منطلقا بها نحو مدى فضائي مرئي ولا مرئي، واضعا العقل بين الوهم والحقيقة، بحركة فنية لها انعكاساتها الضوئية ذات الدلالات المعنوية والحسية، لخلق تأثيرات ذهنية بصرية تعيد الماضي، وتجدد الحاضر وتخلق مستقبلا تكنيكيا لفن معاصر يربط الماضي بالحاضر، كما يربط الضوء بالحركة وفق نظرية ثنائية تبدأ من الكل إلى الجزء لنكتشف الحقيقة. أما «جان ميشال سولف» في معرض «اليس مغبغب» فقد قدّم الميثولوجيا في فن نسبي ذي نمط أسطوري يغلب عليه أسلوب التعتيق، لتبدو سطوح اللوحة كقطعة أثرية لها رموزها التاريخية، فالمسحة اللونية الترابية الباهتة تعطي الأحساس بإشارات رمزية تعكس صوراً للحضارات القديمة أو لأساطير ممزوجة بلغة بصرية تجعلك تشعر أنها لغة الفراعنة الأولى. أيضا «وجيه نحلة» ومحاكاة اللون، أو التحاور معه برومانسية ممتلئة، وبعاطفة فرشاة هي أداة تعبير خلاقة تظهر ما بداخله من حرارة وبرودة، فتتناسخ مشاعره متآلفة منسجمة مع الحركة البارزة بين تناقض الألوان الباردة والحارة. كما استطاع هذا العام «هاغوب سولاحيان» توسيع مدى الرؤية في لوحته بوصفها اولمبية الدوائر، التي ترمز الى ألعاب متنوعة، منها الحركي ومنها الفني المرتبط بفاعلية التجانس، والمضامين التجريدية والأشكال التعبيرية، والنظم الهندسية الثابتة والمتحركة في لوحة تكشف عن جمال التناقض الحركي واللوني، لتحقق بعقلانية قوة العاطفة المنبعثة من اللون، وقوة التصميم المنبعث من مساحة ممتدة تربط الجزء بالكل، وتعنى بمسافات ضوئية لها اشراقاتها الفنية المنعكسة جماليا على الخطوطية المسيطرة على الفكرة المختزلة باللون والحركة، والضوء والانفعالات الحسية المنطقية الفاعلة في تحقيق جمالية خاصة. أما «نزار ضاهر» فكعادته في كل عام تحمل ألوانه تمازجات نارية هادئة تدهشنا بتفاصيلها التكنيكية والتشكيلية الممتعة بتجريدها، وايحاءاتها الكونية المثيرة لدهشة فكرية تعصف بالحواس. كما ان ما قدمه الفنان «زوهراب» من أسلوب تجريدي انقلابي بالنسبة لأعماله السابقة في كل عام» فهو اعتمد هذا العام على التجريد والرمز والايحاء، ولا نستطيع نسيان الفنان «فؤاد جوهر» ومائياته التي تفيض حيوية وألوانا طبيعية تنبض بالحياة، فالطبيعة في أعماله تحمل نفحة تكوينية فنية ذات جمالية تثير دهشة الحواس. وأيضا الفنانة «جاكلين اوهانيان» والأنوثة الفنية الغارقة بالمعاني النابضة بالجمال، وبشاعرية تنساب مع المفاهيم الاكاديمية التي تجعل من لوحاتها سمفونيات يستمتع البصر بتأملاتها والتفكر بها. أما جمعية الفنانين اللبنانين للرسم والنحت، فقدّمت هذا العام نشاطات فنية مختلفة، حملت من الجودة التشكيلية قيمة فنية ذات جمالية هدفت الى ابراز الجمال بعيدا عن الموارد المادية أو الربحية بالأصح، كمعرض التصوير الفوتوغرافي الذي أقيم في عمشبت، ومعرض في قصر الاونيسكو الذي ضم أعمالا لأهم الفنانين التشكليين. أما المراكز الفنية والثقافية فقد حملت معارضها أعمالا تميّزت بجمالية فنية ذات أساليب ومدارس مختلفة. الا ان الفن التشكيلي ما زال بحاجة الى مصداقية في فن التسويق تساعد الفنان على تقديم أهم الأعمال، حيث ان الاحساس بالاهتمام بالفنان يولد ابتكارات تساعد على تجدد الانتاج وحفظ لحقوق الفنان والمعارض التي تساعد الفنان على الانتشار بعيدا عن الأهداف الربحية فقط، وإنما بموازاة بين الجودة والتسويق والاحتفاظ بالقيم الفنية. نشاطات نحتية يرتبط فن النحت بالجماد أو بالأحرى بالمادة اللاعضوية التي تتأثر بلمسة تكوينية، تحمل فكرة فنية تصاحبها المقاييس الاكاديمية التي يخرج عن حدودها أحيانا. ليتبع جماليات حسية تتكوّن من عدة خطوط وفراغات، لاظهار حيوية الملامح النحتية الخاصة بأسلوب كل نحات يتميّز بقدرات فنية، كما تميّزت أعمال الفنان «رودولف شمعون» ومنحوتاته المتميّزة بخبرة هندسية، ووحدة تكرارية لها محاكاتها في تحديد شكل المثلث فراغيا، وداخل الكتلة من خلال التجويف والإسقاطات المشهدية المزدوجة. كما تميّزت هذا العام أعمال الفنان «نعيم ضومط» وأسلوب التماثل في تكوين الأشكال الهندسية، وتشابه حركي إيقاعي يداعب البصر تجريديا وتعبيريا، فنشعر كأن المنحوتة هي مسلة تائهة من الشرق أو نصب تذكاري مصغر، لعلاقة حقيقية بناها بتواصل تلقائي بينه وبين المادة، ليحاكي بتقنية يستخدمها كل خط غائر أو نافر، وخاصة تلك المنحوتة الايقاعية هارمونيا، وكأنه عازف ماهر على آلة القانون. أما ما بين الجودة الفنية للنحت والحركة التسوبقية للنحت تقول الفنانة «ثمينا سعد»: «حالة خاصة نعيشها على المستوى الفني، بالأخص الفن النحتي في لبنان، فهي تطرح إشكالية مدى تأثير غياب المعايير الفنية والدراسة الاكاديمية. الا الجودة الفنية والتعاطي مع الفن. كأنه سلعة تسويقية يروّج لها عبر أعمال لأشخاص يلتبس عندهم مفهوم الفن والحرفة بغياب الموهبة والتخصص الاكاديمي والابداعي. مما ينعكس سلبا على نظرة المجتمع للفنون بشكل عام، وعلى المستوى الثقافي والفني بشكل خاص كون هذه الحالة تؤدي الى انحدار المستوى والتسويق للفن». اما عن سمبوزيوم عمشيت المتميّز بقوة هذا العام تقول ايضا «ثمينا سعد» وهي من أحد الفنانين المشاركين في السمبوزيوم: «الهدف الأساسي من السمبوزيوم هو الانفتاح على حضارات مختلفة. كما تهدف الى توطيد العلاقة بين المجتمع المدني، والمجتمع الفني من خلال الأعمال الفنية الراقية والمعبّرة التي تنبع من ابداع شخصي لفنانين اكاديمين عالميين وتوطد العلاقة الثقافية والفنية بين أعمالهم وحضارة البلد الذي يتم فيه النشاط، وتقرّب مفهوم الفن الأصيل، وهذا ما حققه سمبوزيوم عمشيت للنحت بالإضافة الى الهدف التزييني للشارع والحي». تم افتتاح معارض تشكيلية جديدة هذا العام باعتبارها المكان الجوهري الذي يهدف الى عرض جماليات فنية من منحوتات ولوحات وأعمال ابداعية يتم عرضها وفقا لأوقات محددة باعتبارها انتاجا فنيا يحمله المبدع كمولود له، فيتنوّع الحضور ما بين متذوّق فني يبحث عن الجمال داخل المعاني الفنية، وما بين مقتني للعمل الابداعي، وبين متفرج يبحث عن المتعة اللونية داخل لوحة فنية. إلا ان هذه المعارض لا بد لها من نسبة معينة من انتاجات الفنان الابداعية، لتستطيع تغطية تكاليف كل عرض ماديا، فهل هذا مرتبط بالجودة؟ أم بالحركة التسويقية الفنية؟ لكن هناك بالمقابل المراكز الفنية المتعددة والجمعيات التي تتبع في نهجها سياسة معينة أحيانا ربحية، وأحيانا سياسية، وأحيانا هي للفن من أجل الفن فقط، وهذا يترك للفنان الأمل حيث يتم استقبال أعماله بدون النظر الى تكاليف العرض. مما يساعد الفنان على الاستمرار في عروضات أعمال فنية زيتية أو اكريليك أو تقنيات مختلفة منها الكولاج والنحت الذي يمنح المتذوّق بُعدا فكريا. لكن تبقى بعض غير موجهة للبيع، وتحتاج لفن تسويقي يحفظ لها جودتها، ويحدد قيمتها الفنية بعد أرشفتها، فهل هناك من يهتم بفن التسويق التشكيلي؟ أو بمتحف فني يؤرشف لأهم الأعمال وليتم عرضها بمعرض دائم على مدار السنة؟... ضحى عبد الرؤوف المل dohamol@hotmail.
×
Writer Doha El MOL
ضحى عبدالرؤوف المُل كاتبة وروائية لبنانية وعضو اتحاد الكتاب اللبنانيين . وصحفية في جريدة اللواء لبنان القسم الثقافي.. ولدت في طرابلس لبنان في الواحد من تموز عام 1967 في حارة البقار التي احترقت في الحرب اللبنانية وهجرها أهلها كما تهجّرت هي في صباها منها عام 1982 ونجد تأثرها بذلك في روايتها زند الحجر .. درست علم النفس والتربية الحضانية مارست التعليم لمدة 18 عام. بدأت الكتابة عام 2007 في جريدة الانشاء طرابلس بعد ان قدمت استقالتها من التعليم والتجميل الذي مارسته مدة 9 اعوام الى جانب التعليم 18 سنة. لتتفرغ للكتابة منذ عام 2007في الكثير من المواقع والجرائد السعودية والعراقية والعمانية واللبنانية . بداية تحت الإسم المستعار وردة الضحى أحيانا وأحيانا أخرى ضحاه وتقول عن ذلك " بدأت باسم مستعار لحماية الهوية الشخصية من معرفتها، وذلك لاستمتع بحرية التعبير عن الحب كامرأة شرقية توفّر حماية نفسها من القيل والقال وأنا ربة أسرة قبل أي شىء آخر " عملت عام 2009 في الصحافة فكتبت في جريدة المدى العراق وفي جريدة الصباح العراق والقدس العربي والمجلة العربية السعودية والمعرفة السعودية ومرايا عمان ومجلة نزوى وجريدة اللواء وغيرها ... بدأت كصحفية في جريدة اللواء في القسم الثقافي منذ عام 2012 حتى الان ... ابرز اهتمامها النقد الفني ...أصدرت سلسلة همسات وردة الضحى وتضم _ كتاب الوردة العاشقة عام 2007 _كتاب أماسي الغرام عام 2008 (جروس برس ) كتاب رسائل من بحور الشوق عام 2012 (جروس برس )وسلسلة همسات وردة الضحى كتبتها في فترة المراهقة واحتفظت بها لتنشرها عام 2007 كنوع من الأدب الخفيف الذي يجمع بين الرومانسية والخيال والأصوات الخافتة الخجولة وكأنها كتبتها بسرية وحميمية ، وهذه الكلمة تستخدم عادة للإشارة إلى الأحاديث الخاصة أو الرومانسية والحميمية وتقول المُل عنها :" همساتي كان يقرأ أبي ليلا لأني كنت أكتبها وأضعها تحت وسادتي لهذا احتفظت بها فهي من مذكرات مراهقة تخاف الجهر بمشاعرها فكانت همساتي " _كتاب اسرار القلوب عن( مركز محمود الادهمي) عام 2015 _ مجموعة قصصية هي في قبضة الريح عام 2016 (دار الفارابي ) _رواية زند الحجر عام 2018 (دار الفارابي ) كتاب رحلة يراع عن( دار سابا زريق) عام 2019 رواية الواعظ عام 2020 عن (دار الفارابي)... وقد حازت رواية زند الحجر اهتماما واسعا لدى القراء والنقاد والصحف وكذلك رواية الواعظ وايضا كتاب رحلة يراع الذى لاقى اهتماما من طلاب المدارس كما اقامت ندوات كثيرة عن كتاب رحلة يراع في مكتبات المدارس في طرابلس/ لبنان من ضمنها ثانوية القبة الرسمية وغيرها .... رواية نوريس صدرت عام 2023 عن المكتبة الحديثة للكتاب وكتاب تعابير غامضة عم دار الجندي في مصر وهو مجموعة مقالات فن التشكيل وحوارات وكتاب لمح بصري من سلسلة انتباهات فن التشكيل عن دار الجندي للنشر والتوزيع مصر وأيضا توازن بصري وجذب بصري وخطف بصري .... لها عدة لقاءات تلفزيونية عبر تلفزيون لبنان وقناة mtv وقناة مريم وقناة otv ادارت العديد من الندوات فاستضافت الكثير من الكتاب والفنانين في الرابطة الثقافية طرابلس كالكاتب والروائي السوداني امير تاج السر والروائي والقاص العراقي نزار عبدالستار والروائية الليبية نجوى بن شتوان والشاعر المصري عاطف الجندي وغيرهم... لها العديد من المقالات في الانطباع النقدي في الفن التشكيلي والدراما والكتب الروائية والفكرية وغير ذلك والانطباع النقدي هو التقييم الشخصي الذي لايقوم به الناقد الأدبي أو الفني عند مراجعة عمل ما، مثل كتاب، فيلم،مسرحية، أو قطعية موسيقية . يعبر الناقد من خلال هذا الانطباع عن رأيه الخاص حول جودة العمل، نقاط قوته وضعفه، وأثره على الجمهور.يتضمن الانطباع النقدي عادة . تقييم الجودة : تحليل مدى جودة العمل من حيث الكتابة، الإخراج ،التمثيل، أو الأداء الفني. نقاط القوة والضعف: تسليط الضوء على العناصر التي تميز العمل إيجابياً وسلبياً. التأثير العاطفي والفكري: تقييم مدى تأثير العمل على المشاهد أو القارىء من الناحية العاطفية والفكرية . المقارنة: مقارنة العمل بغيره من الأعمال المشابهة أو السابقة لنفس المؤلف أو الفنان . التوصية: توجيه توصية للجمهور بقراءة أو مشاهدة العمل أو تجنبه بناء على التقييم النقدي بالنهاية تقول : الانطباع النقدي يعتبر مهمًا لأنه يساعد الجمهور في اتخاذ قرارات مستنيرة حول متابعة أو تجنب الأعمال المختلفة .. لهذا أنشأت الموقع الإنطباعي النقدي وهذا الرابط الخاص به https://www.sunriseimpact.com/books.php
سعيد عقل في ذاكرة الكلمة
BY Writer Doha El MOL
9.0
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
سعيد عقل في ذاكرة الكلمة ضحى عبدالرؤوف المل "فما ضاق بإبن الجار جيران" سعيد عقل في ذاكرة الكلمة. رأيته على تلفزيون لبنان أول مرة، ولا أذكر بصراحة كم كان عمري يومها. لأن قصائده في كتب القراءة كانت تجعلنا نشعر بخيبات مدرسية تثير قلوب الأساتذة علينا. إلا أن لكلماته الرنانة إيقاعاتها التي تلعب دورها في الذاكرة، فتستقر ولا تغادرها. لأننا كنا نحفظ القصيدة ومن ثم نسمعها أغنية على شفاه فيروز أو شفاه من أحب كلماته ولم يعرفه أو يشاهده وجهًا لوجه. لم أحبّه يومًا لأن شعره الأبيض الذي يقف ويعلو كثلوج جبال صنين في لبنان يبدو كظل حركات الضاد المفتوحة والمكسورة التي يؤنبنا عليها أستاذ اللغة العربية، ولغته العربية الفصحى التي تحيا بين شفاه كضلوع صخر لبنان النايض بليونة معاني غامضة ذات تنهدات مغمومة في صدورنا وعقولنا العاجزة عن فهم المعنى. في بعض الأحيان لم نستطع فك شيفراتها اللغوية الموصدة على عقول لا تمتلك من المهارات الثقافية ما يجعلها مستنيرة كما البصيرة المضيئة مع شموس لبنان. تجاعيد وجهه ويديه وهو يقود الإيقاع الشعري كقائد أوركسترا يلاين الحركة لتذوب الكلمة بين شفاه تركت للقصائد أجنحة ترفرف مع علم لبنان أشبه بمجاذيف سفينة فينيقية تبحث عن شاطئ ترسو عليه، فما بال الكتب العتيقة التي نقشها الراحل "سعيد عقل" في ذاكرة الكلمة تبكي أحرفها مع أمداء طيب رجل بالعقل والفكرة وقوة البيان! تتحدى الكلمة جميع المستويات الفكرية. إذ تبوح بالإيحاءات الكثيرة ومن ركائزها أنها مهد يترعرع فيه الحرف فينمو ويكبر معنا، ويتجلى بجماله في عقولنا وقلوبنا، وأحاسيسنا المفطورة على المحبة المجندة في قصيدة تكبر مع الأيام. لتبقى للأجيال القادمة نبراسًا، فأبعادها الزمنية ستتجدد، لنكتشف من خلالها بلادًا من أبجديات لم تستقر سفنها على شواطئ صور وصيدا وطرابلس، إنما تحط في القلوب والعقول لتعشش مع أحرفها في قصيدة لمكة أو لفلسطين أو للقدس، تلألأ عذوبة مع المعنى والمبنى والسبك الألماسي الساكن كزوابع تثيرها كلمات مفكر غنى. "غنيت مكة أهلها الصيد والعيد يملؤ أضلعي عيدا/ فرحوا فلألأ تحت كل سما بيت على بيت الهدى زيدا/ وعلى اسم رب العالمين علا بنيانه كالشهب ممدودا/ يا قارئ القرآن صل له، أهلي هناك وطيب البيدا/ من راكع ويداه آنستا، أن ليس يبقى الباب موصودا/ أنا أينما صلى الأنام رأت عيني السماء تفتحت جودا/ لو رملة هتفت بمبدعها شجوا لكنت لشجوها عودا/ ضج الحجيج هناك فاشتبكي بفمي هنا يغر تغريدا/ وأعز رب الناس كلهم بيضا فلا فرقت أو سودا/ لا فقرة إلا وتخصبها إلا ويعطي العطر لا عودا/ الأرض ربي وردة وعدت بك أنت تقطف فإروي موعودا/ وجمال وجهك لا يزال رجاء ليرجى وكل سواه مردودا....." تآلف الإيمان مع أنغام المعاني، فشذا عطر اللحن في ربوع قصائد التقطت رملة فهتفت بمبدعها، فهل نكتفي بلملمة الجواهر المنثورة على أثير صفحات وصفحات ارتسمت على سماء لبنان فراح البصر الذات الإنسانية النابعة من ضبط أساسه الفلسفة الفعالة في تحقيق التفاعل والتآلف الحسي بين المعنى والمبنى، والنضج الفكري المنبعث من كلمات أدركت مبدع الأكوان، وتركت كل سواه مردودًا. مرهف قلب الشاعر بل دقيق في أحكامه كالقاضي المتوحد مع موازين الحياة، والملتحم مع الرؤية الواعية فكريًا لكل تفاصيل يراها ببصيرة دون نظر قصير المدى، فمن غنى لشام ولقدس لا يمكن له أن يكون عدوًا للإنسان ولفلسطين التي تبكي شعبها المذبوح ومن نادى: "شامُ يا ذا السَّـيفُ لم يِغب/ يا كَـلامَ المجدِ في الكُتُبِ/ قبلَكِ التّاريـخُ في ظُلمَةٍ/ بعدَكِ استولى على الشُّهُبِ..." لا يمكن أن يخون عروبته التي مجدت لغة لو أبحرنا فيها لأصيب العقل بتيه لا وعي فيه، فالحقائق في كلماته واضحة في مناراتها، وخاضعة لتأويلات من أولي الألباب، فمن أدرك كنه كل كلمة في قصائده أدرك أن للقدس قدسيتها ولفلسطين وجودها، وحق العودة وإن طال الزمان في تحقيقه فهو الحق. تمحو الكلمة من ذاكرتها المواقف التي تسجلها حياة الإنسان المتناقض في مبناه ومعناه، وهنا يكمن جمال الإنسان. لأنه ليس بالإله وهو غير منزه عن الأخطاء أو مغسول بماء الغفران. بل ممسوح بمغفرة يدركها بعد وعي وإيمان، فالوعي ينضج كما تنضج الأفكار كلما نضجت عقولنا مع سنين العمر، وما عشناه في لبنان من صراعات على أرضنا لا يدركه البعض ممن يغرد بعيدًا عن السرب، فما بين الكبائر والصغائر فروقات تحاسبنا عليها الألسن الببغائية البعيدة عن المعضلة التي تجعلنا نخسر هناءة العيش وسيرورة النفس، فمن منا لا يحمل قضية فلسطين في دمه وعمق روحه المتعلقة بأرض الأنبياء، ومن منا لا يعشق بيت لحم مهد السيد المسيح، فهل البراق هو مبكى اليهود أم مسرى الرسول عليه الصلاة والسلام، وهل قصيدة زهرة المدائن تمجد شعائر الصهاينة وتصفق لوجودهم أم تدعو لتتآخي وللمحبة؟ "تعانق الكنائس القديمة/ وتمسح الحزن عن المساجد". فمن لم يفهم الأبعاد في ما يهدف إليه من موقفه الزمني، فالأمكنة لها شواهدها في حروفه وسنهزم "وجه القوة/ وبأيدينا سنعيد بهاء القدس/ بأيدينا للقدس سلام." حقيقة تاهت الفكرة من رأسي عندما بدأت بكتابة كلماتي عن راحل لم يرحل، وعن شاعر تذبذت المواقف الرافضة والمؤيدة حوله فعادت بي الذاكرة لأول مرة رأيته على شاشة تلفزيون لبنان، وقلت لأمي هذا رجل مجنون. لكنني لم أدرك أن الإبداع يشع من بصمات وجهه، ولحن صوته وقوة كلماته التي عشقتها عندما بدأت أغوص في معاني الحرف والكلمة، فالعروبة لا يمكن أن تتنكر لذاتها وتمد يدها للصهاينة، وإن علت وتيرة الاستنكارات. لأنني في عمق أعماق نفسي أؤمن أن للحرف العربي مهابة لا يمكن أن تتنازعه الأهواء وتجعله إسرائيلي الهوى، وإن تشتتت اللغات وانضمت تحت جناح العربية الفصحى تبقى اللغات كالزهور المتفتحة في بستان الحياة. إنما هو العاشق للبنان الذي مدّ خشبة مسرحه لسياسات متصارعة على أرضه استنكرها وأراد لها أن تكون قوة على أرضها، ففلسطين الجرح الغائر في قلب كل عربي لم ينس القدس والمسجد الأقصى والعودة المحقة لشعب عانى ما عانى، التاريخ هو القاضي والشاهد على أفعالنا وإن كتبت اليد حرفًا صاغها اللسان بلحن كترتيلة وطنية لم تترك المدن العربية لتتغنى بشعب اغتصب رض وقتل فيها من قتل. بل تمسكت بكل بقعة في الوطن العربي من مكة لقدس لشام لبيروت للأردن "أُردن أرض العزم أغنية الظبا، نبت السيوف وحد سيفك ما نبا." لم أحبّه في طفولتي لأنني لم أفهم معاني كلماته. بل رأيته كعجوز يقود أوركسترا لا أراها، ويبحر في سفينة بلا مجاذيف اتحسسها، وأن أخطأ في مواقفه، فالتاريخ لا ينسى، وإن أصاب فصمته عما أصابه دليل ضعف عقولنا التي لم يخاطبها. لأننا سنجادل فيلسوفًا حمل بجسده صخر لبنان لينقش على نعوشنا بقلم كتب فيه كلمات مجدت كل بقعة عربية، فهل ضاق فعلاً ابن الجار بالجار؟ أم أننا نترك الجوهر الباقي ونمسك بالقشور يا أولى الألباب؟ لا أعرف من الذي غفى في نعش من صخر لبنان. لأن تعرجات الخطوط تلاقت، وثنايا الكلمات استفاقت، وما بين النعش والجسد الذي سيفنى علاقة فناء تتجادل مع الوجود والعدم، وأما البقاء لروح كجوهر هو الأبقى، ولروح الكلمة ألف جوهرة تضيء الوجه الذي لم أحبّه في طفولتي، وإنما أحببت الفكرة التي ولدتها الحياة في لبنان وضم محاسنها النعش المنحوت من قلائد وطن أنجب العقل السعيد لعالم لن ينسى قصائد حملت المعجزات ولم تنس حق الجار وإن جار: "من أين يا ذا الذي استسمته أغصان من أين أنت فداك السرو والبانون/ إن كنت من غير أهلي لا تمر بنا أو لا فما ضاق بإبن الجار جيران/ ومن أنا لا تسل سمراء منبتها في ملتقى ما ألتقت شمس وشطآن/ لي صخرة علقت بالنجم أسكنها طارت بها الكتب قالت تلك لبنان." ضحى عبدالرؤوف المل dohamol@hotmail.com
×
Writer Doha El MOL
ضحى عبدالرؤوف المُل كاتبة وروائية لبنانية وعضو اتحاد الكتاب اللبنانيين . وصحفية في جريدة اللواء لبنان القسم الثقافي.. ولدت في طرابلس لبنان في الواحد من تموز عام 1967 في حارة البقار التي احترقت في الحرب اللبنانية وهجرها أهلها كما تهجّرت هي في صباها منها عام 1982 ونجد تأثرها بذلك في روايتها زند الحجر .. درست علم النفس والتربية الحضانية مارست التعليم لمدة 18 عام. بدأت الكتابة عام 2007 في جريدة الانشاء طرابلس بعد ان قدمت استقالتها من التعليم والتجميل الذي مارسته مدة 9 اعوام الى جانب التعليم 18 سنة. لتتفرغ للكتابة منذ عام 2007في الكثير من المواقع والجرائد السعودية والعراقية والعمانية واللبنانية . بداية تحت الإسم المستعار وردة الضحى أحيانا وأحيانا أخرى ضحاه وتقول عن ذلك " بدأت باسم مستعار لحماية الهوية الشخصية من معرفتها، وذلك لاستمتع بحرية التعبير عن الحب كامرأة شرقية توفّر حماية نفسها من القيل والقال وأنا ربة أسرة قبل أي شىء آخر " عملت عام 2009 في الصحافة فكتبت في جريدة المدى العراق وفي جريدة الصباح العراق والقدس العربي والمجلة العربية السعودية والمعرفة السعودية ومرايا عمان ومجلة نزوى وجريدة اللواء وغيرها ... بدأت كصحفية في جريدة اللواء في القسم الثقافي منذ عام 2012 حتى الان ... ابرز اهتمامها النقد الفني ...أصدرت سلسلة همسات وردة الضحى وتضم _ كتاب الوردة العاشقة عام 2007 _كتاب أماسي الغرام عام 2008 (جروس برس ) كتاب رسائل من بحور الشوق عام 2012 (جروس برس )وسلسلة همسات وردة الضحى كتبتها في فترة المراهقة واحتفظت بها لتنشرها عام 2007 كنوع من الأدب الخفيف الذي يجمع بين الرومانسية والخيال والأصوات الخافتة الخجولة وكأنها كتبتها بسرية وحميمية ، وهذه الكلمة تستخدم عادة للإشارة إلى الأحاديث الخاصة أو الرومانسية والحميمية وتقول المُل عنها :" همساتي كان يقرأ أبي ليلا لأني كنت أكتبها وأضعها تحت وسادتي لهذا احتفظت بها فهي من مذكرات مراهقة تخاف الجهر بمشاعرها فكانت همساتي " _كتاب اسرار القلوب عن( مركز محمود الادهمي) عام 2015 _ مجموعة قصصية هي في قبضة الريح عام 2016 (دار الفارابي ) _رواية زند الحجر عام 2018 (دار الفارابي ) كتاب رحلة يراع عن( دار سابا زريق) عام 2019 رواية الواعظ عام 2020 عن (دار الفارابي)... وقد حازت رواية زند الحجر اهتماما واسعا لدى القراء والنقاد والصحف وكذلك رواية الواعظ وايضا كتاب رحلة يراع الذى لاقى اهتماما من طلاب المدارس كما اقامت ندوات كثيرة عن كتاب رحلة يراع في مكتبات المدارس في طرابلس/ لبنان من ضمنها ثانوية القبة الرسمية وغيرها .... رواية نوريس صدرت عام 2023 عن المكتبة الحديثة للكتاب وكتاب تعابير غامضة عم دار الجندي في مصر وهو مجموعة مقالات فن التشكيل وحوارات وكتاب لمح بصري من سلسلة انتباهات فن التشكيل عن دار الجندي للنشر والتوزيع مصر وأيضا توازن بصري وجذب بصري وخطف بصري .... لها عدة لقاءات تلفزيونية عبر تلفزيون لبنان وقناة mtv وقناة مريم وقناة otv ادارت العديد من الندوات فاستضافت الكثير من الكتاب والفنانين في الرابطة الثقافية طرابلس كالكاتب والروائي السوداني امير تاج السر والروائي والقاص العراقي نزار عبدالستار والروائية الليبية نجوى بن شتوان والشاعر المصري عاطف الجندي وغيرهم... لها العديد من المقالات في الانطباع النقدي في الفن التشكيلي والدراما والكتب الروائية والفكرية وغير ذلك والانطباع النقدي هو التقييم الشخصي الذي لايقوم به الناقد الأدبي أو الفني عند مراجعة عمل ما، مثل كتاب، فيلم،مسرحية، أو قطعية موسيقية . يعبر الناقد من خلال هذا الانطباع عن رأيه الخاص حول جودة العمل، نقاط قوته وضعفه، وأثره على الجمهور.يتضمن الانطباع النقدي عادة . تقييم الجودة : تحليل مدى جودة العمل من حيث الكتابة، الإخراج ،التمثيل، أو الأداء الفني. نقاط القوة والضعف: تسليط الضوء على العناصر التي تميز العمل إيجابياً وسلبياً. التأثير العاطفي والفكري: تقييم مدى تأثير العمل على المشاهد أو القارىء من الناحية العاطفية والفكرية . المقارنة: مقارنة العمل بغيره من الأعمال المشابهة أو السابقة لنفس المؤلف أو الفنان . التوصية: توجيه توصية للجمهور بقراءة أو مشاهدة العمل أو تجنبه بناء على التقييم النقدي بالنهاية تقول : الانطباع النقدي يعتبر مهمًا لأنه يساعد الجمهور في اتخاذ قرارات مستنيرة حول متابعة أو تجنب الأعمال المختلفة .. لهذا أنشأت الموقع الإنطباعي النقدي وهذا الرابط الخاص به https://www.sunriseimpact.com/books.php
من جبال الضنية إلى أفق الشعر
BY Writer Doha El MOL
9.0
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
من جبال الضنية إلى أفق الشعر: استكشاف عوالم محمود عثمان ضحى عبدالرؤوف المل هذا شاعر بالجمال اندهش فاكتوى، وما ترك تلةً أو جبلًا من جبال قرى الضنية شمالًا، ولم يرَ فيها جسد امرأةٍ أو وجه حبيبةٍ غادرته أو وجه الأم التي كان لها الأب والأخ والرفيق والطفل الصغير. تهيجه صور الطبيعة وتترك في نفسه التساؤلات الوجودية متقلبًا على جمر الحياة الشعرية بانتعاشة المجروح أو برومانسية الرجل العنيد أو المعتد بفحولته التي يصوغها باقتحام لجنات الطبيعة التي تتقارن مع المرأة ولا تتساوى معها. يحب الامتلاء في المرأة باحثًا عن الإشباع النفسي الذي جعل منه راعيًا لأمه القديسة التي يجعل من النساء جاريات لها، وإن بشكل مجازي يخفيه إيحائيًا في طيات شعره وقصائده التي نحن في صدد استكشافها والدخول معها في رحلة جبيلية نمتشق سفوها بانطباعات نتذوق منها معسول الغزل، وخمرة الحبر المسكرة عند انبلاج كل صورة شعرية يقدمها بلغة البستاني أو راعي القطيع مع أصوات الأجراس في كروم الضنية التي تتردد صداها في كل زاوية من زوايا قصائده. فالمناخ الشعري عند محمود عثمان تجلله "الطريق إلى جبل الشمس" أو كما يسمى في الحقيقة "جبل الأربعين" الذي يقع عند سفوح الضنية شمال لبنان أو جبل المكمل وربما جبال يصعب تسلقها أو الوصول إليها. هذا شاعر يتبع حواسه في بناء القصيدة وتساهم المرأة بحواسها في منحه المناخات الجمالية التي يفجرها شعرًا في قصيدة تلو قصيدة. ويعاود الحنين في كل امرأة إلى غموض المرأة التي يتجنب ذكرها بوضوح أو أن يرسم لها صورًا، وفي هذا شرقية تبعد الحبيبة عن الظهور الذي يخشاه الرجل في المرأة التي يحبها، وربما كان هذا لعادات اجتماعية موسومة بنفحات الرجل الشرقي الذي يتباهي بذكورته مترنمًا بشبقيات لا تلبث أن تهدأ في نهاية كل قصيدة من كتبه التي سنستكشفها معًا واحدة تلو الأخرى وما تحتويه من قصائد كالمسبحة السوداء تلمع حباتها كأنها حصى قرى سفيرة الضنية التي أَمست كالمراة الناضجة في ثوبها الشفاف الطويل، الذي ينم عن محاسنها الملونة. كأنه الرسام المحمل بملامح لوحات تستمد واقعها من تخيلات النفس المتلوعة والمشتاقة إلى التلاحم الطبيعي مع المرأة وما تشكل في سره وعلنه من أمومة وعشق وذوبان، متمسكًا بنظرة جمالية لا يفارقها تشكل الشمس الحارقة والعش الدافئ وما إلى ذلك. أحب الضنية كما لم يحب امرأة أخرى، ففي أفيائها أنشد وانسَرَح ووقف على عتباتها الفجرية يصدح مع ديوكها. ليركض خلف أمه أو عمته، فيرتوي من حليب ساخن طازج قبل أن يمشي في دروبها الجبلية التي هزت شاعريته وفجرتها حسِّيًا في داخله، وهو ينمو بين البراري والبساتين وأشجار بيت الفقس قريته التي ولد فيها. شهدت مراحل طفولته التي اختزنت من النرجسية ما تركته باحثًا أبداً عن حبيبة تشبه الوديان والجبال والشمس والقمر. أما لماذا قررت الخوض في هذه القراءة الاستكشافية، فهو لأني ربما مغامرة في الأدب. إلا أنه شدتني تلك العبارات النهدية التي جعلتني أتساءل: ما الذي يبحث عنه "محمود عثمان" في استدارة نهد المرأة؟ أو بالأحرى استدارة الشمس التي تكوي عباراته وصوره الشعرية، أو استدارة القمر، أو تلة من تلال بيت الفقس التي ما غادرها أبدًا، إلا لتكون في هواجسه ووجدانه وأماسيه. وهذا استفزني لأتعلق بماهية هذا الشاعر، بل وأغرق في استكشاف مكنونه الشعري الغزير والذي بدا كالتوائم في سنة واحدة. ربما يجد القارئ الخطى الاستكشافية بطيئة لأنها تشبه الصعود إلى جبل لم يبلغه محمود عثمان لما يتركه من شغف في استيطان الأرض والسهول ومنحها عدة صفات سنجد أن يجبرنا من خلالها للمشي معه في السهول كما الصعود إلى رأس جبال الأربعين في الضنية، وما البحر في قصائده إلا في جزيرة أرواد التي يروي فيها حكاية البحار. لكنه لم يترك الأرض أبدًا حتى في بحر غزل منه رواية لبحار من مدينة الميناء طرابلس التي يسكنها كأنه البحار في روايته التي زار جبال الضنية وتمنى الموت فيها قرب ابنته. كل ما أقوله في قراءتي الاستكشافية ينم عن فكرة نهدية أنقشها على صفحات هذا الكتاب الذي جعلني أمزج بين الشعر والنحت لما وجدته من تقارب بين الشاعر محمود عثمان والنحات اللبناني مارون الحكيم، وما لغة الشعر عنده إلا لغة النحت عند مارون، وما بين الشعر والنحت يولد الجمال، وإن ظهرت المرأة في كلا أعمالهما، تلك المرأة الريفية التي تستيقظ حواسها عند انبلاج الشمس وصحوة القمر. لا يسعني في هذه المقدمة إلا القول بأني لست من المتخصصين في النقد لأني لا ألجأ إلى التشريح الشعري لأتذوقه، إنما أبحث عن الصور الشعرية وبلاغتها في المقام الأول، ومن ثم أغوص في تحليلها النفسي لاكتشاف الكوامن في حقول الجمال الشعري في اللغة التي بهرتني بتناقض بين الغلو والبساطة، نافية المنحى الجنسي عن قصائده، وإن أغرقها بمفاتن هي عند المرأة تشكل وجودية الرجل وكيانه، بل ولحظة انبلاجه إلى الحياة. أتمنى للقراء استكشاف ما استكشفته وما تيسر لي من قدرة على تحليل شخصية هذا الشاعر الذي هاجمته يومًا لشغفه بمفرد النهد في قصائده، وعندما دخلت أعماق القصيدة لمست الوداعة في رجل يحاول أن يرتدي عباءة رجل الضنية الشرقي والقوي والمتطرف فكريًا، إلا أنه غير ذلك. انطلاقًا من مبدأ أن النص الإبداعي هو مجموعة انطباعات حسية تدخل الذهن فتمنحه عصفًا يؤدي إلى رؤية أو استجماع لصور فنية تؤدي دورها في تنشيط المخيلة، قررت البدء بمجموعات هذا الكتاب الشعرية دون تصنيف أو تسلسل زمني أو تفضيل قصيدة عن أخرى، لتكون رحلتي الاستكشافية في مجموعات الشاعر محمود عثمان الشعرية والروائية قراءة انطباعية محفوفة بالنقد الجزئي وليس الكلي، رغم إيماني الشديد أن القارئ هو الناقد الحقيقي لما يقرأه، وأتمنى أن أكون قد حققت بهذا جزءًا بسيطًا من فنية التذوق الشعري عند القارئ. في رحاب الشعر والشاعر، يتجلى محمود عثمان كقنديل مشع في ظلمات الأدب، يجوب أفقه الإبداعي بأسلوب فني عميق يتشابك مع طبيعة الأرض، ومعقدات الوجدان الإنساني. يتنقل بين تضاريس النفس البشرية، وينسج من خيوط الطبيعة المشهد الشعري الذي يروي قصة عشق تتجاوز حدود الزمان والمكان. إن شاعرية محمود عثمان تتسم بجمالية فريدة تجعل من كل قصيدة لوحة فنية تنبض بالحياة. هو شاعر يعشق التفاصيل، ينقب في أعماق المشاعر ويجيد التعبير عن الأحاسيس بألوان متعددة، يعكس من خلالها صورة الإنسان المأزوم بين طموحات الروح ومتطلبات الواقع. ففي كل بيت شعري، نجد شذرات من الذات المتأملة، الباحثة عن المعنى في متاهات الوجود. في تحليله للمرايا الشعرية، يستحضر محمود عثمان مشهد الطبيعة ليعبر عن مشاعره وأفكاره. يرى في الجبال والتلال أكثر من مجرد كتل صخرية، بل هي تجسيد لعمق الانفعالات الإنسانية والأحلام المطمورة. تظل تلك الصور الطبيعية، بالنسبة له، رموزًا تعبر عن فصول الحياة المتعددة: الحب والفراق، الحزن والفرح، الضعف والقوة. الشاعر في أشعاره كرسام ماهر، يستخدم الألوان الحية ليرسم تفاصيل عوالمه الداخلية. يتلاعب بالكلمات كما يتلاعب الرسام بالألوان، ليعبر عن جوهر الذات الإنسانية. فتلك الصور الطبيعية التي يلتقطها، من أشعة الشمس التي تلامس القمم الجبلية إلى ظلال القمر التي تعانق الوديان، هي في الواقع تعبيرات مجازية عن الرحلة النفسية التي يخوضها الإنسان في سعيه للبحث عن الذات. عندما يصف محمود عثمان المرأة في شعره، فإنها ليست مجرد أنثى، بل هي رمز للقداسة والملاذ الروحي. ينظر إليها ككيان متكامل يحمل في طياته أسرار الوجود وحكمة الطبيعة. يشبه المرأة بالجبل الشامخ الذي لا ينحني أمام العواصف، أو بالنجمة اللامعة التي تضئ دروب الليل. بهذا الأسلوب، يجعل من المرأة تجسيدًا لجمال الطبيعة وعظمة الخلق، وتصبح صورها في شعره ليست مجرد تأملات عابرة، بل هي تجسيد لحالة روحية تتجاوز حدود الجسد والمظاهر. وفي هذا السياق، يحلق محمود عثمان بين السماء والأرض، معبرًا عن انفتاحه على أفق الرحابة الشعرية. هو لا يكتفي بالتأمل في الطبيعة، بل يسعى لتكوين علاقة متبادلة معها، حيث يتفاعل معها ويتفاعل معها. لا يقتصر تصوره على ما هو موجود، بل يذهب أبعد من ذلك ليبحث عن الأبعاد الميتافيزيقية والرمزية في كل ظاهرة طبيعية. قصائده تحفل بالتنوع والتجدد، حيث يجمع بين ألوان عدة من التعبير الشعري: الرومانسية، الفلسفة، التصوف، والتأمل. فهو شاعر لا ينحصر في قالب واحد، بل يسعى إلى استكشاف كافة الأبعاد الممكنة للموضوعات التي يتناولها. لهذا السبب، نجد في شعره تنوعًا في الأساليب والأدوات التي يستخدمها، مما يضفي على قصائده طابعًا فنيًا خاصًا. المرأة، كما يراها محمود عثمان، ليست مجرد كائن بشري، بل هي تجسيد لجمال الطبيعة وإلهام الشاعر. فهي بالنسبة له تجسد النقاء والعظمة، وهو يعبر عن هذا الإلهام من خلال الصور الشعرية التي ينسجها بمهارة فائقة. يتناولها بقدسية، ويمنحها مكانة خاصة في عالمه الشعري، حيث يعتبرها محركًا رئيسيًا للمشاعر والأحاسيس. حينما يتحدث عن الطبيعة، يتجاوز محمود عثمان المظاهر السطحية ليغوص في الأعماق الرمزية. الجبال بالنسبة له ليست مجرد صخور، بل هي رمز للتحدي والثبات. الأنهار ليست مجرد مجاري مائية، بل هي تجسيد للحياة والحركة المستمرة. أما الأشجار، فهي ليست فقط نباتات، بل هي رمز للنمو والاستمرارية. الشاعر لا يسعى فقط إلى نقل الصور الطبيعية كما هي، بل يتجاوز ذلك ليبني جسرًا بين الواقع والخيال. فهو يستخدم الصور الشعرية لخلق عالم متكامل، يعكس من خلاله تجربته الشخصية وتفكيره الفلسفي. يسعى إلى تقديم رؤية جديدة للعالم من خلال عدسة الشعر، التي تتيح له رؤية ما لا تراه العين المجردة. ما يميز محمود عثمان أيضًا هو قدرته على التلاعب باللغة، واستخدامها بطريقة تعكس عمق تفكيره وإحساسه. فهو لا يكتفي باستخدام الكلمات بشكل تقليدي، بل يسعى إلى تجريب أساليب جديدة، واستكشاف أبعاد مختلفة للغة الشعرية. لهذا السبب، نجد في شعره تعبيرات غنية ومبتكرة، تعكس تجاربه وتأملاته بطريقة فنية متقدمة. وفي هذا السياق، نجد أن محمود عثمان لا يقتصر على التأمل في الجمال الطبيعي والإنساني، بل يتناول أيضًا القضايا الاجتماعية والوجودية. يسعى إلى تقديم رؤية شاملة للعالم من خلال عدسة الشعر، حيث يتناول مواضيع مثل الحب، والحياة، والموت، والتغيير. فهو يعبر عن تلك القضايا بأسلوب يتسم بالعمق والتأمل، مما يجعل شعره ذا طابع فلسفي وجمالي في آن واحد. يمكننا القول أن محمود عثمان يشكل مثالًا رائعًا للشاعر الذي يسعى إلى تجسيد الجمال والروح في أشعاره. فهو يستخدم الطبيعة، والمرأة، والرموز الشعرية الأخرى كوسائل للتعبير عن تجاربه الشخصية وتفكيره العميق. من خلال شعره، يعبر عن عوالم متعددة، ويقدم رؤية فنية غنية تعكس تفاعله العميق مع العالم من حوله. في الختام، فإن شعر محمود عثمان يمثل تجسيدًا للإبداع الفني الذي يوازن بين الجمال والتأمل، بين الواقعية والرمزية. هو شاعر يملك القدرة على استخدام اللغة بطرق مبتكرة، ليقدم لنا عوالم شعرية تتسم بالعمق والجمال. من خلال استكشاف شعره، نكتشف أن الشعر ليس فقط وسيلة للتعبير، بل هو أيضًا وسيلة لفهم العالم وتجربة الحياة بشكل أعمق. ضحى عبدالرؤوف المل القبة – طرابلس لبنان https://www.middle-east-online.com/%D9%85%D9%86-%D8%AC%D8%A8%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B6%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A3%D9%81%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%B1-%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D9%83%D8%B4%D8%A7%D9%81-%D8%B9%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85-%D9%85%D8%AD%D9%85%D9%88%D8%AF-%D8%B9%D8%AB%D9%85%D8%A7%D9%86
×
Writer Doha El MOL
ضحى عبدالرؤوف المُل كاتبة وروائية لبنانية وعضو اتحاد الكتاب اللبنانيين . وصحفية في جريدة اللواء لبنان القسم الثقافي.. ولدت في طرابلس لبنان في الواحد من تموز عام 1967 في حارة البقار التي احترقت في الحرب اللبنانية وهجرها أهلها كما تهجّرت هي في صباها منها عام 1982 ونجد تأثرها بذلك في روايتها زند الحجر .. درست علم النفس والتربية الحضانية مارست التعليم لمدة 18 عام. بدأت الكتابة عام 2007 في جريدة الانشاء طرابلس بعد ان قدمت استقالتها من التعليم والتجميل الذي مارسته مدة 9 اعوام الى جانب التعليم 18 سنة. لتتفرغ للكتابة منذ عام 2007في الكثير من المواقع والجرائد السعودية والعراقية والعمانية واللبنانية . بداية تحت الإسم المستعار وردة الضحى أحيانا وأحيانا أخرى ضحاه وتقول عن ذلك " بدأت باسم مستعار لحماية الهوية الشخصية من معرفتها، وذلك لاستمتع بحرية التعبير عن الحب كامرأة شرقية توفّر حماية نفسها من القيل والقال وأنا ربة أسرة قبل أي شىء آخر " عملت عام 2009 في الصحافة فكتبت في جريدة المدى العراق وفي جريدة الصباح العراق والقدس العربي والمجلة العربية السعودية والمعرفة السعودية ومرايا عمان ومجلة نزوى وجريدة اللواء وغيرها ... بدأت كصحفية في جريدة اللواء في القسم الثقافي منذ عام 2012 حتى الان ... ابرز اهتمامها النقد الفني ...أصدرت سلسلة همسات وردة الضحى وتضم _ كتاب الوردة العاشقة عام 2007 _كتاب أماسي الغرام عام 2008 (جروس برس ) كتاب رسائل من بحور الشوق عام 2012 (جروس برس )وسلسلة همسات وردة الضحى كتبتها في فترة المراهقة واحتفظت بها لتنشرها عام 2007 كنوع من الأدب الخفيف الذي يجمع بين الرومانسية والخيال والأصوات الخافتة الخجولة وكأنها كتبتها بسرية وحميمية ، وهذه الكلمة تستخدم عادة للإشارة إلى الأحاديث الخاصة أو الرومانسية والحميمية وتقول المُل عنها :" همساتي كان يقرأ أبي ليلا لأني كنت أكتبها وأضعها تحت وسادتي لهذا احتفظت بها فهي من مذكرات مراهقة تخاف الجهر بمشاعرها فكانت همساتي " _كتاب اسرار القلوب عن( مركز محمود الادهمي) عام 2015 _ مجموعة قصصية هي في قبضة الريح عام 2016 (دار الفارابي ) _رواية زند الحجر عام 2018 (دار الفارابي ) كتاب رحلة يراع عن( دار سابا زريق) عام 2019 رواية الواعظ عام 2020 عن (دار الفارابي)... وقد حازت رواية زند الحجر اهتماما واسعا لدى القراء والنقاد والصحف وكذلك رواية الواعظ وايضا كتاب رحلة يراع الذى لاقى اهتماما من طلاب المدارس كما اقامت ندوات كثيرة عن كتاب رحلة يراع في مكتبات المدارس في طرابلس/ لبنان من ضمنها ثانوية القبة الرسمية وغيرها .... رواية نوريس صدرت عام 2023 عن المكتبة الحديثة للكتاب وكتاب تعابير غامضة عم دار الجندي في مصر وهو مجموعة مقالات فن التشكيل وحوارات وكتاب لمح بصري من سلسلة انتباهات فن التشكيل عن دار الجندي للنشر والتوزيع مصر وأيضا توازن بصري وجذب بصري وخطف بصري .... لها عدة لقاءات تلفزيونية عبر تلفزيون لبنان وقناة mtv وقناة مريم وقناة otv ادارت العديد من الندوات فاستضافت الكثير من الكتاب والفنانين في الرابطة الثقافية طرابلس كالكاتب والروائي السوداني امير تاج السر والروائي والقاص العراقي نزار عبدالستار والروائية الليبية نجوى بن شتوان والشاعر المصري عاطف الجندي وغيرهم... لها العديد من المقالات في الانطباع النقدي في الفن التشكيلي والدراما والكتب الروائية والفكرية وغير ذلك والانطباع النقدي هو التقييم الشخصي الذي لايقوم به الناقد الأدبي أو الفني عند مراجعة عمل ما، مثل كتاب، فيلم،مسرحية، أو قطعية موسيقية . يعبر الناقد من خلال هذا الانطباع عن رأيه الخاص حول جودة العمل، نقاط قوته وضعفه، وأثره على الجمهور.يتضمن الانطباع النقدي عادة . تقييم الجودة : تحليل مدى جودة العمل من حيث الكتابة، الإخراج ،التمثيل، أو الأداء الفني. نقاط القوة والضعف: تسليط الضوء على العناصر التي تميز العمل إيجابياً وسلبياً. التأثير العاطفي والفكري: تقييم مدى تأثير العمل على المشاهد أو القارىء من الناحية العاطفية والفكرية . المقارنة: مقارنة العمل بغيره من الأعمال المشابهة أو السابقة لنفس المؤلف أو الفنان . التوصية: توجيه توصية للجمهور بقراءة أو مشاهدة العمل أو تجنبه بناء على التقييم النقدي بالنهاية تقول : الانطباع النقدي يعتبر مهمًا لأنه يساعد الجمهور في اتخاذ قرارات مستنيرة حول متابعة أو تجنب الأعمال المختلفة .. لهذا أنشأت الموقع الإنطباعي النقدي وهذا الرابط الخاص به https://www.sunriseimpact.com/books.php
«
14
15
16
17
18
»