Movie
Series
Books
Paintings
Anime
Interviews
Theater
Login
 
Contact Us
 
لا مصير حتى في ظل العبودية
BY الروائي إيمري كيرتس
8.0
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
"لا مصير" حتى في ظل العبودية. ضحى عبدالرؤوف المل قراءة في رواية "لا مصير" للروائي إمرة كيرتيس، ترجمة ثائر صالح. تتواجد في المعسكرات أو حتى السجون أنظمة تخلو من الإنسانية في أثناء الحروب التي تشن على الإنسان بشكل عام، حيث نعتاد على الحياة اليومية تبعا لأنماط العيش التي تكرر نفسها ضمن نظام صارم هو بمثابة الركن الأساسي الذي تقوم عليها أسس المعسكرات التي تنتهك حقوق الإنسان، وهو نوع من برمجة تكنيكية عصبية تنتظم معها الحواس التي تفقد قيمة الإدراك أو الاستمتاع بالوجود كإنسان يحيا ضمن بيئة تحفظ تواجده، وكأنها حياة ترويضية تهيمن على قيمة الإنسان وجوهره، كما لا يستحقها أي كائن آخر في الحياة، فحقوق الإنسان هي في امتلاك حريته واحترامه دون النظر لجنسه أو ديانته أو مذهبه أوعمره، لأننا في الخلق سواسية، وإنما سيطرة الإنسان على أخيه الإنسان تنبع من الخوف أولا، ففي رواية "لا مصير" للروائي المجري إمرة كيرتيس ترجمها إلى العربية ثائر صالح نلمس أن" الإنسان لا يبدأ حياة جديدة بل يواصل حياته القديمة رغم المنعطفات، إذا لا يمكن محو الذاكرة" ولكن الهولوكاوست بالنسبة لكرتيس أكثر من تجربة مريرة عاشها، إنها دوامة جهنمية، تكرر نفسها أحيانا، إنها صفة انحطاط المجتمع البشري المعاصر، وتغلب الوحشية البدائية الفجة على العقل" فهل كررت نفسها الهولوكاوست في مجزرة الأرمن، أو المجازر التي حدثت تباعا في العالم ؟ أم أن المجازر التي بقيت طي الكتمان التاريخي ما زالت تنتظر الزمن؟ ليكشف عنها برواية هي بمثابة وثيقة تاريخية أو شاهد أدبي على مجزرة اليهود أو كما وصفها " إمرة كيرتيس مدخنة كريماتوريوم" . سرد ذاتي يمتاز بالموضوعية وبمنطق روائي لا إسفاف فيه، فقد سلط الضوء على المراهق الذي يحاول ترجمة ما يحدث من حوله، وهو ما زال في مرحلة الوداع لأبيه الذي سيأخذ إلى المعسكر، والكل متهيب من هذه اللحظة ، ليعيش هو فجأة حياة المعسكر، وكأنه ترك مرحلة الأب، ليحكي عن الابن لفارق في العمر، فما سيعيشه الأب في معسكر سيموت فيه، سيكمله الابن بتؤدة وشعلة روح تريد الحياة، فهو يمتلك الإرادة للعيش برغم كل المحن التي تمر عليه، لأنه أوحى منذ البداية بالمصير اليهودي المشترك " لأن ما سلطهم عليهم الرب عقاب لهم على ذنوبهم السالفة" لكنه منح التكرار الزمني صفة لا مصير حيث الحياة التي تعيد نفسها في كل مرحلة مكانية وزمانية، وربما مع فصائل أخرى غير اليهود، وهذا ما شهدناه مع الأرمن، ومع الفلسطينيين، وهذا يؤدي إلى " نفى المعنى السامي للحياة" أو كما يقول:" نفي النفي" " يهود قذرون ، تتاجرون حتى بأقدس الأمور" مفردات توحي بقساوة الفعل المعنوي والملموس استعملها لتصوير الوحشية في الإنسان مثل الهولوكاوست ، ومدخنة الكريماتوريوم ، معسكر الإبادة ، صوت الصفعة ، مع الإشارة إلى يهود بودابشت والنجمة الصفراء، العبودية وما إلى ذلك من تصويرات تضع المتلقي أمام عاطفة إنسانية من شأنها إشعال الذاكرة في الأحداث التي نلمس منها انتهاكات لحقوق الأرض والإنسان الموضوع تحت عبودية تتسبب بالويلات، فهل نستطيع تنظيف التاريخ من كل ما من شأنه سلب الإنسان كرامته؟ لأنه وكما قال حرفيا:" ستأتي لحظة انتصاره، وسيتمرغ البعض بالندم، ويستنجدون به وهم بالتراب، أولئك الذين تناسوا عظمته." فالطبيعة البشرية تلجأ إلى الما ورائيات في أزماتها أو التعلق بالأمل وبالقدرة على سبغ الوجود نوعا من إكمال المسيرة للوصول إلى نقطة يفقد فيها الإحساس بالأشياء من حوله، وهذا يجعل فكرة المستقبل كبقعة الضوء التي ينتظرها" اجتهدت في النظر إلى المستقبل، فلم يقع بصري سوى على الغد، والغد هو مماثل لليوم" تناقض روائي مماثل للحياة اليومية بكل مشاكلها الحيوية التي تعصف بالمشاعر الوجدانية عند القارئ، من حيث متانة السرد الذي يجعلك لا تترك اللحظة التي تقرأ فيها، وأنت ذهنيا تتصور المشاهد المكتملة الأركان حيث القدرة على منح الحواس لذة الرؤية، والاستبصار حتى عند أشد التعابير فظاظة للإنسان الذي يتعرض لوحشية بكتيرية ، وكأن المصير لا يكتفي بأزمة واحدة تعرض لها المعتقل بل أيضا تشتد أزمته بحيث تتغذى من جسده البراغيث والديدان حتى يفقد القدرة على مقاومتها " تعرفت على الديدان بشكل حقيقي، لم أستطع مسك البرغوث أبدا، كان حذقا أكثر مني لأمر مفهوم بسهولة، فهو يتغذى أفضل مني. وفي هذا إيحاءات لحرمان الإنسان في المعسكرات أبسط حقوقه الحياتية ، وهي الأكل والعناية بصحته . لقد استطاع إمرة كرتيس السيطرة على مخيلة القارئ حتى حواسه التي تأثرت بكل تفاصيل الرواية. لنحاول رؤية غرف الغاز التي بحث عنها ، فالصور التخيلية هي جزء لا يستهان به خلال الأسلوب الحركي الذي اتبعه مع مراهق يمتلك القدرة على بناء حياة خاصة في معسكر اختزل حتى تفاصيل الحياة للجسد الذي يشيخ بشكل أسرع "والآن تهدلت وتجعدت نفس هذه البشرة، غدت صفراء وأيبست تغطيها مختلف القروح" وكأنه يبث روح الشباب في روايته التي تضع القارئ أمام تحريك الأجفان فقط تماما كالسجين في المعسكر الذي يتأوه من الوجع بصمت" أما أنا فكنت أعيش حتى لو كانت علامة ذلك تحريك أجفاني" ليمتلك بصمته الروائي ضجيج النفس التي تستنكر انتهاك حق الإنسان مهما كانت ديانته، ولكن" لا مصير" هي بناء الوطن الجديد حيث التطلع نحو مستقبل ترفرف فوق راياته السلام. فهل هذا ممكن برغم كل المنعطفات المؤلمة التي تأخذ من الزمن الأجزاء الجيدة، وتترك في الذاكرة مساوئ التاريخ الذي يحمل المجازر والمحارق وتعذيب الإنسان، بل قتله نفسيا قبل الجسد الذي يشيخ في عمر الشباب؟. ما من فصول روائية تفصلك عن الأحداث حيث المكان الأساسي هو المعسكر، وهو المدرسة التي تعلم فيها، كيف يحافظ على نفسه قيد الحياة، ليستكمل المشوار كسجين ذي وجهين بعد المقدمة التي حملت نقطة تحولات وتغيرات تثير الدهشة في القارئ الذي استعد ليرافق الأب في رحلته إلى المعسكر، ليتفاجأ في النهاية أنه استمر مع الابن والأب في سيمترية تتوازى فيها الأحداث ضمن المخيلة، لنشعر بقيمة الحياة والموت وقدرة الشباب على تخطي الصعاب، فيموت الأب في معسكر رأيناه فيه سيميائيا من خلال الحاخام أو من خلال غيره من العجائز، أو من خلال "هذه اللحظة تحترق أمامنا هناك رفاق السفر من قطارنا، كل هؤلاء الذين صعدوا الشاحنة، الذين ثبت أنهم غير لائقين بنظر الطبيب بسبب الشيخوخة أو لأي سبب آخر." فمعسكرات الإبادة لم ترحم الشيخ ولا المرأة ولا الطفل الذي تمّت إبادته بأجمل الطرق ، كالحديقة والألعاب والأمكنة الترفيهية التي يتم فيها فتح مواسير الغاز عليهم، فيموتون وهم يلعبون. فهل الذاكرة التاريخية تمحو كل ما حدث في الماضي؟ أم أننا نحمل الضغائن في أنفسنا بحيث" يجب أن يعرف الإنسان سبب كره الآخرين له" رمزية، وواقعية، وربما بعض السريالية في فيروس الجرب الذي يتغذى من الجرح، وتخيلات رسمها من خلال المفردات التي تقسو وتلين على القارئ، ليمتلك كل حواسه وهو يقرأ عن العبودية، ومعناها المتجدد أو الروتيني بحيث إن العبودية ليست فقط في المعسكرات بل من خلال عدم محبة اليهود في إشارات استبطنها في المقدمة " فهمت من نظرته الغاضية وحركته البارعة حقيقة تفكيره الذي لا يسمح له بمحبة اليهود" كما إنه أيضا " لم يرد تحيتي، لأن كل المحلة كانت تعلم عنه عدم محبته لليهود، ولهذا أيضا رمى علي خبزا أقل وزنا ببضعة دراهم" أليس في هذا عبودية لأفكار ناتجة عن تصورات مسبقة عن اليهود؟ فهل فعلا " مخيلتنا تبقى حرة في ظل العبودية" أم أن الاستعباد هو في كل ما يجري من حولنا، ولا نشعر به إلا بعد فوات الأوان؟ وفي هذا يقول كيرتيس على لسان البطل:" لو أخذتني مخيلتي بعيدا جدا بحيث أسني يدي، سرعان ما ستتوفر الحجج الكفيلة والملائمة للحق في التدخل من قبل الواقع القائم الموجود هنا أصلا" وهنا حقيقة أحسست كأني أقرأ عن الواقع الفلسطيني لمراهق في سجون إسرائيل ربما، وما يتكرر معه من تفاصيل نتألم لها، ومع ما تكرر في مجزرة الأرمن والمجازر الكبرى في التاريخ . فهل هذه منعطفات تمثل الانحطاط البشري المعاصر؟. رغبة ورهبة تجتاح القارئ في رواية "لا مصير" ما بين استنكار وتعاطف ، وتضاد عاطفي ما بين فكرة الشعب اليهودي، والشعب الألماني، وما يتطابق مع الزمن الحاضر الذي ألغى تواجده في الرواية، لأنه وضع الأحداث بين الماضي والمستقبل، وترك الحاضر مبهما مع التسلسل الروائي، وكأنه يوائم القارئ مع البطل، ليرافقه بكل التفاصيل التي وضعتنا معه في معسكر واحد تعرفنا فيه حتى على قضبانه الحديدية ذات المخاريط الأزلية المتكونة من جليد تجمد " من البخار الذي نبثه مع أنفاسنا على ما يبدو، وتراكم عليها الصقيع دوما" إن العلاقات السوسيو أنطولوجية في الرواية تترابط مع بعضها بمتانة تحقق سمة " نفي النفي" التي تحدث عنها إمرة كيرتيس في روايته بشكل عابر، ولكن بعمق معنى متمثل بمجتمعات المعسكرات ذات الأرقام المبنية على التراكيب الاجتماعية في معسكر يحتوي على الأجساد المسيرة ضمن نظام تختل فيه توازنات الحياة حيث اكتشف" أن الغرور شعور يرافق الإنسان حتى آخر رمق فيما يبدو" لكن رواية " لا مصير" تبقى كعلامات تعجب يرسمها التاريخ البشري لمجتمعات تكبر فيها هوة الانحطاط بحيث" تتغلب الوحشية البدائية الفجة على العقل" دون النظر لأي انتماء ديني أو مذهبي، فالإنسان جوهر وكينونة روح، وهو مخلوق محب للسلام، فهل من سلام يمحو كل مساوئ البشرية ؟ Doha El Mol
×
الروائي إيمري كيرتس
ايمري كيرتيس (بالمجرية: Kertész Imre) (بالمجرية: Kertész Imre) (9 نوفمبر 1929 - 31 مارس 2016) هو روائي مجري. عن حياته ولد في بودابست في 9 نوفمبر 1929 حصل على جائزة نوبل للآداب في سنة 2002 وذلك ل «نتاجه الذي يروي تجربة الفرد الهشة في مواجهة تعسف التاريخ الوحشي» على حسب قول الأكاديمية السويدية. اعتقل عام 1944 وهو في الخامسة عشرة في معسكر أوشفيتز، ثم في بوخنفالد، قبل أن يفرج عنه عام 1945. من أعماله لا مصير – بودابست 1973 مقتفي الأثر: قصتان قصيرتان. بودابست 1977 الفشل – بودابست 1988 قديش (قداس) للطفل الذي لم يولد بعد – بودابست 1990 الراية الإنجليزية – بودابست 1991 يوميات العبودية – بودابست 1992 الهولوكاوست كثقافة – ثلاث محاضرات – بودابست 1993 المحضر (إمره كرتيس وبيتر أسترهازي) – بودابست 1993 شخص آخر: توثيق التحول – بودابست 1997 لحظة صمت، قبل أن تعيد سرية الإعدام ملئ البنادق- بودابست 1998 اللغة المنفية – بودابست 2001 التصفية - بودابست 2003 ملف ك - بودابست 2006 أعمال كرتيس المترجمة إلى اللغة العربية لا مصير. ترجمة ثائر صالح. دار المدى، دمشق 2005 الراية الإنجليزية- المحضر. ترجمة ثائر صالح. دار المدى، دمشق 2005 وفاته توفي يوم الخميس 31 مارس 2016 فجرا في منزله في العاصمة المجرية بودابست بعد صراع طويل مع المرض عن عمر يناهز 86 عاماً. مصدر السيرة الذاتية موقع ويكيبيديا https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A5%D9%8A%D9%85%D8%B1%D9%8A_%D9%83%D9%8A%D8%B1%D8%AA%D9%8A%D8%B3
طمأنينة مزيفة
BY الروائي ف. س. نايبول
7.0
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
طمأنينة مزيفة ضحى عبدالرؤوف المل قراءة في رواية "نصف حياة" للروائي ف. س. نايبول، ترجمة عابد إسماعيل. تطغى اللغة الحوارية على رواية نصف حياة للروائي ف. س. نايبول التي ترجمها إلى العربية الدكتور عابد إسماعيل، إذ يناقش نايبول تفاصيل الحياة العارمة بفوضى يعيش فيها الإنسان المتوارث عادات وتفكير المجتمعات المحيطة به، لكن القدر يسكب علينا ما لا نتوقعه، برغم أن القرار مسبب تلك التحولات الحياتية نحن اتخذناه، فهل يستطيع الإنسان تغيير الأقدار أو التلاعب بها؟ أم أننا نحيا نصف حياة؟ نصف توارثناه من الأسلاف، والنصف الآخر تم تكوينه تبعا لسلوكياتنا التي إما أن تكون إيجابية أو سلبية، وفي كلتا الحالتين قد نشعر بالعجز من تحقيق الذات" بسبب فراغ عالمنا وخنوع حياتنا" فالبؤس الاجتماعي والحاضر الضبابي الذي يمنع عنا رؤية المستقبل يجعلنا نتخبط لندرك أنه ما من نهاية أو بداية لحياة عشناها" ألسنا جميعا ندفع كل يوم ضريبة عن ذنوب الماضي، وفي الوقت نفسه نخزن عقابا للمستقبل؟ أليس هذا فخ كل إنسان؟ فالابتكار الروائي في سرد حواري ممتع يضعنا أمام قصة طويلة ذات مواصفات روائية ابتكر فيها "باقة من زهور اجتماعية" خاصة بالبيئة التي عاش فيها نايبول، ولكنها تحاكي بمعناها القصص الأخرى التي رواها على لسان أبطاله مثل" الملك كوفيتا والخادمة المتسولة" و" حياة من التضحية" وكأنه يترجم كل فكرة استيقظت في داخله بقصة راحت تعيد كتابة نفسها. يتجسد أسلوب الحوار في رواية " نصف حياة" بتطور فكرة التوارث من الأب إلى الابن إلى الجيل الذي يتكون ضمن شيفرات روائية تضمنت العرب والغرب، وكأنه بين الحين والآخر يبث الأفكار السياسية بحنكة روائية ذات إبداع خاص رغم الارتباك أحيانا، أو طروحات اجتماعية عابقة بسياسة العرب ولا سيما المسلمين" ولاحقا اكتشف أن الصمت منحه القوة كسياسة، لكن عندما فتح المسلمون البلاد أصبحنا جميعنا فقراء" فالجمع بين الفوضى العارمة وفتح المسلمين البلاد، والكولونيل جمال عبدالناصر، وأهمية خطابه الشبيه بخطاب المنبوذ الخطابي عم أمه، وحينا آخر يشبه القائد جمال عبدالناصر بكريشنا مينون فقد" كان يعرف اسم الكولونيل ناصر، القائد المصري ، ولكن بذات المعايير الذي يعرفه عن كريشنا منون" فهل ما نعرفه اللحظة المذهلة التي تلاشت في الرواية هي بمثابة اللعب بالكلمات حيث الزمن في كل مكان يعيد نفسه؟ أم أن التاريخ نجهله، ونحن نكتبه بأفعالنا وأيدينا؟. أمكنة وأزمنة حملت لويلي ثقافات متعددة، لكن البؤس في بعض الأماكن تركه يسترجع بؤس وطنه الأصلي، وحاضره الضبابي الغائم، فالتخبط بين الحيوات المختلفة عند الأب والابن ما هو إلا رسومات مستقبلية تنشأ حتى في السياسات والاجتماعيات وما إلى ذلك، فالقصة يجب أن تحتوي على بداية ووسط ونهاية، ولكن في الواقع، إذا فكرت بالأمر ليست الحياة هكذا، ليس للحياة بداية صرف ونهاية دقيقة. الحياة دائما في طور الحدوث، عليك أن تبدأ من الوسط وتنتهي في الوسط" لكن الوسط هو الذروة، لهذا ترك ذروة الحدث في نهاية الرواية، حيث بداية غامضة بانتظار آنا وويلي، ولكن الإحساس بالانتماء أيضا كان له ذروته حين بدا التفكير بأخته ساروجيني، ليحاكي به الدوافع عند النساء اللواتي عرفهن حيث قال لأخته:" فكرت فيك، أنت أيضا ساروجيني. تخيلت أن الفتيات يمكن أن يكن أنت وتصدع قلبي. لم يستطع نايبول التحرر من سلطته الروائية، إذ تخلل الرواية شتى التعابير التي تبدو بدلالاتها خاصة بالبيئة المحيطة بنايبول ، وبمفاهيمه الحياتية الخاصة، وكأنه فعلا كما قال في روايته " كل أنواع المواقف القديمة استيقظت في داخله. "كما إن ف. س. نايبول اعتمد على السرد المكثف الملغوم بأفكار سياسية ونقدية لمجتمعات تصل "على طول الساحل، عرب مسقط وعمان، وهم المستوطنون السابقون، أصبحوا تماما أفارقة، لم يعودوا عرباً، ويعرفون محليا فقط بالمحمدين" فهل يحاول لفت انتباه القارئ نحو العرب ؟ فالتوظيف الحواري في الأسلوب الكلاسيكي تنشط مع ما حاول القاء الضوء عليه سواء من ناحية المواقف العاصفة بذهنية القارئ المسترسل بقصة ويلي المتمرد على الأب، أو من ناحية الأم التي تنتمي إلى فئة المنبوذين، والعم القادر على توجيه الخطاب الثوري المؤثر على فئة العامة ، فهل حاول نايبول منح أهمية للقائد جمال عبدالناصر، أو أن التاريخ والجغرافيا في روايته حملت صفة رحالة يدرس المناطق التي يرحل إليها، ويقارنها بمسقط رأسه كأفريقيا؟ وهذا ما أشار إليه في أكثر من فصل في الرواية " لديه الآن فكرة أفضل عن التاريخ والجغرافيا، ويملك فكرة ما عن عراقة مصر". بين البداية والنهاية رسم بوسطية الخط الفاصل بين نهايتين، نهاية الأب والابن، والقدرة على امتداد الموروثات العائلية التي نتمرد عليها، لكنها ترافقنا مدى الحياة، لأن ما ينطبع فينا منذ الصغر لا يمكن التخلي عنه، أو التحرر منه بشكل نهائي ولو" أنها طريقة في الحياة كنت أحلم بها منذ بضع سنوات الرغبة بالتحلي والتواري والفرار من الحطام الذي في حياتي" وهذه إشارة تحليلية لنظرية نفسية تكمن في عقدة الأب، أو الخوف من الطمأنينة المزيفة التي نحيا فيها، ولكن نلمس الفروقات لهذه الطمأنينة عندما نرى العالم من حولنا بنظرة مختلفة عن تلك التي قرأنا عنها في الكتب، أو حتى مما سمعنا عنه من قصص أسطورية أو حكايات كما في قصة " الملك كوفيتا والخادمة المتسولة" التي أشار فيها إلى تكرار الزمن للأحداث أو حتى للحكايا، وكأنه يتهم التاريخ بالتوقف، أو عدم الحركة أو بتكرار نفسه . أسلوب روائي تحرري التزم به نايبول، ولكن من خلال القصة المحبوكة والمدمجة بمفاهيم تصويرية أو نقدية اجتماعية مع المحافظة على أيديولوجيات فكرية نستنتج من خلالها المفارقات التاريخية في الكثير من النواحي أو الموروثات حتى في الرداء الذي نراه في الميثولوجيات، أو النقوش الأثرية، أو تلك التي ما زالت متواجدة، ولا نعرف أسس بدايتها ونهايتها " قرأ أنه على الرغم من وجود التماثيل المتدثرة بالتوغا من العالم القديم، لم يستطع أحد حتى الآن أن يبرهن لماذا كان على الرومان القدماء ارتداء ثياب التوغا، ربما كان الرداء الأكاديمي منسوخا من الحلقات الإسلامية قبل ألف من السنوات، ولعل الزي الإسلامي نفسه منسوخ عن زي أقدم، إذ الرداء جزء من الزيف" فهل الزيف في الرداء هو نفسه الزيف في الأديان أو التاريخ؟ أم أن نصف حياة هي خط الوسط الذي توقفت عنده الرواية حيث إن اختيار الحياة التي أرادتها آنا بعد أن أيقنت بمفهوم الحياة جديد المولود على يد ويلي، أو من خلال علاقتها العاطفية بويلي جعلها تستكشف أنه ربما لم تكن حقا حياتها هي التي عاشتها في فترة ما بل فرضها عليها القدر الذي اشتمل أيضا على أحداث عائلية هي بمثابة تكوين الحياة البوهيمية التي استنكرها الابن والأب بالرغم من التماشى معها أحيانا . صور بلاغية وشعرية مع وصف انطباعي لم يخل من جمالية تمنح القارئ استراحات ذات تعابير مدروسة روائيا، هي بمثابة عصارات تستيقظ بين تفاصيل السرد المكثف محاولا نايبول منح الأسلوب دينامية تبعده عن كلاسيكية أو رتابة تخلق بعض الارتباك الروائي المثير لجدلية التباطؤ في السرد ذي المنظور الأيديولوجي، أو تقييم البيئة المحيطة بشكل خاص حتى البيئات والمجتمعات الأخرى وصولا لمصر والعرب، وللقائد جمال عبدالناصر وخطاباته، وتأميم قناة السويس بتلميحات بسيطة استخدمها ليلعب دورا أحاديا منحه لويلي منذ البداية، وقد حاول ويلي تغيير الواقع، أو تقديم تصورات تاريخية ومستقبلية لا تقدم ولا تؤخر بموضوع البؤس في العديد من المناطق في العالم، منها أفريقيا ، والزيف في المدن الصناعية، أو بالأصح اللندنية مع الحفاظ على أنماط العيش لهندي ، أو لفرد إنساني يحاول استكشاف الذات من خلال الآخر . إن رواية "نصف حياة" هي سرد بدأ به والد ويلي تشاندران، وأكملها ويلي المتمرد على خنوع حياة لم يرتضها، إنما غاص بها، وترجمها بأفكار استكشافية، لينقذ البشر المغمورين من براثن الظلام، ومن غياب المعرفة بالتاريخ والجغرافيا والتشابه في الأزمات السياسية أو حتى الخطابية أو وجوه القادة الذين تتساوى فيهم الصفات الممزوجة بالقدرة على مواجهة الشعب والسيطرة على قناعاته أو مؤاخاته من العامة قبل الخاصة، مثل كريشنا مينون وجمال عبدالناصر وعم والدة ويلي، فهل حاول ف س نايبول إظهار شعبية القائد جمال عبدالناصر من خلال شعبية العم ؟ أم أن الرواية هي فعلا نصف حياة، لم تكتمل بل ترك النهاية في وسط يتأجج أسلوبيا بالغموض والوضوح في آن؟. Doha El Mol
×
الروائي ف. س. نايبول
فيديادر سوراجبراساد نيبول (بالإنجليزية: Vidiadhar Surajprasad Naipaul)، روائي بريطاني ولد في عام 1932 في «شاغواناس» قرب مرفأ أسبانيا في ترينيداد إلى أسرة هندوسية هاجرت من الهند. كان جده يعمل في قطع قصب السكر، وكان والده يزاول مهنة الصحافة والكتابة. في سن الثامنة عشرة غادر نيبول إلى إنكلترا حيث تحصل شهادة في الأدب عام 1953 من جامعة أوكسفورد. وهو يقيم منذ تلك الفترة في إنكلترا لكنه يخصص قسطا كبيرا من وقته لرحلات إلى آسيا وأفريقيا وأميركا. كرس حياته للكتابة الأدبية، وعمل في منتصف الخمسينات صحافيا لصالح هيئة الإذاعة البريطانية بي.بي.سي
التنظير في الفكر السياسي
BY الروائية واحة الراهب
8.0
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
التنظير في الفكر السياسي من خلال الأدب ضحى عبدالرؤوف المل تتشكل الحياة السياسيَّة من نواحٍ عديدة في الأدب عامة، وبأسلوب حساس جداً، وقد لمسنا ذلك في العديد من الأعمال الأدبيَّة والروائيَّة خاصة، فالنظريات السياسيَّة قد تتكون من عدة روابط مشتركة مع الأدب من النواحي الجدليَّة، إذ يقدم الأدب رؤيته السياسيَّة ببنيويَّة ذات ميثاق غليظ يُذكرنا بنظريات مختلفة طرحها الكثير من الكتاب على مر عقود متعددة ووفق المواثيق الاجتماعية، فالتاريخ الأدبي يحتفظ بالكثير من الأعمال الروائيَّة التي طرحت جدليات سياسيَّة مختلفة خاصة بما يُسمى بالرواية الواقعية والتي اشتدت بشكل كبير مع بلزاك وفلوبير وزولا من دون التقليل من المعالجات الفنية في الأدب الروائي المعاصر، كما في رواية (الأمريكان في بيتي) للروائي «نزار عبدالستار» وكما في رواية «الغرانيق» للروائي «ما زن عرفة» ورواية «حاجز لكفن» للفنانة واحة الراهب التي صدرت حديثاً عن دار هاشيت انطوان. وقد تضمنت رؤيتها لفترة سياسية صعبة مرَّتْ بها سوريا، ولكن ضمن الرؤية الخاصة لأدب السجون، والتي زجت بها في قضايا حقوق الإنسان والاستبداد والسجون والاعتقالات السياسيَّة بشكل تراجيدي. فهل حاول الأدباء التنظير في الفكر السياسي من خلال الأدب؟ أم أنَّ الدراما التلفزيونيَّة لعبت دوراً كبيراً في تصوير ذلك أكثر من الرواية؟ وهل العمى لجوزييه ساراماغو يمكن لها أنْ تتنبأ مستقبلاً بمرحلة سياسيَّة حرجة؟ أم رواية العمى طرحت قضية المرض الاجتماعي الذي يتشكل من خلال الحياة السياسيَّة؟ وماذا عن رواية «البرنيكة» للروائي طلال سيف التي طرحت الكثير من القضايا السياسيَّة من خلال أدب السجون؟ هل كانت قوية بما يكفي لتولد منها نظريَّة سياسيَّة؟ يلعب الأدب دوره في تشكيل الحياة السياسيَّة بصمتٍ مبطنٍ غالباً، وهو من حيث الجوهر يبقى في خلافٍ دائم مع ذاته، وأحياناً يبقى مفتوحاً على عدة احتمالات يتولد منها مبادئ أخلاقيَّة، وهيئات اجتماعية مستقلة، وأحياناً يتم استبعاد النظريَّة السياسيَّة من الأدب وفق مجازيات تسمى بـ»الأدب المستقل عن السياسة»، ما يجعلنا نتساءل عن التقنيات التي تسمح للكاتب باتخاذ الكثير من التدابير السياسيَّة المغطاة بالأدب، بعيداً عن الالتزام السياسي في العمل الأدبي، وبشكل وهمي يجعلنا ندخل في عمق السرد، لنخاطب النص ونتعاون مع كاتبه في الاكتشاف المؤدي الى فتح الافكار السياسيَّة وفهمها كما ينبغي أو الأحرى كما خطط لها الكاتب بعيداً عن السيادة السياسيَّة في زمنه، والتي استحضر من خلالها المستقبل والتاريخ وخلق الكثير من المجتمعات الوهميَّة، وتلاعب بالمعنى في ما وراء النص، كما في رواية «المعبد الذهبي» للروائي يوكيو ميشيما وهو من المدافعين عن التراث الوطني، وعن النظريات السياسيَّة في الحروب بعيداً عن المنظور الجمالي للمحتوى السياسي والسياق التاريخي للمعبد الذي أراد له البقاء في رواية حملت رسالة سياسيَّة مبطنة يؤكد من خلالها على الاستمراريَّة التاريخيَّة لفلسفات تثير الكثير من الاهتمام، فماذا عن الفاشية الإيطاليَّة في الأدب الإيطالي؟ وماذا عن الماركسيَّة والشيوعيَّة في الأدب عامَّة؟ وماذا عن الاستغلال السياسي في الأدب السوري المعاصر الذي نتج عن الحرب السورية الحاليَّة؟ وماذا عن الحرب اللبنانيَّة وسياسة تعدد الطوائف والمذاهب في وطن صغير؟ ما من هروب من الاستغلال السياسي وتعرجاته في الأدب الروائي تحديداً، وصراعات السياسة في المتخيل السردي القائم على تحليلات مختلفة للسياسة. إضافة الى الأمن السري الذي يُرصدُ من خلاله الكاتب الحركات النضالية المستقلة، والأخرى المناهضة لسياسات خارجيَّة معقدة لا يمكن فك شفرتها إلا تخيلياً من خلال العمل الأدبي المنسجم مع الواقع. فهل من أهمية كبيرة للأدب في السياسة؟ أم أنَّ ياسمينة خضرا وأمين معلوف وغيرهم كشفوا عن سياسات خاصة بغموض استنار منه القارئ؟ وهل من تأويلات سياسيَّة حتى في النصوص الرومانسيَّة؟ أم أنَّ التنظير في الفكر السياسي من خلال الأدب هو بانوراما تمثل رؤية الكاتب فقط؟ Doha El Mol
×
الروائية واحة الراهب
واحة الراهب (27 أبريل 1964 -)، مخرجة ومؤلفة وممثلة وفنانة تشكيلية سورية. ولدت في القاهرة بمصر، متزوجة من المخرج مأمون البني وقد أثبتت مكانتها في ساحة الإخراج في السينما السورية. رؤى حالمة من أهم أفلامها رؤى حالمة وهو من تأليفها وإخراجها. وقد نال الجائزة البرونزية في مهرجان بيونغ يانغ الكوري وشارك خلال عام 2007 في مهرجان الأفلام العالمية في اليابان والذي أقيم في مدينة فوكوكا. مؤسسة السينما السورية لم تمنح الموافقة على إنتاجه إلا بعد أربع سنوات من تقديمه للموافقة. أعمال وجوائز أخرجت قبل ذلك عدة مسلسلات وسهرات تلفزيونية منها جَدّي ونالت عليه عدة جوائز كما أخرجت الخرزة الزرقاء الذي نال الجائزة الفضية في مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون. وكذلك نال عملها حقيبة لرأس السنة الجائزة الفضية في مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون للعام الذي يليه. وقد نال عملها السينمائي القصير منفى اختياري الجائزة الفضية في مهرجان قليبة عام 1987. كتاباتها الروائية وموقفها من الثورة السورية «مذكرات روح منحوسة» (2017)، عملها الروائي الأول، وهي رواية سياسية تؤكد الكاتبة من خلالها انتصار إنسانية السوريين جميعاً في مواجهة الاستبداد والقمع والظلم والقتل المعمم والتهجير. فالكاتبة واحة الراهب تنتمي للثورة السورية ووقفت منذ بدء الربيع السوري مع مطالب الشعب بالحرية والكرامة والعدالة والديمقراطية وإسقاط الاستبداد.«الجنون طليقاً» (2019).«حاجز لكفن» (2020). مؤلفات أخرى «صورة المرأة في السينما السوريّة» (2000). مصدر السيرة الذاتية موقع ويكيبيديا https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%88%D8%A7%D8%AD%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D9%87%D8%A8
الضلع الآخر للموت
BY الروائي غابرييل غارسيا ماركيز
9.0
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
المسار الغامض عبر الأسلاف. ضحى عبدالرؤوف المل قراءة في قصة قصيرة بعنوان" الضلع الآخر للموت" من كتاب القصص القصيرة الكاملة للروائي غابرييل غارسيا ماركيز. اختصر ماركيز قصته في عنوان ضم المعنى ببلاغة قاص أدرك قوته الأدبية، فالضلع الآخر تبعا لنظرية النسبية هو الزمن الأخير أو الزمن المتشكل بين مسافة المألوف وغير المألوف، أو بالمعنى الأصح الماورائي الذي نرى فيه الحقائق حسيا تبعا للعقل والعاطفة السريالية التي بناها بتقنية تحليلية ذات رؤية فلسفية فيزيائية وكيميائية، إذ تتجلى حياة الإنسان بالتيقظ والرؤية الواضحة التي لا تحتاج إلى تفسير، فإرهاصات النوم والاستيقاظ هي من تفاسير الزمن أو الضلع الثالث برأي نظرية النسبية، لكن ماركيز جعله الأخير، ليبدو الموت هو الحياة الحقيقية التي نعيشها بجسد نتركه في مكان بارد بلا زمان كقطعة الأرض التي يدفن فيها الإنسان، ونمضي بجسد لا يحتاج إلى فورمالدهيدو، أو أي مواد للتحنيط، لأننا ضمن الجوهر نمتلك جسدا ثانيا، وهو الأهم " بينما الجسد خفيفا، منعدم الوزن ، يجتاز إحساسا عذبا من الطوباوية والتعب، وآخذا بفقدان الوعي ببنيته المادية ، بهذه الماهية الأرضية، الثقيلة " فالبنية المادية للجسد تتعرض للتفتت والاضمحلال، وتحتاج إلى مركبات كيماوية للحفاظ على الأنسجة التي تحتاج إلى النفس لتنبض، لكنه " ترك هو الرجل جذوره الفانية، ليتغلغل في جذور أخرى أكثر عمقا ورسوخا في الجذور الأبدية لحلم متكامل ومحدد." فالحياة كالحلم، وحين تنتهي دورة الشباب، وتبدأ مراحل الشيخوخة كالموت البطيء تزحف نحونا، ندرك أن هذا الجسد مرحلة زمنية لمكان محدد، مررنا به بوهن مملوء بتسلسلات تسربت لنا عبر الأسلاف أو السلالة البشرية " فأغرقته هو في مفهوم جديد وغير معقد للزمان والمكان ماحية وجود هذا العالم المادي العضوي والمؤلم" فالجسد المادي مركب ليخدم الإنسان ضمن مرحلة معينة هي ضلع أول للزمن ، فالسكينة المشتهاة هي صفة لعالم الخلود حيث النفس تستقر بلطف "عالم سهل، مثالي، عالم كأن من صممه طفل، دون معادلات جبرية، دون وداعات غرامية، ودون قوى جاذبية" وفي هذه المعاني جمالية قصصية هي من عبثية الوجود، وسريالية الفلسفة التي تجعلنا نهرب من الوجود إلى اللاوجود ضمن نظريات النسبية والمعادلات الجبرية وقوى الجاذبية التي نتجرد منها في أثناء النوم أو الحلم ، حتى عند الموت، حيث نترك الجسد لنخرج منه ونراه كجيفة محنطة أو "حيث تركوه هناك، في قطعة من الأرض، برموش مرتعشة من المطر، الآن يشعر بالخوف" فهل نرى أنفسنا بعد الموت على حقيقتها، أو حين نتُرك في قبر هو عبارة عن قطعة أرض تثير الخوف، وهذه رمزية ذات عبارات خلاقة تثير عند القارئ التفكر والمحاولات لفك شيفرات قصته السريالية التي تعيد قصة الإنسانية. الضلع الأخير أو الموعد الزمني الحقيقي أمام الموت متناقض بين المراحل التي يصفها بالمرحلة الجنينية وسائل الرحم، حيث بداية الزمن الأول متجاوزا بذلك زمنية الرحم المضياف الذي نحتاج إلى السكن فيه للنمو قبل أن نسكن الجسد الذي نتركه في قطعة أرض، ليزول ويتقطع ويصبح جيفة تتحلل مع التراب" وفي أثناء ذلك تأخذ أرجله المئة بالتشابك في حبل سري طويل وأصفر" أمكنة اختلفت في أحجامها وأشكالها حتى أزمنتها ما بين الرحم والاستقرار، والسكينة والدفء، وما بين قطعة الأرض التي أحس بها بالخوف. بيئة غامضة لم يدرك القارئ أين هي، لكنه حدد الزمن في العنوان الضلع الأخير حيث تصبح الأزمنة بلا أمكنة نأوي إليها، لأننا نتحرر من قيود حياة بائسة نقتل فيها بعضنا البعض بدون رحمة، وبغموض أشبه بغموض قصته " الضلع الأخير للموت" " هما كانا أخوين توأمين متشابهين تماما، لا يمكن لأحد التمييز بينهما من النظرة الأولى" رمزية غارقة بالصور الإيحائية التي تقودنا إلى خيال واقعي أو لعبة التحليل التسلسلي الذي يقودها مع القارئ لمعرفة تاريخ الإنسان وسلالاته منذ بداية التكوين، حيث الغموض الأول حين يقتل الإنسان أخاه الإنسان، ويحتار في تورية سوأته" الآن وقد اختل التوازن، وتبين أن المعادلة نهائية كان يعرف أن ثمة نقصا في انسجامه الشخصي، في تكامله الشكلي واليومي ، لقد تحرر يعقوب من عقبيه بصورة لا مفر منها." فالزمن يحيط بالنفس بعد مفارقتها للجسد، ولا يحيط بالجسد بالمعنى الواقعي، فالجسد تابع للمكان الذي إليه يعود، وهو التراب، فهل التحرر جيني ومن التاريخ حيث إسماعيل وإسحاق والابن يعقوب والأسماء المتوارثة في الدنيا منذ السلالات الإنسانية الأولى، وقبل الخلافات والصراعات التي تضعنا أمام الضلع الأخير للموت بحقيقة ساطعة لا يمكن نكرانها، لأن الانفصال مادي نفسي ، وهو انفصال غير متوقع يحدث فجأة وبدون مبررات حين ينتهي الزمن المحدد، وهكذا انفصل قابيل عن أخيه هابيل، وأيضا انفصلت الأخوة الإنسانية عن بعضها تماما، كما قصة إسحاق وإسماعيل -عليهما السلام- قبل تفرق البشرية واحتدام الحروب بين الأجناس" تخيل أن انفصال الجسدين في المكان ليس إلا ظاهريا في حين أن لهما في الواقع طبيعة واحدة كلية، وربما حين يصل التفسخ العضوي إلى الميت هو الحين بالتعفن أيضا ضمن عالمه المتحرك." فهل مسارنا الغامض عبر الأسلاف هو أشبه بمسار قصة " الضلع الآخر للموت"؟ التي كتبها ماركيز بهندسة تقنية ذات فلسفات تعددت فيها الرؤى، وامتزجت زمنيا مع أمكنة لا تنتمي للإنسان الذي غادر الدنيا، وترك الجسد حيث تنبعث رائحة الفورمالدهيدو مع زهور البنفسج. عبثية الفكرة بكوابيس تثير الحيرة، وتناص يجذب الفكر بل مفارقات عميقة الرؤيا تتناسب مع فلسفة قصة هي تكوين كيميائي فيزيائي أشبه بالإنسان، ورمزياته، وسرياليته، ونسبية الزمن، لتتشكل المعادلات الإيحائية ضمن ذهن القارئ، لنشعر بقيمة التآخي بين البشر، وانتزاع بذرة الشر من النفس الخالدة التي لا تموت، وتبقى في الزمن الأخير نادمة على كل ما جرى في أزمنة أخرى" فالتأثير يجب أن يمارسه هو المتبقي حيا، بطاقته بخليته الحيوية وربما عند هذا المستوى. سيظل هو وأخوه على السواء على حالهما ، يدعمان توازنا بين الحياة والموت" فالتوازن بين الحياة والموت يحتاج إلى الوعي الإنساني، وهذه فرضيات يضعها ضمن ثنائية الموت والحياة، والأنا والآخر، والجسد المادي والنفس، والتخبط بين يعقوب وإسحاق، والتحرر من النزعات التاريخية التي تقود اليهود للاقتتال مع الآخرين تحت مسميات مختلفة، ولكن السؤال الذي تثيره القصة: هل من حلول لرؤية سريالية قدمها في قصة هي قصة الإنسانية والأنماط البشرية التي تتعادل في الموت والحياة، أو مراحل أضلاع الزمن كلها، ولكن بأسلوب ذاتي ومنطق موضوعي يبدأ من الأنا للآخر وبالعكس، فالدلالات القصصية هي مجموعة من إيحاءات ذللها فلسفيا، ليقود القارئ نحو حقيقته كإنسان وإن بينه وبين الموت ضلعا واحدا هو زمن سينتهي، ليبدأ بزمن آخر تهيمن عليه الأحلام، وتضعه ضمن عمق نفسي تتأرجح فيه الأحداث، كما تتأرجح المعاني والصور المرعبة، مع وصف عقلاني يمتد مع السرد الإيجازي، والحائر بين الكابوس والحقيقة، حيث "عالم الكائنات العاقلة الخاطئ والعبثي". Doha El Mol
×
الروائي غابرييل غارسيا ماركيز
غابرييل خوسيه دي لا كونكورديا غارثيا ماركيث (بالإسبانية: Gabriel García Márquez) تلفظ بالإسبانية: /ɡaˈβɾjel ɣaɾˈsi.a ˈmaɾkes/ استماع (معلومات) (6 مارس 1927 – 17 أبريل 2014)، يعرف اختصارًا باسم غابرييل غارثيا ماركيث أو غابرييل غارسيا ماركيز، روائي وصحفي وناشر وناشط سياسي كولومبي، قضى معظم حياته في المكسيك وأوروبا. وتضاربت الأقاويل حول تاريخ ميلاده هل كان في عام 1927 أو 1928 إلا أن الكاتب نفسه أعلن في كتابه عشت لأروي عام 2002 عن تاريخ مولده عام 1927. يعرف غارثيا ماركيث عائليًا وبين أصدقائه بلقب غابيتو، فيما لقبه إدواردو ثالاميا بوردا، مساعد رئيس التحرير صحيفة الإسبكتادور، باسم غابو، بعد حذف المقطع الأخير. ويعد غارثيا ماركيث من أشهر كتاب الواقعية العجائبية، فيما يعد عمله مئة عام من العزلة هو الأكثر تمثيلًا لهذا النوع الأدبي. وبعد النجاح الكبير الذي لاقته الراوية، فإنه تم تعميم هذا المصطلح على الكتابات الأدبية بدءًا من سبعينات القرن الماضي. وفي عام 2007، أصدرت كل من الأكاديمية الملكية الإسبانية ورابطة أكاديميات اللغة الإسبانية طبعة شعبية تذكارية من الرواية، باعتبارها جزءًا من الكلاسيكيات العظيمة الناطقة بالإسبانية في كل العصور. وتم مراجعة وتنقيح النص من جانب غابرييل غارثيا ماركيث شخصيًا. وتميز غارثيا ماركيث بعبقرية أسلوبه ككاتب وموهبته في تناول الأفكار السياسية. وقد تسببت صداقته مع الزعيم الكوبي فيدل كاسترو في الكثير من الجدل في عالم الأدب والسياسة. وعلى الرغم من امتلاك غابرييل غارثيا ماركيث مسكنًا في باريس وبوغوتا وقرطاجنة دي إندياس، إلا أنه قضى معظم حياته في مسكنه في المكسيك واستقر فيه بدءًا من فترة الستينات.وشكل ماركيث جزءاً مما بات يُعرف بظاهرة البوم الأمريكي اللاتيني. ويشتمل الإنتاج الأدبي لماركيث على العديد من القصص والروايات والتجميعات، إلى جانب كتابات أخرى، وتتناول الغالبية العظمى منه مواضيع مثل البحر وتأثير ثقافة الكاريبي والعزلة. واعُتبرت رواية مئة عام من العزلة واحدة من أهم الأعمال في تاريخ اللغة الإسبانية، وذلك من خلال المؤتمر الدولي الرابع للغة الإسبانية الذي عقد في قرطاجنة في مارس عام 2007. بالإضافة إلى كونها أهم أعمال ماركيث، كانت أيضا أكثر الأعمال تأثيراً على أمريكا اللاتينية. واشتهر أيضًا بالأعمال الأخرى مثل ليس للكولونيل من يكاتبه، وخريف البطريرك والحب في زمن الكوليرا. وأيضًا هو مؤلف للكثير من القصص القصيرة، إضافة إلى كتابته خمسة أعمال صحفية. حصل غارثيا ماركيث على جائزة نوبل للآداب عام 1982 وذلك تقديرًا للقصص القصيرة والرويات التي كتبها،والتي يتشكل بها الجمع بين الخيال والواقع في عالم هادئ من الخيال المثمر، والذي بدوره يعكس حياة وصراعات القارة. وكان خطاب القبول تحت عنوان «العزلة في أمريكا اللاتينية». وشكل ماركيث جزءاً من مجموعة من أحد عشر كاتباً حازوا جائزة نوبل للآداب. نال ماركيث بالعديد من الجوائز والأوسمة طوال مسيرته الأدبية مثل وسام النسر الأزتيك في عام 1982، وجائزة رومولو جايجوس في عام 1972، ووسام جوقة الشرف الفرنسية عام 1981. تُوفي غارثيا ماركيث في مدينة مكسيكو بالمكسيك يوم 17 أبريل 2014 عن عمر ناهز 87 عامًا غابرييل غارثيا ماركيث هو ابن غابرييل إيليخيو ولويسا سانتياجا ماركيث إجواران، وُلد في أراكاتاكا، ماجدالينا في كولومبيا «في التاسعة من صباح يوم الأحد السادس من مارس 1927»، كما يشير الكاتب في مذكراته. ورفض العقيد نيكولاس ريكاردو ماركيث ميخيا والد لويسا هذه العلاقة بين أبويه، ولذلك لأن غابرييل إيليخيو ماركيث عندما وصل إلى أراكاتاكا كان عامل تلغراف. ولم يراه العقيد نيكولاس الشخص المناسب لابنته، حيث كانت أمه عزباء، وهو نفسه ينتمي لحزب المحافظين الكولومبي، إضافة إلى اعترافه بكونه زير نساء. ومع نية والدها بإبعادها عن والد ماركيث، أُرسلت لويسا خارج المدينة، فيما تودد إليها غابرييل إيليخيو بألحان الكمان الغرامية وببعض قصائد الحب وعدد من الرسائل التلغرافية التي لا تعد ولا تحصى. وأخيرًا استسلمت عائلة لويسا للأمر، وحصلت لويسا على تصريح بالزواج من غابرييل إيليخيو، في 11 يونيو 1926 في سانتا مارتا. وقد استوحى غارثيا ماركيث روايته الحب في زمن الكوليرا من هذه القصة والدراما التراجيدية الكوميدية. قادة إضراب عمال مزارع الموز. وبعد ولادة غابرييل بوقت قليل، أصبح والده صيدلانيًا. وفي يناير من عام 1929، انتقل مع لويسا إلى بارانكويلا، تاركًا ابنه في رعاية جديه لأمه. وتأثر غابرييل كثيرًا بالعقيد ماركيث، الذي عاش معه خلال السنوات الأولى من حياته، حيث أنه قتل رجلًا في شبابه في مبارزة بينها، إضافة إلى أنه كان أبًا رسميًا لثلاثة من الأبناء، كان هناك تسعة من الأبناء غير الشرعيين من أمهات عدة. كان العقيد محاربًا ليبراليًا قديمًا في حرب الألف يوم، وشخصًا يحظى باحترام كبير بين أقرانه في الحزب، واشتُهر برفضه السكوت عن مذبحة إضراب عمال مزارع الموز، الحدث الذي أدى إلى وفاة قرابة المئات من المزارعين على يد القوات المسلحة الكولومبية في 6 ديسمبر من عام 1928 خلال إضراب عمال مزارع الموز، والذي عكسه غابرييل في روايته مئة عام من العزلة.وكان العقيد جد غابرييل، والذي لقبه هو نفسه بـ«أباليلو»، واصفًا إياه «بالحبل السري الذي يربط التاريخ بالواقع»، راويًا مخضرمًا، وقد علمه على سبيل المثال، الاستعانة الدائمة بالقاموس، وكان يأخذه للسيرك كل عام، وكان هو من عرف حفيده على معجزة على الجليد، التي كانت توجد في متجر شركة الفواكه المتحدة. وكان دائمًا ما يقول له «لا يمكنك أن تتخيل كم يزن قتل شخص»، مشيرًا بذلك إلى أنه لم يكن هناك عبئًا أكبر من قتل شخص، وهو الدرس الذي اقحمه غارثيا ماركيث لاحقًا في رواياته.وكانت جدته، ترانكيلينا أجواران كوتس، والتي أطلق عليها اسم الجدة مينا ووصفها بـ«امرأة الخيال والشعوذة» تملأ المنزل بقصص عن الأشباح والهواجس والطوالع والعلامات. وقد تأثر بها غابرييل غارثيا ماركيث كثيرًا مثلها مثل زوجها. إضافة إلى كونها مصدر الإلهام الأول والرئيسي للكاتب، حيث استمد منها روحها وطريقتها غير العادية في تعاملها مع الأشياء غير النمطية مثل قصها للحكايات الخيالية والفانتازية كما لو كانت أمرًا طبيعيًا تمامًا أو حقيقة دامغة. إضافة إلى أسلوبها القصصي، كانت الجدة مينا قد ألهمت حفيدها شخصية أورسولا إجواران، التي استخدمها لاحقا وبعد قرابة الثلاثين عامًا في روايته الأكثر شعبية مئة عام من العزلة. وتوفي جده عام 1936 عندما كان عمر غابرييل ثمانية أعوام. وبعد إصابة جدته بالعمى، انتقل للعيش مع والديه في سوكر، بلدة في دائرة سوكر بكولومبيا، حيث كان يعمل والده بمجال الصيدلة. وتناول غارثيا ماركيث طفولته في سيرته الذاتية المسماة عشت لأروي عام 2002. وعاد إلى أراكاتاكا عام،2007 بعد غياب دام أربعة وعشرين عامًا، لحصوله على تكريم من الحكومة الكولومبية بعد إتمامه سن الثمانين وبعد مرور أربعين عامًا على نشر عمله الأول مئة عام من العزلة. مصدر السيرة الذاتية موقع ويكيبيديا https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%BA%D8%A7%D8%A8%D8%B1%D9%8A%D9%8A%D9%84_%D8%BA%D8%A7%D8%B1%D8%AB%D9%8A%D8%A7_%D9%85%D8%A7%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%AB
«
13
14
15
16
17
»