Movie
Series
Books
Paintings
Anime
Interviews
Theater
Login
 
Contact Us
 
نغمة المسك
BY الروائي باتريك زوسكيند
9.0
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
نغمة المسك في رواية " العطر" لزوسكيند. ضحى عبدالرؤوف المل يحيا القارئ الحديث هموما تختلف عن أي عصر من العصور التي مضت، ونحن في زمن سرعة يتفوق على قدرات العقل العادية، فكل تجربة نفسية نعيشها في اللحظات الأولى من الطفولة تترك أثرا في الذاكرة، يصعب محوه بسهولة، فالحواس هي طاقة محركة متصلة بروح تنشط فرحا أو يأسا، بل تدفعنا لاكتشاف أي شيء تلتقطه، فالانفصال المباشر لغرنوي عن أمه كان بقطع الحبل السري بسكين السمك التي كانت تستعمله للتنظيف والتقطيع، ليغمى عليها، ويعلو الصراخ، وكأن زوسكيند بدأت حواسه تلتقط الرائحة، ومن ثم يلتقط سمعه الصراخ، ليتدرج بالحواس التي كان الذباب هو أول من تحسس جلد الجنين المولود في ذاك اليوم الحار جدا وبين روائح جثث وأسماك، لينفصل عن الأم، وتبدأ رحلته مع المرضعات في غياب الأم أو بالأصح في غياب الحياة الحقيقية التي تشعره بالوجود، فالأم نفسها كانت تعاني من أحلام لم تتحقق في الحياة، كما أنها كانت تنتقم من الوجود برفض وجود آخر نما من خلالها، فكانت تقتل كل مولود عند ولادته، لتكمل بيع أسماكها بهدوء، غير أن غرنوي صرخته كانت صرخة صامتة جعلته يحيا بحثا عن الوجود. يقول باشلار: "كيف لا نشعر أن هناك اتصالا بين وحدة الحالم ووحدات الطفولة؟ فالنواة الحقيقية للوجود هي لحظات الخلق الأولى التي تنطبع على الخلايا كأنها مسار تسير عليه حياتنا، فالماضي الطفولي هو المستقبل، وما يحمله من عناصر سلوكية تهذب الطبع، وتحاول تحديد مساره، يقول الراوي:" كان يلتهم بأنفه أي شيء على الإطلاق" وفي هذه الجملة صورة قوية لحواس ظامئة تستكشف" مدركات حاسة الشم" ليبدأ غرنوي رحلة رفض اجتماعي بدأ في مراحله الجنينية، فهو لم يحصل على أي اسم، ولم يعمد، وكان قرار تسليمه لمؤسسة كنيسة مرتبطا بوصل تسليم كأنه بضاعة من سوق حرة، لتتركه المرضعة الأولى بسبب ظمئه أيضا للحليب، وهذا يعني أنه غير قادر على أي شبع، وكأن الإشارات الدماغية المسؤولة عن الحواس لا تستطيع التوقف بحدود معينة" " لا يستحسن نقل الطفل هكذا، من مرضعة إلى أخرى، من يدري، إذا كان سينمو بحليب مرضعة أخرى كما بحليبك، وليكن بعلمك أنه قد تعود على رائحة صدرك، وعلى نبض قلبك." فغرنوي خسر ريحة الأم، وخسر روائح مرضعات تنقل بينهن، وكأن الحياة لم تمنحه رائحة الأمومة التي ينشأ عليها الطفل عادة بل سرقت منه رائحته، وكأن الرائحة هي الحب الحقيقي الذي يحتاج إليه أي طفل، لينمو نموا طبيعيا. يقول الدكتور محمد مندور:" رغبات النفس قد تبلغ أحيانا من القوة بحيث تختلط بالواقع، فلا يستطيع صاحبها أن يميز بينه وبين الحياة." إن رمزية رواية العطر ذات دلالات فكرية عميقة المعنى، لأنها عكست نمو الإنسان في الأحياء الفقيرة جدا مع تعدد السلوك البشري واختلافه وتأثيره على المجتمع، وعلى النفس بصورة خاصة في أسلوب تخبط مساره مع تخبط غرنوي النفسي، ولكن الراوي لم يبتعد عن الأحداث، ولا عن البطل بل تجسد وجوده فكريا في أماكن عديدة من الرواية " إذ لم يسبق له في حياته أن رأى شيئا يوازي جمال هذه الفتاة، علما أنه لم ير منها سوى ظلها من الخلف في ضوء الشمعة " وهذا أبعدنا عن غرنوي في أغلب الأحيان، لنشعر أننا مع زوسكيند في شخصية تركيبية لا تمس الواقع، إنما هي متخيل روائي بحت، بينما الرواية ذات بناء فنتازي مميز يعالج مواضيع متعددة، ويبرز مساوئ اجتماعية ذات تأثير كبير" إن تعاسة الإنسان تنتج من كونه لا يريد أن يقبع ساكنا في غرفته هناك حيث يجب أن يبقى، هكذا يقول باسكال" إن حذفنا من رواية العطر الشخصيات والأحداث فسنجد أن ما سيتبقى مفاهيم شاملة تقريباً تربوية، نفسية، صناعية، سياسية، اجتماعية، إلخ.. فهو لم يهتم فقط ببناء عالمه الروائي من حدث وحبكة وشخصيات بل بمفاهيم متزنة تتسرب إلى ذهن القارئ بشكل تعليمي غير مباشر، حتى الإيمان بالقضاء والقدر وجهل الإنسان بمصيره وتفاصيله الحياتية، كما جرى مع بالديني" فبعد أن اقتنع بالديني بأنه سيقضي آخر أيامه في فقر مدقع في ميسينا، أصبح وهو في السبعين من عمره أشهر وأعظم عطار في أوروبا، وأغنى مواطن في باريس" كما برزت مفاهيم الكثافة السكانية، وهذا يؤكد معرفة زوسكيند بهذا العلم جيدا، فمن خلاله تم توزيع الشخصيات حسب كثافة الحدث " كانت الكثافة البشرية بالنسبة لمساحة الحركة المتاحة أكبر من أي مدينة أخرى بالعالم" فالحركة المتاحة في البناء السردي كانت تعج بالمشاهد الوصفية التي تنقل من خلالها غرنوي لأكثر من مكان، والتي سمحت في التقاط مشاهد حسية لا يمكن التقاطها سينمائيا إنما هي عين الحواس التي ترتبط بين الروائي والقارئ، وفي أزمنة تختلف رغم أن إحساسنا بالزمن هو في القرن الثامن عشر، لكن الزمن متنقل من حدث لحدث، وكأنها رواية زمن متحرك إنما كان اختباره نباتيا، أي كالحبة المريمية التي عليها أن تختار بنفسها، إما أن تنمو أو تموت، أو كحشرة القرادة القابعة على جذع شجرة، ليس لدى الحياة ما تقدمه لها سوى النجاة المتكررة من كل شتاء، ونتيجة لذلك فإن هذه القرادة الصغيرة البشعة تكور جسمها الرمادي على ذاتها، كي لا تعرض منه للعالم الخارجي سوى أضأل مساحة ممكنة" إن العطر هو الركن الأساسي لبناء هذه الرواية، وكأن العطر في نموه ووجوده ذو أهمية إنسانية ، ليمنح العدم وجودا قويا في ذاتية ترتبط بالطفولة والشباب والكهولة وصولا لمراحل الموت النهائية، فكل مرحلة من المراحل العمرية هي هوية جديدة كتلك التي منحت غرنوي اسما هو جان باتيست، ومع ذلك اتخذ غرنوي الاسم الأقوى أو الوجود الحقيقي، إلا أن وجوده العطري غير موجود، فهو لا رائحة له، أو بالأصح لا هوية حقيقية انتمائية لحياة يعيش فيها حتى في القرآن الكريم. يقول الله تعالى:" ولما فصلت العير قال أبوهم إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون" فسيدنا يعقوب عليه السلام امتلك قدرة الشم، ولولاها ما رجع بصره حين ألقى على وجهه قميص يوسف، فهل من معجزات أسطورية بدون قاعدة سببية لها أساس وجودي مسبق؟ وما علاقة الرائحة بالشيطان والملائكة أم أن هذا مفهوم دنيوي مكتسب من خبرة حياة؟ أو أن العلم اللاهوتي محمل بالحقيقة الربانية التي لا يؤمن غرنوي بوجودها، وكأن زوسكيند هنا ينفي هويته الدينية نفيا ظالما حتى من عالمه الروائي" مستحيل! يستحيل مطلقا أن يكون رضيع مسكونا بالشيطان، هل تفوح منه رائحة كريهة؟ بل ليست له أي رائحة على الإطلاق" صراع نفسي داخلي عاشه الروائي عن غرونوي، ليستنكر جشعا بالديني، وخوفه على غرنوي رغم قرفه من مرضه، لكنه عاد وسمح لغرنوي بمحاورة نفسية ذاتيا تاركا لنا قدرة استكشاف رائحته أو الإحساس بوجوده، لنتساءل بعدها: هل هذا فعلا كلام غرنوي؟ فهذا لا يصدر عن رجل كئيب لا يفهم الذات" لكن غرنوي العظيم كان قد تعب، وأخذ يتثاءب فقال:" ها قد أنجزت عملا عظيما، وأنا راض عنه كل الرضا، لكن كل ما هو منجز تام شعرني بالملل، لذلك سأنسحب، سامحا لنفسي في نهاية هذا النهار الزاخر بالعمل اللجوء إلى مكامن ذاتي بحثا عن بقية السعادة." عكس الكره صورة لمرآة الذات التي تمثل الفعل وردة الفعل في تناسق عميق يركز على طبع جان باتيست، وطبائع البشر التي تؤثر عليه، فترتد أفكاره بطريقة غريبة، وكأنهم يصنعون منه عطرهم الخاص في معالجة ساخرة، وسيكولوجية متجانسة تصارعت على البقاء، فالحياة القائمة على الجشع والطمع والمصالح الخاصة تسرق القيم الشخصية بلحظات يقع فيها المرء فريسة هؤلاء" فرن التحلل والتفسخ والتردي الفكري والسياسي والديني الذي سببته البشرية لنفسها، والذي ستغرق فيه تحت بريق وزيف بعض أزهار المستنقعات من أمثال بيلسية" Doha El Mol
×
الروائي باتريك زوسكيند
باتريك زوسكيند Patrick Süskind (ولد في أمباخ 26 مارس 1949) كاتب وروائي ألماني. من أشهر أعماله رواية العطر Das Parfum, التي حُولَتْ إلى فيلم عطر: قصة قاتل ولد باتريك زوسكيند في مدينة أمباخ الواقعة على بحيرة شتارنبرج في منطقة جبال الألب في الجنوب الألماني.و درس التاريخ في ميونخ. وكان والده فيلهلم إيمانويل زوسكيند كاتباً ومترجماً ومعاوناً في صحيفة زوددويتش تسايتونج Süddeutsche Zeitung «بالعربية: جنوب ألمانيا», وكذلك كان أخوه الأكبر مارتين زوسكيند يعمل صحفياً. بعد أن حصل باتريك على الشهادة الثانوية درس التاريخ في جامعة ميونخ، في الفترة من عام 1968 حتى 1974. عمل بعد ذلك في أعمال وأماكن مختلفة، وكتب عدة قصص قصيرة وسيناريوهات لأفلام سينمائية.ولم يكن يعطي أحاديث يبيتنتنغ، وكان يفضل العزلة والاختباء من أضواء الشهرة، وكذلك كان يرفض قبول جوائز أدبية كانت تمنح له، مثل جائزة توكان.وفي ليلة العرض الأول لفيلم عطر: قصة قاتل المأخوذ عن روايته، لم يحضر زوسكيند. وفي الحوار الذي كتبه لفيلم روسيني Rossini، يصور زوسكيند حياته الخاصة بطريقة ساخرة، فشخصية الفيلم، وهو كاتب، يرفض أن يتقاضى أجراً كبيراً مقابل تحويل كتابه إلى فيلم. حتى أنه لاتوجد له صور فوتوغرافية إلا نادراً.وفي عام 1987 حصل زوسكيند على جائزة جوتنبرج لصالون الكتاب الفرانكفوني السابع في باريس. وهو يعيش حالياً ما بين ميونخ وباريس متفرغاً للكتابة. إنتاجه الأدبي تعد رواية العطر Das Parfum هي أشهر أعمال باتريك زوسكيند، وقد ترجمت إلى حوالي 46 لغة من ضمنها العربية التي ترجمها نبيل الحفار ونشرتها دار المدى، وبيع منها ما يقرب من 15 مليون نسخة حول العالم. وحولت في عام 2006 إلى فيلم سينمائي أخرجه المخرج الألماني توم تايكوير، وقد اشترى داستن هوفمان حقوق الراوية لتحويلها إلى فيلم سينمائي ب 10 ملايين يورو.كما اشترك زوسكيند في كتابة العديد من المسلسلات التلفزيونية، والأفلام مثل «عن البحث عن الحب وإيجاده». وكانت بداية شهرة زوسكيند في عام 1981, حين عرضت مسرحية «عازف الكونترباس» Der Kontrabass، وهي مونودراما من فصل واحد، وقد عرضت في الموسم المسرحي لعامي 1984\1985 أكثر من 500 عرض، وتعتبر بذلك أكثر المسرحيات عرضا في تاريخ المسارح الناطقة بالألمانية، وتعتبر كذلك من أهم المسرحيات في المسرح العالمي. والمسرحية مترجمة للغة العربية وقام بترجمتها المترجم المصري سمير جريس عن الألمانية مباشرة وصدرت عن إحدى دور النشر المصرية. أعماله عازف الكونترباس 1981 العطر 1985 الحمامة 1987 ثلاث قصص 1995 حكاية السيد زومر 2003 عن الحب والموت 2006 مصدر السيرة الذاتية موقع ويكيبيديا
من النهاية تنطلق البداية
BY الروائي يوسف زيدان
8.6
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
من النهاية تنطلق البداية ضحى عبدالرؤوف المل رواية النبطي يوسف زيدان تحرر يوسف زيدان في روايته " النبطي" من أي مسؤولية تاريخية روائية قد تلتصق بذهن القارئ، مستعملا تقنيات جديدة في المداورة أو التجدد للحياة في حيوات هي بالأساس واحد، لكنها تتطور تلقائيا حتى في خلايا الجنس البشري، فالإيحاء السردي والوصفي تكثف حينا، وانخفض أحيانا، لكنه في ذهن القارئ تجسد في رؤية ماريا أو ماوية، وهي تحيا كل الحيوات، كأنها واحدة عربية أوغربية صحراوية أو ساحلية سوداء أو بيضاء، فهولا يثبت التاريخ كتابة، لكننا نفهمه مشافهة أو إيحاء" إن الأمور التي تروى مشافهة لا يحق لك إثباتها بالكتابة". استطاع يوسف زيدان من خلال مخيلة تاريخية حكائية تقديم وصف تاريخي، وسرد زمني له طابع السيرة، والتأريخ للزمن بحدث ما حين" قالت الأمهات إننا ولدنا في شهر التوت" إلا أنه ترك المكان يتوكأ على" مجيء العرب من بعيد" و" سنة ملك فيها الملك المسمى هرقل بلادنا الواسعة" تقاليد عربية لم تخل من نقد وجهه يوسف زيدان في روايته، وهذا جعلني أتساءل: هل هي ماوية فعلا من تتكلم أم الروائي؟ فواصل كثيرة شعرت بها بين مارية والروائي والزمن التاريخي، فالوعي العقلاني للرواية مترابطا ومتينا أقوى من مستوى ذهني أو عقلاني لبطلة تروي سيرتها، إلا أنه أمسك بالحبكة بقوة وطرح تقنيات بانورامية، لها حس جمالي في الوصف متأثرا بالمخطوطات التاريخية ومخطوطات ابن كثير" البداية والنهاية" . انطلق يوسف زيدان من النهاية ليروي لنا البداية في انعكاس رمزي له معاناته المتكررة زمنيا، فأصل الدين واحد، وما الأنبياء إلا رسل للتذكير بالعودة إلى الله " لأن المكان لا يحيا من غير السكان" والقلب لا ينبض إلا باليقين والإيمان، والإنسان دائما في رحلة للبحث عن الذات والعودة إلى بداية النهاية التي وصلت إلى كل ديباجة استنبطها من ذاكرة التاريخ، وأعاد صياغتها برؤية فنية لا لوم فيها، لأنه ترك في تنوية أن " نهايات هذه الرواية كتبت قبل بداياتها بقرون، وقد قدت النهايات البدايات، وبهذا ترك للنقاد وصل البدايات مع النهايات فنيا، كي لا يستنكر أي خطأ زمني أو تعبيري روائيا. عادات وتقاليد دينية واجتماعية وسلوكية عربية عددها كظهور العذراء واقتراب نزول المسيح، كما توقف سلومة عن شرب الخمر بعد إعلانه الإسلام، وما إلى ذلك من عادات اجتماعية في اللباس والسفر والختان وتفاصيل دقيقة عشناها بتفاصيلها، كأنه استنبط من ذاكرة التاريخ ما نحاول نسيانه من عادات عربية أصيلة زمنيا وما قبل الإسلام، وذكرها القرآن الكريم" هل تداينتم بدين، فيكتبه أخوك" فقولي لهما قولا هينا لينا، كي تطمئنا، وإن ترفق في الخطاب" فلما بلغ السعي" وهنا إشارة إلى اللسان العربي القوي المتين . لم ينس زيدان حقوق المرأة المنتهكة قديما من ختان واغتصاب، وما يجري خلف الكواليس كالخوف على المرأة من العنوسة " إن الفتاة إذا تخطت الخامسة عشر بلا زواج يدب بباطنها الصدأ فيخرب معدنها." والخوف أيضا عليها من الحروب، إلا أنه أكثر من الرمزية في روايته مما يصعب فهمها على القارئ العادي ، فخفايا الرواية وإيحاءاتها لها أكثر من رؤية، وأكثر من مدلول، وهو بهذا أثار فضول القارئ، ليعيد قراءتها أكثر من مرة. خلق يوسف زيدان في روايته النبطي جمالية خاصة في الحبكة والسرد واللغة، ومفاهيم انتقدها بأسلوب مرويات تاريخية، لكنه تمرد عليها سرديا، وقدمها مأخوذا ب" صورة النبطية الخالدة، المخبرة عن دوران الحيوات "مستعملا الإسناد بما هو مكتوب في الزبر الأولى. أضداد مفردات استعملها في متناقضات حملت مفاهيم تزيد الحواس إدراكا، لننطلق معه في الفضاء الروائي المفتوح دون أن يضيق ويتسع أو يعلو ويهبط ، ومن ثم نرحل معه في لوحة مشهدية تختصر عادات" بدو يخيمون في الفراغ، هم يشبهون الذين مررنا بهم في الصحراء الكبيرة المسماة سيناء." ليتركنا نتابع حركة مارية من خلال سفرها في كل بقعة مرت بها، وكأن نقطة البداية هي النهاية، فهل غافلنا زيدان لنتابع معه الرواية بشغف، فنعود إلى البداية، حين نستفيق، لنولد مع ماريا من جديد؟. " هل أغافلهم، وهم أصلا غافلون، فأعود إليه، لأبقى معه، ومعا نموت، ثم نولد من جديد هدهدين؟" Doha El Mol
×
الروائي يوسف زيدان
يوسف محمد أحمد زيدان (مواليد 30 يونيو 1958) كاتب وفيلسوف وأستاذ جامعي مصري، ومتخصص في التراث العربي المخطوط وعلومه، له عدة مؤلفات وأبحاث علمية في الفكر الإسلامي والتصوف وتاريخ الطب العربي، وله إسهام أدبي في أعمال روائية منشورة، وله مقالات دورية وغير دورية في عدد من الصحف العربية. عمل مديرًا لمركز المخطوطات في مكتبة الإسكندرية. النشأة والتعليم ولد يوسف زيدان يوم 30 يونيو 1958 في مدينة سوهاج، مركز ساقلتة بقرية العوامية نجع الساقية بصعيد مصر وانتقل إلى الإسكندرية مع جده وهو طفل صغير ودرس في مدارسها. التحق بقسم الفلسفة في كلية الآداب في جامعة الإسكندرية ولقد حصل يوسف زيدان على: شهاداته العلمية شهادة ليسانس الفلسفة من كلية الآداب جامعة الإسكندرية عام 1980. حصل على درجة الماجستير في الفلسفة الإسلامية برسالته عن «الفكر الصوفى عند عبد الكريم الجيلي، دراسة وتحقيق لقصيدة النادرات العينية للجيلي مع شرح النابلسي». حصل على درجة الدكتوراه في الفلسفة الإسلامية برسالته عن «الطريقة القادرية فكرًا ومنهجًا وسلوكًا، دراسة وتحقيق لديوان عبد القادر الجيلاني» وذلك عام 1989 . وحصل على درجة الأستاذية في الفلسفة وتاريخ العلوم عام 1999. ومما يذكر أيضاً ان الدكتور يوسف زيدان أنشأ قسم المخطوطات في مكتبة الإسكندرية عام 1994 وعمل رئيساً له. وفصل من وظيفتهِ عقب نشوب خلاف بينه وبين الدكتور إسماعيل سراج الدين رئيس مكتبة الإسكندرية في وقتها. مؤلفات ودراسات كتب يوسف زيدان العديد من المؤلفات في مجالات متعددة منها ما يتصل بالتراث الإسلامي، كذلك الإنتاج الأدبي. وتتوزع أعماله على فروع: التصوف الإسلامي والفلسفة الإسلامية وتاريخ العلوم الطبية والرواية والقصة القصيرة وكذلك فهرسة المخطوطات التراثية. قائمة مجمل أعماله: المقدمة في التصوف عبد الكريم الجيلي فيلسوف الصوفية الفكر الصوفي عند عبد الكريم الجيلي شرح فصول أبقراط لإبن النفيس شعراء الصوفية المجهولون ديوان عبد القادر الجيلاني - دراسة وتحقيق ديوان عفيف الدين التلمساني - دراسة وتحقيق قصيدة النادرات العينية للجيلي الطريق الصوفي وفروع القادرية بمصر عبد القادر الجيلاني، باز الله الأشهب رسالة الأعصاء لإبن النفيس - دراسة وتحقيق المختصر في علم الحديث النبوي لإبن النفيس - دراسة وتحقيق المختار من الأغذية لإبن النفيس شرح مشكلات الفتوحات المكية فوائح الجمال وفواتح الجلال لنجم الدين كُبري التراث المجهول، إطلالة علي عالم المخطوطات فهرس مخطوطات جامعة الإسكندرية الجزء الأول فهرس مخطوطات جامعة الإسكندرية الجزء الثاني نوادر مخطوطات بلدية الإسكندرية فهرس مخطوطات رفاعة الطهطاوي الجزء الأول فهرس مخطوطات رفاعة الطهطاوي الجزء الثاني فهرس مخطوطات رفاعة الطهطاوي الجزء الثالث فهرس مخطوطات بلدية الإسكندرية - المخطوطات العلمية بدائع المخطوطات القرآنية بالإسكندرية التقاء البحرين - نصوص نقدية فهرس مخطوطات أبي العباس المرسي حي بن يقظان النصوص الأربعة المتواليات - دراسات في التصوف المتواليات (فصول في المتصل التراثي المعاصر) فهرس مخطوطات بلدية الإسكندرية - التصوف وملحقاته فهرس مخطوطات رشيد ودمنهور فهرس مخطوطات بلدية الإسكندرية - التاريخ والجغرافيا إعادة اكتشاف ابن النفيس. فهرس مخطوطات شبين الكوم فهرس مخطوطات المعهد الديني بسموحة فهرس مخطوطات أبي العباس المرسي - أصول الفقه وفروعه فهرس مخطوطات بلدية الإسكندرية - المنطق فهرس مخطوطات بلدية الإسكندرية - الحديث الشريف فهرس مخطوطات دار الكتب بطنطا فهرس مخطوطات دير الإسكوريال ماهية الأثر في وجه القمر، لإبن الهيثم - دراسة وتحقيق مقالة في النقرس للرازي - دراسة وتحقيق مختارات من نوادر مقتنيات مكتبة الإسكندرية التصوف - تأليف المخطوطات الألفية - تأليف الشامل في الصناعة الطبية لإبن النفيس ثلاثون جزءًا ظل الأفعى - رواية بحوث مؤتمر المخطوطات الألفية - تقديم وتحرير بحوث مؤتمر المخطوطات الموقعة كلمات - تأليف عزازيل - رواية - ترجمت إلى معظم لغات العالم بحوث مؤتمر المخطوطات الشارحة اللاهوت العربي وأصول العنف الديني - تأليف النبطي - رواية - ترجمت إلى العديد من اللغات بحوث مؤتمر المخطوطات المترجمة بحوث مؤتمر المخطوطات المطوية محال - رواية متاهات الوهم - تأليف دوامات التديّن - تأليف فقه الثورة - تأليف جونتنامو - رواية حل وترحال - مجموعة قصصية فقه الحب - تأليف شجون مصرية شجون عربية شجون تراثية نور - رواية فردقان اعتقال الشيخ الرئيس - رواية ٢٠١٨ رواية حاكم.جنون ابن الهيثم- رواية ٢٠٢١ الورّاق - أمالي العلاء (رواية) 2023. في التصوف الإسلامي تتركز أعمال زيدان في موضوع التصوف الفلسفي في مرحلة النضوج، وهو أحد أكثر مباحث التصوف الإسلامي تعقيدا، نظرًا لتواشجه بالعديد من الأفكار والمذاهب الفلسفية. لذا نجده يكتب عن الشيخ الأكبر ابن عربي كتابه «شرح مشكلات الفتوحات المكية لابن عربي»، ثم يتناول عبد الكريم الجيلي في «عبد الكريم الجيلي فيلسوف الصوفية» و«الفكر الصوفي عند عبد الكريم الجيلي» ثم يتناول عبد القادر الجيلاني في «ديوان عبد القادر الجيلاني» و«عبد القادر الجيلاني باز الله الأشهب». وتمثل هذه المؤلفات التيار السائد في تأليف زيدان فيما يتعلق بالتصوف، فمؤلفاته هي أقرب إلى التصوف الفلسفي من فروع التصوف الأخرى. في الفلسفة الإسلامية أهم ما يميز إنتاج زيدان فيما يتعلق بالفكر الفلسفي في الإسلام هو اهتمامه بالفلسفة المشرقية التي تعبر عن الفكر الفلسفي العربي الذي نزع عن نفسه ربقة الفكر المشائي اليوناني. لهذا نجد أهم أعماله في هذا السياق «حي بن يقظان، النصوص الأربعة ومبدعوها». لقد أخرج في هذا الكتاب النصوص التي تتناول قصة حي بن يقظان وتجلياتها المختلفة عند ابن سينا وابن طفيل والسهروردي وأضاف إليه نصًا آخر لم يكن قد حظي بشهرة سابقيه وهو نص فاضل بن ناطق لابن النفيس. وهكذا يكون هذا الكتاب أشمل إخراجٍ لواحدة من أعمق التيمات الفلسفية في التراث العربي. كما أن له كتاب آخر له أهمية كبيرة من زاوية مناقشة علم الكلام الإسلامي وأصوله وجذوره، وهو كتاب اللاهوت العربي، وجذور العنف الديني. والكتاب أيضاً يعد محاولة لفهم جذور العنف الديني في الديانات السماوية الثلاث: اليهودية، والمسيحية، والإسلام. في تاريخ الطب العربي تاريخ العلوم عند العرب، وبخاصة تاريخ الطب العربي، هو فرع من الفروع التي أسهم فيها يوسف زيدان إسهامًا كبيراً في إطار رؤيته للتراث العربي. فقد ألف وحقق عددًا من النصوص التراثية الهامة في هذا المجال. وهو يعد واحدا من أكبر الدارسين لعلاء الدين بن النفيس صاحب موسوعة «الشامل في الصناعة الطبية» التي تعد من أكبر الموسوعات الطبية وأشملها في القرون الوسطى. وقد قام يوسف زيدان بتحقيق هذه الموسوعة الضخمة ونشرها في ثلاثين مجلدا ضمن إصدارات المجمع الثقافي في أبي ظبي. وبنشرها حصل على جائزة مؤسسة الكويت للتقدم العلمي (للمرة الثانية) بعد أن كان حصل عليها من قبل على دراساته عن ابن النفيس. ومن مؤلفاته وتحقيقاته في تاريخ الطب العربي نذكر: شرح فصول أبقراط رسالة الأعضاء، لابن النفيس المختار من الأغذية، لابن النفيس. الموجز في الطب لابن النفيس. إعادة اكتشاف ابن النفيس. مقالة في النقرس لأبي بكر الرازي الشامل في الصناعة الطبية، لابن النفيس (40 مجلداً) في فهرسة المخطوطات العربية «الفهرسة واحدة من أشق العمليات التراثية وأقلها مجدا» هذه هي عبارة يوسف زيدان الأثيرة عند حديثه عن الفهرسة. فالفهرسة هي العملية التراثية الأساس التي لا تكتمل، بل لا تبتدئ، العملية التراثية دونها. وانطلاقًا من هذا الوعي قام زيدان بفهرسة ما يربو على 18000 مخطوطة من المخطوطات المصرية. وتتسم هذه الفهارس بأنها فهارس موضوعية تحليلية تقدم للباحث نبذة عن المخطوط وهيئه وحالته، كما تورد أول المخطوط وآخره. مع أن بعضها بها بعض الأخطاء ولكنها على العموم لا بأس بها. ومن هذه الفهارس نذكر: فهرس مخطوطات جامعة الإسكندرية (الجزء الأول) فهرس مخطوطات جامعة الإسكندرية (الجزء الثاني) نوادر المخطوطات بمكتبة بلدية الإسكندرية فهرس مخطوطات مكتبة رفاعة رافع الطهطاوى (الجزء الأول) فهرس مخطوطات مكتبة رفاعة رافع الطهطاوى (الجزء الثاني) فهرس مخطوطات مكتبة رفاعة رافع الطهطاوى (الجزء الثالث) فهرس مخطوطات بلدية الإسكندرية (الجزء الأول) فهرس مخطوطات أبى العباس المرسى (الجزء الأول) فهرس مخطوطات بَلَديَّة الإسكندرية: الجزء الثاني (التصوف وملحقاته) فهرس مخطوطات رشيد ودمنهور فهرس مخطوطات بَلَديَّة الإسكندرية: الجزء الثالث فهرس مخطوطات المعهد الدينى بسموحة (الجزء الأول) الجزء الثاني من فهرس مخطوطات أبي العباس المرسي الجزء الرابع من فهرس مخطوطات بلدية الإسكندرية (الجزء الرابع: المنطق) فهرس مخطوطات بلدية الإسكندرية (الجزء الخامس) فهرس مكتبة الإسكوريال فهرس شبين الكوم القصص والأعمال الروائية يتمثل إسهام يوسف زيدان النقدي في مؤلفه «ملتقى البحرين» الذي يبسط فيه رؤيته النقدية لأعمال معاصريه من أمثال الروائي جمال الغيطاني. وله إسهاما روائيا في روايتيه «ظل الأفعى» المنشورة في سلسلة روايات الهلال، ورواية «عزازيل» التي فازت بأهم جائزة أدبية في الشرق الأوسط وفي العالم العربي الجائزة العالمية للرواية العربية لأفضل رواية عربية لعام 2009. وقد طبع من رواية عزازيل منذ وقت نشرها حتى الآن (أوائل 2010) 16 طبعة متتالية أصدرتها دار الشروق المصرية وهي من أهم الروايات العربية في تاريخ اللاهوت المسيحي. ظل الأفعى (رواية) عزازيل (رواية) النبطي (رواية) اللاهوت العربي حل و ترحال (مجموعه قصصية) دوامات التدين (مجموعة مقالات) متاهات الوهم (مجموعة مقالات) فقه الثورة كلمات (التقاط الألماس من كلام الناس) محال (رواية) جونتنامو (رواية) حل و ترحال (مجموعة قصصية) سبارك للنشر و التوزيع فقه الحب. فقه العشق. 2016. فقه الهيام. 2022. فردقان: اعتقال الشيخ الرئيس (رواية). الورّاق - أمالي العلاء (رواية) 2023 مصدر السيرة الذاتية موقع ويكيبيديا
أنماط شعرية دينامية
BY الشاعر زاهي وهبي
8.0
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
أنماط شعرية دينامية في" انتظار الغريبة" للشاعر زاهي وهبي. ضحى عبدالرؤوف المل تتخطى الصورة الشعرية في ديوان الشاعر زاهي وهبي الأزمنة والأمكنة، لتتجه نحو مخيلة مفتوحة، تمنح الحس الأبعاد التصويرية المتعددة الإيحاء، حيث يبلغ المعنى الأقاصي المضمونية بميزة أسلوبية اعتمدت على منهج إيقاعي، تناغمت معه الكلمة وفق تدرجات أراد لها الالتزام بجمالية دينامية يبرز من خلالها التشكيلات اللغوية والموسيقية الموحية بانزياحات تستقر في ذهن القارئ، وفق توازنات مشهدية تتعدد في إيحاءاتها ومعانيها حيث" لا زينة غير ابتسامة" فالابتسامة تركها كنوع من الزينة الحسية التي تظهر جمال النفس، وقوة تأثيرها على الآخرين، لكنه ربطها بترك الأعباء الزمنية " متخففة من ماض مضى" حيث يتعلق الزمن بالماضي والحاضر معا، وكأنها ستغادر الزمن الذي يحيا فيه الشاعر، لكن الغريبة ستبقى معلقة زمنيا في لحظة بلا أمكنة، بلا مواقيت في انتظار غريبة تكونت داخل المعنى. تلعب المعاني أدوارها المتناقضة، حيث الغموض في الأخيلة التي تتوارد صورها في الذهن، ليشعر القارئ بالانطباعات المتوازية بين الكلمة والمعنى ، والمضمون والأسلوب، إلا أن زاهي وهبي في كل مرة يترك للقارئ قدرة التحليق في مخيلته، ليتعمق في كل مشهد شعري يعيده إلى الواقع، وإلى معاني الفصول واختلافاتها الجوهرية، حيث فصل صيف يلتهب وخريف معتدل، ولكن للتحرش معان أراد لها إبراز قوة الاشتياق، كما أنه أظهر العناصر الفنية الموجودة في الطبيعة، والتي تتطابق مع مشاعر عاطفية تفاجئ الإنسان في لحظات تخيلية، وتأملية تنطلق منها إيقاعات قصيدة لم ينتظرها زاهي، إنما أتت مصادفة، فافتعل سؤالا، وتركنا في مهب سؤاله: من تكون؟ هل رآها أم نحن من عرف من تكون من خلال المعاني المرسومة داخل الكلمات المتعاكسة فنيا، ليتمم المعاني داخل ذهن المتلقي. انطباعات حسية تضعنا أمام جوهر المعنى الكلي، والأضداد التي تأتي متسعة الرؤية، كلما تابعنا تسلسل القصيدة ، كاسرا جمود كل رتابة قد تتسرب إلى نفس القارئ" بالثرثرة نمحو عتم الليل، مطلع الفجر، تشرق علينا شمس، ينبت في نهارنا، حيث نلمح تتابع في الصورة المشهدية يكتمل تدريجيا، وكأنها في ولادة دائمة، فالاستمتاع التخيلي يؤدي إلى الخوض في كل فكرة تحررت من قيود اللغة، وكأن الكلمة هي كما صورها في قصيدته " وفي الخيال مهرة من لهب" فهل يخترع زاهي كل هذا ليكتب قصيدته؟ أم أن المخيلة الخصبة يتولد عنها فرحة، باكية، صامتة، ضاحكة، لينهي القصيدة بالانتظار حيث " أنتظرك يا غريبة وانتظرني ".لنتساءل مرة أخرى: من الغريب هو أم هي؟ أم أن لكليهما شجن الحياة الهاربة من واقعيتها؟. مفارقات تقنية تستجيب لها المعاني التي تتعثر في مخيلة زاهي وهبي ليعطي الدلالات اللفظية حيوية ذهنية تعطي الأبعاد إيحاءات مجازية ، فتستوقفنا الافتراضات، حيث الإشارات الرمزية الممزوجة بالغموض" من هذه التي جعلت مقهاي حديقة" جسدي حديقة امرأة واحدة" فنتابع بشغف قصيدة تبلغ ذروتها التخيلية، كونها ارتبطت بتشبيه متتابع يأخذنا من صورة إلى صورة، لنتفاعل حسيا مع المشهد، ومن ثم يستجلب زاهي دهشة تترك القارئ في حيرة تماما، ليحاول إعادة القراءة من جديد، ويصل إلى دهشة تتكرر" ليس في المقهى أحد سواي! فأين هي من كل هذا؟ وهل ما اختزن في أذهاننا هو نفسه ما اختزن في مخيلة الشاعر؟. فيض أنوثة يلملمه القارئ في أكثر من قصيدة ترك للحديقة فيها مكانا يتسع للجميع، فكلما لجأ إليها زاهي بدأنا بالبحث عن صفات جامعة لمكان ربما هو كالجسد تارة، وكالمقهى تارة أخرى، إذ تأتي المفردات منبعثة من قاموسه الشعري متآخية مع سياق النص، ومتمردة عليه أحيانا من حيث تقديم الصورة وتأخيرها، ومن حيث توأمة الفرح مع المستطيل في قصيدة ترك لطعم الملوحة بدايات تعيدنا إلى الواقع، والمعاناة، والشعراء الأشد مضاضة مع المقارنات الانعكاسية بين الآن هنا في المقهى الموعود، وبين طاولة هرمة، وطاولة اخضرت شوقا، وبين كأس يقدح شررا، وكأس يلمع من فضة النشوة، ورقة بيضاء متجهمة، وورقة بيضاء سعيدة، وفي هذا التقاط التضاد في الحياة، حتى في مخيلة حسية تنتقي صورها المحورية بأضداد تعيد القارئ إلى داخل الحديقة أو المقهى أو النفس الحقيقية التواقة للحياة المليئة بالجمال. أفك تاءك المربوطة، جعلتني أبحث عن فلسفة تعيد للخط المستقيم اتجاهاته، وكأن الثيمة الفنية هي في تاء عاطفية تحنو وتقسو، وتترك للفراغ الزمني التائه فيه. زاهي وهبي كدرويش صوفي بلا رحمة العادل، وحيث للحواس موسيقاها، وكأن التاء هي أداة إيحاء تمكن من خلالها حصر الأنوثة بين مربوطة ومفتوحة، أو الكبت والتحرر، وبين الانحناءات العاطفية والاستقامة اللغوية التي وظفها تقنيا في تعاكس معنوي، نجد فيه الأمداء الرحبة لأفق لا متناه في قصيدة تنتمي إلى بحر يرفع راية الاستسلام، فهل رفع زاهي وهبي راية الاستسلام في ديوانه في انتظار الغريبة؟ Doha El Mol
×
الشاعر زاهي وهبي
زاهي وهبي هو شاعر وإعلامي لبناني ولد في الخامس من أيار (مايو) من العام 1964 في بلدة عيناتا الحدودية في قضاء بنت جبيل في جنوب لبنان، وعاش وحيداً في كنف والدته إذ كان والده مهاجراً. نشأته نشأ زاهي وهبة في بيت ريفي متواضع؛ وتأثر منذ نعومة أظفاره بقصص والدته عن الأنبياء والأولياء والمرويات الشعبية عن الزير سالم وسيف بن ذي يزن وعنترة، ما صقل موهبته الأدبية منذ الصغر. كما تأثر منذ طفولته بواقع الجنوب اللبناني حيث نشأ، حيث تفتح وعيه على وقع الاجتياحات الإسرائيلية المتتالية، إلى أن تم اعتقاله في صيف عام 1982 بسبب انخراطه في مواجهة الغزو الإسرائيلي للبنان، وسُجن في معتقل «عتليت» داخل فلسطين المحتلة ثم في معتقل «أنصار» في جنوب لبنان حيث بقي في الأسر لمدة سنة، ثم تكرر اعتقاله ثانية في مدينة بنت جبيل في عام 1985 لأيام معدودة غادر على إثرها الجنوب اللبناني إلى العاصمة بيروت. التعليم والعمل في بيروت انتسب إلى كلية الحقوق والعلوم السياسية في الجامعة اللبنانية، وبدأ في الوقت نفسه عمله الإعلامي في إذاعة «صوت المقاومة الوطنية» وجريدة «الحقيقة»، ثم جريدة «النداء» حيث تشكلت فيها تجربته الصحافية الفعلية، قبل أن ينتقل للعمل في النهار اللبنانية لمدة 8 سنوات كمحرر ثقافي وناقد إلى جانب الشاعر اللبناني شوقي أبي شقرا الذي يصفه وهبي بـ «المعلم». عمل زاهي وهبي لمدة سنة في تلفزيون الجديد تزامناً مع عمله في النهار، ثم انتقل إلى تلفزيون المستقبل فعمل فيه منذ تأسيسه في أوائل التسعينات من القرن العشرين، حيث قدم العديد من البرامج أشهرها خليك بالبيت الذي استمر لمدة 15 عاماً متتالية (1996-2011) ونال نجاحاً واسعاً وحصد عدداً كبيراً من الجوائز وشهادات التقدير. انتقل عام 2011 إلى قناة الميادين حيث يُعد ويُقدِّم البرنامج الثقافي/الفني المعروف بيت القصيد الذي لا يزال مستمراً منذ عام 2012. الجدير ذكره أن زاهي وهبي استضاف في برنامج «خليك بالبيت» أكثر من 750 مبدعاً عربياً في شتى الميادين والمجالات الفكرية والأدبية والموسيقية والغنائية والمسرحية والسينمائية والتلفزيونية والتشكيلية والفقهية، والعديد من الحوارات أثارت جدلاً واسعاً في الصحف والمجلات، أما في «بيت القصيد» فقد استضاف حتى الآن قرابة 350 مبدعاً معظمهم من الأجيال الشابة، وقد تجاوز مجموع حواراته الصحافية والتلفزيونية 3000 حواراً، فضلاً عن مئات المقالات النقدية والنثرية. حاور وهبي عمالقة الفن الأدب والفن العرب مثل: سعيد عقل، أدونيس، محمود درويش، سليمان العيسى، الطيب صالح، طلال حيدر، فاروق شوشة، أحمد فؤاد نجم، عبد الرحمن الأبنودي، سيد حجاب، كوليت خوري، سميح القاسم، خالد الكركي، فاتن حمامة، عادل إمام، نور الهدى، صباح، وديع الصافي، نجاح سلام، عمار الشريعي، رفيق السبيعي، دريد لحام، منى واصف، فهد بلان، سميرة توفيق، أحمد زكي، نور الشريف، يوسف شاهين، عاطف سالم، مديحة يسري، هدى سلطان، تحية كاريوكا، محمد عبده، سعاد العبد الله، عبد الحسين عبد الرضا، ذكرى، سعدون جابر، حسين الأعظمي، فريدة محمد علي، كاظم الساهر، سميرة سعيد، أمينة فاخت، لطفي بوشناق، علي مهدي، معلومة بنت الميداح وغيرهم. كما حاور العديد من القادة والشخصيات السياسية مثل الرئيس اللبناني إلياس الهراوي، الرئيس رفيق الحريري، حسن نصر الله، ووليد جنبلاط، ومحمد حسين فضل الله، والبطريرك مكسيموس الخامس لحام، والمطران غريغوار حداد، وفيصل الحسيني، والأخضر الإبراهيمي، والأمير خالد الفيصل، وفاروق القدومي، وعزمي بشارة، وفدوى البرغوثي، وبثينة شعبان وغيرهم. لا بد من الإشارة أيضاً إلى برنامج «ست الحبايب» الذي أعده وقدمه وهبي لثلاثة مواسم رمضانية متتالية على شاشة «تلفزيون المستقبل» وكرَّم خلاله عشرات الأمهات اللبنانيات والفلسطينيات، وحظي بمتابعة عالية جداً. وكذلك برنامج «قرأت لكم» الصباحي الذي استمر لمدة 12 عاماً متواصلة. فضلاً عن برنامج إذاعي يحمل العنوان نفسه أعده وقدمه عبر أثير إذاعة «الشرق». مؤلفاته أصدر زاهي وهبة عدّة دواوين شعرية، وهي (حسب ترتيب الإصدار): حطاب الحيرة - دار الفارابي 1990 صادقوا قمرا - دار الجديد 1992 في مهب النساء - دار الجديد 1998 ماذا تفعلين بي؟ - دار رياض الريّس 2004 ثلاث دقات/بيروت على خشبة مسرح - الدار العربية للعلوم ناشرون 2007 تتبرج لأجلي - الدار العربية للعلوم ناشرون ومنشورات الاختلاف في الجزائر 2007 يعرفكِ مايكل أنجلو - الدار العربية للعلوم ناشرون ومنشورات الاختلاف في الجزائر 2007 راقصيني قليلاً - الدار العربية للعلوم ناشرون ومنشورات الاختلاف في الجزائر 2008 كيف نجوت - الدار العربية للعلوم ناشرون 2009 قهوة سادة/ في أحوال المقهى البيروتي - الدار العربية للعلوم ناشرون 2010 أضاهيكِ أنوثة - مؤسسة البيت الجزائر 2010 رغبات منتصف الحب - منشورات مجلة دبي الثقافية ثم الدار العربية للعلوم ناشرون 2011 تجري من تحتها الأنهار - دار الشروق القاهرة 2011 لمن يهمه الحب - دار الساقي 2011 تعريف القُبلة - دار الساقي 2012 بانتظار الغريبة - دار الساقي 2013 هوى فلسطين - دار موازييك عمّان 2013 أهل التراب (les gens de la terre) ترجمه إلى الفرنسية عيسى مخلوف وفينوس خوري - غاتا (دار لارماتان باريس 2013) حبر وملح 1: مرئي مكتوب - الدار العربية للعلوم ناشرون حبر وملح 2: جهة الصواب/ عن فلسطين وإليها - الدار العربية للعلوم ناشرون بيروت المدينة المستمرة - الدار العربية للعلوم ناشرون) «أغنِّي لها»، ألبوم شعري صوتي بمرافقة موسيقية تأليفاً وعزفاً للفنان اللبناني رامي خليفة. «ليلُ يديها»، كتاب شعر صدر عن دار الرافدين عام 2022. وفي الوقت نفسه لم يقطع وهبي صلته بالصحافة المكتوبة حيث كتب لسنوات طويلة في مجلة «زهرة الخليج» وجريدتي «الحياة» و«السفير». وقف زاهي وهبي على معظم منابر لبنان شاعراً ومتحدثاً في الجامعات والمدارس، كما أحيى أمسيات شعرية في معظم أنحاء الوطن العربي مثل: دار الأوبرا المصرية، ومهرجان جرش، ومهرجان قرطاج، ومهرجان المحبة، ومهرجان تدمر، ومنزل أمير الشعراء أحمد شوقي، فضلاً عن معهد العالم العربي في باريس وصالون الخريف في باريس أيضاً، والكثير من جامعات الوطن العربي مثل: الجامعة الأميركية في بيروت، وجامعة السلطان قابوس في مسقط، والجامعة الأردنية وجامعة البتراء في عمّان، والجامعة اليسوعية في بيروت وجامعة بيروت العربية. قصائد مغنّاة لحّن قصائده وغناها فنانون من لبنان والعالم العربي، ومنها: تتبرج لأجلي - مارسيل خليفة. أعرفُ بلاداً - أميمة الخليل. ضَعْ وردتك هنا - عبير نعمة. صوتي السماء - هبة قواس. لنغيّر الإيقاع - هبة قواس. أمي - أحمد قعبور صوتن عالي - أحمد قعبور. عذراً غزة - جاهدة وهبي. دمشق - جاهدة وهبي. دمشق - بادية حسن. بغداد - فايا يونان. جسدٌ علماني - شربل روحانا. أتلفتني - زينب أفيلال. شو مخبِّي (بيدر البصري مع أوركسترا ماري والموسيقار رعد خلف) عيناكِ - محمد المرباطي. لا تنسَ - محمد المرباطي. عيناكَ - نسرين حميدان شُبَّاك الأمل (للأطفال) - هند حامد (لصالح جمعية ألعاب بأجنحة toys with the wings) نشيد الأمل - هند حامد تعا يا بكرا - ليال نعمة أرى بلادي - ليال نعمة لم يبقَ لي - تلحين وغناء ميس حرب أمي - تلحين أحمد الخير، غناء أميمة الخليل وأحمد الخير) ليل الغربة - موسيقى وغناء الفنان البحريني محمد المرباطي. تحوّلت قصائده إلى لوحات ومجوهرات وأزياء مع رسّامين ومصممين مثل: التشكيلي اللبناني أمين الباشا، التشكيلي اللبناني مارون الحكيم، التشكيلية السعودية علا حجازي، التشكيلي السوري سهيل بدّور، مصممة الحُلي والمصاغ المصرية عزّة فهمي، مصممة الأزياء العراقية هناء صادق، مصممة الأزياء الأردنية/الفلسطينية هامة الحناوي، ومصممة الأزياء الفلسطينية ملك حكروش. تكريمات نال زاهي وهبي عشرات الجوائز كأفضل مقدم برامج من: الكلية الملكية للمملكة المتحدة –لندن، صالون الخريف الباريسي الشهير، جامعة الدول العربية، كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية لثلاث سنوات متتالية، المركز الكاثوليكي للإعلام، المجلس الوطني للإعلام، هيئة دعم المقاومة الإسلامية (درع «الوعد الصادق» تقديراً لدوره الإعلامي أثناء الحرب الإسرائيلية على لبنان في العام 2006)، الرابطة الثقافية في طرابلس، مهرجان تدمر في سوريا، المجلس الوطني للفنون والآداب في الكويت، مهرجان قرطاج المسرحي في تونس، جامعة البتراء في الأردن هيئة الثقافة والفنون في الفجيرة، مجلة دبي الثقافية، وغيرها العديد. كما اختارته مجلة نيوزويك العربية من بين 43 شخصية عربية هم الأكثر تأثيراً في العالم العربي، وكذلك فعلت مجلة أرابيان بزنس باختياره بين المئة الأكثر تأثيراً في العالم العربي. أواخر عام 2005، بات زاهي وهبي أول عربي يُمنح الجنسية الفلسطينية، حيث أصدر الرئيس محمود عباس قراراً بمنحه جواز سفر دبلوماسياً تقديراً لما قدمه للقضية الفلسطينية في مختلف المجالات ، كذلك منحه المثقفون المقدسيون شهادة تكريم. كما تم تكريمه في مختلف العواصم العربية، وفي مقر جامعة الدول العربية في القاهرة. مصدر السيرة الذاتية موقع ويكيبيديا
قراءة في أعماق الذاكرة
BY الكاتب د.صاحب ذهب
8.0
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
قراءة في كتاب " من أعماق الذاكرة " ضحى عبدالرؤوف المل " تلك أيام حلوة ذهبت من دون عودة " تحررت المذكرات من وهج ذاكرة تؤرخ لحقبة عاشها الدكتور صاحب ذهب حين أخذنا معه برحلة عبر كتابه "من أعماق الذاكرة " إلى الماضي حيث تاريخ حياة تضافرت فيها أحداث ساهمت في تكوين رجل استطاع تحقيق خطوات، لا ترتبط به فقط كفرد يحيا في وطن عربي، ومجتمع عراقي مازال يحمل منه عبق النجف" ومكانتها في حفظ التراث العربي، وصيانة لغة الضاد" لنقرأ ما خطته أنامل الذهب من لغة ضاد تشرق معها النفس، وكأنك تقرأ سيناريو روائي تاريخي نقدي تشاهد فيه تفاصيل دقيقة، اجتماعية، وعاطفية، وتراثية، وتاريخية، وسياسية، وهذا ما جعلني أكمل قراءة "من أعماق الذاكرة" لأغوص في ذاكرة وطن تألم، وما زال يتألم، ولكن بأنامل وإشراقة تمنح القارئ إحساسا بأن تاريخنا فيه أسماء عظماء من كل الصنوف الاجتماعية والحياتية مثل جمال عبدالناصر، صدام حسين، شارل حلو، أم كلثوم، عبدالوهاب، الجواهري، أمين الريحاني، لميعة عباس عمارة، والكثير من الوجوه السياسية والفنية والاجتماعية التي دخلت التاريخ السياسي أو الفني. لم يسمح الدكتور صاحب ذهب لنظرته العامة على تاريخه الذاتي ونضاله الحياتي أن يسطو على الحقائق العامة ، كما إن نقده لأحداث سياسية كان منطقيا وحياديا، بل ابتعد فيه عن الانفعال، وقدم تسلسلا سعى من خلاله إلى تقديم حياة عاشها مع الجماعة من أصدقاء وأقارب، وزملاء عمل تشارك معهم الأحزان والأفراح، وكان وفيا للعراق وللنجف بشكل خاص، مسقط رأسه حيث عدد أغلب العائلات العريقة متل : قاسم محي الدين، علي الجشي، رؤوف الجواهري، حمودي الساعدي، باقر الحسني وغيرهم كثر، وكأنه يخط تاريخ العراق بحبر من ذهب، ليبقى في ذاكرة استخرج من أعماقها رؤية معاصرة ، تتكون في مخيلتك، وأنت تخطو معه خطوة خطوة نحو مسيرة وطن عربي يفتقد " لأيام حلوة ذهبت دون عودة " إن لذة الاكتشاف تلاحقك، وأنت تقرأ بلغة شاعرية متمكنة بفصاحة تبعد عنك الضجر، وتفتح عيون مخيلة ترى أجمل الصور المشهدية، وهو يصف رحلته في الباخرة "وبدأ العصر يطوي ساعاته، وأخذت الشمس تلتمس طريقها إلى المغيب، وكأنها تريد أن ترمي بثقلها في عبابه" فهو لم يقدم أدبا اعترافيا يعتمد على الأنا، بل قدم نقدا باطنيا جعلني أشعر بصدق المعاني وجدانيا، وما تحمله من قدرة على خلق نقد تمتلكه بصيرته الناقدة ، ولا سيما وهو يقول في هذا: " وأنا دارس اقتصاد، ولست دارس آداب." إنه ينقل صورا عاشها، ليوضح الوقائع الاجتماعية والسياسية المرافقة لحياته من البداية إلى النهاية ، من مجتمع المدنية والحالة الاجتماعية إلى مجالس بغداد، حيث جعلنا نكتشف معه " أن التورية السياسية، إن صح هذا التعبير، سلاح ذكي لكل من يحسن استخدامه مستظلا بظل الدستور، ومتحصنا بما تسمح به القوانين النافذة، تخلصا من أي مساءلة قانونية، حتى إذا كانت التورية تمتد إلى التعريض الشخصي ببعض الرموز السياسية" يضيف الدكتور صاحب ذهب إلى الذاكرة أبعادا تاريخية، لم يقصد من خلالها تصحيح المسارات إنما ليمنح الرؤية لجيل المستقبل، كي يبذل جهوده في قيادة الوطن العربي نحو المستقبل الخلاق، لتلافي أخطاء تاريخية وقعت، إلا أنه لم يكشف عنها بذاتية تحليلية يحاول من خلالها امتلاك ذهن القارئ، إنما عصف بالأذهان، لتولد الحقائق حرة، وتبقى في عمق الذاكرة تنتظر من يستخرجها من الذاكرة التاريخية ، كما استخرج الغواص كيس الذهب للخال " كان الخال إذن يخشى أن ينحدر الكيس إلى مواقع لا يمكن إدراكها والوصول إليها، وكشف في حديثه أن في الكيس فضلا عن النقود والمفاتيح وثائق وأوراقا يتعذر تعويضها." فهل فقد العراق، ومعه الوطن العربي في حروبه وثوراته وثائق وأوراقا وآثارا يصعب تعويضها ؟تساؤلات تعصف بذهن القارئ، ولكن كلما تساءل عن أمر جاء الجواب في الصفحات التالية، وكأنه يحاور القارئ بمنطق التحاور، فلم أشعر بالتعصب الفكري أو المذهبي، وإنما تكلم عن سلبيات وإيجابيات لكل شخصية ذكرها، ولكل حدث سياسي أمانة مؤرخ تجرد من الذات، وترك للحياة التي عاشها نقد مسيرته. الكتاب يحمل قيمة جمالية لأزمنة لم نحيَ فيها، ولكن تجولنا فيها معه حسيا، وعبر أمكنة أحبها." "كالمحكمة" وهي الصالة التي يجلس فيها الحكيم" ومدينة النجف" ظلت هذه المدينة من أكبر المدن للفقه فناء، وأحسنها في الدين بلاء، وأوطأها للأدب كنفا." كذلك المكتبة العامة، ومقهى شط العرب، ومقهى البرلمان ، كما تعرفنا على المجالس الأدبية ، والجرائد والصالونات الأدبية ،بأسلوب تمهيدي مشوق فتح الباب بعده ليتناول الأوضاع السياسية والاقتصادية في الوطن العربي والغرب، بعد أن أنهى رسالة الدكتوراه، وبدأ العمل في الأمانة العامة لجامعة الدول العربية. من مدينة كورونا كانت البداية الحقيقة للصعوبات، ولاستكشاف المجتمع الأمريكي، وتعدد الحركات الدينية فيه، ومع وما لفت نظره " فثمة بساطة متناهية عند أغلب السكان تستطيع أن تقرأها على وجوههم، وتستطيع أن تلحظها في ملبسهم الذي لا يكاد يفترق عن الغني" ليبدأ بالرؤية المشوفة في تحليلات العلاقات العراقية الإيرانية في عهد الشاه ، وبعد سقوطه إلى حرب تدمير العراق ، ومن ثم إلى دور العراقي المغترب إلى تكوين أنشطة ثقافية تحقق هوية وطن يحمل أدمغة وافئدة خلاقة، فهل " ما ظل عالقا في الذاكرة ولم يأت عليه النسيان" سيبقى في ذاكرة التاريخ؟ أم أن التاريخ ستكون أنغامه شبيهة بالكؤوس التي وصفها في مزاد بيع مقتنيات القصور الملكية " صنعت خصيصا لتشرب منها ملكة فرنسا أوجيني خلال افتتاح قناة السويس، فإذا قرعت الكؤوس بعضها ببعض إيذانا بنخب الافتتاح ، تحول رنين الكؤوس إلى نغم موسيقي متميز ." أحب مصر وشعبها ، كما أحب العراق ولبنان ، وهو أول عراقي يدخل الأمانة العامة للجامعة العربية من بابها الرئيس، ففي الكتاب صور لمراحل مر بها. حقيقة حاولت البحث في القراءة الثانية للكتاب عن مواطن الكره في نفسه لأشخاص تحدث عن سلبياتهم ، كما تحدث عن إيجابياتهم ، إلا أنني لم أجد، فالمواقف الأدبية والسياسية كانت على الحياد، وهذا ما أقنعني أنه لم يعتمد على تشويه الوقائع، كما لم يتعاطف حتى مع صديق مقرب له، فما قاله عن أم كلثوم يقدم أبسط الأمثلة على ذلك، ليمنح القارئ الثقة بأنه الشاهد على كل الوقائع التي استخرجها من أعماق الذاكرة ، ليضعها بإخلاص في كل ذاكرة تقرأ كتابه " في أعماق الذاكرة ". Doha EL mol
×
الكاتب د.صاحب ذهب
نسعى إلى تأمين السيرة الذاتية الدكتور صاحب ذهب لولب الحركة الادبية في المهجر سواء كان في كاليفورنيا او ميشيغن له قدرة على تحريك الساكن ومن ثماره لقاء صالونه الادبي الذي هو مرجع أدبي تاريخي في هذا العالم المنسي بأقصى الكون، نفتقده ونفتقد مثل الدكتور صاحب ذهب في كاليفورنيا. وهنيئا لأهل ميشغان هذا الحضور الثري لميعة عباس عمار .
«
7
8
9
10
11
»