Movie
Series
Books
Paintings
Article
Anime
Interviews
Theater
Login
 
Contact Us
 
دائمًا الوجه الفني للبلد هو الوجه الصحي
BY الفنانة مايا السبعلي
9.0
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
الفنانة مايا سبعلي للواء: دائمًا الوجه الفني للبلد هو الوجه الصحي والمهم للمجتمع. أما وجودي في المسرح فهو التعاطي المهم مع الجمهور. حاورتها: ضحى عبدالرؤوف المل تتمثل الحركة بالتعبير الأقوى إلى النفس في أدوار الفنانة "مايا السبعلي" القادرة على جذب الانتباه إليها، وإن بدا الدور بسيطًا، إذ تمنح دورها متعة فردية قوامها النفس وتطورها عبر الشخصية التي تتقمصها دراميًا بعيدًا عن المسرحي الذي أتقنته مع المخرج منير أبو دبس. إذ تمتلك القدرة على استخدام وسائل التعبير النفسي والخلق التكاملي الممكن من خلال الانضباط والتلاحم مع الشخصيات التي تقمصتها، ومعها أجرينا هذا الحوار: - سيرة ذاتية حافلة بالدراسة النفسية والمسرحية والتمثيل والرقص. مايا سبعلي، أين أنت من كل هذا؟ تقول سارة برنارد: "لم أقرر أن أصبح ممثلة، بل اكتشفت أنني ممثلة." بعمر الرابعة عشر، اتخذت القرار بأنني سأمارس التمثيل، وشاء القدر أن يعود منير أبو دبس إلى لبنان، وبدأ بمحترفات في الفريكة، وانضممت إلى محترفه، وبدأت مع منير أبو دبس حيث اكتشفت عشقي للمسرح. كل ما قمت به في مسرح أبو دبس خدم حياتي الفنية بقوة، وأنا أؤمن بالمحترفات خاصة مع شخص مثل منير أبو دبس، لكن للأسف (هذه المهنة ما بتطعمي عيش)، فكان لابد من التفكير بالجامعة. فاخترت علم النفس التي استفدت منها مسرحيًا، وما تبقى من تفاصيل في صقل الممثل كالصوت وحركة الجسد، وهم الأساس في مسيرته الفنية، وكل ما قمت به في البداية خدم ذلك. - التأثير المسرحي اللاشعوري ومايا سبعلي وأهدافها الفنية، ما القاسم المشترك بينهما؟ وما المسرحية المؤثرة بك أكثر؟ هناك الكثير من الأشياء المشتركة بين المسرح وعلم النفس، وعندما اتخذت قرار الدخول إلى كلية علم النفس كنت أدرك أن هذا سيساعد بالمسرح، لكن لم أتوقع كل هذه الأشياء المشتركة. والفعل الفني بحد ذاته رياضة نفسية، خاصة الآن مثل (أرت تيرابي) و(أرت بسيكو درام)، وهو بكل تفاصيله متشابه، لكن بداية أحببت علم النفس لفهم أكثر الشخصية. وفكرت جديًا بتأليف كتاب بعنوان "بيت بيوت" لأنني أؤمن أن الفنان لكي يستمر بالعطاء لا بد أن يعود لفترة الطفولة وممارسة لعبة "بيت بيوت". لهذا اخترت علم النفس رغم أنه لم يستطع أن يفسر كل شيء، يقول فرويد: "إن علم النفس يقف عندما يبدأ الفن"، لا نستطيع تحليل كل شيء. لكن استفدت في كيفية خلق الشخصية والتعاطي معها من خلال مجموعة من العطايا المعرفية التي ساعدتني في ذلك أثناء دراستي لفهم نفسي أكثر والحالات التي أمر بها، لأخلق التوازن بين حياتي الشخصية وحياتي المسرحية. أما المسرحية التي تأثرت بها فهي بعمر الثامنة عشرة عام 1990 في مسرحية "أوديب الملاك" من إخراج منير أبو دبس وهي لمهرجانات بيت الدين، وكانت أول مرة أقف على مسرح مهرجانات، وتأثرت بالعرض الأول والأقوى، ولكن أيضًا بعض النصوص مثل "الكراسي" لأوجين، ومن إخراج منير الذي يجعل الممثل يشعر أنه كل شيء على المسرح، وكل الأشياء الأخرى لتخدمه وباستمتاع. وهنا اكتشفت أن لعبة المسرح تشبه لعبة "بيت بيوت". وأيضًا مسرحية "سوء تفاهم" لألبير كامو، ومع النضج نشعر أن بعض النصوص تشبهنا. مثل مسرحية "نرسيس" لديمتري ملكي وإخراج شادي الهبر. - الدراما ومايا سبعلي، ما الأدوار التي حفرت بقوة في الذاكرة لديك؟ وهل أنت راضية؟ أول دور هو دور له حضور درامي في مسلسل "جنى العمر" للكاتبة ماغي بقاعي وإخراج ليليان البستاني. هذا الدور أحبه لأن الشخصية كانت حقيقية وبسيطة ومعقدة، والمسلسل من الحقبات القديمة التي أحبها بين الخمسينات والسبعينات، وهو دور بنت فقيرة تُغتصب وتهرب إلى بيروت وفيه تحولات كثيرة وقريبة جدًا من الحقيقة. لكن أغلب الأدوار التي قمت بتقمصها تلفزيونيًا لا تشبه بعضها، لهذا حفرت مكانها غالبًا لأنها شخصيات بعيدة عن بعضها، ودوري الآن في مسلسل "غربة" و"أولاد آدم" كسجينة تعذب الأخريات. وأنا راضية نعم لأنني قمت بما أحبه خلال أكثر من عشرة مسلسلات لأن كل دور مختلف تمامًا عن الآخر ولا أحب أن أكرر نفسي، ودائمًا أنتقد نفسي. - أين أنت من أدوار البطولة، خاصة وأنك تذكرينا بالدراما اللبنانية الحاضرة عربيًا بقوة؟ هذا السؤال للمنتجين، لكن كل دور أقبله أعتبره دور البطولة ولا أؤمن بالنجومية والدور الأول. لكن بالمجمل العام، أي عمل درامي يتطلب الجودة بالطاقم الفني بأكمله، وأحيانًا الدور الثاني والدور الثالث تكون الشخصيات فيه أجمل من الدور الأول. كما أنني استطعت إثبات نفسي دراميًا، وحلمي هو الأفلام على مستوى أكبر. - تتقنين التعبير الدرامي وجعبتك مليئة بالأعمال التي تشهد على ذلك، ما رأيك وإلى أين تقودك الدراما التلفزيونية؟ كل خبرة تخدم الشخص وتساعده في التقدم، إن في التعبير الدرامي أو على المسرح أو سينما، ويتعلم منه الكثير. وأي عمل جديد هو حب جديد بالنسبة لي، والدراما التلفزيونية تمنحني إضافات جديدة كلها غنى، والدراما التلفزيونية هي التي تنتج الشهرة وهي المفتاح لتؤدي إلى معرفة الناس بنا أكثر وعلى نطاق أوسع. ونأمل أن تتوسع الدراما أكثر عربيًا، والمسرح عالميًا لأشارك في مهرجانات عالمية وطبعا السينما أيضًا. - أهدافك الفنية بشكل عام، ماذا تحقق منها وماذا ينتظر؟ أحب أن أقول أحلام وطموحات أكثر من أهداف، لأني أتبع مشاعري أكثر. وحققت الكثير من أحلامي على المسرح، وما زالت الأحلام تستمر ولا سنة توقفت عن الظهور المسرحي. وبالنسبة لي، أحلامي هي كل ما أقوم به من أعمال أحبها واتلذذ بالقيام بها، وما زالت الأحلام لا تنتهي، خاصة السفر، مسرحيات على نطاق واسع عربيًا وأوروبيًا. - مايا سبعلي والمسرح الحديث، والوقوف على خشبة ثابتة وهادفة، هل يثمر برأيك المسرح اليوم؟ المسرح مثمر وما زال، وفي فترات ينشط أكثر برغم كل الصعوبات. والحمد لله، آخر كم سنة هو مثمر جدًا، والمسارح دائمًا ممتلئة، هذا قبل فيروس كورونا، ودائمًا الوجه الفني للبلد هو الوجه الصحي والمهم بالمجتمع. أما وجودي في المسرح فهو التعاطي المهم مع الجمهور. واتجهت نحو المسرح العبثي والسريالي الذي لا يتقبله كل الجمهور، لكن من سنة إلى سنة جمهور هذا النوع يكبر يومًا بعد يوم. Doha El Mol مايا سبعلي تبدو شخصية تتمتع بطموح عالٍ ورؤية واضحة لمستقبلها الفني. من خلال الحوار، يظهر أنها لا تكتفي بما حققته بل تسعى دائمًا إلى تطوير نفسها ومهاراتها. اختيارها لدراسة علم النفس لم يكن مجرد قرار أكاديمي، بل كان له تأثير كبير على فهمها للدراما وشخصياتها، مما يشير إلى رغبتها في التعمق في الذات وفهم النفس البشرية. تسعى سبعلي إلى تحقيق توازن بين حياتها الشخصية وحياتها المسرحية. هذا يظهر من خلال حديثها عن استخدام علم النفس لمساعدتها في خلق الشخصيات والتعامل معها، وهو ما يدل على أن لديها وعيًا ذاتيًّا عميقًا ورغبة في فهم الذات بشكل أفضل. استشهادها بفرويد يعكس اهتمامها بفهم حدود العلم والفن، وتأكيدها على أن الفن قد يتجاوز حدود التحليل النفسي. تستعرض سبعلي تجربتها مع المسرح والتلفزيون بشكل شامل، مما يدل على أنها شخصية متعددة الأبعاد. تعبر عن مدى تأثير كل من مسرح منير أبو دبس ونصوص أخرى على مسيرتها الفنية. تحليلاتها تشير إلى فهم عميق لمجال عملها وقدرتها على التأثير في الجمهور عبر أداء مميز ومعقد. تشير سبعلي إلى أهمية الجودة في الطاقم الفني بشكل عام، وليس فقط في دور البطولة. تعكس هذه النظرة الموضوعية فهمها لأهمية التعاون والتكامل بين أعضاء الفريق لتحقيق النجاح في أي عمل درامي. مايا سبعلي تتحدث عن أهمية المسرح كوسيلة للتواصل مع الجمهور، مما يظهر فهمها لأسس الاتصال الجماهيري وتأثيرها في بناء علاقة مع المشاهدين. تتحدث عن المسرح العبثي والسريالي بشكل إيجابي، مما يشير إلى قدرتها على جذب جمهور متنوع والارتقاء بفنها إلى مستويات جديدة. تظهر سبعلي اهتمامًا بالابتكار والتميز من خلال تجربتها في المسرح العبثي والسريالي، ورفضها لتكرار نفسها. كما تشير إلى أهمية استكشاف مجالات جديدة مثل الأفلام، مما يعكس رغبتها في تقديم أعمال فنية مختلفة ومبتكرة لجذب انتباه الجمهور وتعزيز مكانتها في المجال الفني. تستعرض سبعلي تأثيرات مختلفة للفترات الزمنية والنصوص الثقافية على أعمالها. تعبر عن حبها لحقب زمنية معينة وتأثيرها على اختيار أدوارها، مما يعكس تقديرها للثقافة والتاريخ كعناصر مؤثرة في فنها. تطمح سبعلي إلى التوسع على نطاق أوسع، ليس فقط عربيًا ولكن أيضًا عالميًا، من خلال المشاركة في مهرجانات عالمية. هذا يظهر رغبتها في تمثيل الثقافة العربية بشكل أوسع وتعزيز تواجدها الفني على مستوى دولي. مايا سبعلي هي فنانة تتمتع بوعي نفسي عميق، وطموح كبير، ورؤية واضحة لمستقبلها الفني. تحرص على تحقيق توازن بين حياتها الشخصية والمهنية وتبدي تقديرًا كبيرًا للعمل الجماعي والابتكار. تتواصل مع جمهورها بفعالية، وتسعى لتوسيع نطاق تأثيرها الفني عالميًا. إن تجاربها وتطلعاتها تعكس شخصية قوية ومتفهمة ذات طموحات واضحة، وهي تسعى باستمرار لتقديم أعمال فنية متجددة ومؤثرة. dohamol67@gmail.com
×
الفنانة مايا السبعلي
السيرة الذاتية ممثلة وكاتبة مسرحية لبنانية من مواليد بيروت. وهي حائزة على شهادة الماجستير في علم النفس من الجامعة اللبنانية. كما تخرجت من مدرسة المسرح الحديث بإدارة منير أبو دبس. كما عملت مايا السبعلي كاتبة ومخرجة مساعدة في العديد من الأعمال المسرحية والتلفزيونية. ومن أهم أعمالها مسلسل بدل عن ضايع (2009) وجنى العمر (2011) وغربة (2020) وراحوا (2021). الموطن: لبنان
معرضي قصيدة رثاء للطيور والطبيعة في لبنان
BY Artist Hassan Al Samad
9.0
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
الفنان التشكيلي حسان الصمد لـ «اللواء»: معرضي قصيدة رثاء للطيور والطبيعة في لبنان حاورته: ضحى عبد الرؤوف المل يحمل الفنان «حسان الصمد» هموم البيئة في كل معرض يُقام، وهذه المرة وضعنا أمام سجادة بيئية قوامها أكثر من تسعين لوحة للكثير من أنواع الطيور التي انقرضت أو ما زالت موجودة، وبأسلوب تصويري انتقادي يهدف إلى خلق مصطلحات بيئية تهدف إلى وقف الصيد أو احترام الصيد إن صحّ القول للحفاظ على البيئة. فالطيور في لوحاته تجسّد الأزمة البيئية التي ترتكز على أهمية وجود هذه الأنواع من العصافير التي رسمها كعلامات استفهام بيئية. ومعه أجريت هذا الحوار: - تهتم تشكيليًا بالبيئة، ألا يجعلك هذا أحاديًا فنيًا أو ضمن دائرة البيئة فقط؟ هذا شيء غير متعمّد. الدخول في هذا اللون أو إطار البيئة بدأ من خلال تجربتي الخاصة وما يعنيني أو عالمي المحيط بي من خلال مشاهداتي ومعايشة الأشياء من تعبيرات دراماتيكية تحدث. فأنا كفنان معنيّ أن أدلّ أو أكشف الحقائق، إن كانت تُشاهد أو لا بمعنى إن كانت ملموسة أو غير ملموسة على أرض الواقع. برأيي يجب أن يكون لي مساهمة فيها. صدفةً هذه المرة بيئيًا ومن الممكن جمالياً. ربما تعتبر نوعًا من القبح لأني أرسم سلبيات هذه المشاهدات. لا يهمني إذا اعتبر البعض أنني سوداوي أو قاتم أو كئيب. هذه المجاهدة الخاصة بي أو قوة تعبيرية أستخرجها بالرسم حتى وإن انتقدت أنني لست فنانًا تجاريًا. طبعًا هذا يشرّفني ويسعدني أنني من خلال الإطار التشكيلي الجمالي أقدّم هذا. - هذه المرة تغزو الطيور لوحاتك وبكل أنواعها، هل تنتقد الصيد أم ندرة الطيور؟ نعم، وليس فقط الطيور، بل الحيوانات بشكل عام. هي حيوانات لبنان. باعتباري صيادًا سابقًا، يمكن اعتبار هذا بيان اعتزالي للصيد، لأني تدريجياً بدأت أخفف من هذه الهواية النبيلة التي لم تعد نبيلة في هذا المكان الذي أنا فيه. وأفترض في معظم الأماكن في لبنان لم يعد من إمكانية للصيد لا جغرافيًا ولا اجتماعيًا أو بيئيًا بسبب عشوائية ممارسة هذه الهواية بنوع من العدائية تجاه البيئة، ولا أريد المساهمة بذلك. - البيئة والفن التشكيلي، من ينقذ من؟ وهل من رسالة مختلفة يحتفظ بها حسان الصمد؟ من خلال خبرتي كصياد منذ طفولتي أعرف الأنواع والأصناف التي يجب أن نصطادها أو لا نصطادها، والتنوّع والغنى البيئي الموجود في لبنان. طبعًا لست خبيرًا بيئيًا، إنما أعرف كمية كبيرة منها. وحاولت تصويرها مقتولة واستعرضها بشكل سجادة بيئية، وأيضًا مختصرة حوالى تسعين لوحة، إضافة للحيوانات والطيور المقتولة مع إشارات سير بسيطة أو بدائية ببعض القرى في لبنان، أو إشارات ملكية أو إشارات بلدية ممنوع الصيد، وفيها إشارات لتعدّي الصياد بين هلالين. الصياد في لبنان، الذي أسمّيه قواص، الذي يصطاد أي نوع في أي مكان، ويمكن اعتبار هذا جزءًا من منظومة العنف الموجودة حولنا في هذا البلد، وهو ربما انعكاس اجتماعي أو نفسي ومحاولة «فش خلق»، إذ ما من متّسع لأي نوع من الترفيه، لهذا صوّرت نتيجة هذه الممارسات وليس الصياد بشيء من السردية وهو يمارس هذه الهواية. ربما أفعل ذلك في الأعمال القادمة. لهذا يمكن اعتبار المعرض بيان اعتزال أو قصيدة بصرية رثاء للطيور أو للطبيعة في لبنان أو هجاء لهؤلاء الصيادين، إلى ما هنالك من تعبير عن مشاهدات لهذه الحالة التي تتكرر كل سنة مع محاولات السلطة لوقف هذه التجاوزات. إذا الإنسان لم يتربَّ على معرفة ثقافة قيمة البيئة وقيمة العصفور منذ الصغر، يصعب ضبطها. - في معرضك تبدو اللوحات كجدارية لموضوع واحد، أين الإنسان فيها؟ أم ترسم انتهاكات الإنسان للطبيعة؟ طبعًا، الفن في خدمة كل القضايا، خاصة البيئة ومن ضمنها البيئة التي هي موضوع الساعة إن في لبنان أو عالميًا. الفنان عليه التنبيه أو لفت النظر لأمور تحدث حولنا. البعض يعتبر أن الفن الملتزم لا يُطرب الجميع إنما هو كلام لا بد أن يُقال، وصرخة تعلو إن كنا نريد قراءة الموضوع قراءة مباشرة بيئية، وإنما تشكيليًا الموضوع ممكن أن يكون تأويلات وإسقاطات وإشارات إلى ما هنالك من قضايا سياسية أو اجتماعية أو ثقافية وغير ذلك. dohamol67@gmail.com يُبرز الحوار مع الفنان حسان الصمد الاهتمام العميق بالنقد البيئي من خلال الفن التشكيلي، مما يعكس استراتيجياته الفنية المميزة. المعرض، الذي يحتوي على أكثر من تسعين لوحة، يقدم رؤية جمالية فريدة للبيئة، ويُعبر عن صرخة فنية ضد التدهور البيئي من خلال تصوير الطيور والحيوانات. الصمد يستخدم الأسلوب التصويري الانتقادي لتسليط الضوء على الأزمات البيئية، مما يجعل لوحاته بمثابة "قصيدة رثاء" تعبر عن فقدان الأنواع الطبيعية والتحديات البيئية التي تواجهها. ىكما أن الأسلوب الفني الذي يتبعه الصمد يتميز بالواقعية المظلمة والتجريد العاطفي، حيث يسلط الضوء على السلبيات في البيئة بدلاً من تقديم جماليات مثالية. هذه الطريقة تثير التأمل وتعزز من فهم المشاهد لأهمية الحفاظ على البيئة. الصمد يبدو أنه يهدف إلى توجيه رسالة فنية قوية تعبر عن الأضرار البيئية وتعكس صرخات التحذير من هذه الأضرار. من الناحية البيئية، يعكس المعرض انتقادات حادة تجاه الممارسات غير المستدامة مثل الصيد العشوائي. الصمد، من خلال خلفيته كصياد سابق، يبرز الفجوة بين ممارسات الصيد التقليدية ومخاطرها الحالية. اللوحات ليست مجرد تمثيل جمالي للطيور والحيوانات، بل هي تعبير عن الصراع بين الإنسان والبيئة، مما يعزز من الوعي حول الحاجة إلى الحفاظ على الأنواع الطبيعية. يُظهِر الصمد كيف أن البيئة في لبنان تتعرض لضغوط كبيرة نتيجة الصيد غير المنظم، مما يجعل عمله وثيقة توثيقية مهمة. النقاط التي يطرحها حول الصيد وندرة الطيور تبرز إشكاليات بيئية واقعية، وتُشير إلى تأثيرات الممارسات البشرية على التنوع البيولوجي. الصمد يقدم نفسه كفنان ملتزم، حيث يُعبر عن قلقه من تدهور البيئة من خلال عمله. يمكن اعتبار لوحاته تعبيرًا عن الصراع الداخلي بين جمالية الفن وواقع البيئة المدمرة. تتناول رسالته الفنية الإنسان كعنصر أساسي في هذه المشكلة، حيث لا يقتصر تأثيره على البيئة فقط بل يعكس أيضًا الممارسات الاجتماعية والثقافية غير المستدامة. يعكس الصمد من خلال أعماله إدانة لممارسات الصيد العشوائي ويشدد على أهمية التثقيف البيئي. هو لا يقدم مجرد نقد، بل يخلق من خلال فنّه منبرًا للتوعية والتحفيز على التغيير. عبر استخدامه للفن كأداة للتغيير الاجتماعي والبيئي، يُسلط الضوء على أهمية الاعتراف بجماليات البيئة وتقديرها. الانطباع الأول من الحوار ومعرض الصمد هو القوة التعبيرية العاطفية التي تُبرز قضايا البيئة من خلال الفن. الصمد لا يكتفي بعرض الواقع كما هو، بل يدمج بين الجماليات الفنية والتعبير العاطفي لخلق تأثير قوي على المشاهد. كل لوحة ليست مجرد عمل فني، بل هي بيان اجتماعي وبيئي. التحليل الانطباعي يعزز من أهمية الفن كوسيلة فعّالة للتعبير عن قضايا البيئة ودعوة للتغيير. يقدم الحوار لمحة عميقة عن كيف يمكن للفن أن يكون وسيلة للتعبير عن القضايا البيئية وتوجيه الرسائل إلى الجمهور، مما يعكس قيمة الفن في تسليط الضوء على المشكلات البيئية وتقديم الحلول المحتملة من خلال الإبداع والتفكير النقدي. dohamol67@gmail.com Doha El Mol
×
Artist Hassan Al Samad
لاحقا
الفن هو موطن الحرب وخشبة الخلاص
BY sculptor Bassam Kyrillos
9.0
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
الفنان بسام كيرلس للواء: "الفن هو موطن الحرب وخشبة الخلاص" حاورته: ضحى عبدالرؤوف المل تستوطن منحوتات الفنان بسام كيرلس العمارة بأبعادها الفراغية وفكرتها المعبرة عن الحروب وطاقتها في إبراز محاكاتها كقطع أثرية لها تاريخها ولحظتها المحتفظة بنكهة الحدث الذي أراد إبرازَه الفنان بسام كيرلس، مستكشفًا ذهنية اللحظة ودورها الفاعل في خلق مؤثرات بصرية تحاكي الحروب المفروضة على الإنسان الراحل عن أمكنته، بتنوعٍ ذو خصائص نحتية أردنا معرفتها أكثر والغوص في هياكل منحوتات هي بحد ذاتها تحديات وجودية تبرز قوة الإنسان وإصراره على البقاء. ومع النحات بسام كيرلس أجرينا هذا الحوار. - تعكس في أعمالك لغة الحرب. هل هذا سلوك نحتي يلغي جمالية فن العمارة؟ مهمة النحت المعاصر تختلف عن أهداف فن العمارة، رغم تقاطع الفنون عامة وفني النحت والعمارة عبر التاريخ. النحت يأخذ من العمارة، لا سيما في أعمالي، المادة والشكل والقياسات والأبعاد، لكنه يتميز في كونه غير نافع أو طائفي كالعمارة التي تهدف بالدرجة الأولى لأن تكون مكانًا للعيش. أما النحت فأهدافه جمالية بحتة، ولعل شكل الدمار له وظيفة جمالية بحسب اعتقادي، وهذا ما أحاول إبرازَه في أعمالي. - العمل النحتي هو للتعبير عن إنجازات الإنسان في عصر ما. ما رأيك؟ من بين أهداف العمل النحتي التعبير عن إحساس الفنان وفكره، كما التعبير عن إنجازات الإنسان ولا سيما في عصر الفنان. أما في عصرنا، وخاصة في منطقتنا، فلم يتغير الكثير لما فيه خير الإنسان بقدر ما قمنا بحروب مدمرة وعبثية. هذا ما دفعني إلى التفكير بالحرب كعامل أساسي في مسار الإنسانية وكقدر محتوم من الصعب تجاوزه. فالحرب مسألة ينبغي عدم تجاهلها، إنما تقبلها ومعالجتها. - أن تحافظ على هيكل العمارة وهو متآكل ومدمر أصعب من أن يكون كاملًا بمقاييسه. لماذا اخترت هذه المحاكاة؟ لست في مجال المفاضلة بين الأصعب والأسهل، ولكنني منساق خلف وسائل التعبير التي تجسد أفكاري. أعتقد أن الحرب هي قدر حتمي في مسار الحياة والوجود. الصراع من أجل البقاء في الطبيعة بشكل عام يحتم سلوكًا عنيفًا أقرب إلى المظاهر الحربية. أما الإنسان الذي يسعى إلى السلام الدائم، فينبغي عليه تفريغ حمولته من الكبت العنيف المتجذر في أعماقه لكي يتسنى له الاستمرار في مسيرته السلمية. في هذه الحالة يكون الفن هو موطن الحرب وخشبة الخلاص. - لم تتعامل مع هذه الأعمال النحتية بمعايير ثابتة. لماذا؟ بتقديري، أن النتاج الفني في مرحلة معينة ينبغي أن يخضع لمعايير موحدة، لكي يتسنى للفنان المجال للتأكيد على الفكرة المراد إيصالها. أما التنوع داخل الوحدة فهو أمر ضروري لكي تأخذ الفكرة كافة أبعادها ولكي يبقى المجال مفتوحًا لآفاق جديدة. - تحاكي الفراغات في منحوتاتك المخيلة وكان في كل فراغ حكاية حزينة. ما رأيك؟ الفراغات المتراصفة أفقيًا وعاموديًا هي إشارة إلى انتظام يؤكد منهجية الدمار المعبر عنها في الفجوات. كما أن الفراغ هو تعبير عن خلو المكان المنحوت من الحياة، فيكون مشهد الأطلال هو بطل أعمالي. الفراغ هو تعبير عن رفض وإلغاء للمعطيات الموجودة واحتجاج مطلق على كل الموروث، وهو في الوقت عينه جمال لفرضيات جديدة. لذلك تنشط المخيلة عند معاينة الفراغ، فتفتح قريحة المشاهد الذي يسترسل بأفكاره الخاصة ويعود ليسقطها على العمل النحتي، حينها يشعر بأنه معني مباشرة بالتجربة الفنية التي يشاهدها. - ما بين الكتلة والفراغ تحديات برزت في المنحوتات. ماذا أردت القول من خلال ذلك؟ أستخدم في تنفيذ أعمالي تقنية النحت المباشر في الكتلة، ثم أعمد إلى صب المجسم بالبرونز أو الألمنيوم. عملية استحداث الفراغات في الكتلة هي الأداة النحتية بامتياز، وهي التي تعطي الشكل حياة ومعنى، وهي التقنية التي تلخص مسار النحت المتمحور حول جدلية الكتلة في الفراغ داخل الكتلة. عندما قرأت الحوار بعد نشره في جريدة اللواء ترك في انطباع فني آخر لهذا أضفت عليه الآتي منحوتات الفنان بسام كيرلس تُعبِّر بشكل عميق عن تجربة الحرب والتدمير، حيث تُجسد رؤيته الشخصية والموضوعية للدمار من خلال العمل النحتي. يشكل الموضوع، أي الحرب والتدمير، عنصرًا محوريًا في أعماله، ما يجعله مصدرًا أساسيًا للإلهام والإبداع. الفنان يستكشف في منحوتاته مشاعر الكآبة والصراع، ويُظهِر التدمير ليس كحالة سلبية فحسب، بل كعنصر جمالي يحمل رسالة أعمق حول الإنسانية والبقاء. في منحوتات بسام كيرلس، يتجلى الإيقاع البصري من خلال استخدامه للفراغات والكتل بطريقة تعكس طبيعة الدمار والحرب. كيرلس يختار أن يعرض التدمير ليس من خلال التركيز على التفاصيل التدميرية بحد ذاتها، بل من خلال الإيقاع الذي تخلقه الكتل والفراغات في منحوتاته. الفراغات في أعماله تعكس غياب الحياة وتعزز من الشعور بالحزن والخواء، بينما الكتل التي لم تُدمّر بعد تعبر عن القوة والإصرار على البقاء. هذا التناقض بين الكتلة والفراغ يخلق إيقاعًا بصريًا متوازنًا يعزز من قوة الرسالة التي يحملها العمل النحتي. من الناحية الجمالية، يُعتبر إيقاع منحوتات كيرلس بديعًا ومعقدًا. يتميز باستخدامه المبتكر للفراغات والكتل، مما يخلق تباينًا بصريًا يجذب النظر ويحفز التأمل. يشكل النحت لديه جمالية فريدة من نوعها من خلال تجسيد مفهوم الدمار بطريقة فنية راقية، حيث يتحول الخراب إلى جماليات تعبيرية. التلاعب بالإيقاع البصري في منحوتاته يعزز من قدرة المشاهد على التفاعل مع العمل بشكل عاطفي وفكري، مما يجعله تجربة بصرية غنية ومعقدة. الإيقاع البصري في منحوتات كيرلس يتجلى من خلال التباين بين الكتل الصلبة والفراغات الواسعة. التوزيع المدروس للكتل في منحوتاته يخلق حركة بصرية تساهم في نقل الإحساس بالتدمير والدمار. كل قطعة نحتية تحاكي طبيعة المعركة الداخلية والخارجية للإنسان في ظل الظروف الصعبة، مما يضيف طبقات من المعنى إلى العمل. استخدام الفراغات كعنصر بصري لا يعزز فقط من جمالية العمل بل يضيف بعدًا إضافيًا في فهم وتفسير الرسالة الفنية التي يسعى الفنان لنقلها. في المجمل، فإن منحوتات بسام كيرلس تتسم بالتحليل العميق والتعبير الجمالي الذي يجسد الصراع البشري من خلال إيقاع بصري فريد. أعماله تسهم في تعزيز الفهم والتقدير لمفهوم الدمار والحرب عبر مزيج معقد من الكتل والفراغات، مما يخلق تجربة بصرية وجمالية لا تُنسى. من مجموعة متحف فرحات dohamol67@gmail.com Doha El Mol
×
sculptor Bassam Kyrillos
الفنان بسام كيرلّوس من مواليد 27/ 10 / 1971م في بنتاعل بالجبيل . وهو منتسب إلى متحف سرسق منذ عام 1995م . وقد ترأس جمعية الفنانين اللبنانيين للرسم والنحت منذ عام 2000م . ويعمل أستاذ في الجامعة اللبنانية في كلية التربية .
عمل الفني أقوى عندما يحمل رسالة إنسانية
BY Artist Hussein Hussein
9.2
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
الفنان حسين حسين لـ «اللواء»: العمل الفني أقوى عندما يحمل رسالة إنسانية ولو مشفّرة حاورته: ضحى عبد الرؤوف المل في عالم الفن، حيث يتعانق الإبداع مع الإلهام وتلتقي الفكرة بالتنفيذ، يبرز الفنان حسين حسين كأحد الأسماء البارزة التي لا يمكن تجاهلها. منذ انطلاقه في السبعينيات، أثبت حسين حسين أن الفن ليس مجرد وسيلة تعبيرية، بل هو أداة تحليلية وثقافية تفتح آفاقًا جديدة لفهم الإنسانية والوجود. جاءت مسيرته الفنية متكاملة ومتعددة الأبعاد، حيث امتزجت خلفيته التقنية والعلمية مع شغفه بالفنون، مما أضفى على أعماله طابعًا مميزًا يجسد تعقيدات المشاعر الإنسانية وتجاربها. الاهتمام المتفاني بمعاناة الإنسان ومحاولة تسليط الضوء على صراعاته الداخلية والخارجية تشكل جوهر أعمال حسين حسين. هذا الفنان لا يكتفي بالتعبير عن المعاناة كما هي، بل ينسج منها رسائل رمزية ومشفّرة، مما يضفي على أعماله عمقًا إضافيًا. لوحاته، التي تتراوح بين التجريد والواقعية، تحاكي الأزمات الإنسانية بطريقة تجذب المتلقي وتدعوه للتفكر والتأمل. في هذا السياق، لا تقتصر أعمال حسين حسين على تجسيد الصراعات، بل تتناول أيضًا كيفية التفاعل مع هذه الصراعات وكيفية تطويعها لإبراز الجوانب الإنسانية الأكثر إيجابية. تأثرت مسيرته التعليمية بتنوع وتعدد المجالات التي درَسها، بدءًا من الإلكترونيات وصولاً إلى الصيدلة، مما انعكس بشكل واضح على رؤيته الفنية. هذا المزيج الفريد من العلوم والفنون أضفى على أعماله بُعدًا فنيًا وتفسيريًا يجعلها محط اهتمام ونقد من قبل المتابعين والنقاد. اختياره للألوان والتقنيات ليس عشوائيًا، بل هو نتاج تجارب شخصية وعلمية عميقة، ويظهر ذلك بوضوح في استخدامه للفوضى اللونية وتضخيم بعض العناصر لتحقيق تأثير بصري عميق. بفضل هذه الخلفية المتنوعة، يحرص حسين حسين على إدخال عنصر الإنسانية في كل عمل فني يقدمه، فمعاناته وتجاربه الشخصية تتجسد في كل خط ولون. هذه الأعمال ليست مجرد تعبيرات فنية، بل هي تجسيد لرؤيته الخاصة حول كيف يمكن للفن أن يعكس ويحلل طبيعة الإنسان. بالمجمل، يعكس حسين حسين من خلال أعماله رؤية فنية متطورة ترتكز على التجريب والابتكار، ما يجعله أحد الفنانين الذين يساهمون في تشكيل المشهد الفني المعاصر ويضعون بصمتهم المميزة في تاريخ الفن. ولد الفنان حسين حسين عام 1970 في لبنان، وقضى طفولته في السنغال، وعاد عام 1983 إلى وطنه الأم. أكمل دراسته التقنية في الإلكترونيات، وحصل على درجة الماجستير في الصيدلة عام 1998 من أكاديمية سانت بطرسبرغ في روسيا، وهي مدينة ستشكّل شخصيته الثقافية المستقبلية. في بيروت التحق بالجامعة اللبنانية حيث حصل على شهادة الدبلوم في الفنون التشكيلية عام 2007. حصل على منحة للدراسة في باريس، لكنه أكمل في بيروت درجة الماجستير عام 2012، ثم حصل على الدكتوراه في الفنون وعلوم الفن من الجامعة اللبنانية في الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية عام 2017. أقام ستة معارض فردية وحوالي 50 معرضًا مشتركًا. يدرّس الفن في الجامعة اللبنانية الدولية بالإضافة إلى جامعة الحدث - الجامعة اللبنانية - الفرع 1. ألّف كتاب «الفنون المتفككة: الصفحة المفقودة من تاريخ الفن المتمرد». ومع الفنان حسين حسين أجرينا هذا الحوار: - المعاناة الإنسانية تتخذ عدة تشكيلات في أعمالك، لماذا هذا التركيز على المعاناة، ومن أين تستوحي هذه الرسوم؟ لطالما كان الإنسان محور معظم الأعمال التي أنجزتها، حتى في لوحات الطبيعة كنت أدخل شيئًا يذكّرنا بوجوده. بالنسبة لي، يمرّ الإنسان في حياته بفرح وحزن معًا، لكن المعاناة دائمًا تقف في طريقه أكثر من الفرح، لكنه ميّال إلى أن ينسى الأحزان ويستمر في حياته. تمامًا كما أشعر، بعيدًا عن أن أكون متشائمًا، أرى أن الإنسان هو مخلوق يطغى عليه الشر دون أن يعني هذا أنه لا يحب الخير، لكنه ميّال للشرور، أقصد في الطبيعة البشرية اللاواعية. الخير لا يتغلّب على الشر سوى بمجهود وتحكم. قد لا يتفق معي كثيرون، لكنها وجهة نظري، وهذا لا يعني أنه لا يوجد أناس خيّرون، لكنهم أقل عددًا. أستوحى رسوماتي من الواقع المحيط بي، فالمعاناة محيطة بنا من حروب واضطهاد وتحكم القوي بالأضعف من خلال أساليب عدة نتخدّر من خلالها لنصبح أداة طيّعة بيد من يسيطر علينا. أستوحى أيضًا من قراءاتي في مواضيع عدة مثل علم النفس والتواصل والإدراك البصري وسهولة أن يُخدع الإنسان وابتعاده عن الصواب في نفس الوقت الذي يظن فيه أنه يفعل الصواب. - مشهديات فنية تؤلفها لتوحي بأكثر من معنى بصري، لماذا؟ ومتى تضع الحدود لريشتك؟ بالفعل، في معظم الأعمال لا يوجد معنى واحد، إذ أحاول دائمًا إيصال رسائل قد تعني للمتلقي دون إرهاقه في تحليلات صعبة، كما أحاول الابتعاد عن المباشرة. العمل الفني من وجهة نظري أقوى عندما يحمل رسالة إنسانية ولو مشفّرة قليلًا. بالنسبة لي، العمل الفني لا يصل إلى نقطة أو مكان يمكننا أن نقول إنه أُنجِز. بعد أن تكتمل عناصر العمل التشكيلية من تأليف وغيره، يمكنني أن أتوقف عن العمل الفني كما يمكنني أن أعيد النظر ببعض الجوانب التشكيلية وتغييرها، وهذا متعلق بالسياق العام لما يحيط بي من ظروف وأحاسيس قد تؤثِّر على العمل الفني. للعمل الفني عدة حلول وينتهي العمل بقرار من الفنان الذي ينجزه. - فوضى وتلاشي ألوان وتضخيم أحيانًا لبعض المعاني الإنسانية، هل تشعر أننا في أزمة إنسانية لا تنتهي؟ فوضى في العمل كما في الحياة التي نعيشها. أحاول أن أعكس هذا الإحساس من خلال أعمالي. تضخيم بعض العناصر في العمل هو كمن يصرخ مرتين أو أكثر للتأكيد على ما يحاول قوله. نحن حتمًا في أزمة إنسانية لن تنتهي طالما الإنسان موجود وطالما لا يرى الإنسان أنه في أزمة هو سببها. قد يعتقد من يقرأ هذه السطور أنني لا أرسم سوى الإنسان في أزماته. الأمل والتفاؤل والبسمة لديهم مكان مهم في أعمالي. الطبيعة فيها مساحات صافية وألوان زاهية وصارخة أحيانًا، وكأنها التعويض عن الجانب الآخر للروح الإنسانية. - الفنان حسين حسين، ماذا يقرأ؟ ماذا يشاهد؟ ما هي أولى اهتماماته؟ تبدّلت اهتماماتي وبقيت المشاعر الإنسانية هي الأكثر جذبًا لي. درست الصيدلة وأعمل في هذا المجال منذ 1997 وقد أحببت الجانب الإنساني فيه كما نفرت من الجانب التجاري الذي فيه، حيث احتككت بجوانب كثيرة من الإنسان. فالفن كان بمثابة التعويض النفسي لي، حيث هربت واعتقدت أن الإنسان الفنان هو أرقى وأكثر واقعية... لم أرَ فرقًا كبيرًا... في الفن كما في غير الفن، وجدت «إحساسًا صادقًا واحتيالًا، كفاءة وضعفًا، تجارة ورقيًا»... إنه الإنسان على طبيعته. كما قرأت عنه ولم أقتنع في البداية، لكن بعد عمر معين ومراقبة وربط الماضي بالحاضر والاطلاع على موضوعات مختلفة وكسر التابوهات بهدف المعرفة، وصلت إلى ما تكلمت عنه قبل قليل. أحب الـ Stand Up Comedy وأحب القراءة، لطالما انجذبت إلى علم النفس المجتمعي والإدراك والتحليل والعلوم. على الرغم من أنني انجرفت بشكل شبه كلي نحو الفن، إلا أنني ما زلت أتابع بعض المواضيع الطبية والصيدلانية التي انعكست مرات عدة في أعمالي الفنية. ويبقى الفن أولى اهتماماتي وأحاول من خلاله توصيل رسالة مهمة تتعلق بالكتاب الذي نشرته قبل سنتين، إذ أعتقد أن لموضوع «الفنون المتفككة: الصفحة المفقودة من تاريخ الفن المتمرد» تتمة تحليلية لاستكمال ما بدأت به. - أساطير ورموز وحضارات مبنية على رؤى تحاكي الحاضر أو الواقع، هل هذا صحيح؟ للأساطير مكان كبير في حياتنا اليومية بالشكلين الواعي واللاواعي، وقد انعكست حتمًا في هذه الأعمال. هذه القصص شاركت في تكوين الحاضر. منها ما لا يضر أن وجد ومنها ما قد يشوّش على إدراكنا بشكل كبير. في هذه الأعمال، هناك انعكاس للواقع كما أراه أنا. تختلط علينا في أوقات كثيرة الخرافات بالحياة الواقعية حتى نصل إلى مكان يصعب فيه الفصل بين ما هو حقيقي وما هو أسطورة. في قراءة تحليلية للحوار معه نكتشف أن أعمال الفنان حسين حسين تشكل تجسيدًا عميقًا ومؤثرًا لروح الإنسان وتجربته المعقدة، وذلك من خلال أسلوبه المميز في الدمج بين التجريد والرمزية. حسين حسين ليس مجرد فنان يعبر عن أفكاره بوسائل تقليدية، بل هو رائد في توظيف تقنيات فنية مبتكرة تعكس تحولاته الفكرية وتجربته الشخصية الغنية. في هذا التحليل، سنستعرض أبرز السمات الفنية لأعماله ونتناول جوانبها الفنية والرمزية بموضوعية وعمق. إذ تستند أعمال حسين حسين إلى تجريد متعمد يعكس تنوع حالات الإنسان الداخلية. يميز أعماله الاستخدام المتقن للألوان، التي تتراوح بين الفوضى والتنسيق المدروس، مما يخلق تباينًا بصريًا يجذب الانتباه ويثير التفكير. الفوضى اللونية ليست عبثية، بل هي تجسيد للاضطراب الداخلي وتناقضات المشاعر التي يعاني منها الإنسان. هذه الألوان المبعثرة تتقاطع لتشكل صورًا غير واضحة، ولكنها في ذات الوقت تنجح في التعبير عن عدم الاستقرار والقلق الموجود في حياة الإنسان. في أعمال حسين حسين، يظهر استخدام الرمزية كوسيلة رئيسية لتوصيل الرسائل العميقة. الرموز التي يختارها قد تكون ذات طابع شخصي أو اجتماعي، وهي تمثل مفاتيح لفهم السياقات المعقدة التي يتناولها. على سبيل المثال، قد نجد في بعض اللوحات تجسيدًا للمعاناة الإنسانية من خلال عناصر تصويرية متناقضة مثل الوجوه المحطمة أو الأشكال المشوهة، التي تعبر عن الألم والصراع الداخلي. حسين حسين يستخدم تقنيات متعددة للتعبير عن الموضوعات التي يتناولها. التقنيات التي يتبعها ليست عشوائية، بل هي جزء من استراتيجيته الفنية لنقل مشاعر معينة أو حالات ذهنية. نرى في بعض أعماله كيف يتلاعب بالضوء والظل لخلق تأثيرات درامية، أو كيف يستخدم التكرار لزيادة الشعور بالقلق والإلحاح. التكوينات التي يختارها دائمًا تكون مدروسة بعناية، حيث يتم توزيع العناصر بطرق تؤكد على الديناميكية والتوتر في اللوحة. إن الإنسان هو محور أعمال حسين حسين، ونجاحه في تجسيد القضايا الإنسانية يرتكز على فهمه العميق لطبيعة الإنسان. في كثير من أعماله، يمكن للمتلقي أن يشعر بتجارب الفنان الشخصية والألم الذي يعبر عنه. هذه التجربة الشخصية، الممزوجة بإبداعه الفني، تجعل من لوحاته مرآة تعكس معاناة الفرد والمجتمع. تأثرت تجربة حسين حسين الأكاديمية والعملية بشكل كبير في تشكيل رؤيته الفنية. خلفيته في الصيدلة والفنون تجسد التداخل بين العقلانية والإبداع، مما يظهر بوضوح في أعماله التي تعكس صراعًا بين منطق العلم ومشاعر الفن. هذه التجربة تضيف بُعدًا إضافيًا لأعماله، مما يعزز من قدرتها على الإلهام وإثارة التفكير النقدي. بالمجمل، يمكن القول إن أعمال حسين حسين تقدم تجربة فنية فريدة تدمج بين التقنية والتعبير الإنساني، وتدعو المتلقي إلى التفكير في طبيعة المعاناة والأمل في حياة الإنسان. يواصل حسين حسين من خلال أعماله تقديم رؤية فنية تجسد التحديات الإنسانية بشكل مبتكر وعميق، مما يجعله فنانًا يستحق التأمل والتقدير في عالم الفن المعاصر. dohamol67@gmail.com Doha El Mol
×
Artist Hussein Hussein
Artist Hussein Hussein ولد الفنان حسين حسين عام 1970 في لبنان، وقضى طفولته في السنغال، وعاد عام 1983 إلى وطنه الأم. أكمل دراساته التقنية في الإلكترونيات، وحصل على درجة الماجستير في الصيدلة عام 1998 في أكاديمية سانت بطرسبرغ في روسيا، وهي مدينة ستشكّل شخصيته الثقافية المستقبلية. في بيروت التحق بالجامعة اللبنانية حيث حصل على شهادة الدبلوم في الفنون التشكيلية عام 2007. حصل على منحة للدراسة في باريس. لكنه أكمل في بيروت درجة الماجستير في عام 2012، ثم حصل على الدكتوراه في الفنون وعلوم الفن من الجامعة اللبنانية في الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية عام 2017. أقام 6 معارض فردية وحوالي 50 مشتركة. يدرّس الفن في الجامعة اللبنانية الدولية بالإضافة إلى الحدث في الجامعة اللبنانية - الفرع 1. ألّف كتاب «الفنون المتفككة، الصفحة المفقودة من تاريخ الفن المتمرد عُرضت أعمال حسين الفنية في 7 معارض فردية و55 معرضًا جماعيًا في لبنان وإسبانيا وفلسطين والقاهرة واليونان. ويمكن العثور على أعماله في مجموعة بنك عودة، وكذلك في جاليري زمان ودار زفتا. ومن خلال فنه، يدعونا حسين إلى التعمق في تعقيدات التجربة الإنسانية، ورؤية العالم من خلال عينيه، والتواصل مع المشاعر التي تلهم إبداعاته.
«
36
37
38
39
40
»