Movie
Series
Books
Paintings
Anime
Interviews
Theater
Login
 
Contact Us
 
متاهة إنسانية
BY الروائية جنى فواز الحسن
8.0
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
متاهة إنسانية لا يمكن الوصول إلى نهايتها ضحى عبدالرؤوف المل قراءة في رواية " طابق 99 " للروائية جنى الحسن. تستحيل الحياة في وجودها إلى عدم عندما نفشل في تحديد رؤيتنا لها، أو أن نفشل في معرفة المستقبل، لأننا لا نملك كل مفاتيح الماضي الذي سها عنه الأجداد، وانصاعوا خلف متاهات الحياة دون الرجوع إلى الإنسان، وما بين حقوق الإنسان وحق العودة وقراءة الماضي مضت الروائية جنى الحسن مع مجد الفلسطيني هائمة خلف هوية الإنسان كأساس جوهري في عملية البحث عن الذات التي بحث عنها مجد من علو رأى من خلاله ما لا يستطيع رؤيته على الأرض، ومن عنوان ذي أرقام رمزية متشابهة في أولها وآخرها، من مكان ذي أبراج عالية مسكونة بالرؤية الاستقرائية ذات الاستنتاجات القادرة على التغلغل في نفس القارئ، وبحس إنساني لا تعاطف فيه برغم الانفعالات العاطفية المؤثرة على وجدان القارئ، إلا أن للرواية عقلية انفتاحية معاصرة خاصة بأرقام ترافق العنوان "طابق 99" وهو المكان الذي يشهد على عذابات العالم، أو بالأحرى العذابات الإنسانية . الوقت كفيل بتغيرنا، فالزمن أو الوقت متاهة لا يمكن الوصول إلى نهايتها، لأنها تصاحب الأجيال في كل لحظة تختلف فيها الحياة، وهذا ما راهنت عليه جنى الحسن من خلال رواية قلبت فيها الزمن، وجعلت النقطة الزمنية هي الفاصلة بين مجد وهيلدا أو بين الانتماء الحزبي والوطني، وشتان بين الاثنين، إلا أن التشابه بينهما أن الفلسطيني قام بمعركة ليست على أرضه، بل على أرض لبنان، هذا انعكس على التفاصيل الروائية الأخرى من حيث تأصل جذور كل منهما إلى وطن ليسا فيه، مما سمح لهما بالتعايش معا برغم الفروقات الانتمائية لكل منهما، فالمكان يفارقه الزمن الذي يعشش في الذاكرة عندما تلمسها شرارة الاشتعال والتذكر، والشرارة في حياة مجد كانت هيلدا حيث استفاقت الذاكرة من علو شاهق في أميركا عندما بدأ باسترجاع المشاهد الطفولية معها، واكتشف خبايا نفسه من خلالها، فهل نتألم من الأمكنة، ونفرح مع الزمن الذي يفصلنا عن الحقائق المختبئة في ذات كل منا ؟ وهل هذا ما يحتاجه الإنسان في العالم بشكل عام؟. الخوف من فقدان المرأة كالخوف من فقدان الوطن، وربما في توازنهما نوع من اطمئنان مزيف يوحي بقضية فلسطين التي باتت في مهب تجاذبات قوية استطاع فهمها مجد بعد نضج في بلاد زمنية لا قيمة للمكان فيها، لأن سرعة الزمن فيها تتفوق على الأمكنة، إذ يبدو الفلسطيني المغترب غريبا في غربته القوية التي لم يفهم لماذا حدثت، أو كيف، أو حتى نتائجها المستقبلية التي يفكر في القفز عنها، لأنه يعلم مسبقا أن التسوية والعودة هي بمثابة المكان الذي يصعب العودة إليه، لأننا نجهل إحساسنا فيه بعد فترة غياب زمنية محت بعض ملامحه أو كلها، فما بقي في الذاكرة لا ينتمي إلى الحقيقة الحاضرة في جرح رمزي يمثل البداية والنهاية ومسافة الألم بينهما الذي يصعب مغادرته أو محوه بعمليات تجميل تزيل ما هو مرئي، وتبقي على ما هو مخفي في مخزون النفس هو بمثابة" إغراء يجعلك لا تريد أن تعالج المأساة" فالصياغة التعبيرية ذات بلاغة رمزية تصور الحالة ضمن ربط يتلازم مع الإحاطة الموضوعية بأزمة مدروسة من جوانب متعددة حبكت خيوطها جنى الحسن سرديا وبسلاسة تحاكي القارئ بواقعية لم تخصصها فقط للفلسطيني، إنما للإنسان. تشكيل سردي منطقي محبوك بنسيح لغة فلسفية تتناقض فيها الوجوه الإنسانية التي تنتمي إلى نفسها لا إلى الأوطان التي تتصارع وتتشابه مع بعضها ،منها مثلا النسخة الأميركية لصبرا وشاتيلا، وإن كان أكثر تحضرا، كان هذا شارع السود، وكنت أضحك حين أفكر بهم كأنهم فلسطينيو نيويورك، إذ لم تغادر الخاصية العنصرية مدينة كنيويورك برغم عظمتها الزمنية في تحديث كل شيء فيها " عشنا هنا لأننا لم نكن نملك المال لنكون في مكان آخر، وربما لأن هؤلاء الأشخاص كانوا أكثر تقبلا لكوننا عربا" وهذا التشبيه بين السود والفلسطينيين يشي بأهمية الإنسان في كل مكان حتى في بلاد كأميركا، وناطحات السحاب في علوها المبهر، لأنها في الرواية تمثل الارتفاع بالإنسان نحو الأعلى، أو جذبه إلى الأسفل، وفي التناقض الرمزي فلسفة تجسد الواقع المرتبط بأزمة الشرق الأوسط، والفروقات المختلفة في الآراء، هذا إلى جانب الانقسامات المؤيدة والرافضة في قضية أساسية ، العلو فيها لمدينة الخير والشر. من أستاذ إلى مقاتل إلى بائع ورد ، مهن لكل منها رمزيتها في حياة رجل فلسطيني هاجر إلى أميركا بعد فقدان زوجته، والجنين ما زال في بطنها، وإصابة ابنه بجروح وإعاقة، ليحيا مع السود في أميركا، كأنه في" صبرا وشاتيلا" في لبنان لتوحي جنى الحسن بالفروقات الإنسانية حتى في بلاد تنادي بحقوق الإنسان وبالمساواة لأن " كل هذه الأوهام التي نسمعها عن العدالة في بلاد الغرب ليست إلا عدالة قائمة على جثث الآخرين" تشبه منحوتات العم الذي يخفي مشهد الحرب التي اشتعلت في لبنان، والمنحوتة في ذاكرته تحت الأرض . للمكان أهميته الخاصة في رواية " طابق 99 " من العنوان وصولا إلى" لا أعرف ماذا سيحدث حين أعود، ولا إن كان سيؤلمني المكان" ليحمل هنا صفة العودة، وهل سيتألم الفلسطينيون بعد العودة؟ وهل يجب أن تصبح العودة حقيقة لا بد منها؟ أم إنه يتضاءل حين يعتاد الإنسان على مكان ما ضمه منذ الطفولة؟ " لأن الناس يعتادون العيش في مكان ما، وإن كان ضيقا وغير مريح، يصبح من الصعب عليهم أن يغادروه" مع التواريخ الزمنية في كل فصل منحته زمنية معينة لتعيد إلى الذاكرة الأحداث الغامضة على جيل تريد له التفكر بتفاصيل الماضي، ليتصالح مع الذات، وينطلق مع الإنسان نحو المستقبل تاركا للتباعد النوعي انعكاسات تشبه انعكاس هيلدا على المرايا ، ليصبح النضج فعالا، ويؤثر في تكوين الشعوب مستقبلا، فهل تحاول جنى الحسن محاكاة المستقبل من خلال الماضي؟ أم إنها تبني رؤية روائية تقود الفكر نحو حقيقة الإنسان العربي والأميركي على السواء كعملة ذات وجهين، لا بد من استعمالها لتحقيق التوازن الفعلي؟ ما بين فلسطين في مخيلة الأبناء المنتظرين العودة، وما بين لبنان الملموس في بصائر أبنائه فروقات لا مقارنة بينها، لأن ما بين المخيلة والحقيقة مسافة كمسافة الجرح في خد مجد تلك الندبة التي أصبحت جزءا من المعاناة المفروضة على أبناء فلسطين، بل على أجيال عاشوا الصراع الحقيقي، ويحلمون بالعودة كعودة هيلدا إلى أهلها، لتشعر بالغربة أكثر، فجوهر العلاقات البشرية يفرض التسامح والمحبة التي تمثله المرأة في الرواية، وهي هنا فلسطين الأرض البكر، ومريم التي تزوجت، وتركت محمد خلف الأباجورة المغلقة، وماريان الأميركية التي ودعت زوجها المشارك في حرب الخليج بكلمات لم تبكها، وإيفا التي تحررت من حب، واتجهت نحو حب آخر ينسيها من تكون، بعد أن أصبحت نجمة سينمائية، وهيلدا التي رفضت قوانين الأب الصارمة، والمفاهيم المعبأة في أفكار محصورة بمصالحها" هكذا هي المرأة، حين تفقد البراءة الملصقة بها، لا شيء يعيدها إليها" فمن اغتصب فلسطين ؟ ومن استطاع قتل وطن الغيم المبني في مخيلة جيل يحلم بالعودة؟ "سيدرك أننا قوم محكوم عليهم بالماضي، لأنهم من دونه يفتقدون أي دليل على وجودهم" ولكن السؤال: كيف يتمسك الجيل الفلسطيني بالماضي؟ وهو عاجز في مخيمات سكنية عشوائية لا تقدم له سوى التكاثر النوعي؟ الأب المعصوم عن الخطأ والقدرة على الاستنساخ الذي فرضه على عائلة تمسك بالثوابت التي يؤمن بها، وإن ظلمهم وعاقبهم كما عاقب ماتيلدا، فهو يشبه أميركا ذلك البلد الذي جمع مجد وهيلدا، وتركهما في سخرية زمن لم يتوقف بل ضمن مكان حالم يرسم من حلو أحلام الشعوب التي تتهاوى" أميركا بلد خطير، لأنه يجرد الظلم من حقيقته، ويصنع ظلما آخر مزيفا" فوهم القوة المصطنع يحتاج إلى إرادة جيل يجمع شتات الماضي، ليمضي نحو المستقبل، ويبني العودة الحقيقية لا الحلم الذي يراود كل إنسان مغترب بغض النظر عن كينونته التي أرادت لها جنى الحسن التكامل النوعي محتفظة بروح المعنى في بعض الكلمات الإيحائية والرمزية التي تبحث من خلالها عن التكامل الأسلوبي والمضموني في الرواية ، فهل نجحت في ذلك؟ وهل تأثرت الرواية ببعض الصور الإيحائية المكررة؟ أم إن للمشهد المتكرر لغة تركتها لتحث بها ذاكرة القارئ؟ وهكذا من دون أن أحدث جلبة، انتهت الرواية بهذه الجملة المفتوحة على مصارعيها، والإيحائية في إنهاء الصراعات الإنسانية الداخلية والخارجية منها بثت جنى الحسن أفكارها الوجودية في رواية أرادت من خلالها أن تستفيق الحضارات على خسارات ذات وجهين القاتل والمقتول، لتبقى المعاناة الكبرى هي الدافع الأكبر لإيجاد الحلول التي تواكب سرعة زمن منفي من العنوان، لأنه جزء من المشكلة التي أنتجت قضية فلسطين، وكانت سببا في معاناة شعب عربي مقهور، وشعب غربي يخسر مقاتليه دون رغبة منه، لتتوازن قوى الشر والخير في العالم دون أن تحدث ضجة أميركا، لأنها تمثل الطابق 99 بكل ما فيه من رمزيات، ومن صنع الأوطان الوهمية المحبوكة بمشاعر لا ندرك كنهها، إلا إنها لا تشبه عاطفة الإنسان القادر على استرجاع الماضي من خلال الأمكنة، لتصحيح مسارات المستقبل، وبناء الحياة بشكل صحيح معافى من الجروح التي تترك آثارها على الإنسان بشكل داخلي، أو بشكل خارجي . Doha EL Mol
×
الروائية جنى فواز الحسن
ولدت جنى فواز الحسن في شمال لبنان عام 1985. عاشت معظم طفولتها في قرية صغيرة في قضاء الكورة والقرية اسمها بتوراتيج إلى أن انتقلت إلى بيروت العاصمة منذ 2009. مالت منذ المراهقة إلى الآداب.حصلت على بكالوريوس وإجازة تعليمية في الأدب الإنجليزي. ومنذ عام 2009 تعمل في الصحافة المكتوبة وترجمة. نشرت تحقيقات ومقالات في صحف عدة، كما نشرت نصوصا أدبية وقصص قصيرة في ملحق النهار الثقافي وملحق نوافذ ومجلة البحرين الثقافية. نشرت روايتها أنا، هي والأخريات في 2012 ثم طابق 99 في 2014. تعمل في صحيفة الدايلي ستار الصادرة بالإنجليزية منذ 2013. في ديسمبر 2015، أعلنت بي بي سي أسماء المئة امرأة الأكثر إلهاما في العالم لعام 2015 وأختارت جنى الحسن من لبنان. حياتها الأسرية أنجبت ابنها الوحيد في عام 2005. طلقت زوجها في 2008. أعمالها رغبات محرّمة أنا، هي والأخريات: صدرت في 2012 عن الدار العربية للعلوم ناشرون في لبنان. ودخلت في القائمة النهائية «القصيرة» للجائزة العالمية للرواية العربية لعام 2013، وهي النسخة العربية لجائزة «بوكر» العالمية للرواية. طابق 99: صدرت الرواية في 2014 عن منشورات ضفاف في بيروت. ودخلت في القائمة النهائية «القصيرة» للجائزة العالمية للرواية العربية لعام مصدر السيرة الذاتية ويكيبيديا
الأراضي الموصلية الحبلى
BY الروائية إيمان اليوسف
7.0
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
الأراضي الموصلية الحبلى ببقايا من أمل ضحى عبدالرؤوف المل قراءة في رواية "حارس الشمس" للروائية إيمان اليوسف. انطلقت الروائية إيمان اليوسف في حكايتها الدافئة والمحملة بعبق الموصل ومخاوف الحصار وفزاعة الجوع نحو الإعياء الرمزي الذي أصاب أم حسين، كأن سحر شهرزاد قد انطفأ فجأة، فالموصل مدينة قديمة كانت تكتظ بالحرفيين، وبمعالم أثرية وحياتية أرادت الروائية إيمان اليوسف تصويرها، لتبقى معالمها في رواية تحكي قصة العراق بعاطفة وطنية مصبوغة بالكثير من التشابيه التي تقود القارئ نحو تراثية المدينة، وما مر عليها عبر زمن يصعب وصفه، إلا أن الموصل" كالملكة الآشورية الصامدة التي تفتن أعداءها بسحرها وفتنتها." فالبناء الروائي اعتمد على التشبيه الشاعري كملحمة خالدة تعيد للموصل قوة مجدها وثباتها رغم الحصار الذي يتعاقب عليها على مر التاريخ، كما انطلق البناء الروائي من فكرة أم حسين والأولاد الذين يرمزون إلى أبناء الوطن، وبأسلوب تأملي خلطت فيه الأحداث الواقعية والمتخيلة، فارتبكت الصورة الوصفية عبر مسافات فصلتها أنطولوجيا بمرجعية الأحداث التي مرت على العراق من سرقة الآثار وصولا إلى قتل الصحافيين والأمراض، والجوع، والخوف، وبتكثيف لم تحدده في المشاهد، أو بالأحرى في اللعبة الروائية التي مارستها ببناء كتابي ذي منظور تكنيك بحت ولا سيما في العناصر البنائية التي لجأت إليها الروائية إيمان اليوسف، وبخدعة الوهم الانقيادي الممسك بالقارئ. تميل الأهداف الروائية في رواية " حارس الشمس" إلى تمجيد الموصل، لتكون كقديسة لها مهابتها، ولها جمالها التاريخي الذي لا ينساه العراق، ولا العالم على مر التاريخ، فأهلها اعتادوا على الجوع والخوف والفقر، ولكنهم يتمسكون بأصالتها، وبكل حبة تراب فيها، وإن وقع أهلها فريسة الحروب التي فرضت نفسها على شعب مارس لغة البقاء بنفي الاستسلام حتى للمرض والقتل والتشرد، وقد نجحت في أرشفة الطابع التراثي لهذه المدينة بوثائقية جمعت فيها الشخصيات والأماكن بسرد خضع للغة مشحونة بالوطنية، وبفصل الخارج عن الداخل، ليبقى القارئ محصورا في الموصل الشبيهة بزهرة دوار الشمس، ودلالاتها التي تفصح عن ضعفها وقوتها، كلما أشرقت الشمس عند الصباح، وكلما غابت، فهل ساعد السرد التقني في اختزال الحدود التخيلية والواقعية بين القارئ والرواية؟ نمط سردي شاعري في تطلعاته البنيوية، لتقليص الرتابة عند القارئ المتطلع إلى نهاية سعيدة لهذه العائلة التي تنتمي إلى الوطن الموجوع بكل أجزائه تماما كجسد أم حسين، أو كالأبناء الذين يتطلعون إلى ضوء الشمس بمحاكاة تراجيدية تميل إلى الحزن والقهر، وحبس المشاعر المتأثرة بواقعية الأحداث التي توقظها بحس يسمو عند التفاصيل الصغيرة التي أكثرت منها في الكثير من المقاطع التي نفخت فيها حس التراث، وأمجاد الملكة الآشورية المتعبة من التاريخ الذي يتجدد في كل مرحلة من مراحل الحروب التي يختفي فيها الرجال، وتبقى النساء كالأوطان في انتظار أبنائها، وببنية ذاتية لم تخرج عن سياق البناء الفني للرواية، مما جعلها تصاب ببرودة فرضتها علاقتها بالأشياء المحسوسة في العراق، والتي يمكن إدراكها عاطفيا، وبتوليف عقائدي ارتبط بهوية المكان ورؤيا الوطن المتسامي فوق الجراح، وبمثالية تفوقت على قوة استحضار التفاصيل بمنطق القارئ والروائي. تتسم الحياة الموصلية في الرواية بطبيعة الأشخاص الذين ينتمون إلى الأصالة، وبالبعد عن فكرة الهجر وترك الأوطان رغم أن البعض لجأ إليها، إلا إن الانتقاد الداخلي لهؤلاء حافظ على الانعكاسات البنيوية للأشخاص، وبمادية وجودية أصيبت بميكانيكية الشخوص وارتباطهم بالنص ولا سيما النابعة من ذاتية الكاتب بالبعد عنها أو ملامستها، وبنبض حياتي يوحي بعمق الفكرة وبساطتها في آن، إلا إنها لم تختزل الكثير من الأطر الاجتماعية متجاوزة الواقع بين صورة وصورة، ومنطق الأحداث وارتباطها بالتجانس الدرامي. معالم أثرية ذات منهج تصويري تخيلي يرمز إلى البعد في المعايير الروائية التي ارتكزت على البناء وأهدافه أكثر من الموضوع وأهميته، مما تتطلب وجود دلالات تخيلية أقوى مما هي في الحقيقة الناتجة عن قوة هذه المدينة في التصدي لكل أنواع الحروب التي واجهتها، وضمن الخطوط العريضة للرواية الموصلية التي تلقي الضوء على مدينة تغدو كحارس الشمس المتلاحم مع كل تاريخها الوجودي من الأزل حتى الآن، فهل نجحت بذلك الروائية إيمان اليوسف؟ وهل استطاعت حفظ الموصل وتراثها في رواية "حارس الشمس." Doha EL Mol
×
الروائية إيمان اليوسف
إيمان اليوسف كاتبة إماراتية ولدت في دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 1987. صدر لها روايتين (النافذة التي أبصرت) و (حارس الشمس) بالإضافة إلى ثلاث مجموعات قصصية قصيرة. فازت روايتها (حارس الشمس) على جائزة الإمارات للرواية لعام 2016 والتي ترجمت إلى سبع لغات. وهي أول إماراتية تختارتها جامعة أيوا بالولايات المتحدة الأمريكية للحصول على الزمالة في الكتابة الإبداعية. السيرة الذاتية إيمان اليوسف، مهندسة كيميائية ومدربة جرافولوجي وكاتبة إماراتية تخرجت في الجامعة الأمريكية في الشارقة. وحصلت على دبلوم الدبلوماسية الثقافية في عام 2017 من برلين. ومؤخرا نالت على شهادة الماجستير في إدارة المعرفة من جامعة الأمريكية في الإمارات، كما أنها عضو إداري اتحاد كتاب وأدباء الإمارات. نشرت اليوسف حتى الآن ثلاث روايات وثلاث مجموعات قصصية منها «طائر في حوض الأسماك»، و«وجوه إنسان»، و«بيض عيون». وفي عام 2016، تم تحويل قصتها القصيرة «أنا أبريق الشاي» والتي هي ضمن مجموعتها القصصية «بيض عيون» إلى عمل مسرحي يمثل الإمارات والذي عُرض في مهرجان الفن والأدب الخليجي الخامس. وفي نفس العام، فازت روايتها «حارس الشمس» على جائزة الإمارات للرواية. كما أنها في عام 2015 أصدرت كتابا فيه مناقشة أدبية تناول حوارا افتراضيا مع عدد من الكاتبات الإماراتيات حول القضايا النسوية والأدب والمرأة تحت اسم «خبز وحبر».تعتبر اليوسف أول كاتبة إماراتية تكتب فيلم إماراتي قصير نسائي ونسوي باسم «غافة» من إخراج عائشة الزعابي والذي تم عرضه في مهرجان دبي السينمائي الدولي عام 2017. كما أنها تعد الأولى من الإمارات العربية المتحدة التي تم اختيارها من قبل جامعة أيوا في الولايات المتحدة الأمريكية للحصول على الزمالة في الكتابة الإبداعية. تكتب اليوسف زاوية أدبية شهرية في مجلة الإمارات الثقافية بعنوان «تحت الحبر» وزاوية أسبوعية في صحيفة «الرؤية» الإماراتية باسم «مرأة القلم». شاركت اليوسف في العديد من المناسبات والمهرجانات الثقافية والأدبية خلال السنوات الماضية منها مهرجان طيران الإمارات للآداب وقد مثلت دولة الإمارات في العديد من البلدان منها إسبانيا، وفرنسا، والقاهرة، وبرلين وغيرهم. مؤلفاتها قصص قصيرة وجوه إنسان طائر في حوض السمك، 2014 بيض عيون أنا أبريق الشاي روايات النافذة التي أبصرت، 2014 حارس الشمس، 2015 قيامة الآخرين، 2019 فليم قصير غافة، 2017 الجوائز حازت على جائزة الإمارات للرواية في عام 2016 مصدر السيرة الذاتية ويكيبيديا
الفهم المرتبط بمفاعيل إنسانية
BY الروائية سلوى البنا
7.0
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
عشاق نجمة والفهم المرتبط بمفاعيل إنسانية ضحى عبدالرؤوف المل قراءة في رواية "عشاق نجمة" جزء من الواقع الاجتماعي والسياسي تفتحه الروائية سلوى البنا روائيا في روايتها "عشاق نجمة" متخذة من السجن مكانا تنخرط فيه أيديولوجيات إنسانية مختلفة، ضمن لحظات تاريخية تعالجها ببنية ذات تحولات تتعدد فيها التخيلات، وبأنماط سردية تدعم فيها البناء الروائي بانتماءات لها رمزيتها التي حبكتها، لتقليص حدة الزمن بين الأجيال، بأسلوب تحليلي داخلي وخارجي، فتارة تبدو الحرية عالقة في الأنفس الإنسانية الميالة للشر والخديعة، وتارة أخرى عالقة في تخيلات العودة التي ستتحقق لتحرير فلسطين وأهلها من شرك الزمن، وما علق به من شوائب لا يمكن معالجتها إلا بتماسك العالم العربي، والفهم المرتبط بمفاعيل إنسانية تنص على رؤية كل تفاصيل الحياة التي يحياها الإنسان مقيدا أوحرا، والتحاور معه روائيا. وقائع وأحداث وتفاصيل لا يمكن الهروب منها، أو خلق انعكاسات أخرى يمكن اللجوء إليها، إذ تبدو شخوصها الروائية من كل بلد عربي يرمز إلى المفهوم الوطني العربي، وتبعا للنتاج التخيلي وخضوع الواقع لمسيرة السجناء القابعين في زنزانة أشبه بالعالم العربي، والأفكار التي تطرحها الأنظمة الخارجية المتشعبة في مساراتها، والعالقة في فكر كل عربي معارض أو موال لهذه الأفكار التي تشكل الحدث الأقوى الذي تصعب معالجته بما يتناسب مع القضية الفلسطينية التي تحتاج إلى قفزة نحو فكرة إنسانية تقود الشخوص إلى العالم الخارجي، ليكونوا أشبه بالحاضر الذي ينزف مستقبله قبل أن يولد، لتتم معالجته وفقا للحكاية التي بدأ ب " تقول الحكاية: إن من استحق لعنة نجمة لا تدركه شمس النهار إلا وقد استحال تمثالا شمعيا" فهل ذوبان الرموز في شخوص رواية هي شموع تحترق، لتنير الزمن بحقائق روائية؟ أماكن تنطق بروح فلسطين، وبتراث وعادات حتى تلك الصور الفوتوغرافية الشاهدة على الزمن، وعلى جمال العيش الهنيء في فترة أصبحت الصور في صرة مشدودة ربطتها بإحكام، لتكون أمانة بعد الرحيل، ولا يمكن التفريط بها، ولا يستهان بها، فهي بمثابة ذاكرة أخرى مضافة إلى ذلك المشهد الذي يصعب الوصول إليه، لما يحمله من ألم وإرهاب في قتل عروس أمام زوجها، وانتشال جنينها من بطنها برأس حربة قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة أمام بصر عطية الذي لم يتجاوز الثامنة عشر، وبهذا تؤرخ الروائية سلوى البنا لمعالم الزمن الفلسطيني الذي يسير تاركا للأجيال القادمة ذكريات متعددة لا يمكن محوها من ذاكرة أبناء حملوا الصور في صرة، والمفاتيح تعلقت في الصدور من أجل العودة إلى نجمة، وحكايتها واخضرارها، وبرمزية الوطن وجماله وحكاياته المحبوكة بالتخييل المجازي القادر على استفزاز القارئ، وشحن انفعالاته بمسؤوليات حمل الأمانة مع شخوص روائية مسكونة بالغضب والوجع والاحتلال.. تكشف الرواية عن الوجع العربي بشكل عام، والفلسطيني بشكل خاص مصنفة عدة آراء سياسية واجتماعية ووطنية من خلال عدة شخوص أمسكت بها الروائية سلوى البنا لتكون بمسارات وأبعاد لها فعاليتها في ذهن القارئ القابع في انفعالات الرواية وأسسها البنائية من البداية حيث الحكاية حتى النهاية، يحاول القارئ اكتشاف الحلقة المفقودة مع أبو المجد حين" نقل عينيه ما بين لؤي وسامي، محاولا أن يكتشف تلك الحلقة المفقودة ما بين اللحظة التي تركهما فيها خلف البوابة، وتلك التي وجدهما فيها فوق رأسه" وهي المسافة الفاصلة بين زمن وزمن، لكن للمكان وحدة زمنية هي فلسطين أو نجمة والمكان الروائي الذي أشبه بعالم صغير هو سجن نرى من خلاله الأحداث التي لا يمكن إنكارها من مجازر واعتداءات وقتل الأطفال والأبرياء، والتنكيل بالأحياء والاعتداءات على الأماكن الفلسطينية التي تغيرت بفعل الاستيطان والاحتلال الذي يمارس شتى أنواع الاعتداءات على البشر والحجر. ترجيع الزمن، ولم الشامي المغربي أبو المجد الفلسطيني وسامي اللبناني ولؤي الجزائري، وتساؤلات عن اللغز والملفات وأكداس من الجثث لا يعرف إن كان سيلتحق بها أو يجمعها، وفي كلتا الحالتين خوف ورعب وهيبة مكسورة، هي في حقيقة الأمر مفتاح الموت الذي يملكه كل سجين فلسطيني داخل سجون الاحتلال، ضمن معايير منطقية متسلسلة روائيا مقنعة، وذات محاور إيجابية وسلبية تقترن بالاستراتيجية الروائية لحكاية نجمة أو حكاية فلسطينية، لها مجازيتها ودلالاتها وعناصرها المتباينة والحاملة للحقائق التي أرشفها الزمن الروائي الخارجي والداخلي ولا سيما القضايا الاجتماعية التي يعاني منها ابن فلسطين الذي سكن المخيمات، وفقد الطفولة، وبات يحلم بحضن أبيه وأمه ووطنه . تنعكس تمثيلات الواقع على الأحداث الروائية، وبوعي ذي بنية دالة على رصد حركة الشخوص، لتغدو عالما خاصا تنغرس فيه المشاهد الحية التي تعيد إلى الذاكرة أحداث دير ياسين، ومجازر كثيرة ما زالت جراحها تنزف في أرواح الفلسطينيين دون أن تنفلت من السرد المبطن، وبجدلية جوهرية تتمتع بخاصية عربية بحتة، تحمل هموم شعب تعرض إلى نكبات وويلات، وحدود وطن تضيق حتى بالأوهام التي ترفض أرض الواقع المبني على نجمة، وزيتونة خضراء فارضة مسار الحدث على القارئ، وبحكمة أحيانا تختزل فيها الكثير من المعاني" حين نتوقف عن الهروب إلى الخلف، ربما نتقدم خطوة إلى الأمام" فهل الماضي هروب أم واقع يتخطاه ابن فلسطين، ليعيش الحاضر محققا مستقبله بالعودة؟ زوايا زنزانة جمعت الواوي بأبي المجد وآخرين علقوا في قبضة القمع للحريات، ومحاولات اغتيال فاشلة تمثل مخططات أفراد تمادى كل منهم بسلوكيات شاذة، هي نتيجة تعكس معادلة الوطن الذي بين قبضة الاحتلال ونتائج ذلك على شعب تناثر في كل مكان، وبات الاسم هو فلسطيني أو فلسطينية رمزا للوجود مع تساؤلات" أية عدالة هذه التي جعلت من هوية الفلسطيني لعنة تطارده" متجهة بالهوية الفلسطينية اتجاها معاكسا، وبوتيرة توسعت فيها لإنعاش عمق الرؤية الروائية، ومعناها الممتد من نجمة وصولا إلى من باتت تسمى بالفلسطينية، ومن منظور لا يمكن التكهن به إن كانت ستفرح بذلك أم تحزن فارضة التحاور مع القارئ بأسلوب ديناميكي، ومقاومة من نوع آخر . مواكبة لوجود إنساني مرتبط بفلسطين ووجودها الأزلي كنجمة لها حكايتها التي تعيد روايتها الألسن، بجرأة روائية أعادت بناء العالم الضيق الذي يعيش فيه الفلسطيني خارج بلاده وداخلها، ضمن انعكاسات الحب والزواج والخيانة والوفاء والالتزام بالحرية والعودة والمفاتيح المعلقة في صدور نجمات الوطن القادرة على الإضاءة الوطنية الخاصة بفلسطين الحلم والوجود، وبنطق رواية تباينت فيها الأفكار، فالنص الروائي إبداعي في مساراته التاريخية والتراثية والسياسية والاجتماعية، وما إلى ذلك، إذ تترابط الأحداث مع الأحلام، والواقع مع الوهم لاستخراج جوهر الشخوص، ومداواة الشكل الفني الروائي بالإيحاء لمقاومة هي الأشرس نفسيا، وبعقلانية حملها أبو المجد بصفات متعددة، وربما انفرد أبو المجد بالوجود الروائي المتمسك بتراثه ونجمته ومواله العتابا، وبوضوح لا ضبابية فيه، وباتساق سردي يوحي بقوة الذاكرة الفلسطينية وصلابتها، وبتوصيف صنعت منه تاريخا روائيا خاصا بفلسطين النجمة والأرض والزيتونة الخضراء . Doha EL Mol
×
الروائية سلوى البنا
سلوى البنا (من مواليد عام 1951 في مدينة نابلس) هي كاتبة وروائية فلسطينية صدرت لها عددٌ من الروايات والمجموعات القصصيّة لعلَّ أبرزها روايةُ «عروس خلف النهر» التي صدرت في بيروت عام 1972، وروايةُ «الآتي من المسافات» التي صدرت في بيروت أيضًا عام 1977، و«الوجه الآخر» وهي مجموعة قصصيّة نشرتها البنا في عددٍ من الصحف الأردنية ثم أعادت طباعتها في بيروت عام 1974. للكاتبة كتبٌ أخرى صدرت تباعًا وهي «العامورة عروس الليل» وهي أيضًا روايةٌ صدرت من العاصمة اللبنانيّة بيروت عام 1986، و«حذاء صاحب السعادة» المجموعة القصصيّة التي صدرت عام 2010 فضلًا عن رواية «امرأة خارج الزمن» التي صدرت في العام الموالي. الحياة المُبكّرة والتعليم وُلدت سلوى البنا في مدينة نابلس بفلسطين وهناك عاشت، حيثُ أتمَّت دراستها المتوسطة في نابلس، لكنها حصلت على الإجازة بالآداب من جامعة بيروت. المسيرة المهنيّة بدأت سلوى البنا مسيرتها المهنيّة في مجال الصحافة، ثمّ عرَّجت في وقتٍ ما على مجال الكتابة والنشر والتأليف فنشرت عددًا من الكتب والروايات لعلَّ أبرزها رواية عروس خلف النهر التي صدرت من بيروت عام 1972، وكذا رواية الآتي من المسافات التي صدرت في بيروت أيضًا عام 1977، فضلًا عن رواية مطر في صباح دافئ (1979)، والوجه الآخر وهي مجموعة قصصيّة نشرتها البنا في عددٍ من الصحف الأردنية ثم أعادت طباعتها في بيروت عام 1974. للكاتبة كتبٌ أخرى صدرت تباعًا وهي العامورة عروس الليل وهي أيضًا روايةٌ صدرت من العاصمة اللبنانيّة بيروت عام 1986، وحذاء صاحب السعادة المجموعة القصصيّة التي صدرت عام 2010 فضلًا عن رواية امرأة خارج الزمن التي صدرت في العام الموالي.أشهر أعمال الكاتبة الفلسطينيّة كانت روايةُ «ست الحسن» التي جاءت مختلفةً في أسلوبها السرد الروائي والنص المسرحي والى حدٍ ما الشعر. قالت سلوى في هذه الرواية أنها لم تتعمّد التجديد لكن الفكرة كانت تقتضي الخروج عن المألوف وهو ما فعلته ونجحت فيه كما ترى حين تخطَّت الخطوط الحمراء التي كنت تضعها لنفسها أثناء الكتابة. جسَّدت سلوى في روايتها «ست الحسن في ليلتها الأخيرة» الهجمة الشرسة التي تعرضت وتتعرضُ له بلاد الشام بهدف تدميره وتفتيته وتغيير هويته ومقوماته الحضارية، وتغييب فلسطين تماما من على خريطته كما تقول. قصدت سلوى البنى في روايتها هذه بعبارة «وردة الشام» دولة فلسطين.لقد جسَّدت سلوى في رواية «ست الحسن» الصراع بين الخير والشر، بين القبح والجمال كما أكّدت في حوارٍ لاحقٍ مع جريدة إلكترونيّة، ونفس الأمر فعلتهُ في رواية «عشاق نجمة» حيث جعلت فلسطين الحدث والقضية الأساس، وبالتالي كان الانطلاق من حضن التاريخ واستحضار الزمن والأمكنة والأسماء للتأكيد على هوية الأرض وعروبتها. قصدت سلوى بكلمة «نجمة» في الرواية فلسطين وعشاقها هم المناضلون بالبندقية والفكر والكلمة لتحريرها. عرَّجت في هذه الرواية على كل أشكال التآمر التي تعرضت لها قضية فلسطين، وصولًا إلى ما انتهى إليه المشهد اليوم من حروب واقتتال وتدمير. آراء ترى سلوى البنا أنَّ شغف الكتابة وُلد معها مبكّرًا وتُرجع الفضل في ذلك لخيالها الواسع الذي بدأ مع الشعر حين لم تكن قد تجاوزت الثانية عشر من العمر بعدها. انتقلت بعدها سلوى للقصة والرواية فنشرت أول قصة قصيرة لها في مجلة اسمها «قافلة الزيت» في مسابقة للقصة فنالت الجائزة الأولى حينما كانت طالبة في كلية راهبات مار يوسف في مدينة نابلس.بعد التخرج من المدرسة عملت في الصحافة التي تقول أنها منحتها تجارب إنسانية وصقلت قلمها ومكّنتها لاحقًا من القبض على الصور والمشاعر والحروف حتى نشرت أول رواية قصيرة لها بعنوان «عروسٌ خلف النهر». تعتبرُ سلوى أنَّ قضية فلسطين هي الدافع والمحرك وراء معظم نصوصها الأدبية، فالقضيّة – بحسبها – كانت ولا تزال حاضرة بقوة في كل أعمالها حتى في رواية «ست الحسن» التي خرجت بها إلى قضية أشمل وأوسع هي في أساسها فلسطين. ترى سلوى أنَّ الالتزام بقضية لا يقيّد المبدع ولا يحدّ من النصوص، فالرواية أو القصة هي انعكاسٌ لواقع اجتماعي وتصوير لشرائح وطبقات اجتماعية وحركتها اليومية، وبدقة أكثر الأدب هو تأريخ لواقع وحضارة المجتمعات كما تقول.بالنسبة لسلوى، ففلسطين كانت وستبقى الوطن الذي يسكن كل فلسطيني أينما كان بما في ذلك هي. ترى الكاتبة الفلسطينيّة أنَّ من يراهن على الزمن لقتل الحلم الفلسطيني هو خاسرٌ بالتأكيد. تنتقدُ سلوى أيضًا تغييب قضية فلسطين عن الأدب العربي وتغييب مفهوم الالتزام أيضا وترى أنّ هذا يحدث بالصدفة وإنما ضمن حركة استهدفت ضرب القيم الثقافية وتفريغها من خصوصيتها وتهمشيها، وتسطيح الفكر وضرب الوعي من خلال استهداف الكلمة الملتزمة سواء بالفن أو الأدب.عن وجهة نظرها في كتابة مشاهد تحتوي على الجنس داخل الرواية بجرأة، فيما يُعرف بالنص الأيروتيكي، تقول سلوى أنّ الهدف الأساسي من الجنس في رواية «ست الحسن» كان لخدمة الفكرة والتي تعكسُ مفهومين متناقضين له: المفهوم الحضاري الذي يرتقي به من غريزة همجية إلى سلوك إنساني نابض بالحب والجمال، والمفهوم البدائي أو الهمجي المتمثل بغريزة حيوانية شهوانية منفرة وقبيحة. تنتقدُ سلوى أيضًا غياب النقد المتجرد والبناء، بسببِ غياب جيل النقاد الكبار الذين يعود إليهم الفضل – بحسبها دائمًا – في خلق أدباء تركوا رصيدًا راقيًا من الإبداع. قائمة أعمالها هذه قائمةٌ بأبرز أعمال الصحفيّة والكاتبة سلوى البنا: عروس خلف النهر (رواية صدرت في بيروت عام 1972) الآتي من المسافات (رواية صدرت في بيروت عام 1977) مطر في صباح دافئ (رواية صدرت في بيروت عام 1979) الوجه الآخر (مجموعة قصص نشرتها في الصحف الأردنية، ثم طبعت في بيروت عام 1974) العامورة عروس الليل (رواية صدرت في بيروت عام 1986) حذاء صاحب السعادة (مجموعة قصص صدرت في بيروت عام 2010) امرأة خارج الزمن (رواية صدرت في بيروت عام 2011) ست الحسن في ليلتها الأخيرة مصدر السيرة الذاتية ويكيبيديا
إشكالية التحول الفردي
BY الروائي ياسمينة خضرا
8.0
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
ياسمينة خضرا في رواية «ليس لهافانا رب يحميها»: إشكالية التحول الفردي من حالة إلى أخرى ضحى عبدالرؤوف المل تتخذ رواية «ليس لهافانا رب يحميها» للروائي ياسمينة خضرا الصادرة عن دار نوفل، شكلا تساؤليا يتألف من السرد التحليلي المعتمد على الحقيقة الحياتية، في بقعة من الأرض بغض النظر عن الخيال الروائي، والكيان الإنساني الباحث عن أسباب الوجود، والدور الذي يلعبه الإنسان من خلال مسيرة بحثه عن الله إيمانا أو كفراً. وفي كل الأحوال يطرح الروائي ياسمينة خضرا من خلال روايته فكرة الإيمان بالشيء والانقياد خلف هذه الفكرة أو ضدها، وعبر مساحة مفتوحة تنوعت الأمكنة فيها، كما استطاع الغوص في بيئة اجتماعية تتشابه مع كثير من البيئات الفقيرة في العالم، وما هافانا إلا رمزية لهافانات أخرى قد تكون هنا أو هناك. وما إيمان بانشيتو الذي بدأ به روايته إلا حلم الفقراء في الاستقرار والرخاء، والسعي إلى التقاط إيجابيات الحياة. «علينا نحن أن نجد له معنى يساعدنا على بلوغ شيء من السعادة». وما الفرح إلا تلك المرحلة المجهولة التي يزرعها الأهل في نفوس أطفالهم. فإما أن يكمل بعدها الإنسان مرحلته التي يعيشها سعيداً، أو تعيساً، وفي جميع الأحوال هي رواية اللقاء المؤسس للعائلة المؤثرة نفسياً على التفاصيل الأخرى أو على الهيكل الروائي المشيد بمقومات وأسس تتماشى مع السرد المؤسس لتكوين هافانات في مخيلة القارئ. وبتسلسل تنمو من خلاله الأفكار المؤمن بها بانشيتو القابع في نفس كل إنسان يبحث عن وجوده بعيدا عن الشعارات أو «الأيديولوجيات النابعة من ذهنية التبعية، أكثر منها الناتجة عن غسيل الدماغ». بتوليف وتزامن وبوعي روائي رسمه بدقة وبتدرج هو نمو الزمن في الشخصيات المؤثرة على الأحداث المتخيلة أو المطروحة للنقاش الذهني مع القارئ. قد يتساءل القارئ ما نتاج هافانا؟ وأين الرب الذي يحميها؟ أو أين اختفى في رواية حضر فيها بانشيتو، وما الفلسفة التي تطرحها هذه الرواية المزودة بعقلانية وهيكلية متينة تهدف إلى حكمة مبطنة مرتبطة بنوع السرد الذي يعتمده ياسمينة خضرا، مبتعداً عن المؤامرة الإنسانية في الواقع الحي والمحسوس، ولامسا البساطة الحياتية التي تولد مع الإنسان في مناطق هي من النوع الثالث في العالم، وضمن الخصائص الأسلوبية التي يتبعها في السرد الممتع أو في خلق المشهد تلو المشهد، والمقولات المستخرجة من لب الحياة والواقع المعاش «والدي علمني أن أجعل من اللقمة مأدبة. هو أيضاً من أثبت لي أن المرء كيما يكون رجلا حقيقياً، يجدر به ألا يحيد عن ذاته الحقيقية، بهذا على الأقل لا يخدع أحداً»، فهل نختلف معا لأن أنماط التفكير تختلف بين شخص وآخر؟ امتنع ياسمينة خضرا عن توجيه القارئ نحو الهدف مباشرة، بل اعتمد على حكمة صنع الرواية لكل فرد يشبه بانشيتو. ما جعلها حكاية كل فرد يولد في مجتمع خرج منه كوسمولوجيا وفي ظروف معقدة وجعله يسأل أين الله؟ إلا أنه لا يشعر بتعقيدها أو صعوبتها، لأن العائلة التي خرج منها آمنت بالحب «ما أندر الحب حين يكون بهذه القوة» وبنصيحة واحدة من أب فطري وعفوي يترك لولده مقولة «عش حياتك» وهي تمثل اكتشف حياتك وتعلم من أخطائك فيها، إذ نكتشف في كل صفحة بساطة بانشيتو وقوة استخراجه ذهنيا لما هو فلسفي، ولما هو نوع من إشكالية التحول الفردي من حالة إلى حالة، وبابتكار توالفت معه الأحداث، بدون تكلّف أو ابتذال أو تسريع أو تباطؤ، بل ترك عين المشهد الروائي مسلطة على بانشيتو وتحولاته، والعين الأخرى على التفاصيل، كلعبة الساحر الفنية في خفة يده، وهذه تقنية روائية لشخصية افترضها، عالج من خلالها الكثير من الجدليات التي نؤمن بها أو نكفر بها، كالحبال التي سنشنق بها ذات يوم وباحترام لطبيعة التجانس الروائي، أو بالأحرى طبيعة التجانس بين الشخوص، والإيمان الخاص بكل فرد بما يعيشه من أحداث أو من مكتسبات جينية نشأ عليها وتابع المسيرة من خلالها. وهذا يشكل الأضداد أو فروقات الأضداد بين الشخصيات، والاكتشاف الفني هو الفواصل الذهنية الموضوعة للتفكر أو لاستراحة القارئ بين لحظة وأخرى. ترتد الانعكاسات على قارئ رواية «ليس لهافانا رب يحميها» وبتفعيل عكسي، إذ يسترجع الذهن وبسرعة كلام بانشيتو، وبشكل تدريجي يعيدنا في كل مرة إلى الأب والأم والجينات المتوارثة. إلا أن ذلك يبدأ وبانشيتو في عمر خمس سنوات، لتتساوى معرفة القارئ بمعرفة بانشيتو، وبخبرته الحياتية التي تلقاها في كلمتين «عش حياتك»، التي حددت كيفية تكوين شخصية بانشيتو في الرواية، وشخصية أي فرد في المجتمع المتخبط الذي تنتج عنه تأثيرات قد نؤمن بها أو لا نؤمن بها، إلا أنها تشكل هوية الشخصية المجتمعية التي يواجه بها الأفكار المختلفة، أو الأفكار التي يقطفها من كل مرحلة حياتية يعيشها. «تلك مرجعيتنا وهويتنا، وهي أيضا امتيازنا الثقافي في العالم». وبتوليف مع قصة حياة يقدمها ياسمينة خضرا على صفحات رواية انتظمت المعلومات السردية فيها مع تحليل الشخصية وتطوراتها واكتمال المعرفة فيها ضمن نوعها وذاتيتها، وحتى موضوعيتها أو البواطن المخفية لهذه الشخصية التي أنجبتها الحياة نفسها، أو بالأحرى المجتمع الذي نشأ فيه بغض النظر عن هافانا أو كوبا أو غيرهما. لأنها شخصية تتكرر في كل زمان ومكان «إن الثورة إن كانت قادرة على صنع الأفكار، فهي غير قادرة على تطهير جيناتنا من الموروث الذي تحمله بشريتنا منذ آلاف السنين»، فما الفرق بين بشريتنا وإنسانيتنا؟ وهل يمكن اكتشاف ذلك مع بانشيتو في رواية ليس «لهافانا رب يحميها» التي تجعلنا في رحلة تشويقية لا تنتهي، فيها اكتشافات بانشيتو الحياتية المفرحة أو الموجعة أو الوجودية المرتقة بموروث متهالك؟ تستعاد الأشياء في أساسيتها البنيوية، وخصائصها الحامضية وتراكيبها الجينية، ومتغيراتها الكروموسوماتية وعمقها النووي للذرات، التي من شأنها أن تعيد للبشرية الوجه الإنساني الذي يختفي ويعود عبر زمن يتخطانا أو نتخطاه تبعا لتطورنا الزمني في المكان نفسه «عمداء في فن المسرح لا يدركون أن العصر تجاوزهم « وحين يتجاوز العصر الإنسان فإنه يموت، وهو يعيش على أطراف ذكرياته التي تأكله أو بالأحرى تجعله يتآكل حتى الفناء، «هذا الإنسان البالغ من العمر خمساً وثمانين سنة هو مثالي التخليّ، فهو لا ينتظر شيئاً من المستقبل ولا من الموت»، فكيف يمكن أن تتجدد البشرية وهي تأكل نفسها كما تآكلت أحلام بانشيتو، الذي غادر السهول المشمسة فنياُ ببنطال مرقع وفي جعبته حلم فنان، وما الأحلام إلا الإيمان المطلق بالقدرة على تحقيقها، ولكن يجب حمايتها من تبدلات الزمن ومتغيراته وتأثيره على الإنسان ومحيطه. رواية تطرح المشاكل البشرية التي تواجه الإنسان في تكرار مبني على الولادة والموت في كل شيء، من الإنسان إلى الأشياء وصولا إلى الاختلافات والمتناقضات في المجتمعات غير المؤهلة للتطور، وكأن خطى بانشيتو الذي تحول إلى مغن وأصبح يدعى خوان ديل مونتي، تمثل خطوات كل فرد ما اقتدى بقانون التطور، وترك أموره عالقة في براثن الزمن. كنوع من تعليم الوعي للقارئ، من خلال السرد الروائي القائم على متابعة مسارات الحياة في بقعة هي هافانا بكل مشاكلها الاجتماعية والإنسانية، التي تجعلك تشعر بأن الطفولة والشباب والهرم تفاصيل وما هي إلا أدوات الحياة تاركا في روايته سؤالا مفتوحا تكتشف أجوبته المتعددة من خلال السرد وتطوراته. هل يحدث لك أحيانا أن تؤمن بالله؟ ياسمينة خضرا: «ليس لهافانا رب يحميها» Doha EL Mol
×
الروائي ياسمينة خضرا
ولد بتاريخ 10 يناير/كانون الأول 1955 بالقنادسة في ولاية بشار الجزائرية، كانت والدته ذات الأصول البدوية «الراوية الرئيسية» لقبيلتها، وكان والده ضابطًا ممرضًا، وانضم إلى جيش التحرير الوطني الجزائري مع بداية الكفاح الجزائري ضد فرنسا، في عمر التاسعة التحق مع أخويه الأصغر سنًا منه بمدرسة أشبال الثورة في قصر المشوار بتلمسان بالغرب الجزائري، وهي مدرسة تديرها وزارة الدفاع الوطني، وتتكفل وزارة التربية بالدراسة، والحياة فيها شبه عسكرية، يصف محمد بداية شغفه بالكتابة في سيرته الذاتية بعنوان «الكاتب»، حيث أراد أن يكون شاعراً في اللغة العربية، لكنه التقى بأستاذ من أصل فرنسي. أنهى مجلده الأول من القصص القصيرة في سن الثامنة عشر أثناء وجوده في المدرسة العسكرية، والذي سيظهر بعد أحد عشر عامًا باسم «حورية» في 1984. مسيرة عسكرية تخرج من المدرسة العسكرية متحصلا على الباكالوريا سنة 1974، والتحق بأكاديمية شرشال العسكرية حتى تخرج منها برتبة ملازم عام 1976، ثم التحق بالقوات المحمولة جوا، وخلال فترة عمله في الجيش أصدر ثلاث مجموعات قصصية وثلاث روايات موقعة باسمه الحقيقي بين 1984-1989. في أوائل التسعينيات كان متمركزًا على الحدود الجزائرية المغربية وفي ولاية وهران كقائد في القوات الخاصة، أثناء الانتشار العسكري ضد الأصوليين الإسلاميين والجيش الإسلامي للإنقاذ والجماعة الإسلامية المسلحة، وأصيب بثلاث انهيارات عصبية ونجا من كمينين وأجبر ثلاث مرات على الهبوط بطائرة هليكوبتر. اعتزل الحياة العسكرية في عام 2000 بعد 26 عاماً من الخدمة وقرر التفرغ للكتابة واستقر لاحقاً مع أسرته في فرنسا. فرنسا في العام التالي 2001 نشر روايته «الكاتب» التي أفصح فيها عن هويته الحقيقية وتليها «دجال الكلمات» كتاب يبرر فيه مسيرته المهنية، وتبلغ شهرته حد العالمية حيث تترجم وتباع كتبه في 25 بلد حول العالم. تتطرق أفكار ياسمينة خضراء إلى مواضيع تهز أفكار الغربيين عن العالم العربي، حيث ينتقد الحماقات البشرية وثقافة العنف، ويتحدث عن جمال وسحر وطنه الأم الجزائر، ولكن يتحدث أيضاً عن الجنون الذي يكتسح كل مكان بفضل الخوف وبيع الضمائر متذرعاً بالدين ومخلفاً وراءه حماماتٍ من الدم. لديه الكثير من المؤلفات للمعرفة أكثر عن سيرته الذاتية يمكنكم الدخول موقع ويكيبيديا https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D9%85%D9%8A%D9%86%D8%A9_%D8%AE%D8%B6%D8%B1%D8%A7%D8%A1
«
8
9
10
11
12
»