Movie
Series
Books
Paintings
Article
Anime
Interviews
Theater
Login
 
Contact Us
 
زاوية ضائعة
BY الفنانة ديزي أبي جابر
7.0
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
زاوية ضائعة ضحى عبدالرؤوف المل زاوية ضائعة، كما يقول "دي ويت باركر" في كتابه مبادئ علم الجمال: "لا يكفي أن تُحركنا اللوحة عن طريق الوجود التعويضي لشيء مثير مرسوم في الصورة، بل يجب أن تهزّنا على نحو أكثر فورية عن طريق مخاطبة الحس مباشرة". في ثنائية ملوَّنة بلون أحمر! ما بين بداية ونهاية، ذكر وأنثى، خير وشر، نور وظلام، نهار وليل، يولد العقل الإنساني، وهو القادر على الاختيار بين باقة ورد ذات زهور بيضاء أو باقة ورد ذات زهور رمادية مغلفة بوهج مشاعر حمراء تُسرُّ الناظرين بقوة خلق إبداعي في رسم يحمل غرابة لونية مُحببة. ربما اللثام في لوحاتها تعبير عن كل مخفي لا نراه بالعين المجردة، ولكننا نراه بالبصيرة، وبالحس الذي نملكه في ألوان رمادية تُزعجنا... لكنها محببة إلينا حين تحملنا بثقل لون أحمر متناقض مُشتعل. ربما! ما سمعته منها جعلني أشعر بدفء كلمة ترسمها في لون رمادي، وكأنني أقف مرة ثانية أمام جبل أحد لأنفض عنه الغبار الرمادي فيتوهج بلون أحمر مخفي فيه. في خطوطها البيضاء العمودية، تشكيل يُعبِّر عن فرح نفس مخفي يتسرب إليك كضوء الفجر، فيجعل من رؤيتها واضحة في "مجهول" ربما تخافه! فلا تُزيل اللثام عن وجوه الشخصيات العشرين والحادية والعشرين التي رسمتها! نسجت من الخيال ما هو موجود في ذاكرتها، ونقلته ببراعة فنية إلى ذاكرة الحواس في الرؤية البصرية، لنحيا الحياة ماضٍ اندمج في مستقبل لا يمكن للعقل البشري إدراكه أو التعامل معه رغم المنطق البارز في محاكاتها للوحة "المجهول". وربما لم تصل إلى قناعة منطقية رغم رمزيتها لقرن الحادي والعشرين الذي نعيشه: الغربة... المجهول... التخفي والتشتت الفكري بشتى الأساليب. ألوان تميل إلى السخونة، رغم امتزاجها بألوان حيادية باردة. لكنني شعرت بقوة أحادية حولت المساحة النفسية إلى انسجام وتناغم، رغم الطقس الممطر البارد في الخارج، لكنّها استطاعت أن تعزلني عن العالم الخارجي، وتجعلني في رحلة نفسية هادئة، بين قرية ومدينة ضمن لوحاتها حيث اختلطت فيها الرؤى. المزج بين عناصر مختلفة هو اندماج فكري موحد في عملية خلق إبداعي، هو تجريد وإعادة صياغة في رؤية فنية حملتني نحو الماضي والخيال وذكريات الطفولة في لوحة احتفالات تجمع الوجود الطفولي، والوجود الكوني الذي كثفته في شكل فني ضمن مستطيلات ثنائية الأبعاد ذات زوجين من ضلعين متقابلين متساويين في تجريدية هندسية، جعلتني أمسك بلون أبيض بصري استوقفني عند تلك الزاوية الضائعة التي بحثت عنها في ذكرياتي، فوجدت نفسي في اللوحة مستلقية أتأمل جمال السماء لأنها خلقت أجواء من خيال جعلتني أحيا في زاوية ضائعة عبر عالمها في هندسة لونية رأيت فيها الشمس وردة كالدهان. يقول روبين جورج كولنجوود: "إن الفنان لا يعظ ولا يرشد، ولكنه يتنبأ، لا بمعنى قيامه بالكشف عن الغيب، ولكن بمعنى قيامه بإبلاغ المتذوقين بأسرار قلوبهم". وهذا ما أحسسته في لوحتها من ذكريات بسيطة ما زالت تحيا في أعماقها من خلال لوحة "ذكريات" من الطبيعة بأسلوب تجريدي متقن ومزج لوني جعلني أشم عطر زهور بيضاء ذات أشكال بصرية متحركة تحت تأثير لون جعلها بارزة في إيقاع فرح طفولي أعادني لضوء الشمس مرة أخرى، رغم البرودة في الخارج عند الغروب كما في لوحة ذكريات القرية، حيث تظهر مساحات متكررة في فراغات ضوئية تبدو كمربعات تبث الروح في مستقبل تقني تكويني في زمن مستقبلي جعلتني أراه. ديزي لم تقلد الطبيعة بل جعلت منها بناء فكري خيالي مستقبلي، متجولة بين ماضٍ في ذكريات طفولية وبين مستقبل متصحر قد يكون. وهذه قيمة حقيقية في أعمالها، نبعت من أحاسيس جمالية أثارتني، مما منحني إشباعًا نفسيًا وفكريًا في قالب أكثر موضوعية. ومنطق يقول ديفيد هربرت لورانس: "الروح الإنسانية تحتاج للجمال الحقيقي أكثر من حاجتها للخبز". وهذا ما جعلني أتأمل جمال العقل الإنساني تحت شجرة الهدوء، وكأنني أم نص أدبي للأديب سليم الرافعي، يقول فيه: "هل هذه الشجرة قفص يحتوي أمة واحدة؟ أو عدة أمم؟". وهذا السؤال طرحته على نفسي رغم بساطة الألوان وغرابتها ودقة الخطوط التي استعملتها، فالعلاقات اللونية والمساحة والتناسق والإيقاع وإثارة التساؤل عبر دغدغة الخيال والحواس معًا في لون أصفر ومربع مرئي يضم الشجرة، جعلتني أتساءل: هل يتعدد الفكر؟ أم يتوحد في أفكار تتناغم؟ مما جعلها تمتلك خصائص موضوعية حملت مضمونًا ورسالة قرأتها في بصمة حملتها اللوحة هي لديزي أبي جابر. ضحى عبدالرؤوف المل Doha El Mol المقال تم نشره في جريدة الإنشاء طرابلس عام 2011
×
الفنانة ديزي أبي جابر
لاحقا
أنوثة اللون وتناقض الحياة. عند لينا العكيلي
BY الفنانة لينا العكيلي
8.0
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
أنوثة اللون وتناقض الحياة. عند لينا العكيلي ضحى عبدالرؤوف المل تُلاعب "لينا العكيلي" الذاكرة البصرية من خلال تموّجات الخطوط، وتمنح اللون نبضًا أنثويًا يحمل متاعب ومباهج الحياة، لندخل معها في متاهة العين الواحدة كرمزٍ للقوة أو الضعف. كأنها تتحدى اللون من خلال العين التي تظهرها أو تخفيها في تجسيد دقيق تارةً، وعشوائي تارة أخرى! وكأنها تتجاوز الخطوط الرئيسية في الرسم كطفلة صغيرة تضع تشكيلًا متناسقًا ومن ثم تلاعبه من خلال مضامينها المعرفية التي ترغب في إظهارها للعين التي ترى أعمالها، أو العين التي تلامس الدهشة أو الذهول في ذهن المتلقي لأعمالها. رمزية اختلطت مع الألوان الباردة والنارية، لتخلق عالمها من خلال رؤيتها الخاصة للخطوط المتماوجة التي تعتمد عليها في ليونةٍ لها مدلولاتها الفنية. وهي ذات تعبير نفسي هادئ له تشكيله الخاص والمميز عند "لينا العكيلي"، كالوجوه الملونة، والشفاه المكتنزة، والدوائر، والمثلثات، والمربعات. وكأنها تبرز المادة الإنسانية بمعناها الحسي والملموس بعيدًا عن صراع الحضارات، وقريبة من لون الحياة الصاخب، وكل ذلك في بهجة رمزية محاطة بخطوط دقيقة وشفافة تعكس ازدواجية رؤيتها الهندسية في توزيع متوازن تنبثق منه مساحات تبرز عمق اللوحة، فنشعر بالاسترخاء والتأمل. قوة وصلابة جمعت بينهما في رقةٍ متناهية، اختصرت مضامين عديدة في دمعة إيحائية تضعها ضمن خطوط متشابكة. تاركةً اللون الأبيض بعيدًا عن النور ليتوزع الضوء في تقنيات كالنوافذ المفتوحة أو كمقطوعات موسيقية لا محدودة، متحررة من نقطة بدأت بها لتحولها إلى متاهة ذهنية لها جماليتها، وخاصيتها المحببة التي تتخذ من الحركة هدفًا أساسيًا مبتعدةً عن الأشكال الواقعية في أسلوب شاعري يلغي الخلفية ويظهر السطح المرئي في محاكاة توظّفها لإثارة الحوار الداخلي مع المتلقي لأعمالها. تباعد وتقارب في أضداد تبرز معانقة الخطوط والألوان الأفريقية، كأنها توازن الأحجام مع اللون بتناسق متناغم، تاركةً لريشتها الجمبازية حركات معاكسة تتلاصق حينًا، وتتقارب أحيانًا، لأشعر بأنوثة التشكيل التي تجمع الرمادي مع الأحمر والأسود، تاركةً للأزرق سحره الخاص في لوحات انطلاقة لتظهر النقطة كأنها دوائر الحياة التي تحيط بنا. لا شعوريًا، تشعر بعدم الاكتفاء من الغوص داخل لوحاتها، فهي تتركنا نتحاور بلغتها اللونية طفوليًا، فنتعلق ببراءة طقوسها وبراعة حركة خطوطها، وكأنها تنقل أفكارها الهندسية من وحي ذاتها، فتتجاوز صراع المرأة والرجل في ظل نضج فني استطاعت من خلاله أن تنقل إحساسات الحب والألم والفرح والحزن في انعكاس تجريدي إيحائي تأثرت به كما تأثرت بنظرة العين الحادة والدامعة، والحزينة، وكأن روحانية العين متعلقة بروحانية العيون الناظرة إليها. تقول كلود عبيد: "إن الفن حررنا من خامات تقليدية أكاديمية، والاستجابة لخامات جديدة يمكن للفنان أن يصوغها في قوالب فنية"، لكن لينا حررتنا من الأشكال الهندسية كما ربطتنا بها ببراعة فنية تعبيرية تجريدية تواقة للحرية ومرتبطة بالخطوط والأشكال التي تتراقص في حضور ذهني متشوق لاكتساب من خلطها للألوان وحتى انعتاقها من المحدود ما بين أحجام مختلفة ومتنوعة كالمثلث والدائرة والمربع، مراحل نفسية تناغمت معها ومع مادة الأكريليك البراقة، وكأنها تنقلنا إلى مراحل الحياة، فنتجرد من الأفكار والضغوط النفسية لنستمتع بالثغر وحاسة الذوق، والأنف وحاسة الشم، والأهداب مع الخطوط المتوازية والعامودية التي تتقاطع لتفصل الأجزاء قبل أن تجمعها العين. لتحقق اللذة الجمالية وكأنها تؤسس في كل لوحة توازنًا بين الفراغ والكتل في فضاء مفتوح، وتؤكد على خطاب لوني وظفته بمهارة تجبرك على التأمل والسفر في كثافة اللون المتناقض، وكأنها تضع كل خبايا ذاتها في أفق مخيلتها، ليظهر الغموض إيحائيًا، وكأنه وليد دهشة الحياة التي تعيشها. فاللون الأسود في كل لوحة يتماسك، وكأنه أجرام سمائية معتمة تتجانس مع الأبيض والألوان الأخرى لتتعايش في كينونة إبداعية واحدة وُلِدت من ريشة أنثى اللون "لينا العكيلي". ضحى عبدالرؤوف المل
×
الفنانة لينا العكيلي
حصلت العكيلي على بكالوريوس هندسة تصميم داخلي في جامعة كنجستون بريطانيا عام 1996. وفي عام 1993 حصلت العكيلي على دبلوم فنون جميله وتصميم كلية ..
روح الحياة الإنسانية التي تغدو كحضارة فنية
BY Artist Alberto Yabara
8.0
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
روح الحياة الإنسانية التي تغدو كحضارة فنية تشكيلية ضحى عبدالرؤوف المل يهتم الفنان المكسيكي الأميركي "ألبرتو إيبارا" (Alberto Yabara) بالواقع المعيشي المكسيكي والأصول الحياتية التي تنبع من ذاكرته، ويترجمها برسوماته التي تضج بالألوان الشعبية القادرة على بث روح الحياة الإنسانية، التي تتحول إلى حضارة فنية تشكيلية متشبثة بالأسس العائلية، وبالبنية الفنية المحببة لريشة ذات قوة بصرية تندمج مع المحسوسات بحدس رؤيوي يتصل بالعادات والتقاليد والتفاصيل الحياتية المرتبطة بذاكرة تعج بتفاصيل الزراعة والعمل اليدوي، والمشاهد الحكائية المصورة. هذه الرسومات تشكل فلسفة ارتواء فني مترجم لحياة مضت، تفجرت منها الحداثة التي يبتعد عنها إيبارا في إخراجها من رسوماته، بينما يقترب منها بوضعها ضمن الماضي الذي تشكل منه الحاضر الفني الذي يتمثل باللون الأصفر، وحقول الذرة، والبيوت البسيطة، وما رافقها من أفلام شهيرة في زمن طفولته الذي يرسمه بوهج واشراق ضوئي يعكس جدية الأشخاص في لوحاته. كما تبرز قوة الريشة التي تجمع تفاصيل الحياة اليومية في مجتمع متآلف يحافظ على الشعور المكسيكي الخاص، المثير للاهتمام من حيث قدرته على ترجمته باللون والخط والرسومات التي تروي قصص الشعوب التي تعيش الكدح والجهد، لتنتج ما يجعلها قادرة على البقاء. فهل رسومات الفنان "ألبرتو إيبارا" مرتبطة بالمعتقدات الشعبية؟ أم أنه يستحضر من الذاكرة ما يجعلها تحيا في لوحة تعكس مجتمعًا شعبيًا يرسخ في أعماق الوعي الفني؟ يغوص الفنان "ألبرتو إيبارا" في البُعد الاجتماعي الفلكلوري الزراعي، ويسعى من خلاله لإماطة اللثام عن المجتمع الشعبي المكسيكي وما يعانيه في أرضه، وفي المحافظة على هوية وجوده التي تصب في قوة روح الجماعة أو المدينة أو القرية أو ما تجسده التقاليد الزراعية أو سواها من جماليات تثيره فنيًا. فيسعى لإبقاء التراث المكسيكي الغائب الحاضر في حياته ضمن لوحات تمتد حتى كجداريات تروي حكايات لا تنتهي، وتنتقل من الجد إلى الحفيد وإلى الأجيال القادمة. وهو بهذا يتمسك بالجذور التي يعشقها ويرسمها بأريحية تغلب عليها المعايير الفنية التي يضعها تحت المجهر التشكيلي، وضمن منهجه اللوني الخاص. إذ تنمو تدرجات الألوان عبر الضوء الذي يمنح اللون شروق الشمس ومغيبها، وكأن المتأمل في لوحاته يعيش في حقل طيلة النهار، من الشروق حتى المغيب، عبر تدرجات الألوان من الخفيف إلى الأقوى وبالعكس. بهذا، يوحي بقوة المزارع المتمسك بالحياة الزراعية في أرضه ووجوده. والخطوط في لوحاته تمثل الأزمنة التي يتعلق من خلالها بالأمكنة وجمالياتها وقوة ألوانها الزاهية، وتطورها من حيث التقنيات التي يستخدمها في لوحاته، مما يؤثر في المشهد الحياتي بشكل عام. يجعل الفنان "ألبرتو إيبارا" من لوحاته شريط ذكريات يحكي من خلاله قصة مجتمع مكسيكي زراعي، بدءًا من البيوت وأشكالها، وصولاً إلى النباتات والمزروعات، ومن ثم المشاهد السينمائية، دون الخروج من روح المجتمعات التي ينتمي إليها تراثيًا ولونيًا وفلكلوريًا بمعنى التقاليد الزراعية وسواها. وبتعبير إبداعي، هو أقرب إلى القصصي الفني التشكيلي، وبنظم فنية ذات طقوس خاصة، وبشغف يرمز إلى خلق زخرفات معاصرة من الألوان التي تشكل ثقافة بصرية ذات مهارات مصقولة، وفق صياغة نسج منها حقوله التشكيلية الخاصة. ويهدف إلى إبقاء القرى النابضة بالحياة أو المدن التي تحولت من طور إلى آخر، وبسمات مكسيكية تزدحم فيها البيوت وتنبجس عنها فلسفة البقاء في واقع ذي رؤى طفولية، يصدر عنها الحنين والفيض الاسترجاعي للماضي بشاعرية تتصل بالألوان ومعانيها. وبصمت البارد والحار، والتدرجات والتناقض والتضاد، مما يشير إلى الإحساس بالغربة والحنين للعودة إلى حيث الولادة الأولى. فهل ترافق لوحات الفنان "ألبرتو إيبارا" الألوان التي تترجم الغربة والتشتت والخوف من الحداثة والابتعاد عن الجذور؟ تم نشره في جريدة المدى 2019 Doha El Mol
×
Artist Alberto Yabara
من مجموعة متحف فرحات
حضور القلب
BY Artist youssef ibrahim
8.0
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
حضور القلب ضحى عبدالرؤوف المل حضور القلب له لغة إيمانية خاصة تدعو كل مؤمن إلى النظر إلى لوحاته الصوفية التي تحاور الناظر إليها روحياً. ففي أعمال الفنان السعودي "يوسف إبراهيم" خاصية استثنائية ميزت كل لون، مما جعله عملاً فعلياً نستدل منه على كونية ذاخرة باللون الحي الذي يتوهج في البصر، وكأننا نقرأ شعراً، أو نسمع نشيداً، أو نجد أنفسنا في حلقة ذكر وتسبيح ترفعنا نحو الأمل والشوق للقيا الأحبة في عالم حروفي يشبه تناغم الذرة مع حركة اتصالية بين الأرض والسماء. كما برزت مدلولات صوتية من خلال دمج ألوان ذات معاني جمالية ولغة خاصة يتكلم من خلالها الفنان بصمت، مما يجعل البصر يتجمع ويتفرق وكأن الحرف يتراقص في فراغ، يمده ويقبضه تبعاً لأحاسيسه التعبيرية. إنه حرف عربي له عالمه الفني والقدسي، يفتح له مساحة ذات حدود يستريح فيها ويقرأ لنا لغة فنية تشكيلية تتماشى بصرياً مع خيوطه الذهنية ومفاهيمه الإسلامية التي تجذبه. أحياناً، ينسى الأبعاد ويترك الكتل في فضاء لوحته لتتحرر، ناسيًا فرشاته، كأنه في جلسة روحانية ينطلق منها لذاته. "يوسف إبراهيم" هو فنان الأحرف الذاكرة القابلة للتناغم والاندماج بشكل عام مع كل ناظر إليها. المضمون الصوفي الذي يطرحه يعتمد على مقايس الحروف والخطوط العربية الرمزية ذات المعاني والدلالات التي تمثل أصالة إسلامية يتمسك بها، وطواف ذو أبعاد موسيقية حسية تبحث عن الحقيقة الوجودية في تكور جميل وانعكاسات هندسية أحياناً. كأن الخط هو المساحة الحقيقية للوحات الفنان، أو كأن لكل حرف قدسيته الرقيقة وحجمه المدروس بدقة، يتناسب مع المساحة ليمنحنا مسحة جمالية متميزة خاصة به. ترى سوزان لانجر "أنه إذا كانت اللغة هي التعبير الفكري للنشاط الذهني، فإن الفن هو لغة رمزية تقوم على علامات غير منطوقة وتعبر عن معان عقلية بعيدة المدى، بمعنى أنه نشاط يوفر لنا نوعاً من المعرفة البصرية عن طريق الشكل الفني كطريقة أخرى للتواصل البشري بجانب الطريقة اللغوية. وإن كان الفن أوسع مدى من اللغة في التواصل". وترى كلود عبيد "أن الجمال في العمل الفني يكمن في كل ما يجسد حقيقة ذهنية أو حقيقة شعورية بشكل صادق". فالحقائق الذهنية والشعورية في لوحات "يوسف إبراهيم" تتناغم مع تدرجات اللون، لتمنحه جمالاً روحياً. كأن الخطوط أوتاد تمسك الألياف البصرية، كأشعة شمس تبهرنا قبل أن نغوص في مشاهد لوحاته الصوفية. إنه في حالة لا متناهية من التناغم الروحي، حيث تتخذ الحروف أشكالاً ذات أبعاد لغوية، وكأنها تخاطب البصر هارمونياً. هكذا نتصور الكون والخلق والأجنحة، لنتأمل اللوحة كحكاية تنصت لها الحواس باستسلام. لقد استطاع "يوسف إبراهيم" توظيف ثراء فني في تكثيف اللون بتوازن مع كثافة الحرف، ليربط الحواس البصرية بالروحية، فنشعر بالكمال الروحي يتجلى حسياً في اتصاله وانفصاله. كأنه يترك الزوايا ويعطي للخط العامودي قوة ارتفاعية تمتد إلى ما لا نهاية، لنخرج مع طواف حرفه خارج اللوحة ونقول: "سبحان الله"، لأن خصائص الفراغ في اللوحة تركت الطبيعة الذاتية دون قيود، وكأنه يتحرر من كل ثقل دنيوي وهو يرسم "لا إله إلا الله" في دمج لرؤية ذات صفاء إبداعي. إنه يمتلك ثقافة خاصة وهوية انطباعية جذبتني لأكتب عن جمالية تذوقتها، جعلتني أشعر بالسخاء العاطفي من خلال اللون والحركة، وسماكة الحرف وشفافيته، وسيطرته على الخطوط الهندسية ذات التعبير المتماهي مع كل خلفية لونية أشرق معها البصر بتواصل ذات تأثير نفسي، وانعكاس لحركة داخلية حيوية ذات بعد روحي حروفي. يقول بابلو بيكاسو: "أعترف أن آخر نقطة وصلنا إليها في التجريد، سبقنا إليها الخط العربي بأزمنة بعيدة." بقلم: ضحى عبدالرؤوف المل تم نشره عام 2012 جريدة اللواء
×
Artist youssef ibrahim
لاحقا
«
112
113
114
115
116
»