Movie
Series
Books
Paintings
Article
Anime
Interviews
Theater
Login
 
Contact Us
 
القبلة السينمائية: استدراك أم اكتشاف؟
BY المخرج أحمد عامر
9.0
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
القبلة السينمائية: استدراك أم اكتشاف؟ قراءة في الفيلم المصري «بلاش تبوسني» للمخرج أحمد عامر ضحى عبدالرؤوف المل بيروت – «القدس العربي»: ترتبط القبلة في الأفلام القديمة بترجمة النمو الفعلي لأحاسيس موضوع الفيلم القائم على الحب والعذاب والمعاناة للعاطفة الجياشة نحو الآخر. وإضافةً إلى متانة الفكرة والحدث والفعل الدرامي أو الكوميدي والشعور الحسي فيه، القوي والمتين والمترابط مع المادة السينمائية ذات القواسم المشتركة مع الرومانسية، وتقنيات السرد السينمائي التي اختلفت في القرن الواحد والعشرين، ولا يمكن إجراء مقارنات بين مادتين سينمائيتين مختلفتين زمنياً بهذا الأسلوب بعيداً عن الحشو المفسد للموضوعين برمتهما. فالتقارب بين الأفلام القديمة والأفلام الحديثة ينازع بعضه البعض، لأننا نفتقد للنص الدرامي المحبوك الذي يقلب مقاييس الزمن غير المتشابه بالأجيال التي فتكت بها تشويهات العصر الحديث من حيث فقدانه للرومانسية، فاختلطت عليها مسألة المقارنة بين أفلام أيام زمان وأفلام اليوم، وضمن نقطة واحدة هي القبلة وأهميتها في الفيلم، وأسلوب تنفيذها وتعقيداتها الحالية في الأفلام المعاصرة، وهذا ما أثار فضولي في اكتشاف ماهية فيلم «بلاش تبوسني» للمخرج والمؤلف أحمد عامر. لأشعر أن الفيلم لا يمكن مقارنته نهائياً بأفلام الأبيض والأسود والقبلة التي تكلل الموضوع فيها وأسلوب المخرج في التقاطها ومنحها الغنى الرمزي المتمم لها، ولا يمكن مقارنة القبلة والاستهتار بها بهذا الأسلوب السينمائي الهزيل الذي لم يرصد ولم يشيع الفكرة بالبحث الناضج الذي يسلط الضوء على أهميتها قديماً في الأفلام وأسباب تغيراتها اليوم. إنما انتقد الفنانات المحجبات بأسلوب غير منطقي. إذ تترجم القبلة في الأفلام القديمة المدخل أو النهاية لما كان ينتجه النص من حبكة درامية أو فكاهية، وبالتالي تتمم القبلة المشهد المتسامي، ويستكملها المخرج بالرموز المشهدية المناسبة. الاحترام والتقدير لفنانات من الماضي محمّل باحترام الفنانين الرجال لهم، وهذا كان يساعدهم في خلق التآلف بينهم أثناء التصوير للمصداقية القوية التي كانت تجمعهم، كالفنان فريد الأطرش والفنانة شادية، وأيضاً مع سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة. إذ لم تكن المنافسة الفنية تصل إلى الصراعات القوية والبغض والحسد، وإن وجدت تنحصر وتتلاشى تلقائياً عند قوة الإحساس بالنص الذي يعيشه الممثل قبل التصوير وينمو معه أثناء التصوير. وما زلنا حتى اليوم نلمس قيمة هذه المحبة بين الفنانين القدامى مثل ميرفت أمين وعادل إمام والفنانة يسرى وعادل إمام وحتى الفنانة القديرة سهير رمزي وسهير البابلي والفنان حسن يوسف وحسين فهمي. فماذا لو رصدنا أفلام إسماعيل يس أو الفنان القدير فريد الأطرش؟ من المؤكد الزمن اختلف خاصة بعد ظهور شبكات التواصل الاجتماعي. ولم أفهم معنى القبلة في فيلم «بلاش تبوسني» بقدر ما تاهت رؤية النص والإخراج في أكثر من اتجاه، وكأن الفكرة المركبة هي للضحك فقط وقد نجح بذلك. لكن هل يهدف الفيلم لإثارة الضحك فقط وللمبالغة في المشاهد التي تنتقد بعضها البعض؟ أن يخرج المشاهد من الفيلم بنتيجة صفر هذا مؤسف خاصة وأن الفيلم شبابي بامتياز، وهذا يضع المؤلف والمخرج أمام مواجهة الانتقاد، ما الهدف من الفيلم؟ إن كان للتسلية فقط فقد نجح، أما إن كان للدخول في المهرجانات السينمائية فقد فشل. لأن السينما هي مدرسة الحياة بحد ذاتها، وهي قادرة على التوجيه والإرشاد أو العكس، وفي كل الأحوال لم يعتمد المخرج «أحمد عامر» على تقنيات جمالية في الإخراج، بل اعتمد البساطة دون تكلف بالتصوير وسواه، وهذا بلا شك فيه نوع من الوثائقية في الفيلم. إلا أن ذلك لا يعني منحه الهوية الابتكارية غير الملموسة، كفيلم يعالج موضوع رصد القبلة في الأفلام القديمة والقبلة في الأفلام الحديثة ومعاناة المخرج في التقاطها أو تنفيذها بشكل مبالغ فيه ودون البحث عن أصولها ومعناها أو ماهيتها، وما دورها في النص الدرامي أو الفكاهي. منظور القبلة في الأفلام القديمة يمكن تحليله بنص كوميدي ذي معنى فكاهي يحافظ على قيمة القديم والجديد من دون الاستهزاء بمعنى القبلة في حد ذاتها، وحبذا لو استطاع المخرج أحمد عامر منح المشاهد التوضيحات الرزينة من الأفلام القديمة. فالقبلة كان ساحرها كلارك غيبل في الثلاثينيات في «ذهب مع الريح» لأنها كانت رومانسية الرجولة والانتماء للآخر أكثر منها جنسية. فهي ليست مجرد شفاه تتلامس بشهوة لإبراز القبلة بأسلوب ساذج أو ممثلة يثير قرفها الممثل الآخر أو امرأة ترتجل الدور التمثيلي وهي في سرير النوم. إنما هي موسيقى وبناء مكتمل الأركان، والدافع السينمائي لها ترجمة العاطفة المقترنة بموسيقى منسجمة مع المشهد العاطفي لتسحر حواس المشاهد وتمنحه الرومانسية المطلوبة. لتصبح القبلة كمعزوفة وأبسط مثال على ذلك قبلة الفيلم الفنتازي «الحسناء والوحش» ببساطتها المرافقة للحدث مع الاهتمام بموسيقاها، حتى القبلات في الفيلم الأوكراني «حكاية المال» جاءت جمالية هادفة لتكمل الفيلم بمنطق الحياة نفسها. أما القبلة في تصوير فيلم «بلاش تبوسني» فلم ندرك أسبابها ولم نلمس إحساس الأبطال فيها، بما يلائم حتى القبلة غير المرتجلة التي يؤديها أحمد عامر عبر أبطاله في فيلمه غير المنسجم عناصره السينمائية كتابةً وإخراجاً ومونتاجاً وموسيقياً. مثلاً ارتبط فريد الأطرش بالتمثيل مع شادية للانسجام بينهما وللصداقة التي تربطهما لسنين طويلة، وهذا لم ينقص من نسيج العلاقة الحميمة التي ربطتهما والقائمة على الاحترام بشكل عام، وعلى العطاء السينمائي الذي جعلهما قبلة السينما العربية التي كنا نتابعها للرومانسية المترابطة مع عناصر الفيلم الأخرى خاصة الموسيقى والرموز التي يتقنها المؤلف والمخرج معاً. القبلة هي قمة الرومانسية غير المرتجلة أو المصطنعة، لأنها الدافع الأساسي للتمازج الحسي المؤثر الناتج عن جمالية النص الذي يعيشه الأبطال بمصداقية الإحساس النابع من قدراتهم الرومانسية على خلق التعبير الجمالي، ولم تكن القبلة ارتجالاً جافاً لا ينتمي للعاطفة السامية بشيء، وهي ذروة البناء الدرامي في الأفلام القديمة. تصعيد الفعل الدرامي في الأفلام القديمة هو ما يدفع البطل للقبلة، فما الذي يدفع بطلة فيلم «بلاش تبوسني» للقبلة؟ إن قبلة «أيام قديم» كسرت الحواجز الاجتماعية لمصداقيتها وللإحساس فيها لأنها الذروة في النص، ولأنها تتصاعد مع الحدث بتشويق ثلاثي: أي الممثل، المخرج، فالمشاهد لتصل ساحرة بشكل فنتازي حالم، لأن الموسيقى التصويرية بحد ذاتها هي القبلة وتدفع إلى امتداد الحوار العاطفي بين البطل والبطلة، وهذا النمو للتوق بين الممثل والممثلة في القبلة، تتصاعد معه الموسيقى بتمازج بين الفكرة والحدث والفعل، فأين الفكرة والحدث والفعل في فيلم «بلاش تبوسني» الذي اكتظ بمشكلات لا علاقة لها بالنمو العاطفي والرومانسي للقبلة في الفيلم؟ وما علاقة حجاب الممثلات بالقبلة في الفيلم الحديث التي لم يستطع أحمد عامر فيه منح المشاهد ماهيتها في الأفلام القديمة، وما دورها في النص الدرامي الذي تنمو فيه وتتصاعد لتصل إلى الذروة في المشهد الأخير؟ Doha El Mol dohamol67@gmail.com https://www.alquds.co.uk/%EF%BB%BF%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%A1%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%8A%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A-%D8%A8%D9%84%D8%A7%D8%B4-%D8%AA%D8%A8%D9%88%D8%B3%D9%86%D9%8A/
×
المخرج أحمد عامر
السيرة الذاتية ممثل ومؤلف، بدأ أحمد عامر مسيرته الفنية في التمثيل ثم صناعة الأفلام، عمل مساعد مخرج في الأفلام الوثائقية والمحتوى التليفزيوني بالولايات المتحدة إلى جانب عمله في عدد من الأفلام والمسرحيات بمدينة نيويورك. كما عمل على الحوار العربي في سيناريو فيلم البحث عن أم كلثوم للمخرجة شيرين نيشات. وكتب سيناريو الفيلم الشتا اللي فات (2012) بالتعاون مع إبراهيم البطوط وكذلك فيلم على معزة وإبراهيم (2016) للمخرج شريف البنداري. ويُعد بلاش تبوسني أول عمل روائي طويل لـعامر مخرج.
"عالمان" في فهم حاجات الصم والبكم
BY Director Maciej Adamek
9.0
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
دور الفيلم البولندي "عالمان" في فهم حاجات الصم والبكم ضحى عبدالرؤوف المل فيلم للمخرج "ماسيج أدامك" (Maciej Adamek) بعنوان "عالمان" (Dwa światy) يُظهر المخرج "ماسيج أدامك" (Maciej Adamek) متغيرات العصر الحديث ودور التقنيات التكنولوجية وتأثيرها على عالم الصم والبكم في فيلمه "عالمان" (Dwa światy)، الذي يضع حقائق العوالم المختلفة وتحدياتها أمام أعيننا. لندرك أن ما هو نعمة لفئة ما قد يكون نقمة لفئة أخرى، وما هو مجهول لفئة اجتماعية معلوم لفئة أخرى أيضًا في "فيلم عالمان"، الذي يفك الغموض عن عائلة من الصم والبكم لديها ابنة تبلغ من العمر اثنتي عشرة سنة، وهي تتكلم لغة الإشارة الخاصة بالأب والأم. إضافة إلى أنها غير مصابة بالصم والبكم كما والديها، وهذا بدوره جعلها تتقن لغة الصم والبكم. فتترجم لغة الإشارة ببراعة، لكنها بحاجة للكلام إليها صوتيًا. كما أنها لا تستطيع أن تتخطى الكثير من المتاعب التي تصاب بها كضجيج خطواتهما في البيت، وإشارات المنبه الضوئي، وتنظيف الصحون، وعدم سماع مناداتها أو التحدث عبر الهاتف. إلا أن عصر التقنية الحديثة ومتطلباته خفف من ذلك، إذ بدت لغة التخاطب عبر شبكات التواصل الاجتماعي هي من حلول العصر المُرضية التي ساعدت هذه الفئة من الناس أكثر من غيرها. فهل ينادي مخرج فيلم "عالمان" بإعادة النظر في حيوية ديناميكية العصر الحديث وتقنياته بالنسبة للصم والبكم؟ أم أنه فك شيفرة عائلة من ذوي الاحتياجات الخاصة لديها طفلة تعاني من صخب والديها في البيت؟ فيلم يفتح أبواب المعرفة عن أجوبة كثيرة يطرحها الإنسان العادي بشكل عام عن كيفية التعامل مع طفل طبيعي لوالدين من الصم والبكم، وهذا بحد ذاته يفتح حلول الكثير من الإشكاليات أمام قدرة أصحاب الاحتياجات الخاصة على بناء أسرة وفهم الصعوبات وتحليلها، وإظهار الإيجابيات ذات المتغيرات المفاهيمية المعتادة. لذا فإن "ماسيج أدامك" استطاع كسر رتابة المفهوم السائد عن طفل لعائلة من الصم والبكم في العصر الحديث تحديدًا، مما يجعل المشاهد شغوفًا بمعرفة خبايا وتفاصيل حياة هذه الأسرة التي تعيد فهم أصحاب الاحتياجات الأخرى وقدرة الآخرين على التعامل معهم وفقًا لمتطلباتهم وصعوباتهم في تحقيق العيش المتوازن مع الآخرين. فهل يمكن أن نتخيل أننا نعيش في عوالم مختلفة عن بعضها البعض لكنها تتعايش تبعًا للكينونة التي ولدت بها؟ تشهد الأفلام الوثائقية حاليًا على العالم المتغير بإيجابياته وسلبياته، وعبر الجرأة في الطرح والمعالجة وتكوين رؤية حقيقية يعيشها الأشخاص غير القادرين على النطق. إلا أن عالمهم ليس بالصامت كليًا، لأن سمعهم مغلق، وبالتالي هم لا يسمعون أصوات حركاتهم كخطى والتنظيف والتلفزيون، وهذا يسبب مشكلة لمن يعيشون معهم. إضافة إلى البصر الذي يشكل الفهم المباشر للغة الإشارة. فهل كنا نظن أن عالم الصم والبكم هو عالم هادئ جدًا؟ أبعد من رؤية الفيلم الوثائقي "عالمان" وتفنياته من حيث المشهد والصورة والمحاكاة الموسيقية والصوت، والبناء الوثائقي القائم على تنوع المتغيرات الملتقطة كالمنبه الضوئي والتفاهم على الخروج من المنزل للمشاركة بألعاب جماعية كالتزلج أو نزهة بسيطة أو غداء، كان موضوع الفيلم قادرًا على بناء التفاصيل اليومية لهذه الأسرة وخطواتها منذ الزواج فالإنجاب، فنمو البنت "لورا" بين والدين من الصم والبكم خلال مدة بلغت خمسين دقيقة كانت كافية لإضفاء الطابع المدهش أو خلق دهشة من عالم كنا نظنه هادئًا، فأثبت فيلم "عالمان" عكس ذلك. لأنه بحق عالمين مختلفين: عالم الصوت وعالم الإشارات، وما يصاحبه من صخب ناتج عن فقدان السمع، وبالتالي مستخدمًا أسلوب إظهار خصوصية هذه العائلة، وكيفية مواكبة رعاية الابنة. فالأهل هم المسؤولون عن أولادهم، إلا أننا هنا نجد أن "لورا" هي التي أصبحت مسؤولة عن والدين من ذوي الاحتياجات الخاصة. فهل من متاعب أصابتها وجعلتها تبكي وتشتكي؟ وكيف يذلل الأهل صعوبات ذلك على ابنهم الطبيعي دون عزل خصوصيات تمت تجزئتها في الفيلم كاللحظات الحميمة للوالدين، والأصوات الناتجة عن ذلك، ومؤثراتها على طفل هذه العائلة أو دليل حياتهم اليومي إن صح القول؟ فعلى من يقع الضرر: الأهل أم الطفل، وما هي صعوبات الفهم لعالمين مختلفين هما في بيت واحد وأسرة واحدة؟ فيلم "عالمان" الوثائقي استطاع الدخول إلى أعماق أسرة حقيقية لا تجعل المشاهد يشك للحظة أنه يرى فيلمًا وثائقيًا عاديًا، إنما هو فيلم يسلط الضوء على المشاكل والحلول لأسرة فيها عالمين مختلفين: أحدهما يسمع ويتكلم، والآخر لا يسمع ولا يتكلم، وما يجمعهما لغة الإشارة، بينما الآخر يحتاج لعالم الصوت أو عالم الكلام مع الآخرين. وهذه الصفة غابت عن الأم والأب، بل برز ضجيجهما في البيت الناتج عن فقدانهما السمع، وبالتالي على "لورا"، ابنة الثانية عشرة، التأقلم في العيش مع أسرة أنجبتها واستطاعت تقديم ما يمكن لها، رغم أنهما من ذوي الاحتياجات الخاصة التي تسبب للبعض عزلة بين جدران أربعة، مما خلق رؤية مختلفة عن عالم الصم الديناميكي المدرك للفروقات والمنفتح على العالم الآخر. وفي الوقت نفسه، ينشأ ابن هذه العائلة كوسيط أو كجسر بين العالمين، وببراعة وفهم لأهم المعضلات الناتجة عن ذلك. فهل استطاع المخرج "ماسيج أدامك" إظهار العلاقة بين الوالدين المصابين بالصم والبكم والطفل فقط، أم إظهار علاقة الطفل بالوالدين بشكل عام؟ برؤية اخرى فيلم "عالمان" للمخرج البولندي "ماسيج أدامك" هو عمل فني يسعى إلى استكشاف عوالم الصم والبكم من منظور إنساني عميق، ليكشف عن التعقيدات اليومية التي تواجه العائلات التي تعيش مع ذوي الاحتياجات الخاصة. في قلب هذا الفيلم نجد قصة عائلة تتكون من أبوين صم وبكم وابنتهما التي تعيش بين عالمين متناقضين: عالم الصوت وعالم الإشارة. تتجلى قوة السرد في قدرة الفيلم على تقديم تجربة حقيقية وواقعية، حيث يُظهر تفاصيل الحياة اليومية لعائلة "لورا"، الابنة التي تتحدث بلغة الإشارة وتُترجم مشاعر وأفكار والديها. تنقل الكاميرا المشاهد بمهارة بين لحظات الصمت والضجيج، مما يجعلنا نتعاطف مع الشخصيات ونفهم صراعاتهم. استخدام التقنيات الحديثة، مثل وسائل التواصل الاجتماعي، يُظهر كيف أن التقدم التكنولوجي يمكن أن يكون جسرًا للتواصل، رغم أن العائلة لا تزال تواجه تحديات يومية. تتمحور الانطباعات حول الشعور بالعزلة التي قد يواجهها الصم والبكم، وكيف أن هذه العزلة ليست مجرد غياب الصوت، بل تشمل أيضًا عدم القدرة على التواصل مع العالم الخارجي بشكل كامل. يُظهر الفيلم بذكاء كيف أن "لورا"، رغم كونها قادرة على التحدث والتفاعل، تحمل عبءًا كبيرًا في محاولة فهم والديها وتلبية احتياجاتهم. هذا العبء النفسي لا يقتصر على الترجمة فقط، بل يمتد إلى فهم مشاعرهم وآمالهم وتطلعاتهم. يظهر الهدف الروائي بشكل واضح في السعي لخلق وعي اجتماعي أكبر حول القضايا التي تواجه هذه العائلات. ليس مجرد تقديم صورة سلبية عن الصم والبكم، بل يكشف أيضًا عن لحظات الفرح، والتحدي، والنجاح. يُركز الفيلم على العلاقات الإنسانية ويعرض كيف يمكن أن تتجاوز الروابط الأسرية كل العقبات. من خلال هذه الرؤية، يُبرز "ماسيج أدامك" أهمية الاستماع والتواصل، ليس فقط عبر الكلمات، ولكن أيضًا من خلال الفهم والتعاطف. كما يُحفز الفيلم النقاش حول كيفية دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع بشكل أفضل، مما يجعلنا نتساءل: كيف يمكن أن نكون جزءًا من هذا العالم الذي يُفترض أن نكون فيه متصلين؟ فيلم "عالمان" لا يقدّم مجرد تجربة بصرية، بل يُعد نافذة لفهم أعمق لواقع الحياة مع ذوي الاحتياجات الخاصة. إنه عمل فني يطلب من الجمهور التفكير في معنى التواصل والمشاركة، ويدعو إلى مجتمع أكثر تفهمًا وتقبلًا للجميع. برؤية أخرى فيلم "عالمان" للمخرج البولندي "ماسيج أدامك" هو عمل درامي يجسد ببراعة الواقع اليومي لعائلة تعيش مع تحديات الصم والبكم. ينقل الفيلم المشاهد إلى عمق التجربة الإنسانية، حيث يتجاوز مجرد عرض القصة ليغوص في التفاصيل الجمالية والفنية التي تعكس الروح الإنسانية. تتبلور الدراما في الفيلم من خلال التوترات اليومية التي تواجهها العائلة. الأبوان الصم والبكم يُشكلان محور الصراع، بينما تمثل "لورا"، الابنة، حلقة الوصل بين عالَمَيهم. تصاعد الأحداث يُظهر كيف أن الصعوبات ليست فقط في التواصل بل أيضًا في الفهم العاطفي. مشاهد صراخ "لورا" في صمت والديها تكشف عن عمق معاناتها، مما يمنح الفيلم بعدًا إنسانيًا يعكس الصراع بين الواجب الشخصي والحاجة إلى التحرر. فيما يتعلق بالجانب الفني، استخدم "أدامك" تقنيات تصوير مُعبرة، حيث تبرز الكاميرا اللحظات الحميمة والتفاصيل الدقيقة في حياة الشخصيات. الانتقال بين اللقطات المقربة والتصوير الواسع يمنح المشاهدين فرصة الانغماس في الأجواء المليئة بالتوتر والعواطف. الألوان المستخدمة، التي تتراوح بين الألوان الهادئة والألوان الداكنة، تُعبر عن الحالة النفسية للشخصيات، مما يعزز من التجربة البصرية. الجماليات في "عالمان" ليست محصورة في الصور فقط، بل تشمل أيضًا تناغم الأصوات – أو غيابها. الصمت يملأ العديد من المشاهد، مما يمنح الفرصة للتأمل والتفكير في معاني التواصل. لغة الإشارة تُظهر جماليات التعبير، حيث تُستخدم كوسيلة للتواصل تعكس العواطف بشكل غير مُباشر. هذه الاختيارات الفنية تجعل الفيلم تجربة غنية تُحفز الحواس وتدعو للتفكير في كيفية تفاعلنا مع العالم من حولنا. التعبير عن المشاعر في الفيلم هو ما يجعل التجربة أكثر تأثيرًا. يُعبر كل مشهد عن مجموعة من المشاعر المعقدة، من الفرح إلى الحزن، ومن القلق إلى الأمل. استجابتنا كجمهور لتلك المشاعر تُعزز من قوة الرسالة التي يسعى الفيلم إلى إيصالها: أن كل فرد، بغض النظر عن تحدياته، لديه الحق في التواصل والمشاركة في الحياة في الختام، فيلم "عالمان" ليس مجرد قصة عن الصم والبكم، بل هو دعوة للتفكير في العمق الإنساني وتحديات الحياة. من خلال التقنيات الإخراجية المميزة والجوانب الجمالية المُعبرة، ينجح "ماسيج أدامك" في تقديم عمل درامي مُؤثر يُشجع على فهم أفضل للعوالم المختلفة التي نعيش فيها. إن الفيلم يُظهر أن التحديات لا تُعرقل الروح الإنسانية، بل تُثريها، مما يترك في النفس انطباعًا عميقًا حول أهمية التعاطف والفهم المتبادل. Doha El Mol dohamol67@gmail.com
×
Director Maciej Adamek
وُلِد في عام 1968 في بولندا. تخرج من جامعة غدانسك (أدب بولندي) ومدرسة Łódź للسينما (إخراج الأفلام). عضو في أكاديمية السينما الأوروبية. أفلامه تشمل: W drodze (على الطريق)، 27 دقيقة، وثائقي، 2005؛ فاز بجائزة أفضل فيلم وثائقي في مهرجان تورونتو العالمي للأفلام القصيرة؛ Jestem (أنا معك)، 27 دقيقة، وثائقي، 2004؛ حصل على جائزة فضية في مهرجان الجزيرة للإنتاج التلفزيوني الدولي، قطر، وجائزة أفضل فيلم وثائقي في مهرجان دوكوديز، مهرجان بيروت السينمائي الوثائقي، والجائزة الكبرى (الجائزة الذهبية) في مهرجان رشد الدولي، وكان من المتأهلين في مهرجان نيويورك الدولي للبرامج التلفزيونية، 2005؛ Konkurs (مسابقة)، 27 دقيقة، وثائقي، فاز بجائزة أفضل فيلم وثائقي في مهرجان شنغهاي السينمائي؛ Zycie przed toba (حياة للعيش) 23 دقيقة، وثائقي، فاز بجائزة أفضل فيلم قصير في مهرجان شيكاغو الدولي لأفلام الأطفال، وجائزة أفضل فيلم وثائقي في مهرجان بالم سبرينغز السينمائي الدولي، والجائزة الكبرى (جائزة البوابة الذهبية) في مهرجان سان فرانسيسكو الدولي للسينما، وجائزة المركز الثاني في مهرجان ميونيخ السينمائي The Way We Live؛ Powrot (العودة) 25 دقيقة، وثائقي؛ I nie opuszczie ci az do smierci (لن أتركك حتى أموت) 27 دقيقة، وثائقي، ترشيح FELIX من قبل أكاديمية السينما الأوروبية، وجائزة المركز الثاني لفيلم وثائقي في مهرجان ميونيخ السينمائي The Way We Live.
الحرية هي المكان التجاذبي الذي ننطلق منه
BY Director Frédérique Cournoyer
9.0
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
الحرية هي المكان التجاذبي الذي ننطلق منه بفكرة نحو العالم. الفيلم الوثائقي "نهج النصر" (Rue de la Victoire) للمخرجة "فريدريك كورناير ليسارد" (Frédérique Cournoyer Lessard) ضحى عبد الرؤوف المل. الحرية هي المكان التجاذبي الذي ننطلق منه بفكرة نحو العالم، والمخرجة "فريدريك كورناير ليسارد" (Frédérique Cournoyer Lessard) في فيلمها الوثائقي "نهج النصر" (Rue de la Victoire) تحررت مع رؤيتها الوثائقية. وبداية الاسم الرمزي لبطل فيلمها التونسي الذي نشأ وترعرع وتغذى نشاطه الحركي من شوارع شعبية في مجتمع عربي، إن لم أقل إسلامي، لأن محمد هو ابن بيئة شعبية محافظة على تقاليدها، وابن الأحياء التي تميزت بالاكتظاظ السكاني. فالإسم لطفل ما في مكان ما لا يعني أن الجميع يتشابهون. معتمدة على أخلاقيات الصورة الناتجة عن حياة لاعب السيرك وكيفية نشأته في الماضي والحاضر، ضمن نمط تصويري يتقطع مع الموسيقى المفتوحة على الثقافات نحو العالم. إذ تتيح للمشاهد فرصة تذوق (سمعي، بصري) لمرحلة مصيرية في حياة إنسان عربي هو جزء من نسيج مجتمعي ينتمي إليه. فالأم والأخوة والاختلاف في فرد من العائلة له عدة عوامل مفتوحة على عدة احتمالات، منها طموح الفرد في تحقيق ما يسعى إليه. إذ كان من الممكن أن ينشأ على حب الفساد والعنف بدل حب اللعب الحركي المرتبط بالليونة الجسدية والقدرة على خلق توازنات حركية عبر الهواء أو الفضاء المفتوح. وللمرونة البدنية في فضاء الشارع أو الحي المفتوح على المساحات المرتبطة بالأشياء البدائية حكاية هي لبطل من أبطال السيرك اسمه محمد. في فيلمها، فتحت مخرجته المنافذ الفنية على وحدة إخراج وثائقية تكللت برؤية صلبة قائمة على قوة الإرادة عند الفرد الذي يسعى إلى تحقيق هدفه في الحياة رغم الصعوبات التي ينشأ فيها، وبتحديات متعددة أوصلته إلى حيث يريد.فهل حاولت المخرجة "فريدريك كورناير" الخروج مع محمد عن نمط الفكرة السائدة أن المجتمع العربي هو مجتمع متشدد وصارم؟ وماذا عن سيكولوجية اللعب عند الأطفال وتنميتها عبر قدرات الفرد المختلفة؟ اتخذت الموسيقى التصويرية نهجًا مختلفًا في دمج المفردة الموسيقية الغربية مع العربية، مثل اللهجة التونسية أو اللهجات العربية الفرنكفونية. وما بين التقليد والحداثة، خلق المؤلف الموسيقي صورة سمعية تحاكي البصرية وتتوازن معها. فجذبت المشاهد نحو صوت محمد الذي يحكي قصة حياته ووصوله إلى السيرك في فرنسا، مما سمح للحواس الانفتاح على الصورة التي تنوعت في الوثائقي المعتمد على ثلاثية السينما والفن والسيرك، والإحساس الغامر بالفهم الوجودي المبني على هذه الثلاثية التي من شأنها دعم الفكر التخيلي للحركة عبر الفضاء المقيد بالجاذبية، والناتج عنها من معادلات تعلق بها الطفل الذي شعر بتناقضات ميوله مع مجتمعه. إلا أن هذه التناقضات هي التي منحته القوة لتحقيق هدفه رغم الصعوبات المستحيلة التي ذللها عبر أدوات بسيطة للغاية في البداية. وما بين السطور، اللعب هو التنمية الحقيقية للطفل الذي ينشأ مختلفًا عن أقرانه. فهل لغة الشارع أو المجتمع الشعبي في الدول النامية تنجب من الأبطال أعظمهم؟ وما هو دور الفيلم الوثائقي في إبراز هذه النماذج الإنسانية التي ناضلت في السعي لتحقيق أهداف الحياة من خلال اللعب الذي مارسته في طفولتها وتأثرت به أو رافقها حتى عمر الشباب، فأصبح المهنة الحلم والابتكار الفني؟ وما هو سرد فن الحركة وما مدى فهم أهميته من خلال الفيلم الوثائقي؟ يحمل الفيلم الوثائقي "نهج النصر" مفاهيم الانتصار على الصعوبات بالمثابرة والمرونة والهدوء، والقدرة على تبسيط الأشياء، وعدم الخوف من المستقبل مهما كانت أماكن الولادة متواضعة أو شعبية أو لا تمتلك من مقومات الإبداع، ما يجعلها قادرة على الدخول إلى عوالم أرستقراطية. فالحلم لا يحتاج إلا للإرادة ليتحقق، وبهذا استطاعت المخرجة "فريدريك كورناير" التوأمة مع بطل فيلمها والسير بتوازي فني معه. مما يضع المشاهد في رؤية الاثنين معًا، أليست الكاميرا هي التي تحررت وتوازنت بموضوعية مع ذاتية البطل الخاص والعام معًا؟ فهو خاص كمجتمع عربي أنجب لاعب سيرك اتجه إلى فرنسا وحقق تميزه، صورة أخرى عنه وعن مجتمع ينتمي له. كما استطاعت خلق صورة أخلاقية لطفل بدأ اللعب في الحي الشعبي وصقل موهبته في الشارع العام، والأمكنة في الحي حول بيته قبل أن ينطلق نحو فرنسا ليكون ضمن فريق السيرك فيها وعلى مسارحها الكبيرة. سرد وثائقي لفنون تنشأ بفطرة منذ الطفولة ولا يمكن إيقافها عند أصحاب الإرادة والأهداف البناءة، من البطل محمد في فيلم "نهج النصر" إلى مخرجته ومؤلف موسيقاها التصويرية، في أسلوب جمع الفن والتحديات البصرية والسمعية في لغة سرد تميل إلى معرفة نشأة الإرادة وأهمية اللعب في حياة الطفل وقدرته الذاتية على تنمية أهدافه بشكل يستطيع من خلاله الوصول إلى حلمه، أو بالأحرى الانتقال من مكان عرض خاص وهو الشارع حيث لا يراه إلا الأهل والجيران والأصدقاء، إلى مكان عام وهو الجمهور المحب لفن السيرك الحركي وتحديات الفشل، واستبداله بالنجاح. وما بين التوازن والسقوط، بقي بطل الفيلم في دائرة أتقن السيطرة عليها، كما أتقنت المخرجة وضع رؤيتها الفنية في فيلم هو "نهج النصر". برؤية اخرى فيلم "نهج النصر" (Rue de la Victoire) للمخرجة فريدريك كورناير ليسارد هو وثائقي يتناول قصة حياة محمد، لاعب السيرك التونسي، الذي انتقل من الأحياء الشعبية في تونس إلى مسارح فرنسا. يتناول الفيلم قضايا الهوية، الطموح، والمقاومة، مبرزًا القوة الدافعة للإرادة البشرية. تدور أحداث الفيلم حول رحلة محمد، التي تجسد التحديات والصعوبات التي يواجهها الأفراد في سعيهم لتحقيق أحلامهم. من خلال عرض الحياة اليومية في الأحياء الشعبية، ينقل الفيلم شعور الانتماء، الصراع، والمرونة. المخرجة تأخذ المشاهد في جولة إلى عالم محمد، حيث تُظهر تفاعلاته مع عائلته وأصدقائه، مما يُعطي بعدًا إنسانيًا عميقًا للقصة. تمتاز القصة بوجود تصاعد درامي واضح، حيث يبدأ الفيلم بمشاهد تعكس حياة محمد في تونس، تتخللها لحظات من الفرح والحزن. يواجه محمد التحديات، مثل ضغوط المجتمع والتوقعات الأسرية، مما يخلق توترًا يدفعه نحو البحث عن طريقه الخاص. في النهاية، يتحول هذا التوتر إلى انطلاقة نحو النجاح، مما يضفي طابعًا ملهمًا على القصة. تستخدم المخرجة تقنيات تصويرية مبتكرة تعزز من جماليات الفيلم. الإضاءة، زوايا الكاميرا، وتحرير المشاهد تمثل جميعها عنصرًا أساسيًا في نقل المشاعر. المشاهد التي تظهر محمد وهو يمارس فن السيرك تُظهر انسيابية الحركة والقدرة الجسدية، مما يُبرز موهبته وإبداعه. الموسيقى التصويرية تلعب دورًا محوريًا، حيث تتناغم مع الصور، مما يخلق جوًا يربط بين التجربة البصرية والسمعية. : تتجلى الجمالية في الفيلم من خلال التباين بين الحياة اليومية في تونس والفخامة التي يعيشها محمد في فرنسا. التصوير الجيد للأماكن، بالإضافة إلى التفاصيل الصغيرة التي تبرز الثقافة المحلية، تمنح المشاهد إحساسًا بالمكان وتاريخ الشخصيات. هذا التباين يعكس الصراع الداخلي بين الهويتين، مما يزيد من جاذبية القصة. التعبير في الفيلم يظهر بشكل واضح من خلال مشاعر محمد وتفاعلاته مع البيئة المحيطة. تعابير وجهه وحركات جسده تعكس الشغف، الأمل، والتحدي. المخرجة تستخدم هذه العناصر لتصوير الصراعات الداخلية التي يواجهها البطل، مما يسمح للجمهور بالتواصل عاطفيًا مع شخصيته. فيلم "نهج النصر" ليس مجرد وثائقي عن حياة لاعب سيرك، بل هو قصة إنسانية تتناول الطموح، الهوية، والصمود. من خلال أسلوب الإخراج المبتكر والسرد الدرامي الجذاب، تمكنت فريدريك كورناير ليسارد من تقديم عمل فني يمزج بين الجوانب الجمالية والموضوعية، مما يجعله تجربة فريدة للمشاهدين. الفيلم يحث على التفكير في معاني الحرية والتعبير عن الذات، ويعكس كيف يمكن للفن أن يكون وسيلة لتحقيق الأحلام. Doha El Mol dohamol67@gmail.com
×
Director Frédérique Cournoyer
فيلم وثائقي عن الأمل، وعن الشباب الذين يحاولون السمو فوق ظروفهم الاجتماعية.. بحيث يرصد قصة (محمد ضحيا جاربي)؛ وهو فنان سيرك تونسي، يُعيد بناء هويته تدريجيًا إلى أن يحقق استقلاله. ﺇﺧﺮاﺝ: فريدريك كورنوير-ليسارد (مخرج) ﺗﺄﻟﻴﻒ: فريدريك كورنوير-ليسارد (قصة وسيناريو وحوار) طاقم العمل: محمد ضحيا جاربي دليل المنصات:
البحث عن الحياة هو المسعى الإنساني
BY المخرج حسام الدين مصطفى
9.0
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
البحث عن الحياة هو المسعى الإنساني الذي يناضل من أجله الإنسان. ضحى عبد الرؤوف المل يتعزز الشعور بالعقلانية في رواية "السمان والخريف" للروائي "نجيب محفوظ"، التي أخرجها للسينما المخرج "حسام الدين مصطفى"، ومن بطولة محمود مرسي، ونادية لطفي، وعبد الله غيث، وعادل أدهم، وميمي شكيب. وتدور الرواية حول حياة "عيسى الدباغ" المنتمي لأحزاب تتذبذب وتتخبط خلال الوجود البريطاني في مصر وما بعده. وهو الرجل العقلاني المقرب أرستقراطياً من الفئة الثانية من المسؤولين الذين يحاولون استبعاده فيما بعد، لتركه دون وظيفة، مما يعزز الشعور بالعداء والعنف تجاه من حوله، حتى خطيبته التي تركته بعد إفلاسه أو بعد مصادرة أملاكه، واستبعاده من الوظيفة التي كان يشتغل بها تحت صيغة التطهير. فنشهد على التفسخ في السلوك حيث تظهر أمامه شخصية ريري، والتي قامت بدورها الممثلة الراحلة "نادية لطفي". هذه العلاقة غير المتكاملة بين الموظف المخلوع من منصبه، وفتاة الليل، تؤدي إلى صراعات كثيرة تستند إلى الدور المهم الذي تلعبه الأوضاع الاجتماعية التي كانت سائدة في مصر آنذاك. ما بين السرد التاريخي والسرد الأدبي، وضعتنا الدراما أمام رومانسية متعاكسة في شخصية البطل وابن عمه، وفقاً للغرض الجمالي والمضمون المرتكز على فترة سياسية من تاريخ مصر. لم ينفر منها "نجيب محفوظ" بل تركها في غليان، وإن كانت الشخصيات نابعة من خيال مؤلف عاش الكثير من الفترات الاجتماعية والسياسية، ودرس الفلسفة والأدب الروائي الغربي من بلزاك إلى زولا، لنشعر أن النقطة التي يعالجها محفوظ في الرواية بشكل أدبي أو في الفيلم درامياً تمثل نقطة تحول مهمة في حياة "عيسى الدباغ" المخلوع من وظيفته، وغير القادر على بناء علاقة اجتماعية مع المحيط بعد الواقع الذي جعله بعيداً عن الأرستقراطية. فالخلفية الاجتماعية ترتبط في تلك الفترة ارتباطاً قوياً بالتغيرات الاجتماعية والسياسية التي طرأت على مصر في فترة كتابة الرواية، وإنتاج الفيلم الذي يحاول من خلاله "عيسى الدباغ" استعادة الحياة بتغيراتها التي فرضت نفسها عليه حتى بوجود ابنة من ريري. فالبحث عن الحياة هو المسعى الإنساني الذي يناضل من أجله الإنسان. فموت الأم هو بداية حياة الابن الذي استنتج من أحداث حياته أنه كان في غفلة منها. خاصة وأن الأفكار التي تكونت في حقبة ما تغيرت بفعل ريري، المرأة التي تحررت من قيود سلوكية تمثل في كل منها أسئلة واقعية اهتم بها المؤلف ميتافيزيقياً، وبتفاصيل اختصرتها الدراما في حين توسع بها الكاتب في الرواية، وهو في لحظات إدراكه لقيمة الشخصيات التي تناولها، والتي تمثل في تداعياتها الأفكار المتبناة في مرحلة ما! تلغي نفسها بنفسها تلقائياً أمام إرادة الحياة واستكمالها كما ينبغي، وأن تحررت المفاهيم بين المقبول والمرفوض بمعنى مرفوض اليوم مقبول الغد والعكس صحيح. فهل التعايش بين عوالم متناقضة يجعلنا نستكشف الحقيقة والخيال والكذب والصدق دون أن نتجاوز حدودنا الحياتية الضيقة، والتي نعتبرها من الأخلاق والفضيلة والرضى بالقضاء والقدر؟ تمثل الحياة في رواية "السمان والخريف" حقبات الحياة التي نعيشها والتغيرات النفسية التي ترافقها، وكذلك ما يرافق حياتنا الاجتماعية من تأثرات بمثابة قوانين نرضى بها أو نرفضها، وفي الحالتين نتماشى معها ضمن قناعتنا ومنطقية الفرضيات التي بثها محفوظ من خلال شخصيات الرواية المختلفة، من الخطيبة الأرستقراطية إلى ابن العم الانتهازي، والقادر على تحقيق أهدافه وصولاً إلى "عيسى الدباغ" الذي تزوج قدرية، المرأة العاشقة للحياة الزوجية وقدسيتها، والقادرة أيضاً على إسعاد الرجل. مع ذلك، بقي يتخبط في البحث عن الذات مع رفضه للكثير من القيم السائدة آنذاك. فهل تداعيات العاطفة بين التطهير والواجب في فيلم "السمان والخريف" هي في ازدواجية شخصية "عيسى الدباغ" وعدم قدرته على التأقلم مع المتغيرات؟ أم إن الدراما هي بناء هرمي فلسفي لقناعات كل منا بالحياة التي يعيشها رغم كل المآزق التي يتعرض لها؟ فلسفة حياتية قائمة على النزاع بين الذات وتحقيق الأهداف والقبول بالمتغيرات، وبين المثل العليا والأخلاق والقدرة على تحقيق الوجود الموضوعي للإنسان في الحياة. فالماضي والحاضر يتشكلان من لحظة التفكير بالمستقبل، وهي لحظة حريق القاهرة التاريخي وما فرضته لحظاتها من تغيرات على القوانين والأمور الأخرى التي تتمثل بالهجرة من الأشياء التي التزمنا بها طيلة سنوات، والتي تقولبنا معها. وباتت تعايشنا حتى ونحن في حالة رفض من التحديث المستمر في الحياة، وإن بدا الفيلم من إنتاج 1967 والرواية مكتوبة عام 1962، أو من ثورة سعد زغلول. إلا أن "نجيب محفوظ" استطاع أن يجسد الصراع الإنساني الذي يبدأ من الذات إلى الخارج قبل أن تتغير القناعات مع مرور الزمن. فهل نعيش عدة حيوات في حياة واحدة؟ وهل حياتنا تبدأ من الشيخوخة إلى الطفولة كما يقول كنزابورو آوي في روايته "الموت غرقاً"؟ اللا انتماء والإحساس بالزغل والوحدة والأزمة الطارئة على وجودية اللامنتمي وإحساسه بالعدم أو إحساسه بقوة ما ارتكبه من أخطاء هي حياة "عيسى الدباغ" في رواية "السمان والخريف". ومع ذلك، عالجها المخرج في الفيلم برؤية رمزية في الكثير منها، محاولاً وضع المشاهد أمام صورة الإنسان العنيد الذي يرفض وصايا أمه ووصايا صديقه وابن عمه، رغم أنه ليس بالخائن، فقد قاتل إلى جانب من وقفوا في وجه المحتل في لحظة ما. إلا أن المستقبل يعود بثقله ليقف أمامه من خلال ابنته التي رفض أمها قبل أن تلجأ إلى العجوز الذي تزوجها ومنحه اسمه، لتصبح ابنته موجودة في الحياة تحت اسم غير اسم أبيها المعاند والمتسلط، الذي ذللته الحياة ومنحته نوعاً ما القدرة على قبول المتغيرات الحياتية لاستكمالها كما ينبغي وضمن الرضى بالقضاء والقدر. فهل تزيل الأجيال بعضها البعض؟ وهل تبقى الحياة في جمود أم هي في تغيراتها تشبه الإنسان وقناعاته؟ يلف المعنى الإنساني قصة "السمان والخريف"، وتزيل المعاني الظلم والقهر عن كل مشهد استطاع من خلاله "محمود مرسي" تجسيد دور عيسى الدباغ الذي يتطور بالرغم من قناعاته الثابتة غير القابلة للتجديد. فيختل التوازن الدرامي البصري، ويبقى التوازن الدرامي الضمني للشخصية التي لعبها "محمود مرسي" بتأثيرات درامية قوية. واستطاعت "ناديا لطفي" رغم ذلك تقمص دور فتاة ليل ومن ثم التزامها بالحب الذي وقعت فيه، رغم أنها كانت في بداياتها السينمائية. حيث القوة التعبيرية جسدياً وصوتياً، أي حركة ومعنى في جملها المشحونة بالعاطفة النسائية وقوة فهمها للدور الذي قامت فيه. فهل يمكن وصف فيلم "السمان والخريف" بأنه مادة سينمائية ناجحة أسست لعوالم سينمائية أخرى من خلال قصة كتبها نجيب محفوظ وفق فلسفة الإنسان الوجودية؟ برؤية اخرى تُعد رواية "السمان والخريف" لنجيب محفوظ واحدة من أبرز الأعمال الأدبية التي تسلط الضوء على التحولات الاجتماعية والسياسية في مصر، حيث يسعى المؤلف والمخرج إلى رسم صورة معقدة لعالم مليء بالصراعات الداخلية والخارجية. ومن خلال شخصياته المتعددة، ينقل محفوظ أصداء فترة تاريخية مهمة تمثل صراع الهوية والمكانة الاجتماعية. "عيسى الدباغ" ليس مجرد شخصية روائية بل هو تجسيد للعديد من المصريين الذين عانوا من التغيرات الاجتماعية والسياسية. ينتمي إلى الفئة الوسطى، التي تشهد تآكل قوتها ونفوذها، مما يجعله رمزاً للعديد من الأفراد الذين يسعون للحفاظ على كرامتهم في وجه الضغوط الخارجية. تعكس علاقته بخطيبته وشخصية "ريري" صراع القيم والأخلاقيات المتغيرة في المجتمع، إذ يمثل كل منهما فئة اجتماعية مختلفة وتوجهات متباينة. بينما تمثل "ريري" التحرر والتمرد، يأتي عيسى معبراً عن انكسار الطبقة الوسطى. في الفيلم، يعيد المخرج حسام الدين مصطفى توظيف العناصر الدرامية لتعزيز الفكرة المحورية للرواية. من خلال التصوير السينمائي، تُبرز اللقطات القريبة تعبيرات الوجه التي تعكس الألم والفرح، مما يسهل على المشاهدين الانغماس في المشاعر المعقدة للشخصيات. تتجلى هذه الدرامية في المشاهد الحياتية اليومية التي تشهد تفاعلات عيسى مع البيئة المحيطة به، مما يضفي على العمل طابعاً واقعياً يجذب الانتباه ويعزز التعاطف مع الشخصيات. يسعى نجيب محفوظ من خلال عمله إلى تقديم نظرة عميقة للنفس البشرية في ظل الأزمات. بينما يهدف المخرج إلى تجسيد هذه الرؤية في إطار سينمائي جذاب. يشكل التعاون بينهما جسراً بين الأدب والسينما، حيث تتفاعل النصوص الأدبية مع الوسائط البصرية لإنتاج تجربة متكاملة تتيح للمشاهد استكشاف مفاهيم الهوية والانتماء والضياع. تتجلى في الرواية والسينما التغيرات الاجتماعية التي مرت بها مصر، حيث تكشف عن صراعات الطبقات المختلفة وكيف تؤثر الأزمات السياسية على الأفراد. يعكس الفقر والعنف والفشل الاجتماعي كيف أن المجتمع يمكن أن يتأثر سلباً بعوامل خارجية، مما يجعل البحث عن الحياة والانتماء بمثابة كفاح دائم. تظل "السمان والخريف" نموذجاً يُظهر كيف يمكن للأدب والسينما أن يعكسا التوترات الاجتماعية والإنسانية. من خلال تقديم شخصيات معقدة وصراعات درامية، ينجح محفوظ ومصطفى في تسليط الضوء على التحديات التي تواجه المجتمع المصري، مما يترك أثراً عميقاً لدى القارئ والمشاهد على حد سواء. إن القدرة على استيعاب هذه القضايا المعقدة تجعل من العملين الأدبي والسينمائي محط اهتمام دائم للباحثين والمهتمين بالفن والثقافة. نُشر في مجلة احوال المعرفة Doha El Mol dohamol67@gmail.com
×
المخرج حسام الدين مصطفى
حسام الدين محمد مصطفى (5 مايو 1926 - 22 فبراير 2000) هو مخرج سينمائي مصري حياته من مواليد حي السيدة زينب في القاهرة بتاريخ 5 مايو 1926 تخرج من المعهد العالي للسينما سنة 1950، ثم سافر إلى الولايات المتحدة لدراسة الإخراج على يد أكبر مخرجي هوليود في ذلك الوقت. ثم عاد إلى القاهرة سنة 1956. برع في أفلام الأكشن. وتوفي في منزله بالقاهرة إثر جلطة قلبية في 22 فبراير 2000م. أعماله إخراجالأفلام 1956: كفاية يا عين 1957: حياة غانية 1958: هل أقتل زوجي 1958: إسماعيل يس للبيع 1959: بفكر في اللي ناسيني 1959: أنا بريئة 1959: الله أكبر 1960: وداعا يا حب 1960: نساء وذئاب 1960: رجال في العاصفة 1960: أبو الليل 1961: صراع في الجبل 1961: ست البنات 1962: بقايا عذراء 1962: أيام بلا حب 1962: الأشقياء الثلاثة 1963: شقاوة بنات 1963: سر الهاربة 1963: بطل للنهاية 1963: النظارة السوداء 1963: فتاة الميناء 1964: الطريق 1964: الشياطين الثلاثة 1964: أدهم الشرقاوي 1965: هارب من الأيام 1965: المغامرون الثلاثة 1966: شقاوة رجالة 1967: شاطئ المرح 1967: جريمة في الحي الهادئ 1967: بنت شقية 1967: السمان والخريف 1968: نساء بلا غد 1968: عالم مضحك جدا 1968: شنبو في المصيدة 1968: المساجين الثلاثة 1969: هي والشياطين 1969: الشجعان الثلاثة 1969: ابن الشيطان 1970: نهاية الشياطين 1970: لصوص على موعد 1970: الثعلب والحرباء 1970: الأشرار 1971: عصابة الشيطان 1971: امرأة ورجل 1972: ملوك الشر 1972: شياطين البحر 1972: الشيماء 1972: الخطافين 1973: مدرسة المشاغبين 1973: كلمة شرف 1973: ذات الوجهين 1973: الشياطين في إجازة 1973: الشحات 1973: البنات والمرسيدس 1974: قاع المدينة 1974: غابة من السيقان 1974: العمالقة 1974: الرصاصة لا تزال في جيبي 1974: البنات والحب 1974: الأخوة الأعداء 1974: الأبطال 1975: نساء ضائعات 1975: صراع الشياطين 1975: صابرين 1975: الضحايا 1976: حكمتك يارب 1976: توحيدة 1976: أنا لا عاقلة ولا مجنونة 1977: سونيا والمجنون 1977: الشياطين 1978: ومن الحب ما قتل 1980: الباطنية 1982: وكالة البلح 1983: درب الهوا 1984: عندما يبكي الرجال 1985: المدبح 1985: شهد الملكة 1986: السكاكيني 1986: الحرافيش 1987: سكة الندامة 1987: المشاغبات الثلاثة 1988: غرام الأفاعي 1988: طير في السما 1989: الظالم والمظلوم 1990: الملك لله 1990: العفاريت 1991: المشاغبات والكابتن 1992: جريمة في الأعماق 1992: الحب المر 1992: البلدوزر 1993: اللعبة القذرة 1994: الجاسوسة حكمت فهمي المسلسلات 1979: إلا الدمعة الحزينة 1981: ومشيت طريق الأخطار 1981: سباق الثعالب 1982: وتوالت الأحداث عاصفة 1995: الفرسان 1996: الأبطال 1997: عصر الأئمة 1997: أبو حنيفة النعمان 1998: الحب قبل السيف 1998: الإمام ابن حزم 1999: نسر الشرق (ج1) 2000: نسر الشرق (ج2) تأليف 1956: كفاية يا عين (فيلم - سيناريو) 1962: الأشقياء الثلاثة (فيلم - قصة سيناريو وحوار) 1968: نساء بلا غد (فيلم - سيناريو) 1968: عالم مضحك جدا (فيلم - سيناريو وحوار) 1969: هي والشياطين (فيلم - قصة سيناريو وحوار) 1970: لصوص على موعد (فيلم - سيناريو) 1970: الثعلب والحرباء (فيلم - سيناريو وحوار) 1970: الأشرار (فيلم - سيناريو) 1974: غابة من السيقان (فيلم - سيناريو وحوار) 1974: الأخوة الأعداء (فيلم - سيناريو وحوار) 1975: نساء ضائعات (فيلم - سيناريو) 1975: صراع الشياطين (فيلم - سيناريو وحوار) 1981: ومشيت طريق الأخطار (مسلسل - سيناريو وحوار) 1981: سباق الثعالب (مسلسل - سيناريو وحوار) 1982: وتوالت الأحداث عاصفة (مسلسل - سيناريو وحوار) 1993: اللعبة القذرة (فيلم - سيناريو وحوار) تصوير 1980: الباطنية (مصور) 1982: وكالة البلح (مصور) 1984: عندما يبكي الرجال (مصور) 1985: المدبح (مصور) 1985: شهد الملكة (مصور) 1986: السكاكيني (مصور) 1986: الحرافيش (مصور) 1987: سكة الندامة (مصور) 1988: غرام الأفاعي (مصور) 1988: طير في السما (مصور) 1989: الظالم والمظلوم (مصور) 1990: الملك لله (مصور) 1990: العفاريت (مصور) 1991: المشاغبات والكابتن (مصور) 1993: اللعبة القذرة (مصور) إنتاج 1956: كفاية يا عين 1958: هل أقتل زوجي 1959: بفكر في اللي ناسيني 1961: ست البنات 1977: سونيا والمجنون 1983: درب الهوا 1984: عندما يبكي الرجال تمثيل 1963: سر الهاربة (راكب بالقطار) 1966: شقاوة رجالة (بشخصيته الحقيقية) 1968: شنبو في المصيدة (مدير التحرير) 1990: إسكندرية كمان وكمان (بشخصيته الحقيقية)
«
15
16
17
18
19
»