Movie
Series
Books
Paintings
Article
Anime
Interviews
Theater
Login
 
Contact Us
 
فيلم "مع أني أعرف أن النهر قد جف"
BY Director Omar Robert Hamilton
9.0
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
فيلم "مع أني أعرف أن النهر قد جف" (Though I Know the River is Dry) ضحى عبدالرؤوف المل – بيروت - لبنان يعتمد مخرج الفيلم القصير "عمر روبرت هاميلتون" على المؤثرات السمعية والبصرية المؤدية إلى إثارة الحواس والشغف في تتبع الحركة، لمعرفة ما هو المضمون بالكامل. فللبحر الذي بدأ به الحركة التصويرية عمقٌ، ولصوته دلالة على الصراع النفسي العاصف بالإنسان التائه بين وطنه المحترق بالحروب والاحتلال الذي يقيد الإنسان، ويجعله مكبلاً وهو بين أهله وعلى أرضه فلسطين الموجوعة مع أهلها، والخائفة من المجهول، والمحاربة من أجل المستقبل. فما بين الهجرة والبقاء، طفلٌ سيولد. فهل من سلامٍ يولد على غير أرض الوطن؟ دراما في فيلم قصير مؤثر عاطفياً، ومشاهد مترابطة مع الحركة المفتوحة على معاني الحيرة والندم، والوجع، والأسرة المتماسكة لابن أراد العودة إلى فلسطين بعد هجرة تتجدد بمختلف الأشكال الزمنية حيث الذكريات تلعب دورها، والعاطفة لها تأثيراتها، والسياسة تتسبب في نزوح الكثير من أبناء فلسطين إلى الخارج. ولكن السؤال: هل ينسى ابن فلسطين أرضه؟ لنحصل على الجواب في نهاية الفيلم من خلال استنتاجات بصرية عصفت بحواس المتلقي، وتركته يلمس الضغوطات النفسية التي يتعرض لها كل فرد في فلسطين، فالفلسطيني يتمسك بالعودة مهما طال الغياب أو الانتظار، ومهما زادت لغة القتل والدمار وسلب الحريات وحقوق الإنسان منذ بداية الاحتلال وحتى الآن. يبحث بطل الفيلم عن الأمان لابنه الذي ما زال جنيناً في بطن أمٍ خائفة على مستقبل من ينمو في أحشائها، وأم تنصح ابنها بالعودة بتكرارٍ لا يمل منه المشاهد ولا سمع المتلقي: "ارجع.. ارجع.." فصوت الأم يهدر كالبحر ما بين الحنان والغضب، لمسة حسية تجمع بين القوة والضعف في صوت فلسطينية تريد من ابنها العودة رغم كل الأخطار المحيطة بها، قائلة: "ارجع لبلدك". ما بين الهوية الفلسطينية وجواز السفر الأمريكي، خطواتٌ مقيدةٌ كموج يلفه الزبد، وحيرة تملأ القلب قهراً، رغم أن خلف الحدود ترتسم حريةٌ ما، ولكن في الحقيقة، ما من حرية يشعر بها الفلسطيني وهو يشعر أن أرضه مغتصبة. لأنه كلما ابتعد، زاد إحساسه بالانتماء لفلسطين. فهل يخاطب المخرج "عمر روبرت هاميلتون" في فيلمه القصير أبناء فلسطين لتحفيزهم على العودة؟ أم أن السفر خارج فلسطين لا يعني عدم العودة؟ فيلم ذو صبغة درامية وطنية يتبح للمشاهد العودة بالذكريات إلى حروب سنة 1948 دون الحاجة إلى مزيد من المشاهد. لأن الذاكرة الفلسطينية يكفي أن تمر أمامها مشاهد الحروب والاقتتال لتشعر بوجوب التحرير والبحث عن الحرية، وهذا ما حاول قوله بطل الفيلم "قيس ناشف" وهو يناشد الحرية مستخدماً الواقع في إبراز المفهوم العام للفيلم من وجع الأم والإصرار للعودة، وبنفس الوقت خوف الأم الشابة للخروج من فلسطين. ولكن للحنين أصالة لا يمكن نكرانها، وللكلمات وقع السيف، فالمعالجة الموضوعية لأشكال الفيلم الفنية ارتبطت ببعضها البعض، وضمن حبكة رؤيوية اكتملت فيها الأفكار والرموز التي تركها في كل مشهد لتؤدي دورها في استكمال الرؤية. حدث يستحق المعالجة الفنية ليقدم في فيلم قصير مدته لا تتخطى العشرين دقيقة، وضمن عاطفة تحمل عدة نقاشات. إذ لا بد لمن يخرج من فلسطين ويفتقد للحرية من الإحساس بالواجب تجاهها، كالإحساس تجاه الأم تماماً والعودة إلى أحضانها، وبمصداقية يشعر بها كل فلسطيني بشكل خاص. إذ تنقل الصورة إشاراتها الرمزية بمرونة دراماتيكية وظفها "عمر روبرت" في ملامح الحمل والمرحلة الجنينية، وفي القبر الشاهد على الموت بعد ممارسات الظلم والقهر والموت، ومن خلال نبات الصبير والولاعة ذات الذكرى الجميلة التي أهداها له الأخ المتأكد من استرجاع الولاعة من أخيه حين يعود. ليستفز به واجب العودة والتمسك بالأرض والأسرة وبالذات الفلسطينية التي نشأ على أصالتها، والجدار الفاصل والحواجز الحديدية وأصوات القصف وصور الدمار، والأهم من ذلك رواية "مواسم الهجرة إلى الشمال" الرواية التي احتفظ بها ليجد في داخلها صورة قديمة ترمز للعائلة وللوطن. حمل الصوت تناغمات مؤثرة حسياً وحواراتٍ عميقة المفهومة ما بين الصوت والصورة، والمعنى. فقد استطاع "باسل عباس" فتح العدسة على طبيعة خارجية باتساع نسبي. ليلاحظ من خلالها المشاهد ما أراده المخرج، ليخلق نسبية بين هذا وذاك، ويترك استنتاجاته التصويرية في الفيلم، وضمن المناظر الداخلية مع التعتيم الملازم والجزئي من خلال مشاهد تعذيب الأخ التي بقيت مستترة، واكتفى فقط برمزية الصورة المنسجمة مع المشهد اللحظي. "رجعتونا للبداية"، كلمات يقولها بطل الفيلم "قيس ناشف" ليمثل صراع الأجيال بين الحرية والعودة وتحرير الأرض حتى انتشار السلام الكامل. ليعم فلسطين وتحيا الأجيال القادمة دون خوف. فالفيلم معالجة درامية وأشبه بالتوثيق الرمزي بمراحل منه تاركاً للمشاهد صياغة الفيلم ذهنياً كما يشاء، وكأنه يترك الأسس الأولية للرؤية الفلسطينية في حق العودة لنسمع بصوت قيس ناشف: "بلدي"، والفكرة الأساسية بتسلسلها الجميل: كيف ضيعتك؟ من يا ترى فلسطين أم زوجته أم الأخ الذي افتقده؟ ليجسد حقيقة اجتماعية يسعى إليها الشباب عند سعيهم للهجرة حيث تباينت المعاني تبايناً تصويرياً من أجل شد أواصر الحبكة بكل مفرداتها الفنية من تصوير وصوت، وحركة درامية في المشاهد. لإضفاء طابع مشكلة الهجرة من فلسطين والحنين للعودة إليها، فالصور ذات الزوايا القريبة تنسجم انسجاماً جمالياً تبوح بتفاصيل وجه "قيس ناشف" أو الأم، بعكس ما هو بعيد عند صورة الأخ الجالس على الكرسي، وكان الممثل يحاكي الكاميرا بحميمية تصل بمصداقية للمشاهد. ليخاطب الجمهور بحبكة سينمائية تتسم بالمشاركة مع المتلقي حيث يفتح المخرج "عمر روبرت هاميلتون" للجمهور مشاركته في صياغة الحبكة التي ينتظرها حتى نهاية الفيلم. "هون الحرية"، لأن الحرية لا تكون إلا على الأرض التي نحن منها حيث الانتماء الأقوى للوطن، برغم كل القيود المفروضة من الإسرائيليين. فبعض الصور من الأرشيف تؤكد على انتهاكات حقوق الإنسان، ولو بلمحة بسيطة منها، الطفل الذي يصرخ أمام الجندي الإسرائيلي. فماهية الفيلم تتجلى في العناصر مجتمعة، وبالفكرة المؤمن بها المخرج "عمر روبرت هاميلتون" لإيصالها بقالب تحفيزي يتشارك به معه ليبني الرؤية السينمائية بعاطفة يميل معها المتفرج ويتأثر وطنياً. مما يحقق دور الفيلم في استنتاج يحظى بعقلانية تسمح بالتفكر بحق العودة. "مع أني أعرف أن النهر جف" هو أول فيلم مستقل وجماعي التمويل ينتج في العالم العربي بعد الانتفاضات فيه، لصانع الأفلام والمنتج والمصوّر المقيم في القاهرة "عمر روبرت هاميلتون". عُرض الفيلم للمرة الأولى في مهرجان روتِردام السينمائي الدولي عام 2014، وفاز بجائزة UIP، ورشح لجائزة أفضل فيلم قصير في مهرجان جوائز الفيلم الأوروبي، وفاز بجائزة أفضل فيلم قصير في مهرجان أبو ظبي السينمائي. وهو مشارك حالياً في مهرجان "عن قرب" للأفلام والوثائقيات: نظرة مقرّبة على قصص من العالم العربي الجديد، الذي سيمتد على مدار أربعة أيام فيها الكثير من العروض والمحاضرات والنقاشات وورشات العمل. سيقام المهرجان على مسرح BBC Radio Theatre في مبنى بي بي سي العريق (Broadcasting House) وسط لندن من 31 تشرين الأول / أكتوبر إلى 3 تشرين الثاني / نوفمبر 2014. برؤية أخرى فيلم "مع أني أعرف أن النهر قد جف" يعدّ تجسيدًا فنيًا ووطنيًا للمعاناة الفلسطينية. من خلال توظيف عناصر الدراما البصرية والصوتية، يقدم المخرج "عمر روبرت هاميلتون" تجربة فريدة تنقل الصراع الداخلي والخارجي للشعب الفلسطيني، مما يجعل الفيلم غنيًا بالمعاني الرمزية والعمق الإنساني. يعكس الفيلم واقع الاحتلال والمعاناة المتجذرة في الذاكرة الفلسطينية. يبدأ بتصوير البحر كرمز للحياة والأمل، لكنه يتحول مع الأحداث ليعبر عن الفقد والحنين. يُظهر الفيلم كيف يظل الفلسطينيون متمسكين بأرضهم وهويتهم، حتى في أصعب الظروف، مما يعكس الروح الوطنية المتأصلة في النفوس. تتكون القصة من مشاهد مترابطة تبرز التوتر بين الهجرة والبقاء. الشخصية الرئيسية، "قيس ناشف"، يمثل الجيل الجديد الذي يسعى للعودة، بينما تظهر والدته تمسكها بالماضي ورغبتها في حماية ابنها. الدراما تتصاعد من خلال حوارات تحمل عبء العواطف، وتمنح المشاهد فرصة للتفاعل مع صراعات الشخصيات. استخدم المخرج تقنيات تصويرية مبتكرة، مثل التعتيم الجزئي واللقطات القريبة، ليعكس المشاعر والتوتر. الألوان الداكنة تُعبر عن الكآبة والفقد، بينما تُستخدم الألوان الزاهية عند استحضار الذكريات السعيدة. الموسيقى التصويرية تُعزز من الأثر العاطفي، حيث تخلق أجواءً من الحزن والحنين. يتناول الفيلم قضايا الهجرة والهوية والحقوق. يُظهر كيف تؤثر الظروف السياسية على الحياة الشخصية للفلسطينيين، ويطرح تساؤلات عن الانتماء والعودة. العلاقة بين الأجيال تُبرز الخلافات والتحديات التي يواجهها الفلسطينيون في السعي لتحقيق أحلامهم. من منظور إخراجي، يتسم الفيلم بالتوازن بين العناصر السمعية والبصرية، حيث تساهم المؤثرات الصوتية في خلق أجواء درامية. تعكس القرارات الإخراجية قدرة المخرج على التواصل مع المشاهد، مما يجعل الرسالة تصل بشكل مؤثر. يعد فيلم "مع أني أعرف أن النهر قد جف" تجربة فنية عميقة، تجسد النضال الفلسطيني من خلال عدسة إنسانية، مما يجعله وثيقة حية للتاريخ والثقافة الفلسطينية. يجمع الفيلم بين الأبعاد الوطنية والاجتماعية، ليقدم نظرة شاملة على التحديات التي يواجهها الفلسطينيون، مع التأكيد على أهمية العودة والأمل في مستقبل أفضل. Doha El Mol dohamol67@gmail.com
×
Director Omar Robert Hamilton
Omar Robert Hamilton is an award-winning filmmaker and writer. Based in Cairo and New York, he has written for The Guardian, the London Review of Books, and Guernica. He is cofounder of both Mosireen, a Cairo media collective formed in 2011, and the Palestine Festival of Literature. ... Google Books Born: 1984 (age 40 years) Books: The City Always Wins Siblings: Ismail Richard Hamilton Parents: Ahdaf Soueif, Ian Hamilton
المعنى الحقيقي للفن التشكيلي والفوتوغرافي
BY Director Lewis Farinella
9.0
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
المعنى الحقيقي للفن التشكيلي والفوتوغرافي وحتى الفني بأكمله في فيلم "فن الحب". ضحى عبدالرؤوف المل في الفيلم القصير "The ART of LOVE" للمخرج لويس فارنيلا (Lewis Farinella)، ضحى عبد الرؤوف المل، بيروت - لبنان. تنوعت الأسباب، والفن واحد، وهو رؤية مترجمة بشتى الوسائل الفنية، حيث تنبع القدرات الإبداعية من الذات، لتُنَمّى وفق اتجاهات مختلفة قد نستغرب بعضها، وقد نرفض بعضها، وقد تجمعنا عين عدسة أو لمسة ريشة جمالية استطاعت التقاط الخطوط أو الألوان. وقد يجمعنا فيلم قصير اجتمعت فيه العناصر الفنية المتشابكة ببعضها لتنتج الصورة والحركة والموسيقى والإخراج وحبكة الفكرة الواضحة من الإخراج أو عدد المشاهد المتوافق مع الموتيفات أو العناصر المكملة لبعضها البعض. إلا أن الطبيعة هي المدرسة الأولى لكل الرؤى الفنية، حيث نتعلم منها قيمة الحركة والسكون، وقيمة الصمت البناء والمثمر، حيث ترتفع فيه قوة الملاحظة المرئية أو البصرية والسمعية إلى حدودها القصوى. لنقرأ الصورة بتؤدة حيث المعنى الحقيقي للفن التشكيلي والفوتوغرافي وحتى الفني بأكمله بشكل عام. المعنى الحقيقي للحياة هو الحب البنّاء المقترن بالإنسانية وقيمتها الجمالية المبنية على فهم الذات والآخر، واحترام المشاعر الإنسانية لنتخاطب ضمن فن حياتي هو الأساس لبناء المجتمعات أو الحضارات، وهو عنصر بداية الفنون برمتها، وهو المؤثر على النفس الخلاقة القادرة على الإبداع والابتكار، والوصول إلى مبتغاها بشتى الطرق الإيجابية، وتخطي سلبيات لحظات الانتظار بالتعبير الفني بشتى الوسائل. إن بالتصوير أو بالرسم والتمثيل أو الرقص المسرحي التعبيري، وما إلى ذلك من رؤى قادرة على تخطي الواقع والخيال والارتقاء بالنفس نحو الجمال. وهذا ما يطرحه الفيلم من خلال نظرة حب أو نظرة عين التقطت تفاصيل الطبيعة من حولها أو ما أثار بصيرتها، لرجل مرّ يحمل عدسته الضوئية، كما تحمل هي قلمها الرصاص ودفتر الرسم الذي تترك عليه رسوماتها كبصمة فنية تزدان بالجمال. هذا ما يترجمه فيلم "فن الحب" (The ART of LOVE) للمخرج لويس فارنيلا (Lewis Farinella) الذي استطاع نقل الفكرة وتحويلها إلى أحاسيس فنية تسري في الوجدان، وتمنحه المعاني الحياتية لشاب يبحث عن الحب في كل شيء يحيط به من طبيعة وناس وأشياء قد تكون لا معنى لها عند البعض. إلا أنها تحمل معايير فنية جذبت الحواس إليها، ولصبية تترجم كل ما تراه عبر الخطوط لتقول انطباعاتها بصمت فني يمنح العين جمالها والنفس إشراقاتها الخاصة. يعالج الفيلم قصة حب تبدأ من عين عدسة فوتوغرافية ووجدان فني يترجم أحاسيسه القلم على ورقة رسم في دفتر يختزن لحظات جمالية أدركتها البصيرة الفنية لفنانة أعجبت بمصور فوتوغرافي. إلا أن الفن يكمن في المشهد الذي تجد فيه دفترها حيث الأسلوب الفني المثير في معرفة ما تركه لها بين الأوراق. ليظهر لها وهي ترسم تباعًا، فالإيحاءات الفنية كثيرة في فيلم قصير لا يتخطى الدقائق، ولكنه عميق المعنى ومتقن في الأداء، ويشير إلى جمالية الفنون في الحياة بكل أنواعها. وهي إن اجتمعت فوتوغرافيا وفنيًا في فيلم قصير بعنوان "فن الحب"، حيث يستطيع بداية إبراز اللون الأصفر مع الحفاظ على صوت السوائل وصوت حبيبات الطعام التي تنقر في الصحن. لينتقل المشهد نحو رؤية الحياة اليومية لمصور فوتوغرافي يهوى حمل عدسته ليلتقط ما يثيره بصريًا بلحظة تتجسد في صورة تستطيع التعبير عن الحب والحياة والطبيعة والجمال. لم يستطع التقاط صورة لحبيبين متشابكي الأصابع، وهذا يعني أنه ما زال من الهواة ولم يصل إلى الاحتراف. إلا أنه استطاع التقاط الحلم الذي يجمعه مع فتاة أحلامه من خلال رسومات ضوئية ورسومات من قلم رصاص ومن كلمات هي أشبه بقصيدة حب انكشفت بفن جمالي وحسي رسم البسمة على شفاه الممثلين وعلى شفاه المشاهد، لتترتبط الحوارات الصامتة مع المشاهد بدينامية قراءة الحركة والتعبير والفن التصويري في فيلم "فن الحب" أو "The ART of LOVE" المداعب حسيا لتخيلات ذهنية تنسحب من المشاهد وتستقر في المفهوم الفني للحياة التي تعتمد على ديالكتيكية الحركة والحياة والانجذاب نحو الآخر تلقائيًا، حيث تبحث النفس عن الجمال من حولها، وحين تكتشفه عليها ممارسة فنونها. لتكتمل بما يتناسب مع الموضوع أو الفكرة أو حتى الانطلاقة نحو الهدف بثبات، فهو حين تركت دفترها على المقعد في الحديقة، ولم تظهر لأيام، استمر بالبحث عنها. وحين وجدها، ترك لها الدفتر دون أن يظهر، ليراقب ردات فعلها وانعكاس ما تركه لها على دفترها. وهنا استطاع المخرج خلق دهشة غير متوقعة عند المشاهد. إذ اعتمد المصور الفوتوغرافي مخاطبتها بأسلوبها الفني التشكيلي، أي من خلال الرسم اليومي الذي تمارسه، وهي جالسة على مقعد في حديقة تضج بالحياة والجمال. حيث نلاحظ تتابعًا مرنًا في المشاهد التي ترتبط بالفكرة المرئية ذات التبسيط البصري، المعتمد على التتابع الحركي مع الاختزال الزمني دون التأثر بالزمن المحدد، حيث يبدو المفهوم الحركي للفيلم القصير قد أدى دوره السينمائي كلغة قصصية تجمع الفنون البصرية في فن واحد هو مرئي حركي إيحائي صامت. إلا أنه استطاع منح المشاهد بسمة ارتسمت لا إراديا في نهاية الفيلم، حيث استطاع مخاطبة حبيبته بأسلوبها الرومانسي، وبخاصية أسلوبية نابعة من الترابط السينمائي للفيلم القصير وأساسه الجمالية المحاكية للجمال والحب. "فن الحب" هو فن الفوتوغراف والعين التي تلتقط بميزتها العدسية الخاصة كل ما من شأنه أن يغني المعنى الحقيقي للحياة، وفن الرسم حيث تنطبع الصور في الحس الفني، لتخرج على الورق بشتى الوسائل التي تعالج مواضيع مختلفة، وفن السينما والسيناريو وكل ما من شأنه أن يترابط مع بعضه البعض. لنرى الجمال بعين الحب والفن واللغة المشتركة القائمة على الحس والإدراك والوجدان. فيلم يعالج نظرة الفن من مبدأ الجمال أو البحث عن الذات من خلال ما يثير الحواس ويجعلها ضمن جمالية تعصف بالوجدان دون إيجاد الأجوبة على ذلك. لأن اللغة السينمائية في فيلم "فن الحب" القصير بمدته ومشاهده اعتمدت على الصمت التعبيري والإيحاء الأدائي البارز في كل تفاصيل الفيلم فنيًا. برؤية أخرى فيلم "فن الحب" (The ART of LOVE) يقدم لنا تجربة فنية شاملة تدور حول مفهوم الحب من خلال الفن، سواء كان تصويريًا أو تشكيليًا. العنوان يعكس هذا التداخل بين الفنون والحب، مما يُعد مدخلاً مثيرًا لاستكشاف الروابط بين الجمال والعواطف الإنسانية. كما أن المخرج لويس فارنيلا يُظهر مهارة عالية في توظيف العناصر البصرية لخدمة الفكرة الرئيسية. تعتمد أساليبه الإخراجية على الاستخدام المبتكر للعدسات والزوايا، مما يخلق إحساسًا بالحميمية والتواصل. تتداخل مشاهد الطبيعة مع اللقطات القريبة للوجوه، مما يعزز من شعور المشاهد بالتعاطف مع الشخصيات. يتبع الفيلم هيكلًا دراميًا محكمًا، حيث تبدأ القصة بنظرة حب من طرفين مختلفين. يُبرز الفيلم الأبعاد النفسية لكل شخصية، ويُظهر كيف تؤثر البيئة المحيطة على مشاعرهم. التحولات بين اللحظات السعيدة والحزينة تُعزز من الانجذاب الدرامي، مما يجعل المشاهد يعيش تجارب الشخصيات بشكل عميق. الجانب الجمالي للفيلم يتجلى في استخدام الألوان والإضاءة. الألوان الدافئة تعكس مشاعر الحب، بينما الألوان الباردة تُعبر عن لحظات الحزن والفراق. الإضاءة المستخدمة بعناية تضيف عمقًا للشخصيات، مما يُسهل التعرف على مشاعرهم الحقيقية. تصوير المشاهد يتم بحرفية عالية، حيث تُستخدم زوايا متعددة لإبراز تفاصيل دقيقة تعكس الأحاسيس. العدسات تُوظف لالتقاط اللحظات العابرة، مما يساهم في خلق إحساس باللحظة الزمنية. تحريك الكاميرا يُضفي ديناميكية على المشاهد، مما يعكس تفاعل الشخصيات مع محيطهم. الفيلم يحمل إيحاءات رمزية تتعلق بالبحث عن الذات من خلال الحب والفن. ترك دفتر الرسم كرمز للتواصل الفني يبرز كيف يمكن للفن أن يُعبر عن مشاعر يصعب التعبير عنها بالكلمات. هذا التركيز على الرموز يعكس عمق الفكرة ويضيف بُعدًا إضافيًا للتجربة الفنية. "فن الحب" هو عمل فني يجمع بين البصرية والمشاعر، مما يجعله تجربة فريدة من نوعها. المخرج لويس فارنيلا استطاع من خلال مهارته في الإخراج والتصوير أن يقدم لنا رؤية شاملة عن الحب والفن، مما يجعلنا نتأمل في العلاقات الإنسانية وتأثير الفن في التعبير عنها. تجربة الفيلم تظل عالقة في الذهن، حيث يشعر المشاهد بالتوق لشيء أكثر عمقًا، وهذا هو جوهر الفن الحقيقي. Doha El Mol dohamol67@gmail.com
×
Director Lewis Farinella
Lewis Farinella. Director: The Unseen. Lewis Farinella is known for The Unseen (2010), The Art of Love (2013) and Alastor (2017).
وتيرة تصاعدية في إخراج سينمائي
BY Director Alessandro Riconda
9.0
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
وتيرة تصاعدية في إخراج سينمائي هادف موضوعيًا وشكليًا الفيلم القصير "Shame and Glasses" للمخرج أليساندرو ريكوندا ضحى عبد الرؤوف المل - بيروت - لبنان بدأت توليفات القصة التي كتبها المؤلف والمخرج "أليساندرو ريكوندا" في فيلمه الكوميدي القصير الذي شارك في مهرجانات متعددة، "عار النظارات" أو "Shame and Glasses"، عندما لمسنا الخوف عند الطفل من الظواهر التي يمكن أن تثير السخرية عند الآخرين. بقالب كوميدي انحصر في الدقائق السبع، وكأن القصة القصيرة هي ومضة لفيلم قصير أخرجه "أليساندرو ريكوندا" بفنية بسيطة وبديناميكية اختزالية تغني عن ألف مشهد متكرر ضمن كلاسيكية حذفها أليساندرو. ليحافظ على وتيرة تصاعدية في إخراج سينمائي هادف موضوعيًا وشكليًا. تخدم الصورة الحركية الموضوع دون اللجوء إلى الكلام أو فتح حوارات شفهية استغني عنها بالحركة والأداء التمثيلي الذي قام بتجسيده الصامت كل من ميركو تالون (Mirko Talon)، جنيفر كوربلاتي (Jennifer Corbelletti)، ولالينا لا كوستا (Alina La Costa). لغة سينمائية طرحت مشكلة طفل يعاني من قصر في النظر ويخفي نظاراته عن صديقته خوفًا من أن تكتشف هذا العيب فيه. لكنه يقع في مأزق عند الامتحانات عندما يفشل في قراءة ورقة المسابقة التي يمتحن بها. فقد اقتصر المفهوم على التعبيرات الإيمائية التي كان يحاول من خلالها قراءة الأسئلة قبل أن ينتهي الوقت المحدد لذلك. لكنه لا يستطيع، برغم كل المحاولات التي باءت بالفشل. فكلما حاول وضع النظارات ليقرأ بها، يرى صديقته تنظر إليه، وهي تحاول مساعدته، وهو يسمع ضحكاتها. ولكنها أيضًا تخفي مشكلة ما لم يفهم ما هي. الحوار السينمائي في الفيلم القصير اعتمد على التمثيل الأدائي أو التعبيري الصامت لكلا الطفلين مع إبراز واقع الصف، والصرامة التي فرضتها المعلمة المراقبة لأجواء الامتحانات. فمستوى القصة يتيح التفاعل معها بصريًا، لأنها بمتناول المشاكل الحياتية عند الأطفال التي تحدث غالبًا في الصفوف التعليمية عند استعمال النظارات لأول مرة، وهو خوف لا مبرر له، لأن كل منا لديه مشكلة ما، وهذا لا يعيب شكل الوجه. وقد اعتمد المخرج أليساندرو على هذا الحدث لإبراز الواقع المعاش عند بعض الأطفال عند بداية إعجابهم بالفتيات والمواقف التي يتعرضون لها. لتشكيل عناصر الفيلم بدينامية وحيوية تثير الانتباه وتجذب المتفرج حتى النهاية، وهو يحاول فهم ما الذي يريده هذا الطفل. استطاع المخرج "أليساندرو ريكوندا" بث المتعة والإبهار في نقطة المشهد عند النهاية عندما يكتشف الطفل أن صديقته هي أيضًا مصابة بقصر نظر عن بعد، وبعكس مشكلته، فهو مصاب بقصر نظر عن قرب. ويكتشف ذلك عندما ترمي له ورقة ليقرأها في الصف. فيخرج محاولًا معرفة ماذا تريد. يلتقي بها، لكنها لا تراه جيدًا عن بعد، فتضع نظاراتها لتراه من بعيد، ليخبط كفه على رأسه ندمًا. لو أنه وضع النظارات لاستطاع الإجابة على أسئلة الامتحانات، لأنه انتهى الوقت ولم يكتب شيئًا. وفي هذا عنصر فجائي أدهش المشاهد الذي ختم المشهد بضحكة لامست الشكل والمضمون الذي حاكى به المخرج الفيلم والمشاهد على سواء، وبمدة قصيرة كانت كافية لمشاهد تؤدي دورها في التناغم والتعبير والإبهار الحركي الصامت الذي استطاع تأديته الطفل والطفلة بتوازن اعتمد على مصداقية ملامح الوجه، والقدرة على رسم المعاني بصمت تمثيلي أتقنه الطفل، حيث استطاع نقل القصة بفن تعبيري صامت وتجسيد عفوي محبب لدى المشاهد. تفاعل ازدواجي بين السينغرافيا والميزانسين خلق حيوية بصرية لالتقاط حركة الصورة، وأبعادها ما بين قريب وبعيد، وتضييق واتساع، وبما يتناسب مع الموضوع وقدرة الحفاظ على بنية المشهد وتشكلاته أمام المشاهد الذي تتجاذبه الفكرة التي يقرأها بصمت "ميركو" و"جنيفر" وحركتهما المحيرة. لأن كل واحد منهما يقلقه الآخر بتصرفاته الغامضة، لاستنطاق التفاصيل بصريًا، وبآلية سينمائية ذات إخراج يتميز بدينامية تنحصر بالمعلمة والطفلين، والعلاقة السمعية بين الموسيقى والصورة والتنسيق الإخراجي الذي يجمع المفردات في صياغة مشهد أخير يرسم ضحكة غير متوقعة تفاجئ المشاهد، وتضعه أمام براءة الطفل وتفكيره المثير للضحك أحيانًا. لغة إخراجية تتناسب مع الفئات العمرية بمختلف مراحلها، وهي بصمة خاصة بـ "أليساندرو ريكوندا". فالمتطلبات الفنية في الفيلم لم تتسم بالتعقيد، إنما استطاع تحقيق المضمون بمدة زمنية قصيرة، وبمضامين مشهدية سردية نجح في إيصالها بوسائل جمالية من موسيقى تصويرية وضوء، ومعايير مختلفة لم يكتشف من خلالها المشاهد خطة المؤلف والمخرج في رسم النهاية التي تميزت بالإبهار. إذ تميزت تقنياته في إخراج الفيلم الصامت بميكانيكية حركية أخرج من خلالها مخزون الأطفال الداخلي من مشاعر وأحاسيس، وحركة انفرد بها كل منهما بأسلوب تمثيلي متميز اتسم بالبساطة، وبالإبداع الفني لوقت قصير، ولمعاني مشحونة بالانفعالات التي تختصر لغة الكلام وبمؤثرات سينمائية خاصة ساعدت على توضيح المعنى ومنحه جمالية خاصة. أثبت المخرج "أليساندرو ريكوندا" في فيلمه القصير أن خامة الفيلم تنضج مع وتيرته التصاعدية، كلما استطاع تأسيس مشهد يستقر في الذاكرة أو صوت موسيقى يختصر ألف كلمة أو ضحكة طفلة ساخرة، أو حركة كاميرا تتعادل فيها الموازين الضوئية تبعًا لزوايا المشهد، أو نمطية عين الكاميرا العاكسة لحركة مدروسة ضمن الكادر. فواقعية القصة تجعلها ذات خصوصية تربوية ترتبط بالتلميذ، وبمخاوفه غير المبررة أولًا، أو نقص ثقة بالذات. وهذا ما لمسناه من التكوين المرئي للنص، وكأنه يرى بعين المؤلف وعين المخرج كل ما من شأنه أن يرتقي بالفيلم إلى المحاكاة المتكاملة من موسيقى بدأت بحركة الساعة وصوت دقاتها، وحركة الأوراق بين أيدي التلاميذ، ومشهد يؤدي الحيرة المطلوبة لجذب المشاهد، وأداء موضوعي يعالج الخجل من النظارات مع مراعاة النظم السينمائية للفيلم المدعومة بمواصفات بنائية تتخذ من المشهد الحسي نقطة انطلاق لها، فالوضوح والدقة في واقعية الموضوع تعكس عصفًا ذهنيًا نلتقط من خلاله الأفكار التربوية في معالجة سينمائية هي جزء من سينما الأطفال البناءة التي تثير الوعي عند الطفل والأهل معًا. برؤية أخرى الفيلم القصير "Shame and Glasses" للمخرج أليساندرو ريكوندا يمثل تجربة فنية فريدة، يجسد فيها تجارب الطفولة ومشاعر الخجل من خلال إطار كوميدي درامي، مما يجعله عملًا يستحق التقدير والتحليل. يتناول الفيلم موضوعًا شائعًا في حياة الأطفال: الخجل من ارتداء النظارات. يُظهر كيف يمكن لمشاعر القلق والخوف من نظرة الآخرين أن تؤثر على تصرفات الطفل وتفاعلاته مع محيطه. القصة تركز على تجربة طفل يعاني من قصر نظر ويخفي نظاراته عن صديقته، مما يخلق حالة درامية متوترة تتصاعد مع تقدم الأحداث. استخدم ريكوندا تقنيات إخراجية مبتكرة، حيث اعتمد بشكل رئيسي على التعبير الجسدي بدلًا من الحوار. الحركة والأداء التمثيلي يعكسان مشاعر الشخصية، مما يعزز من عمق التجربة البصرية. استخدام المساحات في المشهد وترتيب الشخصيات داخل الإطار ساهم أيضًا في إبراز التوتر بين الطفل وصديقته. الجمالية في الفيلم تظهر من خلال التصوير السينمائي، حيث كانت الكاميرا متحركة ومرنة، تتبع الشخصيات في لحظات الانفعال. الضوء والظل لعبا دورًا هامًا في خلق جو من الخجل والقلق، مما ساهم في بناء حالة نفسية قوية تعكس الصراع الداخلي للطفل. التعبير في الفيلم يتمحور حول استخدام الإيماءات والتعابير الوجهية. الأداء الصامت للممثلين، خاصة الأطفال، كان قويًا وجذابًا، مما سمح للمشاهدين بالتفاعل مع مشاعرهم بشكل عميق. اللمسات الطفولية البسيطة، مثل الضحك والخجل، كانت معبرة بحد ذاتها. في النهاية، يجسد "Shame and Glasses" تجربة إنسانية مؤثرة حول خجل الطفولة ومشاعر القبول. من خلال إخراجه المبتكر وفنيته الجمالية، ينجح الفيلم في توصيل رسالة عميقة تتعلق بقبول الذات ومواجهة المخاوف. إنه عمل يجمع بين الفن والتعبير الإنساني بأسلوب مميز، ويترك أثرًا قويًا في نفس المتلقي. Doha El Mol dohamol67@gmail.com
×
Director Alessandro Riconda
Alessandro Riconda is known for Shame and Glasses (2013), Disobedience (2017) and Secret Invasion (2023).
رجل الورق ورحلة البحث عن المرأة
BY Animator John Kahrs
9.0
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
رجل الورق ورحلة البحث عن المرأة في فيلم التحريك الثلاثي الأبعاد (Animation) Paperman ضحى عبد الرؤوف المل – بيروت – لبنان يوظف مخرج فيلم "رجل الورق" (جون كاهرز) John Kahrs لغة الصورة المرئية النابعة من أهميتها في تجسيد القصة التي كتبها كليو تشانج (Clio Chiang) بتراتبية إخراجية هادئة تعتمد على قوة الملاحظة وجمالية القصة التعبيرية القادرة على الوصول إلى ذهنية المشاهد البصرية بكل تفاصيلها المدروسة فنياً. لتفتح أبواب الحقيقة والخيال ضمن مدة زمنية لا تتعدى الست دقائق والثلاثين ثانية. تبدأ الأصوات الحسية قبل الموسيقى، من صوت مرور القطار وصوت العاصفة التي تدفع بالأوراق، لتبدأ الحركة السريعة بصمت يثير الانتباه للصورة والمعاني التي يترجمها الفعل الحركي للقصة، حيث تطير ورقة من رجل محاسب في مدينة نيويورك، وتلتصق بوجه امرأة تقف بجانبه، ليلاحظ كل منهما أن الشفاه انطبعت على الورق قبل أن تصعد هي في القطار وتذهب، تاركة الرجل بدهشة من لحظة لم ينتظرها جمعته بها. موسيقى تصويرية تلاعب بها كريستوف بك (Christophe Beck) بمهارة تضعنا وجهًا لوجه مع فن الإصغاء والانتباه، فما بين النغمات وفواصلها هدوء ترتفع من بعده النغمات أو تنخفض تبعًا للمشهد وأحداثه، من حيث السعي وراء ورقة هي الجزء المهم في الفيلم الأبيض والأسود، والثلاثي الأبعاد. إلا من آثار شفاه حمراء، وهي اللون الوحيد المغاير في مشاهد الفيلم القصير "رجل الورق" أو المحاسب. فهل لجمال المرأة كل هذا الأثر ليعاني ما يعانيه في رحلة بحثه عنها؟ ابتعدت بالقطار قبل أن يتعرف عليها، لكنها نظرت إليه من وراء نافذة بلمحة توحي بما جعله يحتفظ بالورقة ذات الشفاه الحمراء. ليتفاجأ بها فيما بعد في المبنى المقابل، يحاول التلويح لها بيديه لكنه يفشل بعد أن يغلق المدير النافذة بغضب شديد، فيبدأ بطي الورقات التي وضعها أمامه مدير المكتب، ليبدأ العمل عليها كمحاسب في شركة، ولكن صنع منها طائرات ورقية وبدأ يرسلها لها واحدة تلو الأخرى، ليثير انتباهها فتراه، إلا أن ذلك لا يجدي نفعًا، حيث اضطر بعد ذلك إلى استعمال الورقة التي تركت عليها آثار شفاه حمراء، فيبدأ بطي الورقة الأخيرة وصنع منها طائرة أخيرة طارت وحلقت، ولكنها لم تدخل من النافذة التي يرى منها المرأة وتقع على الأرض، فيخرج مندفعًا ليلتقط الورقة، وربما يجدها بعد أن هبت العاصفة وخرجت المرأة دون أن يستطيع اللحاق بها مرة أخرى. إلا أنه يظفر برؤيتها بعد أن تدفعه الطائرات الورقية التي صنعها نحوها، والتي وجدها متكومة في زقاق حي مر منه، فالمواقف التخيلية في الفيلم تجعل من المرأة والرجل رهينة لحظة قد تجمعهما إلى الأبد أو تفرقهما إلى الأبد، وفي هذا واقعية تصويرية وخيال سينمائي مبني على الفكرة وديناميكيتها من حيث التعبير المرئي والصامت الذي يعتمد على حركة الصورة والموسيقى، ضمن مدة كافية يستطيع من خلالها المشاهد فهم المعنى للقصة، وهذه براعة المخرج في الفيلم القصير، وقدرته على الإمساك بحبكة القصة والوصول بها نحو النهاية بجمالية سينمائية تلعب فيها العناصر الإخراجية دورها من حيث المؤثرات الصوتية والضوئية، وعدد المشاهد والبناء المضموني للصور المرئية ومعانيها الفنية، فالفيلم اعتمد على الأبيض والأسود، ليترك علامة الشفاه بالأحمر مثيرًا بذلك الحس البصري الجاذب للمشاهد. سرد سينمائي يعتمد على بناء الفكرة ضمن مؤثرات الرسوم المختلفة، والمتصلة ببعضها ضمن رؤية المخرج للواقع المجرد حيث يصعب التقاط أداء الممثل كما يحصل في الأفلام العادية، فهو يعتمد على ثراء الخيال والصورة المرسومة بفنية دقيقة جدًا مع معادلة دقيقة في السرعة التي تحتاج لمجهود حي لينقل الأحاسيس من داخل الصورة إلى المشاهد، وبشكل جاذب. وهذا ما استطاع من خلاله المخرج "جون كاهرز" نقل المضمون القصصي ببراعة إخراجية، وضمن مدة محددة، ليوحي بواقعية تمثيلية مرسومة على ورق وبإيحاء خيالي لكل ما هو مضحك أو ناتج عن المواقف غير المتوقعة، وضمن فكرة اللقاء القدري بين المرأة والرجل، وما ينتج عنها من مفارقات قد لا نراها ونحن في خضم العمل الذي يسرق من ثواني حياتنا دون أن نشعر. وبهذا يكون الفيلم قد منح رسالة إنسانية تتعلق بجمالية الحياة التي تعتمد على الرجل والمرأة في خلق المواقف التي تدفع بنا نحو مسارات لم نتوقعها، فنسايرها لأننا نحتاج هذه العاطفة النابعة من التكوين واحتياج كل من المرأة والرجل لبناء أسرة تكتمل بها الحياة. دمج "جون كاهرز" بأسلوب فني بين التحريك كسرعة عدد الصور والرسوم ضمن برامج الكمبيوتر الخاصة مع الطريقة التقليدية للرسم باليد، وقد نال الفيلم جوائز عديدة بعد أن تم ترشيحه لجائزة الأوسكار، فقد استطاع تكنولوجيا خلق نقلة نوعية في أفلام التحريك، بالإضافة إلى أن الفيلم استطاع جذب المشاهد بكافة عناصره الفنية من قصة ذات حبكة جيدة ورؤية إخراجية واسعة الخيال، ومن موسيقى وما إلى ذلك من وسائل اعتمد عليها لنجاح فيلمه الذي أنتجته شركة والت ديزني "رجل الورق" (Paperman). يرؤية أخرى فيلم "رجل الورق" هو عمل فني متميز يمزج بين أساليب التحريك التقليدي والرقمي. يبرز المخرج جون كاهرز قدرة استثنائية على استخدام عناصر الحركة والصورة لتعزيز الرسالة العاطفية. تتمثل إحدى نقاط القوة الرئيسية في الفيلم في استخدامه للصور البصرية لخلق عمق سردي، مما يجعل المشاهد يشعر بارتباط عاطفي قوي بالشخصيات. تدور القصة حول لقاء عابر بين رجل وامرأة، وتتناول مواضيع الحب، والفقدان، والأمل. تساهم التعابير الوجهية والحركة الجسدية في نقل مشاعر الشخصيات بطريقة صامتة ولكن مؤثرة. يعتمد البناء الدرامي على لحظات الهدوء والصمت، مما يتيح للمشاهد فرصة للتفكر في المشاعر العميقة التي يتعرض لها الشخصيات. استخدم كاهرز تقنيات بصرية مبتكرة مثل الألوان المتضاربة، حيث يتم تقديم الفيلم بالأبيض والأسود مع لمسات حمراء، مما يبرز أهمية الحب والحنين. تلعب الشفاه الحمراء دورًا مركزيًا في السرد، حيث تصبح رمزًا للعاطفة والتواصل المفقود. هذا الاستخدام للغة البصرية يجعل الفيلم يبرز في عالم التحريك. تلعب الموسيقى التصويرية، التي أعدها كريستوف بك، دورًا محوريًا في تعزيز الأجواء الدرامية. تساهم النغمات المتغيرة في خلق تباين بين لحظات الحزن والفرح، مما يزيد من تأثير اللحظات الرئيسية في القصة. تتكامل المؤثرات الصوتية مع الحركة البصرية لتعميق التجربة المشاهد، مما يجعل كل حركة وكل نغمة تحمل دلالة خاصة. يعتمد الفيلم بشكل كبير على التعبير الحركي، حيث تتحرك الشخصيات بطريقة تنقل مشاعرها وأفكارها دون الحاجة للكلمات. تظهر الحركات البسيطة، مثل الطيران بالأوراق، كرمز للأمل والسعي، بينما تعكس التعبيرات الوجهية مشاعر القلق والحنين. الجمالية التعبيرية في "رجل الورق" تعكس روحانية الحب والارتباط الإنساني. يتم استخدام الفضاء بشكل ذكي لتعزيز الشعور بالوحدة والفراغ، مما يزيد من تأثير اللحظات الدرامية. الفيلم يقدم نظرة عميقة إلى الأبعاد النفسية للشخصيات، ويبرز كيف يمكن للحظات العابرة أن تترك أثرًا دائمًا. في المجمل، يمثل فيلم "رجل الورق" تجربة فنية متكاملة تمزج بين الإبداع البصري والدرامي. يتمتع العمل بإخراج رائع يجمع بين الجوانب الفنية والحركية بشكل يجعله تجربة فريدة من نوعها. إن بساطة القصة تعزز من عمق الرسالة الإنسانية، مما يجعله أحد الأفلام الرائدة في عالم التحريك المعاصر. Doha El Mol dohamol67@gmail.com
×
Animator John Kahrs
جون كاهرس (من مواليد 18 سبتمبر 1967) هو ممثل ورسام رسوم متحركة ومخرج أفلام أمريكي. التحق كاهرس بجامعة ناشفيل، وتخرج بدرجة البكالوريوس في الفنون الجميلة عام 1990.[1] بدأ حياته المهنية في استوديوهات بلو سكاي في نيويورك، حيث عمل كرسام رسوم متحركة بين عامي 1990 و1997.[2] انتقل لاحقًا إلى بيكسار، حيث عمل في أفلام مثل حياة حشرة، والأبطال الخارقون، وراتاتوي. بعد عشر سنوات في بيكسار،[2] انتقل إلى ديزني، حيث عمل في الرسوم المتحركة في بولت ورالف المدمر وفروزن، وكان مشرفًا على الرسوم المتحركة في تانجلد.[3] في عام 2013، فاز بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم رسوم متحركة قصير عن فيلمه القصير عام 2012، بابرمان.[4] في أغسطس 2013، غادر استوديوهات والت ديزني للرسوم المتحركة لتطوير مشاريعه الخاصة.[5] في يناير 2014، ورد أنه سيخرج لشركة باراماونت للرسوم المتحركة فيلم رسوم متحركة بعنوان Shedd.[6] في عام 2020، شارك في إخراج فيلم Over the Moon مع جلين كين، والذي تم إصداره على نتفليكس في نفس العام.[7] تم ترشيح الفيلم لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم رسوم متحركة
«
10
11
12
13
14
»