Movie
Series
Books
Paintings
Anime
Interviews
Theater
Login
 
Contact Us
 
إيقاع الجملة الروائية
BY الروائي سعد محمد رحيم
9.0
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
إيقاع الجملة الروائية في «فسحة للجنون» لسعد محمد رحيم ضحى عبدالرؤوف المل تمتد اللقطة السردية في الجمل وترنيمتها الإيقاعية عبر النسج المتقن المرتبط بالأسلوب المرن، وما يترتب عليه من دقة ملاحظة في ذهنية المشهد الدرامي داخل رواية «فسحة للجنون» للروائي سعد محمد رحيم الصادرة عن دار سطور، وفسحة فتحتها للوحدات السردية المجزأة ضمن المنطق الوظيفي للسرد، المتماسك على مستوى البناء الروائي، المتضمن حركة الأشياء حول الشخصيات ومحاكاتها، ككائنات لها وجودها في المشهد وأهميته، وبتأطير شكل ديناميكة الرؤية مع الانسياب في مسارات الصياغة المستندة إلى حيوية ما يريد إيصاله للقارئ، وهي الحروب بمراحلها عبر الزمن الواحد من خلال الامتداد الطبيعي للحدث ومستويات السرد المتمايزة تعبيريا، معتبرا أن المفتاح الحقيقي للرواية هو فسحة للجنون، أو الخروج عن المألوف، بترنيمات تتدفق مع إيقاع الجملة وخصوبتها، والتوغل بالعين السحرية إلى عمق أبجديات المجتمع الذي يتحدث عنه سعد محمد رحيم، ليؤسس بشكل درامي حالة من الأوزان المتنامية في النص، ما بين جملة قصيرة جدا وجملة قصيرة أخرى، ومن ثم جملة طويلة قادرة على إنهاء المشهد أو الصورة أو المعنى اللفظي، أو الالتفاف على القارئ. ليقرأ خطوة بخطوة رواية هي حقا فسحة للجنون حتى عبر لوحتها التشكيلية المحاكية للمضمون، بتفاصيل شتى من اللون إلى الأسلوب، فالتقاطيع الفراغية التي تشبه الانتقال من حال إلى حال. فهل يحاول سعد محمد رحيم العودة بنا إلى الرواية القديمة بأسلوب معاصر؟ أم إنه يحبك جدارية من مكان ما منسي في العالم لتبقى للعالم المتطلع إلى معرفة داخل مجتمعات أكلتها الحروب؟ «لا مطابخ عامرة في البلدة لتحتال القطط على ربات البيوت وتسرق منهن قطع اللحم المعدة للطبخ» جملة قادرة على اختصار المعاناة التي وصل إليها الحيوان قبل الإنسان، وتصوير للانسانية في أحط أوضاعها تلك التي تجعل الإنسان والحيوان في متاهة الوجود بين براثن الحياة والموت والفقر الاجتماعي، إضافة إلى التكسر والتهشيم، فشخصية حكّو تمثل قوة البقاء والتحدي واستكمال الحياة بإصرار على مصارعة التحديات بكل القوى التي من شأنها وضع الإنسان على مفترق طرق «أحد الجرحى يئن، والآخر فقد الوعي بعد أن غطى صدره الدم، والثالث ينزف من ساقه، وكان في وعيه، يغالب ألمه شاداً بيديه السمراوين القويتين إلى أعلى مواضع الجرح». فالصور الأليمة الغارقة بحنكة الصياغة في جعل المقاطع الروائية مقسمة إلى مشاهد لساحات الأوجاع الحقيقية للإنسان في الحروب التي تفر منها القطط، ويبقى الإنسان متمسكا بكل جزء من تراب وطنه، فهل نجح سعد محمد رحيم بأسلوبه في حبك المشهد الدرامي في رواية اقتضبت جملتها، وتكاثفت صورها واشتدت لغة الحوار فيها، وكأن الحركة الروائية اعتمدت على العين الساحرة التي ترى وتضع ما تراه امام القارئ ضمن فسحة للجنون، وهي المشهد المفتوح للقارئ. تتابع بطيء وهدوء في النسج والحرب الشبيهة بدائرة لعقارب ساعة روائية يجعلها مرتبطة بساحات صراع مختلفة نابعة من مؤثرات الحرب على النفس وحصيلة الواقع المر، والتأثيرات السلبية على الأحلام التي تطالها سهام الحروب، وتجعل منها خارج الأيديولوجيات، وضمن التطلع إلى الإنسان الغارق في الأحداث السياسية التي تجعله مشتتا نفسيا ضائعا كالذي يتناول العرق، أو الغائب عن الوعي من الولادة حتى الموت، أو الذي يعيش في جنون لا ينتهي حيث تصبح التفاصيل مفتوحة على الهروب من الحالة الاجتماعية والسياسية بالجنون، وخروج الإنسان عن طور الحياة العاقلة التي تؤهل العراقي خاصة، ليكون ضمن الإنسانية والتذوق، والفن رغم كل العذابات التي يتعرض لها، بدون أن يلجأ سعد محمد رحيم إلى معالجات القضايا، وإنما إبراز الواقع البائس كما هو وبتجرد، بدون مجاملات أو مبالغات روائية، أو الخروج عن المألوف، بل بتكوين المشهد تلو الآخر بأريحية تميزت بالمشهد المكتمل للذهن والتخيلات المستندة إلى عدة جوانب في السرد والوصف، وتركيب المشهد بدقة متناهية، كأنه يتمازج مع التحولات الموضوعية في القضايا التي تناولها في روايته، والتي تسهم في نقل التفاصيل العراقية أثناء الحرب، بدون الولوج إلى الرواية التي تعتمد الأسلوب الحداثي، وبتقنية خاصة قام بوضع معادلتها الخاصة وفق معايير روائية متعددة، إنما تلك التي تعتمد التنقل بفنون السرد إلى فتح فسحة الجنون على الواقع، فهل نجح في استدراج القارئ إلى لب الرواية، أو جوهرها من خلال الجمل القصيرة والمشهد الدرامي والحركة التخيلية القائمة على سينمائية التصوير، والاسترجاع والمرونة في بث الحيوية في المعاني، لجذب القارئ حتى النهاية، رغم هدوء الداخل الروائي وصخب الشخوص، وهل يؤهل بذلك روايته لتكون عملا سينمائيا؟ اعتمد سعد محمد رحيم تكثيف الزمان والحدث والمكان، لاستخراج المرئي المتخيل من الأدب الروائي، ووضعه على طاولة كتاب السيناريو ببساطة شديدة، أو بالأحرى، لتبسيط قدرة كتابة الرواية من خلال القاموس العراقي الاجتماعي، أثناء الحروب التي طالت عليه وتركت الإنسان فيه يغدو كفسحة مفتوحة للصراع المتعدد الوجوه، الذي يغدو مادة غير متخيلة، بل مقتطعة من القضايا الشاقة على الأنفس المتعبة من شح المجتمعات في الحروب المستمرة بدون انقطاع أو استراحات، وبتزاوج مع الشخصيات المختلفة التي تركها في الفسحة كأنها على مسرح الحياة الوجودي والتحديات بقوتها المدفوعة بحب البقاء، أو الاستمرار، وبصياغة تعبيرية تميزت بالوضوح الشديد، كأنه يضع الفسحة تحت المجهر، لنكتشف مساوئ ما يحدث في هذا التمزق المؤدي إلى هلاك الإنسانية. تذبذب بين عدة مراحل روائية تحدد المفهوم القائم على مبدأ النص المرئي واللامرئي والمنطوق، الذي يشكل حقيقة اجتماعية تندمج معها السمات التي تكشف عن وعي القارئ ووعي الكاتب من خلال سعة المعطيات الحركية وتفكيكها، ومن ثم إعادة انصهارها وكأنه يكتبها بمهارة الكلمة واختصار الجملة وتحديات الحداثة، بدون اعتماد الاختزال الزمني وبمزيج امتد إلى الغلاف، وثقافة الصورة التي تحداها باستثمار الحدث في بناء الصورة داخل العمل الروائي المختلف الاتجاهات والمتحول إلى مادة حيوية يمكن تحويلها إلى عمل مرئي يمثل واقع الحياة العراقية واشتدادها على كل الكائنات، بدون استثناء، وبهذا يكون محمد سعد رحيم قد نجح بالأسلوب الروائي ليضع الشخوص في فسحة فتحها على عدة فنون أخرى. Doha El Mol
×
الروائي سعد محمد رحيم
عد محمد رحيم (مواليد 1957 - توفي في 9 أبريل 2018) كان كاتب ومؤلف قصص عراقي، عمل في التدريس والصحافة، ولقد صدرت لهُ ستة مجموعات قصصية، وعدة كتب فكرية ونقدية، كما أصدر ثلاث روايات: هي رواية "غسق الكراكي" التي فازت بجائزة الإبداع الروائي العراقي سنة 2000، ورواية "ترنيمة امرأة، شفق البحر"، ورواية "مقتل بائع الكتب" التي وصلت إلى القائمة القصيرة لجائزة البوكر العربية 2017، ورواية "فسحة للجنون" كما صدرت له عدة كتب ودراسات منها: استعادة ماركس" و"المثقف الذي يدس أنفه"، وصدرت روايتين له بعد رحيله هما "لما تحطمت الجرة" ورواية "القطار إلى منزل هانا". كما حصل على جائزة «كتارا» للرواية العربية لعام 2016 عن روايتهِ غير المنشورة «ظلال جسد.. ضفاف الرغبة».
ثقب في جسم الإنسانية
BY الروائي نيقولاي غوغول
9.5
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
ثقب في جسم الإنسانية ضحى عبدالرؤوف المل قراءة في رواية الروسي الكبير نيقولاي غوغول 'النفوس الميتة' ترجم الدكتور عبدالرحيم بدر رواية "النفوس الميتة" وراجعها غائب طعمة فرمان ، يبدو الغموض المنبثق من بين الانسجام الخفيف السريع في مفردات يجمعها لغويا بمرونة تصويرية تزدحم حركتها في ذهن القارئ "وعند وصول العربة باب النزل وجد راكبها خادم الفندق واقفا لاستقباله، وكان هذا خفيف الحركة ، سريعها لدرجة يتعذر على المرء فيها أن يتبين طابع ملامحه." فالرقي الكلاسيكي في رواية نيقولاي غوغول نلمسه من البداية لتمكنه من بناء المشهد برمته، بكل أركانه التصويرية والتعبيرية، والتمثيلية والروائية، ليجمع بفنيته المعهودة خيوطه الروائية التي يحبكها في كل مرحلة ضمن عقدة تحيط بجوانب كل حدث، وبموضوعية منطقية ينساب معها القارئ"خلع مسافرنا قبعته، ونزع عن عنقه لفاعا صوفيا ملونا، من ذلك النوع الذي تحيكه الزوجة لزوجها بيديها، وحينما تعطيه إياه توصيه وصايا معتبرة عن كيفية طيه، والواقع أن العزاب أيضا يلبسون لفاعات مماثلة، لكنهم في حالتهم هذه لا يعلم إلا الله من حاكها لهم." نمو روائي وارتقاء في الصورة التخيلية لواقع صاغه نيقولاي غوغول بفنية عالية وفكر درامي معقد يمتد مع الشخصيات الثانوية بمختلف اللقطات الزمنية والمكانية، ليمسك بالإنسان أولا وأخيرا، والبيئة التي يضعه فيها بدائرة حياتية لا نفاذ منها مع غوغول مع الاهتمام بتلميحات نقدية اجتماعية لاذعة في باطنها من حيث السخرية بأدب لا يمكن النفور منه عند من يقرأ معانيه الحقيقة "ومن الغريب أن هناك كثيرا جدا من الناس من الطبقة المستنيرة لا يستطيعون أن يتناولوا طعاما في فندق دون أن يثرثروا مع الخادم في الحديث بل يمزحوا معه أحيانا. مهما يكن من أمر فلم تكن جميع أسئلته بلا هدف." فالعوالم الداخلية في الرواية متينة في اتساعها وبيئتها، وأمكنتها التي ينسجها من الواقع وجوانبه المختلفة ذات الأشكال الأدبية التي تبرز منها حياة شخوصه الروائية بمختلف قاماتها التجسيدية المتفاعلة مع الظروف، والمضامين المنسوجة ضمن تطورات وتغيرات في الأنماط الروائية المرتبطة بالواقعية وبتصوير الشخصية دراماتيكيا" وبغموض يثير القارئ المتابعة لمعرفة هذا الذي يسأل عن الأمراض في المدينة " وتساءل إن كانت هناك أمراض كحميات متفشية، أو برداء مميتة أو جدري أو ما إلى ذلك" فمن هو بافيل ايفانو فيتش تشيتنسيكوف؟ يقول الناقد الروسي بلينسكي:" إن شكل وظروف الرواية أنسب للتقديم الشاعري للإنسان الذي ينظر إليه في علاقته بالظروف الاجتماعية، وهنا كما يبدو لي السر في نجاحها غير العادي، وفي سيطرتها المطلقة" وصف وتصوير وتعبير عن مشاعر اجتماعية ناقدة، أو ساخرة بوضوح لافت من خلال التعابير المرتبطة بصفة هذا الرجل المسمى بافيل ايفانو فيتش تشيتسيكوف، ولكنه أيضا يحاكي القارئ قبل أن يتساءل عن ديناميكية الفصل الأول الذي لم يكشف فيه عن مساره الروائي الذي يزداد تعقيدا كلما قرأنا" وسيحيط القارئ علما بهذا الغرض إذا كان لديه من الصبر ما يقرأ به هذا الاستهلال القصصي الذي مهما بدا طويلا فإنه قد يتسع ويزداد طولا كلما قاربنا العقدة التي قدر لها أن تتوج بهذا الكتاب." فهل ترك نيقولاي غوغول خيطا نقديا يبدأ منه الناقد التحليل الروائي لأسلوب قص من خلاله غوغول رواية " النفوس الميتة؟ " يتسم أسلوب غوغول بالبساطة والحيوية مع الحفاظ على العقد التي يتركها تزداد كلما حاول القارئ الإسراع بالقراءة كيف يرى النهاية دون غموض، لكنه يخاطب القارئ بتنبهات ناقد وكاتب ومؤلف درامي ينهي روايته بسلاسة يدرك من خلالها القارئ بساطة الفكرة وتعقيداتها في آن معا " ولكني أود أن أذكر هنا أنني لا أحب أن أشغل بال القارئ بشؤون أشخاص هم من طبقة أحط من طبقته، فقد علمتني التجارب أن لا رغبة لهم في التعرف على الطبقات الدنيا، وأن من طبع الروسي العادي أن يتعرف على أشخاص في درجات السلم الاجتماعي العليا.. ولهذا السبب فإن مؤلف القصة يشعر بالخوف على بطلته ولا سيما أنه قد جعل هذا البطل من متوسطي الأعيان فقط" فهل يبني طبائع الشخوص من خلال إقناع القارئ بواقع فانتازي مؤلف من محض خيال روائي التقط ثغرة اجتماعية، وغلفها بمواضيع خطيرة تصيب المجتمع بآفة كبرى؟ تظهر الجوانب الذاتية للروائي نيقولاي غوغول في أكثر من جانب حواري، أو من خلال مونولوج يكشف من خلاله عن ردود أفعال الفكر المتناقض دياليكتيكيا، مما يتسبب في تعاطف القارئ مع الشخوص وتطوراتها الدراماتيكية عبر سياق العقدة التي يشد متانتها بمقدرة يشارك بها القارئ الذي يعيده فجأة إلى مشهد كان قد بناه وتوقف عند نقطة معينة، ليتحقق من مقدرة القارئ في متابعة ما يقرأ، أو لمعرفة أي نوع من القراء يقرأ رواية " النفوس الميتة " بكل أبعادها النفسية الواقعية والزمنية والمتخيلة أيضا، إذ لا يمكن بيع النفوس بهذه الصفقة الغريبة التي قال عنها مانيلوف: " هل أستطيع أن أتقاضى ثمنا على نفوس هي في العدم؟ على الأقل من وجهة نظر معينة، ونظرا لوجود هذه النزوة الغريبة، إذا سمحت لي بأن أستعمل هذا التعبير. المستحكمة فيك إلى هذه الدرجة فإنني من ناحيتي على استعداد لتقديم هذه النفوس إليك دون قيد أو شرط." هجاء ارستقراطي مبطن يرتكز على سخرية من القوانين أحيانا، وأحيانا أخرى على الفكر والعقل، وعلى استهجان تصرفات شخوصه بمختلف طبائعهم من خير أو شر أو بساطة أو عفوية ساذجة أو قوة وإدراك، وتملك ومعرفة تقود القارئ إلى فهم طبيعة الرواية بكل فصولها التراجيدية كاشفا عن عيوب المجتمعات، والإنسان كي يساعد في خلق تصورات تنجح في إسقاط الضوء على المواضيع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والنفسية ، حتى انتقاد سياسات كانت سائدة في زمانه" هل مات في السنين السابقة عدد كبير من فلاحيك ؟" فتنهدت العجوز وقالت: " أجل، لا أقل من ثمانية عشر، وكلهم من الأقوياء العاملين، لقد نما غيرهم في الواقع، ولكنني لا أرجو خيرا من الأحداث، إنهم طائشون، وعندما جاءني المختار في المرة الأخيرة رحت أبكي أمامه، كان علي أن أدفع ضريبة عن رجالي الأموات كما لو كانوا أحياء". متاجرة بالأموات أقل بساطة من المتاجرة بالأحياء حيث تبدو سلطة الإقطاعي هي في نفسه أولا قبل تملكه المالي، لأن القرض أو الرهن الشرائي هو رمز لجشع يكمن في حب المال والسلطة دون الاهتمام بالإنسان الرازح تحت ضغوطات تشتته، وتضعفه بل تتركه يباع ويشترى ميتا أو حيا " وعلى ذلك أفهمها أن بيع النفوس الميتة هذه، أو نقلها سوف يتم على الورق فقط ، وأنها ستسجل كما لو كانت حية " وهنا يقدم تشيتسيكوف نماذجه الاجتماعية المتمثلة بأنماط تمتلك النفوس الحية المستعبدة بعقود يتم دفع ضرائب عنها تبعا لعقد الملكية الذي لا تنتهي صلاحيته بنهاية حياة العبد المشترى من قبل الإقطاعي، لكن ما يبدو في الرواية من غموض عن شخص تشيتسيكوف الإنساني في مسعاه لشراء النفوس الميتة ما هو إلا تعبير عن الطمع الأكبر لرجل يهدف إلى بناء سلطة مالية كبرى، وهذا نموذج حياتي نراه عبر أزمنة متعددة كثيرة، فميل الإنسان لحب المال لا يمحوه الزمن" وقد تفكر أيها القارئ في لحظة كاللحظة التي نحن فيها فتقول: هل صحيح أن مدام كوربوتشكا تقف في سلم الكمال الإنساني على درجة منحطة جدا" وفي هذا عمق حواري بينه وبين القارئ وشخصيته" الله وحده يعلم الأفكار العديدة التي تبرق في ذهن الإنسان في اللحظة الواحدة." أسلوب روائي محبوك بفن قاص حاذق وروائي واقعي يحاور واقعه من خلال فكرة متخيلة ، وهو يروي قصة وجوه جشعة تذهب ضحيتها النفوس التي جاهدت في حياة لا إنسانية ، كانت هذه النفوس معذبة، لتختلف الرواية في جانبها الآخر الذي يظهر الفساد في النفوس الإدارية والسلطوية القائمة فقط لخدمة الارستقراطيين في مدينة لا تختلف عن الريف إلا في التراخي والكسل عند أصحاب الدخل الحكومي الكبير، فهو لم يصف الخرج فقط لشخوص هم خيوطه الروائية، إنما استطاع إيصال تحليله النفسي لهم أمام القارئ، ليدرك أن هذه النماذج الاجتماعية موجودة في كل زمان ومكان، بل من خلال قراءة الوجه والملامح بفراسة تحليلية يتشارك بها مع القارئ "سيكون وجه نوزديف مألوفا للقارئ، فمما لا شك فيه أن كل إنسان قد قابل مثيلا له، والناس من هذا القبيل، حتى في الصبا وأيام المدرسة يشتهرون بأنهم رفاق طيبون( وهم مع ذلك يتلقون ضربات قوية) لأن وجوههم تبدي عنصرا من الصراحة والاستقامة والإقدام، مما يشجعهم بسرعة على خلق الصداقات، فيبدؤون بمخاطبتك بالضمير المفرد الثاني قبل أن يرتد إليك طرفك." ويكمل في التحليل النفسي لهذه الشخصية " ومع أنه كان أرعن طائشا إلا أنه كان في الوقت نفسه قديرا على القيام بسرقات خفية ووسائل محظورة أخرى." حب للطبيعة وللحياة الصافية من شوائب الإنسان وسلبياته المؤثرة على بيئته التي لا يرعاها بقدر ما يرعى اهتمامه للمال ، فالشاعرية الانطباعية عند نيقولاي غوغول تتجلى في تعابيره الجمالية المفصولة وجدانيا عن رواية جل شخوصها تتميز بالانفعالات النفسية، والخلل الإنساني، لكنه لم ينس في ظل التكوين الروائي رسم تصورات تمجد الطبيعة" وباختصار كان كل شيء بديعا لا تستطيع الطبيعة أن تبتدعه ولا الفن، ولا يمكن أن يكون إلا حين يتحد معا، حين تمرر الطبيعة إزميلها في لمسة نهائية على عمل الإنسان المتراكم في غير نفع غالبا." ما بين السادة المتملكين والفلاحين فروقات كبيرة، لأن الكسل والنشاط لا يجتمعان من حيث المفهوم الفعلي للمعنى، والدولة لا تقوم على أنماط تنقسم لقسمين متضادين بهذه الصفة، فالإقطاعي سيكبر ويزداد كسلا وخمولا وبخلا ، والفلاح سيموت فقيرا معدما، ونشاطه لن يخذله حتى نهاية الحياة ، لكن الجهل لا أنواع له، لأنه يرافق صاحبه حتى وصوله للفشل برغم كل ذرائع الوصول التي تمكنه من بداية قد تظهر عكس ما هو متوقع، فالعمق الفني أو العمق الباطني للرواية يحاكي الظاهر بتكنيك قوي المعنى منه ما هو مخفي يتحسسه القارئ بإدراك حياتي، ومنه ما هو مرئي نراه ضمن مجتمع يئن من ضعف تسببت به هذه الشخوص الموجودة في الحياة، أو في رواية تفاجئ القارئ بواقعها المتخيل" سعيد ذلك الكاتب الذي يتعرف دون الالتزام بالشخصيات المضجرة المنفرة التي يصعقنا واقعها البئيس على شخصيات تعكس كرامة الإنسان، ويختار من الدوامة العظيمة للشخصيات المتتابعة أمامه كل يوم بعض الاستثناءات." فهل نيقولاي غوغول هو ذاك الكاتب الذي تجرأ أن يكشف كل ما يظهر في لحظة أمام الأبصار؟ Doha El Mol
×
الروائي نيقولاي غوغول
نيقولاي فاسيليفتش غوغول (بالروسية: Никола́й Васи́льевич Го́голь الأوكرانية: Микола Васильович Гоголь)كاتب روسي يُعد من آباء الأدب الروسي. وُلد في في 1 أبريل 1809 وتوفي في 4 مارس 1852. من أعماله الأكثر شهرة رواية النفوس الميتة وقصته القصيرة المعطف، بالإضافة إلى المسرحيتين الكوميديتين المفتش العام وزواج. مسيرة حياته نيقولاي غوغول من أكبر روائيي ومسرحيي الأدب الروسي. يعتبر واحد من مؤسسي المدرسة الواقعية في الأدب الروسي في القرن التاسع عشر. كان يكتب بإسلوب كوميدي ساخر. النفوس ميتة تعتبر أهم رواياته مع أنها لم تكن كاملة لأنه حرق بقيتها قبل أن يتوفى بعد اصابته بلوثة عقلية؛ كان السبب فيها قسيسا أدخل أفكاراً تحريمية في دماغه . نشأته ولد غوغول في قرية سورتشينتسي قرب مدينة بولتافا الأوكرانية. تأثر في صغره بطريقة حياة الفلاحين في الريف الأوكراني، وتقاليد شعب القوزاق وفولكلوره الغني. وكان أبوه كاتب مسرحيات من وحي الفلكلور الأوكراني. التحق غوغول بالمدرسة العليا في نيجين، وظهرت مواهب غوغول الأدبية والفنية في سن الثانية عشرة، ونشر له أشعار في مجلة هناك، وكان قد قلد العجائز في مسرح المدرسة بطريقة كوميدية. في سنة 1828 وبعد تخرجه من المدرسة، غادر غوغول إلى العاصمة سانت بطرسبورغ باحثاً عن وظيفة في السلك الحكومي، لكنه لم يجد عملاً، وتعرض للكثير من المتاعب المادية. حاول العمل ممثلاً، ولكنه لم ينجح في الاختبارات، فحاول أن يسلك طريقا أخر ويعمل شاعراً، فنشر على حسابه ديوان شعر عاطفي سرعان ما فشل فشلاً ذريعاً، فقام على إثرها بجمع كل نسخ الديوان وحرقها. وفكر أن يغادر روسيا ويهاجر إلى امريكا. استقل غوغول مركباً وسافر إلى ألمانيا على أمل أن يكمل المشوار إلى أمريكا من هناك. ولكنه أفلس في ألمانيا، ولم يبقى معه من المال ليتابع السفر إلى أمريكا. فقرر الرجوع إلى سانت بطرسبورغ. وهناك أخذ يبحث عن عمل من جديد، حتى وجد وظيفة حكومية براتب متواضع جداً. بعد مرور ثلاثة أشهر استطاع العمل في وظيفة حكومية ثانية، ولكنه تركها أيضا بعد مرور عام ليدرس التاريخ في مدرسة داخلية للبنات. اشتهاره ابتدأ غوغول في نفس الوقت يكتب قصص في بعض المجلات، وكانت مواضيعها عن ارياف أوكرانيا وعن معيشة الفلاحين في القرى هناك، وأدخل في القصص حكايات عن العفاريت والسحرة استخلصها من الفولكلور الأوكراني بأسلوب مضحك استعمل فيه ألفاظ وأمثال شعبيه أوكرانية. في تلك الأيام كان هذا الأسلوب جديدا في الأدب الروسي مما لفت أنظار القراء والنقاد اليه. في الفترة (1831 - 1832) كتب ثمانية حكايات انتشرت في مجلدين بعنوان «أمسيات في مزرعة قرب ديكانكا» (بالروسية: فيتشيرا نا خوتوري بليز ديكانكي)، وفجأة أصبح غوغول من المشاهير بين يوم وليلة بين كتاب ونقاد كبار أمثال بوشكين، وچوكوڤسكي، واساكوڤ، وبلينسكي أصبحوا مهتمين به. في سنة 1834 عين غوغول في جامعة سانت بطرسبورغ استاذا مساعدا في أدب العصور الوسطى، ولكنه وجد نفسه غير قادر على مثل هذا العمل، فتركه بعد سنة، وبدأ التحضير لنشر مجموعات قصصية جديدة في كتابين هما «ميرجورود» و«أرابيسك» الذين نشرهم سنة 1835. الأربع قصص التي كانت في مجموعة «ميرجورود» كانت تكملة لمجموعة قصص «أمسيات في مزرعة قرب ديكانكا»، لكن غوغول استبدل فيهم أسلوبه الرومانسي بالأسلوب الواقعي التشاؤمي الذي يعكس انعدام القدرة على التجاوب مع الحياة، وفي نفس الوقت انعدام القدرة على الهروب منها. وتجلى ذلك في قصة «مشاجرة إيفان ايفانوفيتش وإيفان نيكيفوروفيتش» التي كانت فكاهية، ولكن مليئة بالمرارة من قسوة الحياة. وفي قصة «مُلاك زمان» على الرغم من كل الفكاهة التي كانت تشوبها سخرية من عجوزين عاشا من أجل الأكل، ولم يستطيعا فعل أي شيء غير الأكل في حياتهم. وفي قصة «مذكرات مجنون» البطل «زابيسكي سوماسشيدشي جو» موظف صغير قليل القيمة يعاني من الكبت، فعوض عنه بجنون العظمة (ميجالومانيا) الذي تطور معه إلى أن دخل مستشفى المجانين. قصة تراس بولبا كانت أيضا من ضمن مجموعة ميرجورود التي غيرها غوغول سنة 1845 بإضافة ثلاثة فصول. والقصة تحكي عن الصراع الذي دار ما بين القرنين الخامس عشر والسابع عشر بين أوكرانيا الأرثوذكسية وبولندا الكاثوليكية، والتي لقيت نجاحا كبيرا في روسيا، واعتبرها غوغول واحدة من قصصه المحظوظة. تراس بولبا في القصة يصارع قمع حريات الناس واستسلام الناس لثقافات من خارج بلادهم.تم إنتاج فيلم هوليوودي سنة 1962 يحكي قصة تاراس بولبا. كوميديا المفتش العام غوغول كان يثق جدا في رأي وذوق بوشكين الأدبي، ونشر سنة 1863 في مجلته الأدبية «قصة العربة» التي تعتبر بلا منازع من احسن قصصه الساخرة، وقصته الغريبة السريالية الفكاهية «الأنف». واستوحى غوغول من بوشكين فكرة مسرحية «المفتش العام» ورواياته البديعة «النفوس الميتة» التي تعتبر من أحسن الروايات المكتوبة في تاريخ الأدب الروسي بشكل خاص، والأدب العالمي بشكل عام. كوميديا «المفتش العام» هاجمت وسخرت بدون رحمة من النظام البيروقراطي الفاسد في عهد القيصر نيقولا الأول. وباختصار تحكي كوميديا المفتش العام أن المسؤولين والموظفين الفاسدين في أحد أقاليم البلاد استقبلوا رجلاً سمينا جميل الهندام، وظنوا أنه «المفتش العام». وأخذوا يقدمون له الرشاوي ويدعونه إلى المآدب لكي يغض بصره عن فسادهم الوظيفي. وبعد مغادرته احتفلوا بأنهم تمكنوا من الضحك عليه، وأثناء احتفالهم بنصرهم وصل «المفتش العام» الحقيقي فأصابهم الرعب. عرضت الكوميديا مرة واحدة في روسيا في 19 إبريل/ نيسان 1836 بأمر مباشر من القيصر نيقولا، وبعدها قامت ضجة كبيرة في الجرائد وفي الدوائر الحكومية، فمنعت من العرض مرة ثانية، ولدرجة أن غوغول اضطر إلى مغادرة روسيا في يونيو/ حزيران 1836 وتوجه إلى روما ومكث فيها بطريقة متقطعة حوالي 6 سنوات (لغاية سنة 1842). شعر غوغول بالراحة في إيطاليا ولقى في روما الجو الديني الذي كان يميل اليه. وهناك قابل رسام اللوحات الدينية «الكسندر إيفانوف» الذي كان يعمل في روما وأصبحا صديقين. وقابل واندمج مع السياح والمهاجرين الأرستقراطيين الروس وكانت منهم الأميرة الروسية زينايدا ڤولكونسكي التي كانت قد استقرت في إيطاليا بعد اعتناقها للمذهب الكاثوليكي، والتي كانت تناقش المواضيع الدينية في جلساتها. رواية النفوس الميتة غوغول كتب جزء من رواية النفوس الميتة في سويسرا (خريف 1836)، وكتب جزءا أخر في باريس (نوفمبر 1836 - فبراير 1837)، لكن روما كانت المكان الذي كتب فيه غوغول معظمها (1837 - 1838). أطلق غوغول على هذه الرواية اسم «ملحمة» التي تصور روسيا الإقطاعية بنظام القنانة، والنظام البيروقراطي الفاسد الذي كان سائدا في تلك الأيام. غوغول كتب الجزء الأول من الرواية خلال حوالي 8 سنوات (من 1834 إلى 1842)، وقرأ لبوشكين الفصول الأولى التي جعلت بوشكين يشعر بكآبة إلى أن صرخ «يا إلهي! يا حزن روسيتنا». مختصر الرواية إن بطلها «تشيتشيكوڤ» الرجل النصاب الماكر الذي أراد أن يغتني ثانية بعد أن خسر ثروته. فأعد خطة ذكية لكن إجرامية، بأن يشتري من ملاك الإقطاعات أرواح العبيد الذين كانوا يعملوا عندهم وماتوا من فترة قريبة ولكن لم يتم تسجيل وفاتهم في السجلات الحكومية، وبذلك فهم لا يزالون على قيد الحياة.فعندما يتصل تشيتشيكوڤ بالملاك كانوا يفرحوا بالموضوع لانهم كانوا يدفعوا ضرائب للدولة عن عبيد غير موجودين. تشيتشيكوڤ كان ينوي رهن الأرواح إلى البنوك ويستقرض مالا ليتمكن من العيش كرجل محترم في إقليم بعيد لا أحد يعرفه هناك. في هذه الرواية خلق غوغول شخصيات كثيرة بسلوك ونفسيات مختلفة، اشتهرت في روسيا بأسمائها. وطوال الرواية كان بطلها تشيتشيكوڤ يتنقل من بلد إلى بلد، عندما يشعر أن سره انكشف، وكان في كل مرة يقابل شخصيات جديدة. وبأسلوب فكاهي متمكن أرانا كيف كان يُعامَلُ العبيد في تلك الأيام، وكيف كان يتم شرائهم مثل الحيوانات. نشر الجزء الذي كتبه غوغول من روايته النفوس الميتة سنة 1842 بعدما رفضت الرقابة نشرها تحت عنوانها «الملحمة» بحجه أن غوغول بهذا العنوان «يعترض على فكرة الخلود»، وإنه من الأفضل تسميتها «مغامرات تشيتشيكوڤ أو الأرواح الميتة» فوافق غوغول لحاجته في ذلك الوقت للمال. في نفس السنة غوغول نشر بعض من روايته القصيرة، كان من ضمنها رواية «المعطف» التي وصفها الأديب العملاق دوستويفسكي بأنها «الرواية اللي خرجت من عباءتها كل الروايات الواقعية التي ظهرت في روسيا». تحمس القراء والنقاد في روسيا للجزء الذي نشر من الأرواح الميتة، وشعروا أن غوغول من الممكن أن يملأ الفراغ الأدبي الذي حل في روسيا بعد وفاة أمير الشعراء بوشكين المفاجئ في 1837 . وبهذه الرواية تربع غوغول على قمة الهرم الأدبي في روسيا. لكن غوغول لم يكن مقتنعاً جداً بالذي كتبه، وكتب جواب للشاعر چوكوڤسكي قال فيه «ان الذي نشر لا يساوي شيئا مما سيكتبه». بدأ غوغول النظر للموضوع من منظور شخصي. وتسللت لرأسه فكرة دينية فحواها أن الرب حباه بموهبة أدبية كبيرة ليس فقط ليعاقب الفساد عن طريق إضحاك الناس، لكن ليُظهر لروسيا الطريق الصحيحة للعيش في عالم شرير. في مارس / آذار سنة 1841 غوغول كتب لأحد أصدقائه في موسكو: «مشيئة ربنا المقدسة.. مثل هذه الأفكار ليست من وحي البشر. لا يوجد إنسان يمكن أن يفكر في هكذا موضوع». وعلى هذا الاساس قرر غوغول انه يكمل روايته على انها مثل «كوميديا إلاهية» نثريه. واعتبر الجزء الذي نشر يمثل بالنسبة لروسيا جحيم دانتي في الكوميديا الإلهية. هوس ديني ونهاية روائي كبير وبهذا دخل غوغول في متاهة دينية، ووجد نفسه غير قادر على اكمال الرواية. كتب غوغول في اعترافات مؤلف: «جلست لكي أكتب فوجدت نفسي غير قادر أن أكتب شيئاً. في كل مرة كنت أحاول الكتابة كان الموضوع ينتهي بمرض وتعب، إلى أن توقفت عن الكتابة لمدة طويلة». خلال عشر سنين كتب غوغول الجزء الثاني من روايته (من 1842 لـ 1852)، ولم يكن راضيا عن ما كتبه. وخطرت في دماغه فكرة أن الرب، لسبب ما، لا يريد أن يكون غوغول هو من يرشد الناس لحياة أكثر خيرا. لكن على الرغم من ذلك قرر أنه يمكن أن يقوم بتوصيل الفكرة والعمل كمعلم وواعظ بدون أن يستخدم قدراته الفنية، فكتب «مختارات من مراسلاتي مع اصدقائي» (1847) وهي عبارة عن مجموعة من الخواطر. وكانت النتيجة بشعة جداً، حيث قام القراء والنقاد بمهاجمة الكتاب، وكان من ضمنهم الناقد الكبير بلينسكي الذي كان معجبا بغوغول ومادحا له طوال الوقت، وكتب له جواب قال له فيه أنه بكتابه هذا أصبح «واعظ جلاد يدافع عن الظلمات وأبشع أنواع القهر». بهذا الهجوم شعر غوغول انه فعلاً مذنب كبير، وأن الرب تخلى عنه بالكامل، فأصيب بوسواس ديني وبدأ يكتر صلواته ويبعد أكتر عن الحياة والمجتمع، وفي سنة 1848 ذهب إلى بيت المقدس لكي يحج لكنه لم يشعر بالراحة. وعندما عاد إلى روسيا أخذ ينتقل من مكان إلى مكان إلى أن استقر في موسكو، وهناك قابل قسيسا متطرفا دينيا اسمه «الأب ماتفي كنستنينوڤسكي» الذي أدخل في دماغه أفكاراً تحريمية غريبة وسيطر عليه، وأمره بفعل أشياء. وكان منها أن يقوم بحرق مخطوط الجزء الثاني من روايته «أرواح ميتة» الذي لم يكن قد نشره بعد، فحرق غوغول المخطوط يوم 24 فبراير / شباط سنة 1852، وبعدها بعشر أيام مات نتيجة الصيام المتواصل وهو مصاب بلوثة شبه جنونية . أثره ومكانته الأدبية بالرغم من اللوثة الدينية التي أُصيب بها غوغول ودمرت عبقريته الأدبية، كان تأثير غوغول في الأدب الروسي كبيرا جداً. رواياته «أرواح ميتة» ولو إنها ناقصة، و«المعطف»، ومسرحيته «المفتش العام» أسسوا مدرسة أدبية جديدة في روسيا إسمها «المدرسة الطبيعية» (natural school) البعيدة عن المدارس «الرومانسية» (romantic school) و«الخطابية» (rhetorical school) التي كانت سائدة قبله. غوغول كان من أوائل الأدباء الروس الذين أظهروا لروسيا نفسها. على عكس أسلوب الكتابة الكلاسيكية - الواقعية (classical-realistic) الذي أسسها أمير الشعراء بوشكين والتي استخدمها فيما بعد كتاب أمثال ليف تولستوي وتورجينيف، أسلوب كتابات غوغول انتقل لكتاب أمثال دوستويفسكى واندريه بيلي الذين أثروا بدورهم في كتاب كثيرين آخرين في فترة ما بعد الثورة الروسية. واقعية غوغول الاتهامية لقت مؤيدين كثيرين كان منهم الأديب الساخر «ساليكوف چخدرين». غوغول أيضا أوجد شخصية «الرجل الصغير» كبطل في الأعمال الأدبية. أعمال نيقولاي غوغول روايات: النفوس الميتة (1842 - كان من المخطط أن تكون الجزء الأول من ثلاثية) مسرحيات: المفتش العام (مسرحية) الزواج (مسرحية) قصص: ميرجورد، مجموعة من القصص القصيرة: تاراس بولبا ايڤان ايڤانوفيتش وايڤان نيكيڤوروڤيتش مُلاك أيام زمان ڤيي الأمسيات في قرية قرب ديكانكا، مجموعة من القصص القصيرة في مجلدين: ايڤان ڤيودوروڤيتش شبونكا وعمته ليلة عيد الميلاد الرسالة المفقودة ليلة في مايو المنطقة المسحورة الزخرفة العربية (الآرابسك)، مجموعة من القصص القصيرة: البورتريت شارع نيفسكي مذكرات مجنون المعطف الأنف العربة مصدر السيرة الذاتية موقع ويكيبيديا https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%86%D9%8A%D9%82%D9%88%D9%84%D8%A7%D9%8A_%D8%BA%D9%88%D8%BA%D9%88%D9%84
قادش مدينة الحرب والسلام.
BY الكاتب كولن ولسون
8.0
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
قادش مدينة الحرب والسلام. ضحى عبدالرؤوف المل قراءة في كتاب" طفيليات العقل" للروائي كولن ولسون. تمتلئ رواية "طفيليات العقل" للروائي كولن ولسون، والتي ترجمها إلى العربية الدكتور محمود درويش بالأفكار النفسية، وبوعي يجمع بين محاسن ومساوئ العقل من خلال قصة بدأت بنقاش استحوذ على البداية الحقيقية لحرب مع طفيليات العقل، والمنعطفات التي يحفل بها التاريخ، لأن عبثية الحياة تدفع بالبعض نحو الحلم الذي يتفجر بأشكال مختلفة، حيث البعض يغرق بلذة اكتشاف الحضارات وتأملها، أو منح التساؤل قيمة ذهنية تدفعنا نحو البحث عن أجوبة هي في باطن كل منا، فنحتاج إلى مفتاح، لنضعه في المكان الصحيح، لكي ندخل بأمان داخل ثقوب العقل، أو الفراغات التي ما زالت تحتاج إلى لامتلاء في الحياة، ولكن ما الذي يربط بين علم النفس وعلم الآثار ومحاولة فك الرموز التي تستعصي على الإنسان العادي؟ وما الذي يدفعنا إلى الإيمان بالمعجزات؟ وهل فعلا الحضارة هي نوع من الحلم؟." على أي حال ، فالحضارة نوع من الحلم، ولنفرض أن رجلا استفاق فجأة من هذا الحلم، ألا يكفي لدفعه إلى الانتحار؟" بداية روائية ذات زمنية متنوعة ، لكن الخيال فيها يسبق الواقع، والحاضر هو من يمسك الماضي والمستقبل، ليتحكم العقل" باستعارة غريبة حول الخلايا البيولوجية ونزعتها إلى الموت اختيارا، عندما يفقد الجسم قدرته على التنبيه بوساطة المحيط الخارجي "فالأسلوب الروائي التخيلي لم يخل من استنتاجات ذهنية كحلها بين الحين والآخر، بالأمكنة التي تتنازعها الرواية ذات الخيال الحسي المتوج بالأحاسيس الباطنية، وبتحليلات إدراكية نتجت عن تأمل العلوم. إن من علم النفس أو علم الآثار أو حتى علم الفضاء أو علم الماورائيات، حيث بدأ النظر إلى أعماقه بقوة إنسانية باحثة عن العوالم المنطوية فيها، ليقول:" إذا كان المكان غير محدود فما بالك بالمكان الموجود داخل الإنسان؟ " يطرح كولن ولسون في روايته طفيليات العقل فكرة التجديد الذاتي التي من شأنها خلق حب المغامرة، وفتح أبواب الحياة للانطلاق نحو حضارات كتلك التي استطاعت بناء الأهرامات في مصر، وهذا ما حاول معرفته عالم الآثار قبل أن يبدأ بالتفكير، وليتساءل: ما هو الشيء الذي يدمر قدرة البشر على التجديد الذاتي؟ فالرواية ذات بناء منطقي وفلسفي يعتمد على التحليلات التي يتشارك بها مع القارئ، مما يثير الدهشة في النفس ، فالاستنتاجات قد تتطابق بين الروائي والقارئ، وقد تتعارض، إذ يفتح نقاشات طويلة مفتوحة الأبعاد نحو عدة أجوبة، وفي كل منها مفتاح عقلي يتوجه بالحلول المتخيلة بعد لمس الواقع والتاريخ، وكأنه يقص" قصص واقعية من صميم الحياة تستفيد من الصدفة بطريقة لا يجرؤ عليها أي روائي." دوائر تخاطرية تضعنا أمام حقائق حياتية لا يمكن استنكارها، لأنها خلاصة فكر أو عصارة تجارب إنسانية ، فالتخيلات الروائية الجامحة هي نوع من الإسقاطات أو المجازات التي تصور الحياة، وأركانها المتناقضة من خير وشر، وقوى خفية تقودنا أحيانا نحو الاعتراف" بالإحساس العارم بالقدر وبالخالق الذي يحدد نهايتنا" فهل الموت نهاية أم بداية ؟ إن الجهل بكنه الروح وبزمنية الولادة والموت من شأنه أن يرفع من قيمة الحياة، لأنها تدفع بالإنسان إلى المغامرة والبحث، كما فعل عالم الآثار وصديقه للبحث في أوراق تروي قصة الطفيليات، ليكملها بالمسبار الفضائي الذي تاه في عمق الفضاء خلال رحلة زمنية سبقت زمن الرواية التي بدأت بالزمن وانتهت باللا مكان أو اللا زمان الحقيقي، فالسرديات المترابطة مع اللغة الحوارية المملوءة بالآثار والتشويق تثير دهشة القارئ، ولطفيليات الذهن المتأثرة بالاكتشافات وبالتأريخ وأهميته " لقد جعلني مايرز أشعر أن المؤرخ الحقيقي إنما هو شاعر وليس عالما" . ترتبط الفكرة المتخيلة في الرواية بعلم الآثار، وعلم النفس والبناء الاجتماعي القائم على نقد الزمن الصناعي الخالي من الجمال، أو بالأحرى من الشعر والموسيقى والرقص، وهذا نوع من الأسباب التي يدفع إلى الانتحار حيث " قدم استعارة غريبة حول الخلايا البيولوجية، ونزعتها إلى الموت اختيارا، عندما يفقد الجسم قدرته على التنبه بوساطة المحيط الخارجي" فالأثر الجمالي في الحياة يبعث الأمل والطمأنينة في النفس المتعبة لأن" الإنسان الذي يجهد نفسه في العمل يشعر بالتوتر، وما يلبث الأمر يصبح عادة يصعب التخلص منها "مغامرات خيالية نسجها بخيوط الحياة الحقيقية، وبعناصر علم النفس وعلم الآثار معا، لتخضع كل فكرة إلى تحليلات زمنية تمتد إلى ما قبل الماضي، وإلى ما بعد الحاضر حيث " كشفت ألواح أرزوا الأخيرة عن انتشار ظاهرة الانتحار في أثناء حكم الملك مرشيلس الثاني ق م " معتبرا أن طفيليات العقل هي كالسرطان تدمر الخلايا، كما تتسبب في شن الحروب والتحكم بالعقول الحاكمة التي تتأثر بالاغتيالات السياسية والانحطاط التاريخي، وكل ما من شأنه أن يتسبب في تدمير الحضارات" إذ تكشف الأدلة في قرة تبة عن حضارة فنية لا عسكرية، فهل هي مجرد اللامبالاة"؟. فضاءات روائية لا تخضع إلى جنس أدبي محدد، لكنها من الخيال الزمني المقترن بقانون المصادفة، فالفكرة تتماشى مع ما يطرحه في فنه الروائي من توسع العقل إلى ما لانهاية في أعماقنا، فالمستوى السردي يزداد ويتناقص مع ازدياد حدة الحدث وخفوته، لنصل إلى نهاية هي بداية في حد ذاتها، لأن القارئ يستفيق بعدها على المفردات التي استقرت في وعيه، فالتأثر والتأثير والتفاعل بين القارئ والرواية نتج عنه برمجة تطلبت قوة في التركيز والانتباه، والغوص في أعماق الرواية أكثر فأكثر. لنحاول اكتشاف سبب الانتحار، فنكتشف أن الأفراد ليسوا إلا خلايا في جسد الحضارة الهائل، وأن نسبة الانحطاط تزداد مع التقدم في السن" كما أن" العقول البشرية ليست أجزاء منفصلة بل هي جزء من قادة العقل العظيمة" تحليلات أثرية لاكتشافات في باطن الأرض أوعمقها يترجم من خلالها سلوكيات الإنسان القديم الذي تأثر بها إنسان في الحاضر مثل جورج سميث الذي " سافر من لندن والأمل يراوده في العثور على الألواح الطينية التي من شأنها أن تكمل ملحمة غلغامش " وهذا جعله يعترف أن علم الآثار يميل إلى دفع المرء للإيمان بالمعجزات، فهل حاول كولن ولسون في روايته الكشف عن العقل " باعتباره عالما قائما بذاته تماما، كالعالم الذي نعيش فيه كوكبا له غاباته وصحاريه ومحيطاته". إن تصوير العقل كالحضارات الإنسانية هو جزء من كل، خطط له كنوع من التجديد الذاتي حيث القدرة عند القارئ قد تنجح وقد تفشل في اكتشاف التضاد الروائي المؤدي إلى عصف ذهني شديد بتياراته الهوجاء، لأن البحث عن قادش هو تماما كالبحث عن انتحار كارل وايزمان، فتلك تحتاج إلى الغوص في عمق الأرض، وهذه تحتاج إلى الغوص في عمق العقل، وبين هذا وذاك تتضح المفاهيم المعرفية والسلوكية للإنسان المتأثر بالمحيط البيئي، فخريطة بناء الوعي يرسمها الإنسان الواعي الذي" يراقب الكون طيلة الوقت " ولكن أليست التأملات التي يلجأ إليها الإنسان في حالاته الطبيعة هي جزء من بناء الوعي، أو كما يقول كولن ولسون في روايته التجديد الذاتي: . " وما فعلناه هو تحويل الحقيقة الخاصة بالطفيليات إلى قصة خرافية من قصص الأطفال" هروب من حقيقة إلى خرافة وبالعكس، ليستوعب العقل الكم التحليلي الذي قدمه ولسون في رواية خيالية، ولكنها تحمل فكرة فلسفية تنشط وعي القارئ، وتجعله من ضمن الدائرة التخاطرية التي تؤثر في الذهن" لقد اعتاد البشر على حدودهم الذهنية الضيقة تماما، كما اعتاد الناس على متاعب السفر الهائلة قبل ثلاثة قرون" فالرصانة في تقديم كل فكرة فرعية من خلال أسلوب تشويقي يثير نزعة الغوص أكثر هو بمثابة المحرك الأساسي لرواية انطلقت من البحث إلى التحليل والاستنتاج بالتسلسل الذهني المؤثر على القارئ بحيث تنطبع الأحداث والأفكار تبعا لما يتم تحزينه في الذاكرة معتبرا" الإنسان أشبه بقارة من القارات، غير أن عقله الواعي ليس أكبر من حديقة خلفية" تتجدد التساؤلات إلى ما لانهاية عن ماهية قادش وطفيليات العقل، والظل خارج الزمن، والمراقبة الذاتية، فالمصطلحات الروائية اتخذت من ملكوت العقل الأرض الأساسية لها، لتستقر في العمق كالطفيليات الموجودة في أعماق الوعي، وفي ملكوت أعمق الذكريات، وإذا ما اقتربوا كثيرا من الوعي فإنهم سيتعرضون إلى خطر الكشف عن أنفسهم" ولكن يبدو أن الثورة القادشية الشبيهة بثورة العقل وطفيلياته المسيطرة هي البناء الروائي الأساسي الاستبطاني لمعركة "قادش" الشهيرة بين رمسيس الثاني فرعون مصر وبين الحثيين، والبحث عن آثار قادش والحثيين، وأسباب انتحار الإنسان والحضارات، والبقاء في تركيا للبحث عن آثار قادش والعودة من الفضاء، وقد قامت الحرب كصرخة إثبات على الطفيليات الرمزية الموجودة في الكون، والتي تمنع السلام ، فهل قادش المذكورة في الرواية هي قادش مدينة الحرب والسلام ؟ Doha El Mol
×
الكاتب كولن ولسون
كولن هنري ولسون (26 يونيو 1931-5 ديسمبر 2013) كاتب إنجليزي ولد في ليسستر في إنجلترا. ولد كولن لعائلة فقيرة من الطبقة العاملة. تأخر في دخول المدرسة، وتركها مبكرا في سن السادسة عشر ليساعد والده، عمل في وظائف مختلفة ساعده بعضها على القراءة في وقت الفراغ، بسبب من قراءاته المتنوعة والكثيرة، نشر مؤلفه الأول (اللامنتمي)1956 وهو في سن الخامسة والعشرين. وتناول فيه عزلة المبدعين (من شعراء وفلاسفة) عن مجتمعهم وعن اقرانهم وتساؤلاتهم الدائمة، وعزا ذلك إلى الرغبة العميقة في ايجاد دين موضوعي وواضح يمكن له ان ينتقل إلى الاخرين، دون أن يقضوا حياتهم في البحث عنه. كان الكتاب ناجحا جدا، وحقق اصداء نقدية قوية، وجعل من الشاب الفقير كولن نجما في دوائر لندن الثقافية، وصارت أخباره الخاصة تتصدر اعمدة النميمة الصحفية، اثر ذلك على كولن كثيرا وصار يتخذ موقفا من الصحفيين والنقاد، الذين سرعان ما بادلوه نفس الموقف، وهاجموا كتابه على أساس انه «مزيف» وملئ بالنفاق. رغم ذلك، لا يزال ينظر للكتاب على انه ساهم بشكل أساسي في نشر الفلسفة الوجودية على نطاق واسع في بريطانيا. نظر إلى كولن ولسون، على انه ينتمي إلى مجموعة "الشباب الغاضبين"، - وهم مجموعة من الشباب المثقف المتمرد قدموا عدة أعمال مسرحية في الخمسينات- رغم أن قليلا جدا كان يربطه بهم من الناحية الفعلية. كتابه الثاني (الدين والتمرد) 1957 قوبل بهجوم شديد من النقاد الذين كرروا وصفه بالمزيف والكذاب.كذلك ظل النقاد مع معظم كتبه التالية، لكن الرواج التجاري ظل ملازما لمعظم كتبه التي نالت هجوم النقاد أو لا مبالاتهم. واصل ولسن الإنتاج دون اهتمام لهجوم النقاد، وقد تنوعت موضوعات كتبه بين الفلسفة، وعلم النفس الإجرامي، والرواية. في الفلسفة اكمل سلسلة اللامنتمي: عصر الهزيمة 1959، قوة الحلم 1961، اصول الدافع الجنسي 1963 ما بعد اللامنتمي 1965 في الرواية كتب عدة مؤلفات روائية منها: طقوس في الظلام 1960، ضياع في سوهو 1961، رجل بلا ظل 1963، القفص الزجاجي 1966، طفيليات العقل 1967 يربو عدد مؤلفات كولن ولسن الآن على المائة كتاب.و قد الفت عنه عدة مؤلفات نقدية. «اللامنتمي هو الإنسان الذي يدرك ماتنهض عليه الحياة الإنسانية من أساس واهٍ، وهو الذي يشعر بان الاضطراب والفوضوية أكثر عمقاً وتجذراً من النظام الذي يؤمن بهِ قومه.. انه ليس مجنوناً؟، هو فقط أكثر حساسية من الأشخاص المتفائلين صحيحي العقول.. مشكلته في الأساس هي مشكلة الحرية.. هو يريد أن يكون حراً ويرى أن صحيح العقل ليس حراً، ولا نقصد بالطبع الحرية السياسية، وانما الحرية بمعناها الروحي العميق.. ان جوهر الدين هو الحرية ولهذا: فغلبا ما نجد اللامنتمي يلجأ إلى مثل هذا الحل إذا قـُـيَّض لهُ أن يجد حلاً.. !» كولن ولسن إنه لمن الغريب أن كولن ولسن قد حقق شهرة كبيرة في العالم العربي لأنه لا يكاد يكون معروفا في بلدان أوربية عديدة ولم يعترف به ككاتب جاد أبدا. إتجه بعد كتاباته الأدبية إلى الكتابة عن التصوف والسحر وعالم ما بعد الموت. يصنف كولن ولسن في الغرب باعتباره كاتبا دجالا. من أعماله رجل بلا ظل (رواية) (1963) وترجمتها للغة العربية مها سلمان سعود أصول الدافع الجنسي، ترجمة شرورو ويمق وآخرون الإنسان وقواه الخفية الاستحواذ الجنس والشباب الذكي الحالم الشعر والصوفية اللامنتمي، ترجمة أنيس زكي حسن المعقول واللامعقول في الأدب الحديث، ترجمة أنيس زكي حسن اله المتاهة الشك، ترجمة شرورو ويمق سقوط الحضارة، ترجمة أنيس زكي حسن طقوس في الظلام، ترجمة فاروق محمد يوسف عالم العناكب فكرة الزمان عبرالتاريخ، تُرجم للعربية ضمن سلسلة عالم المعرفة. ما بعد الحياة ما بعد اللامنتمى، ترجمة شرورو ويمق وآخرون موسوعة الألغاز المستعصية الحاسة السادسة ضياع في سوهو، ترجمة شرورو ويمق القفص الزجاجي، ترجمة سامي خشبة راسبوتين وسقوط القياصرة إبحار نحو البدء (سيرة ذاتية ذهنية) حلمُ غايةٍ ما: السيرة الذاتية للروائي - الفيلسوف كولن ويلسون، ترجمة وتقديم: لطفية الدليمي، بغداد، دار المدى، 2015 تميزت حياة كولن ولسون الشخصية بتعدد العلاقات التي أقامها في كل محيط عمل أقام فيه ولعل أبرز ما ميز أسلوبه في التفكير فكرة تبدو شاذة وهي أنه يجب على المبدع أن يوفر جميع متطلباته وحاجاته الطبيعية كي يتمكن من النطلاق في عالم الإبداع لذلك لا تكاد تجد مؤلفا له إلا وفيه ذكر لموضوع الجنس ولو تلميحا وهذا يبرز في حياته العملية فقد تعددت علاقاته مع عدة نساء وتزوج أخيرا بالفتاة جوي الذي وصف تأثره بها في سيرته الذاتي، وهذا الزواج «الناجح» جاء بعد تجربة زواج فاشلة مع ممرضة أكبر منه في السن تدعى دوروثي.. عموما..كولن ولسون من الأدباء الأنجليز الذين تعمدوا وصف تأثير حياتهم اليومية على كتاباتهم وقد أسس دون إرادة فعلية منه لمذهب فلسفي جديد هو مذهب الفلسفة الروائية التي تبرز خاصة في روايته «طقوس في الظلام» مصدر السيرة الذاتية موقع ويكيبيديا https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%83%D9%88%D9%84%D9%86_%D9%88%D9%84%D8%B3%D9%86_(%D9%83%D8%A7%D8%AA%D8%A8)
الحكايا الفلسطينية في مقاربات
BY الروائي مروان عبدالعال
8.2
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
بلاد الزعتر والحكايا الفلسطينية في مقاربات روائية ضحى عبدالرؤوف المل يناور الروائي مروان عبدالعال عبثية الوجود في روايته «الزعتر الأخير» الصادرة عن دار الفارابي، خشية خمود النار التي يؤججها في فرط الاستذكار، وبدلالات معاندة الذبول. لتكتسي بلاد الزعتر والحكايا الفلسطينية مقاربات روائية استقوى بها واسترسل مع البذور التي تدفن، فتثمر متسائلا عن الحيوات عبر إيحاءات تل الزعتر التي عززها بصاحبه المتخيل، والخارج من الذاكرة التي لا تموت، تاركا للزعتر قوة الوجود الفلسطيني الذي لا يمكن أن يندثر، والشبيه بنبات الزعتر البري «ربما كنت تفضله أنه نبات طاهر لا يختار إلا مرتفعات الجبال والسفوح الصخرية، والأهم من ذلك أنه نبات عشبي ذو أضلاع قوية ومعمر وكثير التفريخ، جذوره قوية الامتداد في التربة وسريعة التفرع، يستحيل اقتلاعها»، ليوحي بالقوة والتحدي الوجودي قبل البدء بلسعة الذاكرة المبنية على رمزية هذه النبتة وتحدياتها في أن تمتد وتنتشر، «قال إن الغزاة لا يسمحون بقطف الزعتر البري في كل الأوقات، فاضطر إلى سرقة زعتره وكأنه حرر قسطا من النكهة». تتمحور الرواية على الاستذكار الجيد والفعال، وإن بشكل مرضي، لأن خلود الذاكرة من خلود تل الزعتر الذي يعيد له الأمجاد، وإن بالنكهة المتحررة من الغزاة، ومن فكرة الانفلاش الفلسطيني والتمدد حتى الأثيري منه. فيستعرض التفاصيل والجزئيات كرسام يتقن ضبط إيقاع الألوان وفق فروقات نفسية كللها بالزعتر الأخير. بنية متخيلة لواقع مرير وبمستويات الذاكرة الدقيقة والتمسك بما استقر فيها لتتشكل هوية الزعتر الأخير في قوة التمسك بالهوية الفلسطينية، والعمق الوطني الذي لا يمكن اقتلاعه حتى عبر النكهات الفلسطينية حول العالم والمتحرر من سلطة الغزاة. إذ يمثل وادي الحنداج المكان المؤسس لبلاد الزعتر، وكل ما يوحي لها من الماضي حتى الحاضر فالمستقبل. إذ يتحدى «مروان عبدالعال» عبر الذاكرة الاحتلال أو الغزاة، كما وصفهم بواقعية ذات سحر متخيل جذاب وبتناقضات الفنان التشكيلي المدرك لقوة البصيرة عند التقاطع الأخير في الرواية ومكانها المتوالد من ذاكرة الوادي والمراعي، والحكايا القديمة إلى بلاد الزعتر، فمخيم تل الزعتر بامتداد بنائي لسرد يمثل البيئة الفلسطينية في كل مكان وزمان، فهي كالنبتة الزعترية القوية الجذور، وأيضا بنكهاتها التي يمكن تذوقها في كل زمان، إذ لا يمكن أن تندثر الذاكرة مهما حاول الإنسان محوها، لأنها الكيان الذي لا يمت للجسد إلا بما ترجمته نقوش الزمن وبتقنيات تضافرت فيها الصور الانطباعية المعززة بجمالية حسية ترتبط بالمعاني التي استخدمها «مروان عبدالعال» وفق مفردات ساهمت في تعزيز الإيحاءات المتأتية من الواقع المألوف الذي يعيش فيه ابن فلسطين، في أبعاد هي المخيم أو الوطن، الذي لم يفارقه الفلسطيني بعاداته وتقاليده وذاكرته التي لا يخونها، والتي تفرط في الاستذكار والاستحضار والعودة للوعي عند الكشف عن الأمكنة التي غادرها الطفل الفلسطيني وشب أو كبر بعيدا عنها. إلا أنها ضمن المتخيل أو الذاكرة التي تعيد رسم كل شيء منذ الطفولة حتى الزعتر الأول والأخير. عوالم فتحها من الذاكرة ودخلها روائيا بتعزيز الأسماء والإطلالة منها على الواقع، للتأكيد على المفهوم الموحي بالأوجاع، ومساراتها داخل النفس المعززة بالحلم، وبمكونات الوجود وعوالمه النابعة من التكوين الروائي والقتل المتعمد للكيان الفلسطيني الموجود في المخيمات. وأوجاع الشتات حيث يكبر الأحفاد، «هذا الإحساس البغيض الذي ينفخ في ذاتي روح الحرمان، بعيدا عن رؤية حفيدي يتكلم ويركض في مساحته الزقاقية»، وما بين المراعي في البراري حيث يكبر الزعتر ويمتد وبين زقاق المخيم وجع تتألم منه الذاكرة المريضة، رغم إصابتها بالمرض إذ تتسرب التفاصيل الواقعية من شقوق من قتل ولم يمت برمزية القتل الإنساني للفلسطيني الخارج من أرضه، بدون احتضار يصل إلى نهايات لا يريد لها أن تصيب الروح، كما أصابت الجسد الفلسطيني بمقتل يشبه مقتل العاشق يوم حصار التل والمرآة النفسية التي عكسها «مروان عبدالعال» للوقوف عند أكثر من مشهد مازال في الذاكرة الفلسطينية منذ شرارة الحرب الأولى والذهول الذي يشبه مرض الذاكرة الذي أصيب به، واستقر على صفحات الرواية بما يشبه اللوحات الانطباعية والسريالية وما إلى ذلك. تصوير فني للماضي المعشش في ذاكرة الحكايا المستخرجة من الجد للحفيد، ومن الوطن إلى المخيمات ومن الكل إلى الجزء، لأنها ببساطة كل ما يستعصي على أن يختفي تحت بيوت الصفيح، أو كل ما يستعصي على الغياب، فالعودة متأصلة في الرواية الفلسطينية بغض النظر عن الوجود الروائي، أو حبكة الفن الموحي بالعودة إلى خلافات القبائل بسريالية انتقل إليها «بعد طوفان تيوس المدينة صرت أرعى الماعز البيزنطي بشكل مخيف، يأتي محمولا على شهوة الدم وشذوذ الذبح وقطع الرؤوس» لجعل الحياة صورة من ماض مجهول الواقع، راسخ في المعتقدات وبين الآثار وتحت الأرض وفوقها والعودة بالإنسان إلى مجاهل السلوك الانتقامي الذي يمارسه العدو أو الغزو، كما وصفه في بداية الرواية. ليبتعد حتى عن ذكر الأسماء التي يعتبرها غير موجودة أصلا، وإنما خرجت من حكاية مفزعة أو قصة ذاكرة تقول «إنهم قساة بما يكفي. لكنني عاندتها. لأنني اؤمن بأن كل ذاكرة لا تستطيع أن تحتوي النسيان، ولا تروض عدوها ولا تحسن الدفاع عن نفسها، هي ذاكرة لا تستحق الحياة»، وبذلك هو يؤرشف لذاكرة فلسطينية لا يمكن محوها لأنها بنكهة الزعتر الذي تتذوقه الأجيال إلى ما لانهاية. مضمون واقعي غارق في ذاكرة فولاذية شمولية بتفاصيلها المؤثرة على النفس، وبانتفاضة ذاتية تخرج من حدود المادة إلى روحية القضية الفلسطينية وتمددها كنبتة الزعتر بدون العودة إلى الماضي، وإنما بأمنيات الانتصار على الماضي ليتم تفسير الحاضر تبعا لراع مع عنزاته وانتقالاته التفاعلية مع الحياة التي فرضت نفسها على الوجود الفلسطيني المتضمن المعارك والأوجاع والشتات والخسارة والربح بالاسترجاع تارة، وبالقفز نحو المستقبل تارة أخرى. تنظيم الذاكرة والسخرية من محاولات محو الذاكرة الفلسطينية، وإن بشكل نفسي في الرواية، إلا أنها عميقة الجرح الداخلي حيث الاقتلاع من وادي الحنداج، وبتفصيل تصويري أو ملحمي في أبعاده الشبيهة بأسطورة التل والذاكرة الفائضة «أتذكر حينذاك نقاشات كبار القوم في المخيم أنه لم يعد في جبانة المخيم ما يكفي لنومتي الأخيرة. حتى الموت نفاه مروان عبدالعال كي لا تموت فلسطينه لا في الروح ولا في الجسد الذي سينام ويستقر في أرض العودة. Doha El Mol
×
الروائي مروان عبدالعال
مروان عبد العال * روائي وكاتب وفنان تشكيلي وسياسي ، نزحت عائلته من شمال فلسطين، الى شمال لبنان. - شارك في بدايات العمل الشبابي والثقافي والأدبي والفني والتطوعي ، في مخيمات اللاجئين، و بتنظيم الانشطة الثقافية والمعارض الفنية والأمسيات الشعرية و الادبي، اسهم في تأسيس منطمة الشبيبة الفلسطينية، - له إسهامات ابداعية دراسات وقراءات ونصوص سياسية و فكرية وندوات ثقافية ومؤتمرات بحثية متخصصة بالقضية الفلسطينية. - حاز عدة أوسمة وميداليات وجوائز منها جائزة القدس للثقافة والإبداع عام 2017. * صدر له: الروايات التالية : رواية سفر ايوب (2002) عن دار كنعان. اما رواية زهرة الطين (2006)، حاسة هاربة (2008)، جفرا .. لغاية في نفسها (2010)، إيفان الفلسطيني (2011)، شيرديل الثاني (2013)، ٦٠ مليون زهرة (2016)، الزعتر الأخير (2017) ، أوكسجين(2020). ضد الشنفرى(2022). جميعها عن دار الفارابي
«
12
13
14
15
16
»