Movie
Series
Books
Paintings
Article
Anime
Interviews
Theater
Login
 
Contact Us
 
فن تصويري حكائي
BY Artist Antonio Segui
8.0
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
فن تصويري حكائي ضحى عبدالرؤوف المل يسرد «أنطونيو سيغي» بسخرية فنية تشكيلات تحمل نفحة من بوب آرت، ومن الحياة اليومية ما هو ساذج وواقعي وخيالي. ليقدمها كتصميمات لمشاهد كوميدية لا تخلو من هزليات متكررة ذات وجوه متعددة كاريكاتيرية، وشخصيات نمطية تضعنا تشكيليًا أمام محادثات إيحائية وحوارات إيمائية توحي بتفاصيل إنسانية يومية، وانتقادات اجتماعية محببة فنيًا. فهو يصور شخصيات قصصية تسرد الوقائع التعبيرية من خلال الحركة الكرتونية أو الكاريكاتيرية، والألوان التشكيلية الصاخبة المتوهجة، والمتناقضة حيث المعنى الظاهر في الأسلوب التقني للون، والشكل والحجم، والفراغ، والضوء، والخطوط المشدودة نحو اللون، وكأن «أنطونيو سيغي» يصرخ حسيًا بواسطة قلم حبر أو فرشاة أو ما إلى ذلك من وسائل فنية استخدمها في سرده التشكيلي الساخر «هكذا نحن في هذا العالم». شوارع، مدن، أبنية، شخوص هزلية، كرتونيات بصرية تعيدنا تشكيليًا إلى أسس حياة مليئة بالضجيج، فالفن التصويري عند «أنطونيو سيغي» لغة يقدمها ضمن لوحات يحاكي من خلالها المجتمعات المعولمة، والصارخة بالتكاثر والازدحام، والروتين الحياتي المؤدي إلى جمود الإنسان، ووضعه ضمن ممرات وأشكال، وكائنات تتكرر في كل زمان ومكان، وكأنه يتعالى بالإنسان فوق جمود المادة. ليتخطى بذلك كل حركة تأخذ منه ذاته، وتجعله كرجل آلي مبرمج يندفع كلاسيكيًا ضمن نظام يومي يسرق منه جمال الحياة، بل ونظامها الطبيعي المفقود من لوحات لا نرى فيها إلا الأبنية والشخوص والمحادثات التقليدية اليومية. يبني «أنطونيو سيغي» فكرة لوحته على وهمية الحدث، وقصة مشهد تبدأ من أناقة مبالغ فيها، وصولًا إلى ما يشبه المهرج، فخليط الأشكال يثير دهشة العين التي تحاول متابعة شخوصه إلى ما لا نهاية، ومن ثم تحاول رسم المشهد ذهنيًا من جديد، فالألوان الزاهية المشرقة بالضوء، والمزدانة بالأمل تدفع الحواس بعيدًا لتفتش عن الأشجار والزهور في لوحاته المصممة بصرامة وقوة فنية، تجعل منها مقروءة كنص سردي تعبيري ينتقد من خلاله المجتمعات الكبيرة، وانعكاساتها البنائية على الإنسان. ليحاول «أنطونيو سيغي» بذلك تفكيك الإنسان ليعيده عبر الأزمنة إلى أماكن هي نفسها في كل مرحلة، فافتراضية الحركة لشخوصه بين الأبنية هي اختراق للماضي والحاضر، لتتكون المستقبل متشابكًا أيضًا، ولكن محاولًا تقديم نظرة ساخرة عن ذلك بلغة فن تصويري يحمل هموم الإنسان المعاصر والمعولم افتراضيًا. تتدافع شخوص «أنطونيو سيغي» التصويرية في مشاهد ذاتية تبتعد عن موضوعية اللقطة المشهدية الجافة تعبيرًا، وتضع المتلقي أمام الانتقادات السخية هزليًا وجهًا لوجه لأجواء المدن، وسخافة الضغوطات الحياتية التي نرزح تحت عبئها، لنحافظ على المظاهر من مفاخر الثياب، وما إلى ذلك من مجاملات حسية ومادية تسلب منه متعة الحياة، وتتركه وسط دراما تعيد نفسها بنفسها في كل حين، فالتناقض والتضاد في الحركة هو نوع من التقارب والتباعد، والتكرار، والسيمترية لتختزن اللوحة ذاكرة شعب منهك افتراضيًا أو بالأحرى مجازيًا، لأن حجم الإنسان المتقلص أمام الأبنية أو الضخم بالنسبة للأبنية ما هو إلا مشهد حي متخيل ضمن بانوراما أو فانتازيا تشكيلية هي هزلية من حيث المبالغات في الأحجام المتناقضة والتضاد اللوني المتغاير ضوئيًا تبعًا لحركة المتلقي واتجاهاته. ليوهم الحس بالحركة المتزامنة مع المحاكاة اللونية التي يشدد عليها «أنطونيو سيغي» في لوحاته التصويرية الهزلية. توازنات لونية زاهية، وإيقاعات حركية ذات شعبية كوميدية وتراجيدية، وخطوط عامودية وأفقية ومائلة رسمها ضمن نظام هندسي تصويري هي بمثابة مشهد قصصي يثير البصر، ويؤدي إلى حوارات داخلية وأوبرالية فنيًا، فهي مكثفة فراغيًا بحيث تبدو مشاهد الازدحام تخيلية، وتوحي بغرابة الحياة اليومية. كما توحي بتشكيلات سردية سيمترية صارمة بقياساتها وأحجامها، منتقدًا مجتمعات المدن الكبيرة وأسلوب حياتها اليومية المتكررة محاولًا حث الإنسان إلى اكتشاف رسالته العميقة داخل كل لوحة برزت فيها سردياته الفنتازية المشحونة بالجمال. فالتفاصيل الفنية في أعمال «أنطونيو سيغي» مترابطة مع بعضها البعض، كمفردات بنائية تحمل معنى حياتي يضيف إلى الذهن قضايا اجتماعية تحليلية تسخر من ذاتها، وتضعنا أمام لغة هزلية تشكيلية محببة للنفس. لأنه يروي قصصًا مدموجة بفن تصويري حكائي له نظمه وقوانينه التشكيلية الصارمة من حيث اتساع اللوحة، وعدد مفرداتها التشكيلية وانسجامها مع المشهد التركيبي المحبوك بموضوعية تنم عن غموض فني ذي معايير واضحة تصويريًا، لكنه مبطن بتفاصيل مخفية بين الأجزاء اللونية والفواصل الفراغية المتلائمة مع حلاوة البناء الداخلي للوحة. ينتقد «أنطونيو سيغي» في أعماله الفنية أفعال الإنسان الاجتماعية، ومظهره الخارجي مع الاهتمام برسم التعابير الجسدية الإيمائية المفهومة حسيًا عند المتلقي، كحركة الأرجل المرفوعة، والقبعة، وربطة العنق وإيحاءاتها الساخرة اللاشعورية المثيرة للضحك مجازيًا مستخدمًا ألوانًا حارة، ليوحي بقوة المشهد الانتقادي وخفايا الحركة المستترة بين الخطوط والأحجام المتناقضة لخلق فضاءات تعكس حالات مضحكة، ولكنها عميقة المعنى وجريئة تشكيليًا، لأنها تحتاج لقدرات تخيلية تصويرية ذات أسس فنية مبنية على تأثيرات الشكل واللون، وغواية شخصيات متشابهة من حيث التلاعب بانعكاسات الألوان وأبعاد الرؤية الفنتازية. تم نشره في جريدة اللواء لبنان عام 2014
×
Artist Antonio Segui
أنطونيو سيغي (11 يناير 1934 - 26 فبراير 2022)، هو رسام كاريكاتير ونقاش ورسام للكتب ونحات أرجنتيني، عاش وعمل في باريس-فرنسا منذ ستينات القرن العشرين. تم عرض أعماله في جميع أنحاء العالم من خلال المؤسسات الفنية. وترك أنطونيو سيغي وراءه رصيداً غنياً من اللوحات والمطبوعات الحجرية والنقوش التي تتسم بالحنين والطابع الشعري وتعبّر عن نظرة ساخرة إلى المجتمع، غالباً ما حضرت فيها شخصيات رجال يعتمرون القبعات. ولم ينقطع سيغي رغم إقامته في فرنسا عن التردد باستمرار على بلده الأم الأرجنتين، إلا خلال حقبة الديكتاتورية (1976-1983)، عندما رفضت السلطات العسكرية تجديد جواز سفره. وفاته توفي في يوم السبت 26 فبراير 2022 في بوينس آيرس عن عمر 88 عامأً. ونقلت صحيفة «لا ناسيون» عن مقربين من أسرة سيغي أنه توفي بسكتة قلبية بعد خضوعه لجراحة في الورك. https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A3%D9%86%D8%B7%D9%88%D9%86%D9%8A%D9%88_%D8%B3%D9%8A%D8%BA%D9%8A
الفنان جبران طرزي يروي قصصًا هندسية في بيروت
BY Artist Gebran Tarazi
9.0
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
الفنان جبران طرزي يروي قصصًا هندسية في بيروت ضحى عبدالرؤوف المل تُعدّ أعمال الفنان اللبناني جبران طرزي نموذجًا فريدًا في الحركة التشكيلية المعاصرة، حيث تتسم بالتركيب الهندسي الدقيق الذي يُذكّر بالفن المغربي التقليدي، خصوصًا في استخدام الخطوط التي تُنسّق لتؤلف مجموعة متكاملة من الأشكال الهندسية كالمثلثات والمربعات. هذه الأشكال لا تظهر عشوائية أو مجرد زخرفة، بل هي نتاج دراسة متأنية ودقة متناهية، تجعل من كل لوحة مزيجًا متناغمًا من الإيقاعات البصرية التي تتفاعل فيما بينها بإبداع عالٍ. تتشابه أعمال طرزي مع الفن المشرقي الذي يتجلّى في الأسلوب الديناميكي الذي يرتكز على التكرار الهندسي والتوازن الدقيق بين الفراغ والمادة، ما يخلق إحساسًا بالحركة والثبات في الوقت ذاته. الخطوط التي يستعملها الفنان ليست مجرد حدود تفصل بين المساحات اللونية، بل هي عناصر بناء أساسية تقوم بتقسيم المساحات لتشكيل شبكة معقدة تنظم الرؤية وترشد العين عبر اللوحة. تتشابك هذه الخطوط ببراعة لتؤلف أشكالًا هندسية متعددة، تتراوح بين المربعات التي ترمز إلى الاستقرار والتنظيم، والمثلثات التي تضفي حيوية وتنوعًا على التركيب. تتطلب هذه الأعمال من الفنان مستوى عاليًا من التركيز والمهارة الحرفية، إذ لا مجال للخطأ في رسم هذه الخطوط المتشابكة؛ فدقتها تحكم جمالية العمل وروحه، وتعكس توجهًا فنيًا يجمع بين الحداثة والتقاليد. ويتجسد هذا التوازن في اختيار طرزي للألوان المتناسقة، التي تضيف عمقًا وبعدًا بصريًا للتركيبات الهندسية، مما يجعل اللوحة ككل تنبض بالحياة وتشدّ المشاهد إلى تأمل التفاصيل الدقيقة. فلوحات جبران طرزي هي لغة بصرية تتحدث من خلال الأشكال والألوان، تعبر عن التوازن والجمال والابتكار، وتدعونا إلى النظر إلى العالم من زاوية مختلفة، حيث تكون البساطة هي أساس التعقيد، والخط هو جوهر الواقعية. إذ يتميز الفن الهندسي الطرزي باستخدام التماثل والأنماط المتكررة، مما يمنح اللوحات إيقاعًا وتناغمًا بصريًا يعكس توازنًا داخليًا متناغمًا. فالتماثل لا يقتصر على الجانب الجمالي فقط، بل يحمل دلالات عميقة ترتبط بالنظام والتنظيم، وهي قيم أساسية في الكثير من الحضارات والثقافات. كما تتنوع الألوان في هذا الفن بين الدرجات الحادة والزاهية إلى الألوان الهادئة والمحايدة، حيث تستخدم الألوان ليس فقط كعنصر جمالي، بل كوسيلة لإيصال المشاعر والأفكار. فالألوان تخلق جوًا خاصًا وتعزز من قوة الأشكال الهندسية، مما يجعل المشاهد يعيش تجربة فريدة تثير في ذهنه التأمل والتفكير. كما يتيح الفن الهندسي البصري والحركي، إن صحّ القول، حرية كبيرة للفنان في التعبير عن ذاته، فهو لا يقيد بموضوع معين أو قصة محددة، بل يفتح المجال للإبداع والتجريب. وهذا ما يجعل كل عمل فني فريدًا من نوعه، يحمل توقيع الفنان ورؤيته الخاصة. وهذا شكل من أشكال التأمل؛ إذ يتيح للمتلقي الاسترخاء وخلق النظام والجمال من وسط الخطوط الصارمة الظاهرة. بالإضافة إلى ذلك، فإن هذه التركيبات الهندسية تحمل في طياتها رمزية متعددة، إذ تعكس تجربة الفنان في الجمع بين التراث الفني الشرقي والحداثة الغربية، مجسدة رؤية فنية توّجهها الرغبة في ابتكار لغة بصرية جديدة تنسجم مع الروح المعاصرة دون أن تفقد جذورها التاريخية. وهذا ما يجعل أعمال جبران طرزي ليست مجرد تشكيلات هندسية بصرية، بل حوارًا مستمرًا بين الماضي والحاضر، وبين الفن والحرفة، وبين الفكرة والتنفيذ، مما يمنحها حضورًا مميزًا في المشهد التشكيلي اللبناني والعربي. تستضيف صالة "أجيال" في بيروت معرضًا لأعمال الفنان اللبناني جبران طرزي، أحد أبرز رواد الحركة التشكيلية اللبنانية. يسبق المعرض محاضرة علمية أُلقيت في 6 أيار/مايو 2025 في الجامعة الأميركية في بيروت (AUB)، ألقاها الأستاذ مراد منتظمي، وتناولت العلاقة الجدلية بين الحرفة الفنية العربية والفن الحديث، متخذة من جبران طرزي نموذجًا للدراسة. حضر المحاضرة أكثر من 70 طالبًا ومثقفًا وخبيرًا فنيًا. وفي اليوم التالي، 7 أيار/مايو، افتُتح المعرض رسميًا بزيارة طلابية، ويستمر حتى 14 حزيران/يونيو 2025. الأستاذ مراد منتظمي، مؤرخ فني وناشر وأمين متحف، شغل سابقًا منصب أمين قسم "الشرق الأوسط وشمال إفريقيا" في متحف "تيت مودرن" بلندن بين عامي 2014 و2019. أسس لاحقًا منصة "زمان بوكس آند كيوريتينغ" المتخصصة في النشر وأمانة المتاحف، بهدف استكشاف الحداثات في العالم العربي، الإفريقي، والآسيوي. تُعرض أعمال طرزي حاليًا في صالة "أجيال"، التي تأسست عام 1990 وتُعد من أبرز صالات العرض للفن الحديث والمعاصر في بيروت والعالم العربي. وقد عُرفت بتقديمها أعمالًا لفنانين مرموقين ومواهب صاعدة على حد سواء. من جهة أخرى، تحتضن الجامعة الأميركية في بيروت منذ 12 آذار/مارس 2025 جناحًا لمؤسسة "جبران طرزي" ضمن معرض "الجدران المفتوحة"، الذي لا يزال قائمًا حتى اليوم. هذا الحضور المميز يرسّخ موقع جبران طرزي كأحد أعمدة الفن التشكيلي اللبناني، إلى جانب رواد مثل خليل صليبي، صليبا دويهي، عمر أنسي، وسيزار جميل. وفي العام نفسه، خصصت مجلتا "الأديب العراقي" و"المجلة العربية" في السعودية مقالات موسعة ومعمقة حول مسيرة جبران طرزي الفنية وتجربته بالتوثيق والتحليل، مما يعكس المكانة البارزة التي يحتلها في تاريخ الفن العربي الحديث. قد حظيت تجربة طرزي الفنية بتغطية واسعة، كما ألّف الناقد العراقي خضير الزيدي كتابين عنه: "جبران طرزي – سيرة إبداع فني مشرقي" (دار الأديب، الأردن، 2024) و"جبران طرزي – رائد الأصالة والتجديد" (بغداد، 2025). وبدورها، تناولت الناقدة اللبنانية ضحى عبدالرؤوف المل أعمال جبران طرزي في كتابيها "لمح بصري" و"توازن بصري"، الصادرين عن دار الجندي بالقاهرة عام 2024. يُشار إلى أن الفنان جبران طرزي وثّق رؤيته الجمالية في كتاب "التنويعات الهندسية" (دار الفنون الجميلة، لبنان، 2007)، فيما صدر له كتاب "المواسم الاثنا عشر" عام 2017 في باريس عن دار "زمان"، من تأليف المؤرخ الفني الفرنسي مراد منتظمي. كما حظي جبران طرزي بدراسة في كتاب "الهندسة والفن في الشرق الأوسط الحديث" بالانكليزية عن دار"سكيرا" وهو مجلد صدر في لندن عام 2019 حول استخدام الهندسة الاسلامية في الفن الحديث والمعاصر بتوقيع روكسان زاند والأكاديمية سوزان باباي علماً أن مسيرة جبران طرزي موثقة بشكل كامل من قبل "متحف بيروت للفن المعاصر" (BeMA)، ويمكن أيضًا مراجعة كتب موثقة حول جبران طرزي في كل من المتحف العربي للفن الحديث في الدوحة - قطر، ومتحف سرسق في بيروت - لبنان، والمتحف الوطني للفن الحديث والمعاصر في تونس، والمتحف الوطني الأردني للفنون الجميلة، وصولًا إلى المدرسة العليا للفنون الجميلة في الجزائر، وجامعة نيويورك أبوظبي، وجامعة القديس يوسف (USJ) في بيروت - لبنان.ومعهد العالم العربي في باريس _فرنسا ومتحف مجموعة الابراهيمي للفنون التشكيلية العراقية
×
Artist Gebran Tarazi
الفنان اللبناني "جبران طرزي" – السيرة الذاتية بقلم مارك جبران طرزي ولد الفنان اللبناني الهندسي التجريدي "جبران طرزي" Gebran Tarazi سنة ١٩٤٤ في دمشق في بيت تراثي عريق وفي أسرة امتهنت الحرف المشرقية منذ أكثر من ١٦٠ سنة مثل الأعمال الخشبية الهندسية من أرابسك ورسوم نباتية نافرة التي تخصص للقصور المشرقية الفاخرة بالإضافة إلى تجارة التحف المشرقية المزخرفة من نحاس مرصع بالفضة التي تحمل بعض تحفه المتحفية إسم "طرزي" مرصعا بالفضة. علما بأن هذه الأعمال لآل الطرزي كان لها انتشار في عدة عواصم عربية مثل دمشق وبيروت والاسكندرية والقدس. ويسجل تاريخيا انتقال الأسرة للإقامة في بيروت سنة ١٨٦٠ وعرفت أيضا بطباعة البطاقات البريدية التي توثق تاريخ بيروت ومدن المشرق. وشاءت الأقدار أن ينتقل والد الفنان اللبناني "جبران طرزي" السيد ألفرد مصطحبا نجله جبران وزوجته إلى مدينة الرباط في المملكة المغربية الشريفة في الأربعينات من القرن العشرين حيث تربى جبران طرزي لينهل من الفنون البصرية المغربية وتجارة التحف المغربية وذلك يضاف إلى احتراف الأسرة الفنون المشرقية أي بذلك تكوم الأسرة وفقت بين كل من الفنون العربية المغربية والمشرقية. في طفولته وشبابه في مدينة الرباط انكب جبران طرزي على المطالعة والقراءة في الأدب الفرنسي ثم عادت الأسرة نهائيا إلى بيروت سنة ١٩٥٩ واستمرت في نفس النشاط الحرفي العربي الفني إلا أن جبران طرزي أكمل الدراسة في الفلسفة ثم نال اجازة في الحقوق. كان جل اهتمام جبران طرزي الحداثة الأدبية وكان ضليعا بالأدب الفرنسي وألف رواية "معصرة الزيتون" خلال الثمانينات التي صدرت بعد ذلك في باريس سنة ١٩٩٦. على الرغم من اهتمامه الأدبي واعراضه عن مهنة وحرف أسرته كان جبران طرزي يهوى اقتناء التحف من سجاد قوقازي ورسوم هكوزاي اليبانية والسيراميك الصيني القديم ويظهر في روايته "معصرة الزيتون" وصف الألوان بشكل مبدع ورائع قبل أن يصبح فنانا معاصرا كبيرا. لكن خلال الحرب الأهلية اللبنانية التي بدأت سنة ١٩٧٤ فرضت الظروف الاقتصادية أن يكون مسؤولا عن الألوان والتلوين في مشغل آل طرزي للفنون الخشبية المشرقية العريقة حيث كانت له نظرة ثاقبة. أما بعد انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية وأحزانها استقر في قرية بلونة في قضاء كسروان في جبل لبنان. لم يتمكن حينذاك من استكمال مسيرته في الأدب الفرنسي لأنه كان رب أسرة فأقام عدة محاولات تجديدية بسيطة في الحرفة المشرقية من خلال تصميم مرايا وصناديق ذات الطابع الشرقي وبعد عدة محاولات وتجارب وجد نفسه يعيد ويعيد لوحة بشكل مربع. وبعد زيارة أصدقاء له ينشطون في النقد الفني في الثقافة والذين أكدوا له أنه انتقل من الحرفة المشرقية إلى الفن العربي المعاصر انتطلقت مسيرة فنية حديثة من العطاء ليلا نهارا خلال ١٥ سنة انقطع خلالها جبران طرزي عن المجتمع ليخصص وقته لتلك التجربة. كان يفتخر بأعماله الفنية الهندسية المعاصرة وذلك بأنه لم يتبع منهجية فنية غربية وأساليب مقتبسة من فنانين غريبين أو مدارس فنية غربية كما أنه افتخر بتأسيس مدرسة فنية مشرقية حديثة تختلف جذريا وتنشق عن الحرفة التقليدية التي عرفت بها أسرته. هذه الطروحات حري أن تطلع عليها المعاهد الفنية في الوطن العربي. وجاء ابتكار هذا الفنان المجدد للرسوم الهندسية وتخطيطها وتنظيمها على مئات الأوراق والخرائط قبل تحويلها وتطبيقها على عمل لوحة ملونة. أما الحديث عن تنسيق الألوان فاستغرق وقتا طويلا من التأمل واعادة النظر والتفكر والتركيز والتجارب. وهي عملية شبه هستيرية وجنونية تعيي الصابرين وتتحدى الوقت من الصباح إلى جوف الليل يوميا خلال ١٥ سنة. حتى ان الوقوف لساعات طويلة كان يؤلم قدميه. كل ذلك من اجل انجاز عمل فني يليق باسمه ومكانته ويمكن أن نجزم بأن كل لوحة تستر عشرات التجارب من الألوان أي أن اللوحة قد تخفي ٣٠ لوحة أو تجربة للألوان حتى ينتهي من اللوحة الواحدة بعد عدة أشهر. وقد توفي جبران طرزي سنة ٢٠١٠ بعمر ال٦٦ بعد عطاء فني وأدبي كبير تاركا للفن العربي المعاصر تجربة تطرح الكثير من الرؤى والأفكار. ونلفت الانتباه إلى أن أعمال "جبران طرزي" دخلت المتاحف منها "المتحف العربي للفن الحديث" في دولة قطر سنة 2015 بمجموعة متكاملة بالإضافة إلى متحف عالمي آخر شهير سنة 2023 إلى جانب مشاركته في أهم المعارض الفنية العربية وقد عرضت لوحاته في باريس سنة 2016 إلى جانب الفنان العالمي "فزارلي" تقديرا لمساهمة جبران طرزي الكبرى في الفن الحديث العربي وأصالته. وفي سنة 2023 أنجز "متحف بيروت للفن" BeMA وهو مشروع فني ضخم قيد الإنشاء في قلب بيروت تحويل كامل أرشيف وانجازات "جبران طرزي" إلى أرشيف إلكتروني رقمي ستتاح للباحثين والمؤرخين في مجال الفن مطالعته ودراسته. كما أن في سنة 2024 أدخلت تجربة "جبران طرزي" في برنامج الدراسات العليا في "الجامعة اللبنانية" الرسمية تقديرا لدوره الابداعي والفني والأدبي الريادي في التاريخ الفني للبنان والبلاد العربية.
مشاكسة حركية نابعة من الإحساس
BY Artist Ghazi Bake
9.0
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
مشاكسة حركية نابعة من الإحساس بالهموم الحياتية ضحى عبدالرؤوف المل ينحاز الفنان "غازي بكر" (Ghazi Baker) بوضوح إلى الأشكال التي تثير الدهشة من خلال المتناقضات التي يتم التركيز عليها. إذ يحاكي ذهنية المتلقي بكل فئاته العمرية، ليعكس الحالة الإنسانية في مجتمع يصوره بصخب حركي انعكاسي، كأنه يصف ما يزعج مخيلته في المدن والأماكن التي يلجأ إليها ويهرب منها. وبسخرية يشير من خلالها إلى تناقضات الإنسان نفسه في معمعة الحياة التي تضيق مساحاتها اللونية، ونشعر أننا نغرق في متاهات حركية شديدة الغموض فنياً، رغم الوضوح بين الأشكال الظاهرة والمخفية، لتكون مسدودة بألوان فكرية شتى لا تستطيع توحيد الرؤية التي ينتقدها من خلال ألوان باستيل تضج بصرياً بالإشراق الضوئي، حيث يبرز مفهومي الكبير والصغير، ضخم وضعيف، طويل وقصير، الخ... يعطي الفنان "غازي بكر" للشكل قيمته الفنية وببساطة رياضية يبرمجها من خلال العناصر الجمالية التي يلجأ إليها في تكوين مواقف حياتية تثير الضحك أو الاشمئزاز أو تسلط الضوء على الأشكال التي تراها العين كل يوم، ولا تكتشف فيها تلوثات بصرية تؤذي الذوق الإنساني، وتشتت الفكر وتحرمه من لحظات تأملية، لها قيمتها على الإنسان وحالته اليومية التي تنعكس على تصرفاته وسلوكياته. إلا أنه يتجاوز القيمة التشكيلية باستبدالها رياضياً، ليرفع من قيمتها الفنية بازدواجية تلتصق بالحياة الإنسانية وتفارقها، لتكون الأشكال لمخلوقات لو جردناها من الألوان لوجدناها كناية عن مربعات ومثلثات ومستطيلات وأشكال بيضاوية، وخطوط عامودية وأفقية ومنحنيات. وبهذا لم يفارق الهندسة ولم يلتحم مع الزخارف اللونية، إنما ترك لمخلوقاته الشعبية المحاكاة البصرية بفيزيائية حركية موصولة بتضاد لوني مركز، وإن تنوعت أساليب الريشة والقواعد الرياضية التي يلتزم بها في تأليف مقطوعاته البصرية الصارخة بالبوب آرت، والنزوع إلى انتفاضة ريشة تمارس شتى أنواع المحاكاة، لحالات إنسانية شتى تنبض بالحياة وتشكل بعوالمها قضايا مختلفة يمنحها "غازي بكر" الوجود الساخر وبضحكة مبطنة موجوعة فرحة كاشفاً عن عدة قضايا تعاني منها المجتمعات والإنسان بشكل خاص. مشاكسة حركية نابعة من الإحساس بالهموم الحياتية التي تلف القضايا الإنسانية، والمعاناة البارزة بإظهار المفارقات الثانوية التي تشكل الجزء الأهم من مساحات لوحات تستقطب حتى اللغة البصرية والكتابية، فالحروف التي يتركها هنا وهناك تشكل مساحة خاصة لها قياساتها وجمالياتها حتى بتقنية فصل الأشكال ضمن اللون نفسه كمرآة تعكس أفكاره بمرآوية أصل الإنسان بالاستنساخ الإيحائي كرأس الإنسان وفي داخله القرد الذي ينم عن نظرية أصل الإنسان إضافة إلى تطوره والمكتسبات التي تلقاها من مجتمعه كالثرثرة وحب المال والأطماع والجشع، وإن بلعبة تكتيكية تحمل عدة مفارقات تثير البصر وتدفعه إلى التغلغل بشكل أكبر نحو العمق الجمالي للوحة، إن من حيث الأسلوب المشوق أو من حيث المضمون. ليكون بذلك قد جمع فن الجمال التشكيلي الساخر عبر رسوماته تحاكي الأطفال والشباب والشيوخ بمراحل عمرية كافة محببة إلى النفس لما تحتويه ألوانها الأساسية من قوة والمركبة من شدة وحبك متذبذب بين الأكريليك والبستيل، وبمعايير قوية الضوء والظل والانعكاس، كتلك المسماة فاروس (Pharos) أو تلك التي تجسد رأس الإنسان وتغيراته عبر الضغوطات اللونية والهندسية التي شحنها بكثافة الخطوط والأشكال تاركاً للون لغته الخاصة التي تتقارب وتتباهد من خلالها الأشكال الملتحمة والمنفصلة، كأنها موسيقى البوب آرت أو الأفلام الكرتونية الراسخة في الذاكرة والممكن استخراجها من الأحداث التي يحاكيها بفن ساخر له جماليته البصرية. تم نشره عام 2016 في جريدة اللواء
×
Artist Ghazi Bake
- غازي باكر (1967) هو فنان علم نفسه بنفسه، يستمد أسلوبه الفني من الانضباط الجمالي لممارسته الهندسة المعمارية. منذ سنوات مراهقته المبكرة، كان يتعلم ويفكر في حالة دائمة من التواصل والتجديد مع العالم من حوله. يمارس الرسم منذ أكثر من 15 عامًا، لكنه لم يوافق على عرض وبيع أعماله للجمهور إلا مؤخرًا. وفي الوقت القصير الذي كانت فيه أعماله متاحة، أصبحت بالفعل موجودة في العديد من المجموعات الخاصة. - - ولد في بيروت لعائلة متعددة الثقافات ذات جذور إيرانية وأرمينية، وترعرع خلال سنوات الحرب الأهلية. في شبابه، قضى بعض الوقت في أوروبا حيث طور حب...
ضربات الريشة ذات الأنظمة والمعايير
BY Artist Hassan Yateem
9.0
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
ضربات الريشة ذات الأنظمة والمعايير في معرض الفنان حسن يتيم ضحى عبدالرؤوف المل تتشارك الأشكال اللونية مع الأشكال الهندسية المنبثقة من مقاربات تجريدية تنطلق من أهمية المقامات التشكيلية ذات الإيقاعات البصرية، المتناغمة والتي تؤلف في أعمال الفنان "حسن يتيم" (Hassan Yateem) موسيقاها الخاصة من خلال ضربات الريشة ذات الأنظمة والمعايير التي يستقي منها الخطوط واتجاهاتها، كأنه يبحث من خلال ذلك عن المرأة والأنا وأطياف اللون الأبيض أو الشفاف الذي يتراءى مع ثنائيات ترتكز على مفاهيم التحاور والتجاور، والتضاد في المقاييس وارتباط الأبعاد بالمعنى الجوهري والحيوي الذي ينطلق منه الفنان "حسن يتيم"، مما يجعل من لوحاته المتشابكة بمفاهيمها سيمونية بصرية تتماثل وتتقارب معها الخطوط في اتجاهات يمنحها العاطفة والحس الوجداني رغم تجريدها المبني على القطع الهندسية الطاغية على دقة العناصر الأخرى كالضوء والظل والشفافية والتعتيم بدرجات متفاوتة تتميز بالتأثر الرومانسي عبر تدرجات الألوان ودهشتها التي يثيرها بصريًا، فيلجأ إلى الضربات العريضة التي تمثل الوضوح والجرأة والصدق في يقينه الفني القادر على منح المتلقي قدرة على فهم اللوحة، وإن بإيحاءاتها المتعددة التي ترفد بالجمال، وبطابع وصفي تصميمي يتضمن جملة من الفنون الناشطة بصريًا، والتي تنضوي تحت مفهوم الرؤية الجمالية للمقام اللوني في الفن التشكيلي. وعي فني تجريدي شاعري يميل إلى اكتساب جمالية لها مقاماتها الفنية، الناتجة عن ثنائيات الظل والضوء، والفاتح والغامق، والخط واللون، والاتجاهات المائلة والمستقيمة ذات الانطباعات البصرية التي يعزلها عن الخيال، ويدمجها مع الواقع برمزية تجريدية تميل إلى التعبير الإيحائي المتوازن، كأنه يصمم الأثواب الإنسانية بمغزى وجودي وبموضوعية أو بالأحرى الإنسان الغائب الحاضر ضمن وقفات الفراغ المشدود إلى الضوء، وعبر نغمات داخلية منسجمة إيقاعيًا مع الحركة الخارجية والإطارات المفتوحة على عدة تأويلات تشكيلية مرنة تتغير مع الترتيب والتدرج في الخط واللون. مما يجعل من الرؤية قادرة على أن تتبلور، وبدلالات مفتوحة الآفاق وانفتاحية بتنوعها الذي يستوجب انصياع الريشة لضربات اللون الخفيفة، وفق نظم الإيقاع القوي والمتسق مع ما يعاكسه من التلاشي والشفافية. لنلمس عمق الشكل وأهميته في أعمال الفنان "حسن يتيم" ومقاماتها البارزة في إيقاع ضربات اللون. حركة بصرية تنتج الإحساس المنعكس على الشكل، إن باللون أو الضوء أو حتى بالتضاد الموشى بتأثيرات التآلف والتنافر والتوليفات التقنية المثيرة لمعاني الفرح والحزن والعزلة، وحتى التشتت والبحث الدائم عن الأنا من خلال تلك الخربشات الغائبة، الحاضرة المطموسة الملامح والواضحة الوجود. لترقد تصاميمه في مخيلة الأزياء ذات الروح الجمالية التي يمنحها لها الإنسان وفق الأنماط المختلفة من الأذواق، مما يجعل من الفراغات المؤنسة تتغنى بالكتل وتوازناتها في كل لوحة موصولة بمقامات النفس وحالتها المزاجية أو هواجسها المادية والمعنوية، للتخلص من النظرة النفسية التي يخفيها مع اللون ومعناه، والخط ورقته. ليقنع المتلقي بقوة ريشته العاطفية وعقلانية الخطوط عبر تجريد حرفي هو أشبه بمقاربات المقامات الداخلية والخارجية، وبتتدافع يتمحور حول جمالية الحالة النفسية والقدرة على صياغتها في اللوحة. تشكيل رؤيوي يؤدي دوره رومانسياً وإيقاعياً، إلا أنه ترك للحقائق تجريدها كي توحي بتصورات خيالية ما هي إلا الواقع الذي يضعه في لوحته وفق محسوسات اللون ونبرته لإدخال المتلقي في تأملات تتيح للبصر الغرق في عمق المعاني الظاهرة والمخفية وبتغلغل لا تجاوزات فيه. إذ يعطي الفنان "حسن يتيم" الحركة الذاتية أبعادها لتؤلف مقاماتها بمعزل عن التشكيل الوظيفي المتحرر من الكينونة التشكيلية التي يلتزم بها وجدانيًا وجماليًا وبتجانس ذي حدود لا يتخطاها، ليسعى خلف المبالغة في منح اللوح البساطة بينما هي شديدة التعقيد، لأنها محبوكة بالخط واللون، وبنسيج أنا وهي كائن واحد ننفصل ونتحد كاللون والخط. فهل لوحته هي مقامه الخاص أم امرأته الحاضرة الغائبة؟ تم نشره عام 2017 في جريدة اللواء لبنان
×
Artist Hassan Yateem
فنان تشكيلي ـ نائب رئيس جمعية الفنانين اللبنانيين للرسم والنحت. ـ أقام خمسة معارض فردية. ـ اشترك في عشرات المعارض الجماعية والسمبوزيومات البلدية. ـ اشترك في العديد من المهرجانات التشكيلية العربية والعالمية. ـ أسّس محترف Palette للفنون التشكيلية منذ أكثر من عشرين عاماً. ـ نال العديد من الجوائز وشهادات التقدير لاسهاماته الفنية. ـ عضو المنظمة الدولية للفنون التشكيلية. ـ عضو جمعية "تجاوز" الثقافية الأدبية.
«
134
135
136
137
138
»