Movie
Series
Books
Paintings
Article
Anime
Interviews
Theater
Login
 
Contact Us
 
نوادر الرجال... في مسلسل "عمر"
BY المخرج حاتم علي
9.0
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
نوادر الرجال... في مسلسل "عمر" ضحى عبدالرؤوف المل الرغبة هي الجوهر المحرك للنفس القادرة على تطوير وظائفها الحيوية من عاطفة ومحبة حقيقية مولدة للحياة الواقعية التي تجعلنا نؤمن بوحدانية الخالق والإرادة المطلقة لمراكز العقل المتأمل والمتفكر. فلا يصاب بضيق الأمل، بل يسعى لاكتساب وعي معرفي، ليكتشف فردانية الخالق ويعي مركز الوعي الكوني في ذاته، فيتطور روحياً ويرتقي فهماً ويقيناً وإدراكاً. ليختفي الكذب والخوف وكل سلوك سيء مكتسب في حياة تناحرت فيها عناصر الخير والشر. إن الحدود الذاتية للإنسان تقيده، فتجعله محدوداً في نطاق دائرة إمكانياته البشرية، وهو مجرد جزء من كل لروح غلفها جسد مكثف من مادة اتخذت أشكالاً وتطورت زمنياً، وهي مستمرة حتى فناء الكون. إلا أن الفكر لا حدود له وهو في حركة ضمن كتلة تستطيع توليد الطاقة النورانية، وتظهر ميول النفس وتحدد مساراتها لتلتقط نقطة البداية، فتظهر قوة الشخصية وقوة إرادتها تبعاً للنفس ولفهمها الجوهر الحقيقي. وتبدأ رسالته الإنسانية لتحقيق التوازن الكوني لإرادة إلهية. فشخصية عمر بن الخطاب تميزت بالصدق والبعد عن الغلو، والمملوءة بالعزة والعنفوان والبلاغة وقوة الحجة والإقناع. فخشوعه لسورة "طه" وإعجابه بالبيان القرآني ما كان ليستقر في قلبه لو لم يمتلك إضاءات بيانية وفراسة محمودة. فهل أعطى مسلسل "عمر" حق رجل بهذه الصفات؟ وهل الدراما الدينية والتاريخية تحافظ على زمانها بصدق؟ كي نتوصل لحل المعادلة الصعبة قبل أن يتابع الشباب سيرة رجل صحابي من خلال عمل درامي لم ألمس فيه رؤية معاصرة! لتواكب الزمن. فالتقنية التصويرية لم تحمل أبعاد عدسة حديثة كي تبعدني عن أجواء التصوير الكلاسيكي، برغم وجود بعض الطاقات الفنية القوية والمتماسكة، والمنسجمة في عمل درامي غير متكامل لا يخاطب عقول الشباب في زمن بات الطفل الصغير يمتلك فيه كاميرا صغيرة ليصور المشاهد الطبيعية فيها. يخطر للمشاهد أننا عدنا إلى تاريخ لا يحاكي الزمان الحاضر لأنه ماضي، لكن لكل ماضي معادلة تجعله يشعرنا بالحاجة إلى تركيب مشاهد تتعمق أكثر بالتجربة الإنسانية والمادة الفنية المرئية التي يراها الناس بكامل حواسهم من كل الأطياف والجنسيات والمذاهب. فعالم الفن فيه من السحر الجمالي على المتلقي ما لا يمتلكه الذين يخوضون في بحور التأليف، رغم أنه لولا التأليف ما تألق عمل درامي. فالعمل المتكامل هو سمفونية يسمعها المؤلف والمخرج والممثل، ومن يقضي أياماً وليالي يتابع بشغف مسلسل تعرض لهجوم الرفض والقبول قبل رؤية المحتوى، لنحصد متعة أو فشل! أو أن نصاب بالإحباط وكأن فيلم "الرسالة" يتجدد في كل عصر. فكيف نرتقي بشخصية دينية إلى العالمية لتتابعها كل فرد؟ فعمر بن الخطاب هو شخصية تحمل تناقضاً إنسانياً مملوءاً روحانية، وفراسة تجعله متفرداً في حياة عاشها "الفاروق". وكتب عنها دكتور وليد سيف وجسدها سامر إسماعيل في أداء جميل، لكن لم يظهر فيه أي روحانية عالية يحتاجها الدور لتكتمل الصورة الفنية القادرة على اختراق ذهنية المتلقي، وخصوصاً أن من بين المتابعين أعمار تختلف من الطفولة وحتى الشيوخ، في حين أن الممثل غسان مسعود استطاع الوصول لعمق الشخصية بمحبة نقلها إلينا بأحاسيس أحببناها. كما أدهشنا مخرج المعارك شادي أبو العيون السود ومصمم القتال محمود أردلان مع موسيقى تصويرية تواءمت مع ما قدمه فهير أتاكو غلو لعمل هو تراث درامي ديني لا يستطيع المبتدئ فيه إنجازها كما أنجزها البعض في المسلسل. يقول ثابت بن قرة: "ما أحسد هذه الأمة العربية إلا على ثلاثة أنفس... أولهم عمر بن الخطاب في سياسته ويقظته وحذره وتحفظه ودينه، وصرامته وشهامته وقيامته في صغير أمره وكبيره بنفسه، مع قريحة صافية، وعقل وافر، ولسان عضب وقلب شديد، وطوية مأمونة، وعزيمة مأمومة، وصدر منشرح، وسر طاهر، وتوفيق حاضر، ورأي مصيب، وأمر عجيب، وشأن غريب. دعم الدين وشيد بنيانه وأحكم أساسه، ورفع أركانه، وأوضح حجته، وأنار برهانه، ملك في زي مسكين... ما غض طرفه على خنا، ظهارته كالبطانة، وبطانته كالظهارة، جرح وأسا، ولان وقسا، ومنع وأعطى، كل ذلك في الله والله... لقد كان من نوادر الرجال!" فهل وصلت إلينا هذه المفاهيم، وهل أحسسنا بنفس عمر لمسلسل حمل اسمه؟ وهل استطاعت رغبة كل منا متابعته حتى الآن؟ أم أننا بين الرفض والقبول نسينا النفس وما تحمله؟ برؤية أخرى مسلسل "عمر" هو عمل درامي يسعى لتجسيد سيرة أحد أعظم القادة في التاريخ الإسلامي، عمر بن الخطاب. يتناول المسلسل أحداثاً محورية من حياته، مما يجعله مادة غنية للفحص الفني والجمالي. تتميز الأحداث بتصاعد درامي ملحوظ، حيث تتداخل مشاعر الخوف، الأمل، والشك في سياق عيش الشخصيات. تتجلى الصراعات الداخلية، خصوصاً في شخصية عمر، الذي يظهر كرجل عادل لكنه محاط بظروف معقدة. تُقدِّم الحوارات تفاعلات قوية تعكس صراعات القيم والمبادئ، مما يضفي عمقًا على الشخصيات. ومع ذلك، يلاحظ بعض النقاد أن الحوارات قد تكون تقليدية في بعض الأحيان، مما يقلل من تأثيرها. الجانب الإخراجي للمسلسل يتسم بالاهتمام بالتفاصيل التاريخية، إذ تعكس الملابس، الديكورات، والإضاءة البيئة التاريخية بدقة. ومع ذلك، يمكن ملاحظة أن بعض المشاهد تبدو متكررة، مما قد يؤثر سلبًا على تجربة المشاهدة. تُستخدم زوايا الكاميرا بشكل مبتكر في بعض اللقطات، مما يعزز إحساس الانغماس في الأحداث، لكن بعض الانتقالات كانت تحتاج إلى مزيد من الانسيابية. يُبرز المسلسل جمال اللغة العربية من خلال النصوص المستخدمة، مما يُضفي طابعاً فنيًا خاصًا. تتسم الموسيقى التصويرية بالعمق والعاطفية، حيث تدعم المشاهد العاطفية وتعزز من الإحساس بالدراما. ومع ذلك، تفتقر بعض المشاهد إلى التناغم بين الصوت والصورة، مما يُشتت انتباه المشاهد أحيانًا. تُظهر التمثيلات البصرية مشاعر الشخصيات بشكل قوي، خاصة في المشاهد التي تتعلق بالعواطف الإنسانية. يُجسد سامر إسماعيل شخصية عمر بن الخطاب بشكل مثير، إلا أن بعض النقاد يرون أن الأداء يحتاج إلى مزيد من الروحانية ليعكس عمق الشخصية. بالمقابل، يقدم غسان مسعود أداءً مميزاً يُعزز من الصراعات الدرامية. في المجمل، يُعد مسلسل "عمر" تجربة غنية تجمع بين العناصر الدرامية والفنية. ورغم بعض الثغرات في الكتابة والإخراج، فإن العمل يقدم رؤية فريدة لشخصية تاريخية معقدة، مُحاولًا إيجاد توازن بين تقديم الحقائق التاريخية والرؤية الفنية المعاصرة. يُعتبر المسلسل دعوة للتفكير في القيم الإنسانية والدروس المستفادة من التاريخ. Doha El Mol dohamol67@gmail.com
×
المخرج حاتم علي
حاتم علي (2 يونيو 1962 – 29 ديسمبر 2020) ممثل وكاتب ومخرج ومنتج سوري راحل، بدأ حياته بالكتابة المسرحية وكتابة النصوص الدرامية والقصص القصيرة. حصل على إجازة في الفنون المسرحية من المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق قسم التمثيل عام 1986. فاز بالعديد من الجوائز عن أعماله التلفزيونية التي أخرجها مثل مسلسل التغريبة الفلسطينية، ومسلسل عمر، ومسلسل صلاح الدين الأيوبي، وصقر قريش، وربيع قرطبة، ومسلسل الزير سالم، والعديد من الجوائز الأخرى. أخرج 25 عملاً تلفزيونياً ومثل في الكثير منها. حياته العائلية تزوج من الكاتبة السورية دلع الرحبي عام 1990، ورُزِقَ الزوجان بابنتين هما “غزل” و”غالية” وولد واحد هو المخرج عمرو حاتم علي الذي تدرب على يد والده. وهو من مواليد قرية كفر حارب في الجولان السوري المحتل المطلة على بحيرة طبريا. البداية بدأ حاتم حياته الفنية ممثلًا مع المخرج هيثم حقي في مسلسل دائرة النار 1988 ، ثم توالت مشاركاته في الأعمال الدرامية التي جسد شخصيات مختلفة، تتنوع بين الأدوار التاريخية والبدوية إلى الشخصيات المعاصرة بأنماط متعددة. وله لوحات كوميدية مع الفنان ياسر العظمة. توجه إلى الإخراج التلفزيوني في منتصف التسعينات، حيث قدم عدد كبير من الأفلام التلفزيونية الروائية الطويلة وعدد من الثلاثيات والسباعيات، وفي مرحلة متقدمة قدم مجموعة من المسلسلات الاجتماعية والتاريخية ومن أهم ما قدمه مسلسل الزير سالم والذي يُعد نقطة تحول في مسيرة هذا الفنان وكذلك الرباعية الأندلسية، وقد دبلج مسلسله صلاح الدين الأيوبي وعرض في ماليزيا وتركيا واليمن والصومال. أما بخصوص مسلسل التغريبة الفلسطينية فيقول حاتم علي: « أنا لست فقط أحد أبناء “الجولان” المحتل الذين عاشوا تجربة تتقاطع في كثير من تفاصيلها مع تجربة شخصيات المسلسل "التغريبة الفلسطينية" ولكنني أيضاً عشت طفولتي وشبابي في مخيم اليرموك وكنت في عام 1967 بعمر “صالح” الذي كان يحمله خاله “مسعود” وكنت أيضاً محمولاً بالطريقة نفسها على ظهر أحد أخوالي، بشكل أو بآخر استطعت أن أستحضر الكثير من هذه التفاصيل الواضحة أحياناً والمشوشة في أحيان كثيرة والملتبسة في بعض الأحيان وأوظفها وأعيد تركيبها مستكشفاً إياها في أحيان كثيرة من خلال العمل نفسه، وكثيراً ما سُئلت نفس السؤال وهو كيف يمكن لمخرج غير فلسطيني أن يقدم عملاً عن هذه القضية، وأنا شخصياً كنت أقول أن القضية الفلسطينية هي قضيتنا جميعاً كعرب». مصدر السيرة الذاتية موقع ويكيبيديا لمعرفة المزيد يمكنكم دخول الرابط https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AD%D8%A7%D8%AA%D9%85_%D8%B9%D9%84%D9%8A
"هارموني" بين المشاهد والمخرج والممثلين
BY المخرجة رباب حسين
9.0
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
"قضية معالي الوزيرة": "هارموني" بين المشاهد والمخرج والممثلين ضحى عبدالرؤوف المل إن البداية هي فكرة تنمو وتكبر لتظهر بكامل وجودها الحقيقي، فنستمتع بها مكتملة في أي عمل نكمله روائيًا أو قصصيًا أو مسرحيًا. كما يبدأ العمل الجيد أو السيء من فكرة مستوحاة من الواقع الحياتي أو من الخيال الخصب، لكن كل عمل يحتاج لمجهود مضاعف كي يظهر بالمظهر اللائق للمتلقي، بدءًا من الحوار وحتى الموسيقى التصويرية وصولًا إلى العرض النهائي. فهل يحتاج الصائم كل هذا المجهود المضاعف لشهر رمضان المبارك؟ أم أن خير الكلام ما قل ودل! إن التأليف الدرامي هو محاكاة حركية تعتمد على الخيال والواقع، وعلى دراسة التناقضات النفسية الكاملة للإنسان كي يستطيع الوصول إلى الذائقة البصرية التي تستمتع بالعناصر كلها للعمل الدرامي. فالصراع اليومي الذي يعيشه الإنسان يحتاج لحركة مرئية موزونة تخاطب همومه ومشاكله. فارتباط الدراما بالإنسان بدأ منذ هبوط آدم، لتبدأ حركاته تترجم احتياجاته وتوافقه مع الطبيعة. فيحاكي عقله الباطن، ومن ثم يروي مغامراته اليومية لأفراد عائلته أو قبيلته. فالذوق الفني يتأثر بالمجتمع وينقل تأثيره لمن يرى بالعين الفنية قيمة العمل، وهذا يحدث تلقائيًا عندما نستمتع بعمل، فننتقد المخرج أو الموسيقى أو الضوء أو الديكور أو الأداء... لكل عمل فني انعكاسات مختلفة، وهذا ما يجب أن ننتبه له، فما يحتويه العقل الباطن يبقى ويستقر في اللاشعور، فتترجمه الانفعالات دون وعي وإدراك منا. فكل حركة تتابعها العين وكل فكرة يستقبلها الدماغ، لا بد وأن تخلق تساؤلات؛ فما من عمل فني يخلق من فراغ. فالمادة التخيلية تدخل عقل الكاتب من خبرة حياتية أو أحداث تاريخية أو أسطورة، لأن الحوار التمثيلي الذي نعيشه قد يجعلنا نكتشف الذات ونكتشف قوة الحوار وضعفه من خلالنا. لأننا نستعمل المحادثة العادية مع بعضنا البعض، لكن في العمل الفني يخلق الحوار أضواء فكرية نتحاور معها وتتحاور معنا، لنكتشف نقاط العتمة ونقاط النور ونخضعها للتحليل. فإما أن نكمل المسلسل أو نتوقف عن حضوره. فالأساليب التعبيرية تختلف من شخصية لشخصية في العمل الدرامي الواحد. فالكاتب حين يرسم شخصياته ويلقي الضوء عليها، ينير عقل المتلقي لرسالة يريدها أن تصل إليه في كل تفاصيلها. إن "محسن الجلاد"، المخرج، استطاع الابتعاد عن شخصياته، بل لم يضف عليها من كلامه، بمعنى ما من زوائد في المشاهد يمكن قصها أو إتلافها، أو تخفيف لغة الحوار، لنشعر أننا في مجتمع تمثيلي مصغر لما نعيشه اجتماعيًا وسياسيًا مع شخصيات لعبت على إيقاع التآلف والانسجام. فالإيقاع الحواري جاء منسجمًا في اتزان وارتباط الجزء بالكل، وهذا ما جعل الحلقات العشرين التي تابعناها ممتعة، بل خلقت هارموني بين المشاهد والمخرج والممثلين، حتى أنني أحسست أن كل ممثل أخذ دوره واستطاع تأديته بصدق. وهذا ما جعلني أقول إننا بحاجة لهذا المسلسل في رمضان، فهو يجعلنا نكتشف النفس، ضعفها وقوتها، بل جعلني أدرك قوة جمال المرأة العربية في ضعفها وقوتها، وحتى توبتها وسوء فهمها للشرع والرجوع عن الخطأ. فإلهام شاهين شدّت الانتباه في جملها الحوارية التي أضافت إليها أحاسيسها لتستكمل الإيقاع السمعي وتربطه بالحواس الأخرى بقدرة كشفت للمشاهد ثمرة أبعاد شخصيتها واندماجها بشخصية المرأة الأرملة والوزيرة والأم التي تحتاج للحب في سلوكيات جعلتنا نطرح أسئلة على أنفسنا: هل هناك من يرفض كماليات حياتية هي من حق وزيرة دولة، أم أن مثل هؤلاء دائمًا نحاربهم؟ كلمات قليلة في معاني الحب والخوف والقوة، والإستهتار للفنان "تامر هجرس"، وتعبير طبيعي، وكأنه نسي فعل الأداء بل اندمج فيه وأعطى الشخصية حقها، تلك التي اكتسبت من الغرب الحرية المبتذلة، والتي يرفضها الشرقي بقوة، كما يرفض الصعيدي الحرية المطلقة التي تلغي الحدود السلوكية، لتفقد ابنته العذرية ويصاب بنكسة صحية. وكما يتقبل يوسف شعبان شخصية زوج ابنته الانتهازي، فالمؤلف استطاع الوصول لقناعة عقلية تامة لكل شخوصه، كما استطاع المخرج إبراز لغة الحوار القوية في الداخل ولم يعتمد على المناظر الخارجية كثيرًا. فمشهد استلام الوزيرة مهامها والزهور الكثيرة من حولها وطلبها بإزالتها كلها حين أعجبتها سلة ورد كانت من الحبيب السابق "تامر هجرس" من أقوى المشاهد التي أقنعتني أن الإنسان يكرر أفعاله مهما اختلفت المشاهد الحياتية والزمنية، ليرتجف مع إلهام شاهين وهي تظهر الحدث بحواسها كلها. يعتقد "ستانسلافسكي" أن الحوار الجيد هو الذي يحتوي على مفاتيح وإرشادات تساعد الممثل على أن يقرأ دوره كما ينبغي أن يكون. وهذا ما أحسسته في مسلسل "قضية معالي الوزيرة". برؤية أخرى يتناول المسلسل موضوعات معقدة تتعلق بالمرأة في المجتمع العربي، والصراع بين الأدوار الاجتماعية والسياسية. يسلط الضوء على شخصية الوزيرة التي تواجه تحديات مهنية وشخصية، مما يعكس تجارب النساء في المناصب القيادية وكيفية تعامل المجتمع معهن. تم بناء القصة بشكل متقن، حيث تتصاعد الأحداث بشكل منطقي، مما يُبقي المشاهد مشدودًا. يتناول المسلسل الصراعات الداخلية والخارجية التي تعيشها الشخصيات، مما يعكس التوتر بين الرغبات الشخصية والضغوط الاجتماعية. تتميز الشخصيات بعمقها وتنوعها. الوزيرة تجسد القوة والضعف في آنٍ واحد، ما يجعلها شخصية معقدة وقابلة للتعاطف. تفاعلات الشخصيات الأخرى، مثل "تامر هجرس" و"إلهام شاهين"، تضيف أبعادًا إنسانية للقصة، مما يعكس العلاقات الإنسانية المتشابكة. تتجلى الرؤية الإخراجية في القدرة على خلق توازن بين عناصر السرد البصري والسمعي. اختار المخرج أسلوب تصوير يركز على تعبيرات الوجه ولغة الجسد، مما يعزز من قوة المشهد ويجعل المشاهد يشعر بالعمق العاطفي للشخصيات. استخدام الإضاءة بشكل يتناسب مع الحالة النفسية للشخصيات يُعزز من الأجواء الدرامية. الموسيقى التصويرية كانت مميزة، حيث استخدمت لتعزيز المشاعر في اللحظات الحرجة، مما يجعل المشاهد أكثر ارتباطًا بالأحداث. الحوار جاء طبيعيًا وواقعيًا، مما يساهم في تجسيد الشخصيات بشكل أقرب إلى الواقع. النص يحتوي على عمق فكري، حيث يحمل حوارات تعكس التوتر بين القيم التقليدية والتغيرات الاجتماعية. كما تم استخدام الزوايا المختلفة للتصوير بشكل مدروس، مما يضيف بعدًا جماليًا للمشاهد. تكوين اللقطات يساهم في خلق تفاعلات بصرية تعكس الحالة النفسية للشخصيات. توزيع عناصر الديكور بشكل يتناسب مع كل مشهد يعكس حالة الشخصيات. فمثلاً، استخدمت الخلفيات في مشاهد العمل السياسي لتسليط الضوء على الجدية، بينما كانت الخلفيات في المشاهد الشخصية أكثر دافئًا. العمل يحمل رسالة قوية عن قوة المرأة وتحدياتها في المجتمع، مما يخلق حوارًا حول قضايا اجتماعية هامة. هذا التأثير الجمالي والفني يجذب المشاهد للتفكير في القضايا المطروحة. بشكل عام، مسلسل "قضية معالي الوزيرة" يجمع بين الكتابة الجيدة والرؤية الإخراجية المبتكرة. من خلال شخصياته المتنوعة والبناء الدرامي المتقن، يتمكن المسلسل من نقل تجربة إنسانية عميقة، مما يجعله عملًا فنيًا يستحق المشاهدة والتفكير. Doha El Mol dohamol67@gmail.com
×
المخرجة رباب حسين
رباب حسين هي ممثلة إذاعية ومؤلفة ومخرجة مصرية، وهي زوجة المخرج المصري الكبير أحمد توفيق، ساهمت في إخراج العديد من الأعمال التلفزيونية من أبرزها مسلسل الليل وآخره مع الممثل يحيى الفخراني، ومسلسل حضرة المتهم أبي مع الممثل نور الشريف، كما كانت مخرج منفذ مع زوجها في مسلسل لن أعيش في جلباب أبي. أعمالها في الإخراجمسلسلات بالحب هنعدي 2019 قضية معالي الوزيرة 2012 ماما في القسم 2010 قاتل بلا أجر 2009 حق مشروع 2007 حضرة المتهم أبي 2006 يا ورد مين يشتريك 2004 الليل وآخره 2003 حرس سلاح 2002 الحسن البصري 2000 ألف ليلة وليلة: ذات المال 1999 قضبان من الوهم 1998 رد قلبي 1998 (مخرج منفذ) ألف ليلة وليلة: ذات الخال 1998 المجهول 1998 هارون الرشيد 1997 (مخرج منفذ) لن أعيش في جلباب أبي 1996 (مخرج منفذ) عمر بن عبدالعزيز 1994 (مخرج منفذ) ساعة ولد الهدى 1992 (مخرج منفذ) الإسلام والإنسان 1988 (مخرج منفذ) رسول الإنسانية 1985 (مخرج منفذ) الشاهد الوحيد 1984 (مخرج منفذ) محمد رسول الله (ج4) (مخرج منفذ) وجاء الإسلام بالسلام (مخرج منفذ) الأمانة أشبال أبطال الإسلام حضارة (مخرج منفذ) عندما تضحك الأوتار الوصي وكان سرابا (مخرج منفذ) مسرحيات الأميرة والصعلوك 2005 (مخرج تلفزيوني) كاليجولا 1992 (مخرج تلفزيوني) سيدتي الجميلة 1969 (مساعد مخرج تلفزيوني) الدخان (مخرج تلفزيوني) التأليف ولا يزال الحب مستمرا 1992 (مسلسل) عم حمزة 1981 (مسلسل) الثمن (مسلسل) حتى تعودي (سهرة تليفزي مصدر السيرة الذاتية موقع ويكيبيديا
حلوة وكذابة
BY المخرج سيف الشيخ نجيب
9.0
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
حلوة وكذابة ضحى عبدالرؤوف المل يتطلب السيناريو الكوميدي الاجتماعي تدفقًا خصبًا قادرًا على تقديم الحلول الإنسانية والاجتماعية من خلال كتابة حوار هزلي بناء، وهذا يتطلب مهارة عالية، لتصبح المادة المرئية ذات أهداف وظيفية قيمة، ليتنفس المتفرج المأزوم معيشياً، ويبتعد عن الإحباطات النفسية، فيستمتع فنياً بما يتلقاه تلفزيونياً. إلا أن "كارين رزق الله" تركت للفكرة المستمدة من المسلسل التركي "أسميتها فريحة" أن تتشعب لتصبح لبنانية مع عائلة ضومط (جورج دياب) والأم بديعة (مارسيل مارينا). فبراعة جورج دياب بالأداء التمثيلي كانت بمثابة إطار حافظ على تماسك المسلسل نوعًا ما. فداليدا (داليدا خليل) لم تحاول إضحاك المشاهدين رغم ما وضعته "كارين رزق الله" في المسلسل. لكن استطاع الأطفال إبراز العفوية في الأداء أحيانًا. إن الأكاذيب المنسوجة في المسلسل غالبًا ما تكون موجهة لشخصية تستطيع التقاط الصورة من المعنى، لتجسد الشخصية بقدرة تحمل وكفاءة عالية. لكن اللغة المحكية اللبنانية والخروج من نمط العائلات اللبنانية الأرستقراطية أعطى نكهة متواضعة أحبها المشاهد، رغم أنها لم تقنعه تمامًا. فالفنان اللبناني ما زال يحتاج لفن إخراجي يضعه في صورة عالمية أو على الأقل داخل إطار عربي شامل، لتراه العين وتسمعه الأذن، وتستقبله الحواس بقناعة، بدون أن يلجأ إلى تتبع الأحداث من خلال الدعاية الإعلامية للمسلسل فقط. لعل المخرج السوري "سيف شيخ نجيب" استطاع إبراز عائلة ضومط بتقنية جعلتنا نشعر بالحيوية والعفوية التمثيلية الجميلة للممثلين (جورج دياب ومارسيل مارينا)، ليحث المشاهد على المتابعة، أو ليجعلهم نقطة القوة التي جعلت النوع الكوميدي يرسم الضحكة الممزوجة مع الألم على وجه "جورج دياب"، والتي وصلتنا على نحو جعلنا نلتقط الفكرة ومضمونها وما أرادته "كارين رزق الله" الوصول إليه من خلال كتابتها لسيناريو يحاكي الواقع نوعًا ما. لأن محاكاتها للمتلقي كانت ترتكز على واقع الفن وما يعيشه الفنان حياتيًا، متناسية أن الواقع الفني بات يعصف بالفنان وما يعانيه من إرهاق في تأمين قوت يومه، مظهرة فقط الفنان المشهور أو بالأخص المغني النجم، وما يحياه النجوم من مغامرات عاطفية تحت الكواليس. ما نتمناه من "كارين رزق الله" في حال متابعة محاولتها تقديم سيناريوهات كوميدية، هو أن تتقن صقل موهبتها الأدبية، وأن تحاول إيجاد قواسم مشتركة تربط الواقع مع المتخيل الفني، مع حبكة متماسكة وقوية لا تقف عند كذبة التقطتها من مسلسل تركي، لترسم لنا شخصية تناسبها هي. فنحن نحتاج إلى تقديم كوميديا اجتماعية تحافظ على جمال الشكل البصري، والحوارات الكوميدية، داخل المشهد المضحك، ولكن دون أن ننسى النقد اللاذع للوضع الاجتماعي العام الذي تعيشه كافة شرائح المجتمع. تكرار التفاصيل في أكثر من جانب، اعتمدت على إطالة المدة الزمنية للمسلسل، مما جعل المشاهد يتأرجح في حضور الحلقات كلها. فالاستخفاف بذوق المشاهد لا تبرير له، ولا تحكمه حوارات تركت حواس المشاهد بعيدة عن الأحداث الحقيقية، وحرفية كاميرا لم تستطع التقاط حركة وتتبعها في أكثر المشاهد، لنفقد تذوق جمال رؤية بصرية تتوازن مع الحواس، وهذا لا يحتاج إلا لعين تستطيع رسم صورة عالية الجودة جماليًا، وحركة تضفي على المشاهد الحس الوجداني، ليشعر برؤية بصرية متكاملة العناصر تقريبًا. سيناريو لم يُكتب بحرفية أدبية وفنية عالية، فالقصة التي اعتمدتها "كارين" كانت تحتاج لقوة أداء، وهذا لا يحتاج لميزانية إنتاجية كبيرة، إنما يحتاج لفنان يستطيع توصيل الأداء التمثيلي من خلال الحركة والتعبير والإيحاء، بدون ابتذال مثل الفنان "جورج دياب" الممتع فنياً، والزاخر بالقدرة الكوميدية والتراجيدية، وهذا منحنا متعة فنية بمتابعته. في مسلسل "حلوة وكذابة"، لم تغادرنا علامات التعجب في كل حلقة لم تأسرنا في نهايتها، لتجعلنا في رغبة لمتابعة الحلقة الأخرى. لكن ما زال الأمل يكبر للوصول إلى كوميديا اجتماعية لبنانية تحمل مزايا ومواصفات متينة قادرة على الوصول إلى الشاشات العربية، خصوصًا حين نرى قدرة بعض الوجوه القديرة التي تحافظ على المعنى الحقيقي لفن التمثيل، أمثال: جورج دياب، مارسيل مارينا، وداد جبور، وجناح فاخوري. برؤية أخرى المسلسل "حلوة وكذابة" يعكس واقعًا اجتماعيًا معاصرًا في لبنان، متناولًا قضايا إنسانية متنوعة من خلال قالب كوميدي. يبرز السيناريو تفاعلات العائلة والعلاقات الاجتماعية، مما يجعله يعكس صورة حقيقية لمجتمع يعاني من الضغوطات الحياتية، ولكن يسعى للفرار من واقعها من خلال الضحك. تتجلى الشخصيات الرئيسية، مثل عائلة ضومط، بشكل واضح، حيث تمثل كل شخصية وجهة نظر مختلفة حول الحياة. تتصارع الشخصيات مع أكاذيبها وأحلامها، مما يخلق حالة من التوتر الدرامي الذي يسهم في جذب المشاهد. هناك صراع بين المثالية والواقع، حيث يحاول الأفراد التظاهر بعيش حياة أفضل مما هي عليه. إخراج "سيف شيخ نجيب" يتميز بالقدرة على توظيف التقنيات الحديثة في التصوير، مما يضفي روحًا حيوية على المشاهد. استخدام الكاميرا القريبة يتيح للمشاهد أن يتفاعل مع المشاعر الحقيقية للشخصيات، مما يعزز الانغماس في القصة. كما أن تنوع زوايا الكاميرا يساعد في إبراز الديناميكية بين الشخصيات. الحوارات تتميز بخفة الدم والطابع اليومي، مما يسهل التواصل مع الجمهور. هناك توازن بين الكوميديا والدراما، حيث تُستخدم النكات والعبارات الفكاهية لإضفاء جو من المرح، بينما لا تغيب الجوانب الجادة عن المشهد. اللغة المحكية اللبنانية تعزز الأصالة، مما يجعل القصة أكثر قربًا من الجمهور. تعبيرات الوجه وحركات الجسد تعكس بوضوح المشاعر الداخلية للشخصيات. مثلاً، أداء جورج دياب يجسد الصراع الداخلي بين الضحك والدموع، مما يعكس قدرة الفنان على إيصال المضمون بطريقة مؤثرة. المشاهد التي تركز على التفاصيل الصغيرة، مثل النظرات أو التعابير العابرة، تضفي عمقًا على العمل الفني. على الرغم من وجود بعض الثغرات في السرد والزمن، إلا أن "حلوة وكذابة" يعتبر تجربة فنية ذات طابع جمالي يعكس الواقع اللبناني بشكل مبدع. المسلسل يمتلك القدرة على جذب المشاهدين من خلال مزيج من الفكاهة والدراما، مما يعكس أهمية الفن كوسيلة للتعبير عن القضايا الاجتماعية. إن كانت هناك حاجة لتحسينات، فهي تتعلق بتعزيز الحبكة وتطوير الشخصيات بشكل أكثر عمقًا، لتصل الرسالة بشكل أعمق وأوضح. Doha El Mol dohamol67@gmail.com
×
المخرج سيف الشيخ نجيب
سيف الشيخ نجيب مخرج وممثل ومصور سوري، وهو ابن المخرج والممثل الراحل محمد الشيخ نجيب وشقيق النجم قيس الشيخ نجيب، من أشهر أعماله في الدراما التليفزيونية السورية، مسلسلات: (مرزوق على جميع الجبهات) 2004، (صدى الروح) 2006، (ممرات ضيقة) 2007، (وجه العدالة) 2008، (حياة آخرى) 2009، (الصندوق الأسود) 2010، وقد شاركه كل من عدنان أبو الشامات، محمد حداقي وديمة قندلفت في العديد من أعماله. أعماله في التمثيل ممرات ضيقة لعام 2007 حيث قام بدور أنس في التصوير لوين لعام 1997 (مساعد مصور) في الإخراج بقعة ضوء الموسم الثاني عشر لعام 2016 بقعة ضوء الموسم الحادي عشر لعام 2015 الإخوة لعام 2014 بأجزائه الثلاثة حبيب ميرا لعام 2013 مسلسل وفيلم حلوة وكذابه لعام 2012 الصندوق الأسود لعام 2010 فيلم الحمزة والعباس لعام 2009 حياة أخرى لعام 2009 وجه العدالة لعام 2008 ممرات ضيقة لعام 2007 صدى الروح لعام 2006 مرزوق على جميع الجبهات لعام 2004 أحلى أيام لعام مصدر السيرة الذاتية موقع ويكيبيديا
مسلسل "الكبريت الأحمر" المنسجم مع الرؤية
BY المخرج والكاتب عصام الشماع
9.0
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
مسلسل "الكبريت الأحمر" المنسجم مع الرؤية والفكرة والسبك الدرامي ضحى عبد الرؤوف المل يدخل المؤلف "د. عصام الشماع" في جدلية السحر والشعوذة برمزية كتاب "الكبريت الأحمر في بيان الشيخ الأكبر"، وبمعالجة درامية منطقية في مسارات أحداثه، التي جذبت ذهنية المشاهد نحوها لاكتمال العناصر الحسية لهذه الدراما، ولتشفي تساؤلاته التي أغرقه بها المؤلف، بحنكة سيناريو يعالج به جدلية مازالت من الحقائق المخفية في العالم الذي تسيره العين القادرة على تتبع حركة البشر المشبعة بالميول الخرافية، التي وإن ذُكرت في القرآن الكريم، إلا أنها تحتاج إلى الكثير من الاجتهادات في التفسير والشرح العلمي للوصول إلى لب مفهومها الحقيقي لا الخرافي. وهذا ما حاول إظهاره دكتور "عصام الشماع" ليحمل المسلسل الكثير من الخيوط التي تعتمد على الرعب والتحفيز، والتشويق الدرامي لنص هو الخامة الجوهرية الأساسية لنجاح مسلسل "الكبريت الأحمر" المنسجم مع الرؤية والفكرة، والسبك الدرامي الذي رافقه ميزات كاتب اخترق الفهم الإدراكي للمشاهد، لصقل أفكاره وتركه يتذبذب بين التصديق والتكذيب حتى نهاية المسلسل. ليحمل العقل الإنساني قوة في تلفيق الأحداث، وجعلها تصب في خانة الشعب يريد هذا أو الانقياد العام للمصالح العامة التي تلتقي أو تتصادم مع المصالح الخاصة. مسلسل من بطولة "أحمد السعدني" الذي استطاع إظهار لياقة تمثيلية عالية في هذا المسلسل، إلى جانب الفنانة "داليا مصطفى" التي خرجت عن المألوف عبر تعاطيها مع الشخصية المريضة نفسيًا، الناشئة عن سلوك الأم متعددة الأزواج. إذ تقع فريسة الحب والتمرد على حالة مكتسبة من مجتمع نجحت بالتعاطي معه أمها، في حين أخفقت هي رغم الاهتمام والرعاية التي تلقتها من زوج عقلاني انتفض أيضًا على موروثات الأب المشعوذ الذي قاد حياته من خلال ممارساته التي تساعد في تثبيت الإيمان بالسحر، للنيل من معتقدات أهل القرية التي يسكن فيها، والفقيرة جدًا رغم أنها تمتلك من الآثار ما يجعلها من القرى السياحية الكبرى. فهل هذا ما تحاوله الدول الكبرى لتزداد الدول الفقيرة فقرا وبؤسا؟ الفنان الكبير "عبد العزيز مخيون" و"الفنان زكي فطين عبد الوهاب"، والاختلاف بالمسارات الدرامية بينهما، وقدرة كل منهما السلطوية الأولى بممارسة السحر من خلال المعتقدات القائمة على استخدام المفهوم القرآني، معتمدًا على التقاط ثغرات النفوس الضعيفة التي تتطلع إلى فك السحر بالطلاسم وما إلى ذلك، وهي غير قادرة على إدراك ماهية العلم في تنفيذ مآرب السحر ليكون أقرب إلى التصديق. والآخر على المال الناشئ من تهريب الآثار والاتجار بها. لتعم المحرمات على الاثنين وتغطي حياة كل منهما بالسلبية، ليتأمل المشاهد عالمه الصغير في نص أبحر بنا نحو القديم الجديد أو بتحديث رؤية السحر عبر عصر اتسم بالحداثة. إلا أن اليقين بالسحر لم يختلف، وما يخدم قوى الشر لا يمكن الانتصار عليه إلا بالعقل، فهل نجح المسلسل بمعالجة آفة السحر القائمة على خدمة أسياد السياسة أو أقطاب رؤوس المال عبر التفاعلات الإنسانية، بالتعاطف أو بالرفض المبطن أو بالتدليس أو بالذاتية القائمة على مبدأ الحفاظ على المصلحة العامة؟ التصوف والدين وعلوم القرآن ومفاهيم انطلق منها المسلسل، لتكوين نظرية تعيد تصحيح يقين المجتمعات المتخلفة التي لا ترنو إلى فهم لب مشكلة السحر والشعوذة. ولا التمسك بالآيات القرآنية التي تبث الطمأنينة، بل إلى الاتجار بالسحر لتغطية تجارات أخرى كاللحم الأبيض وسرقة الآثار، وتعاطي المخدرات وحبوب الهلوسة. إضافة إلى مآرب شخصية كالانتقام، معتمدًا على أن كل مجرم هو مريض نفسي أولًا. وبهذا تتفاوت المفاهيم في هذا المسلسل بين من اعتمد على نفسه في الحصول على العلم، وبين من اعتمد على مال أبيه، وبين من يأخذ كل شيء إلى نفسه، وبين من يعطي كل شيء للآخرين، فكانت نقطة التوازن بين كل هذا هي الطفلة التي وضعها المؤلف، لتكون برمزيتها العفوية والبريئة قادرة على إدراك المخاطر قبل أن تحدث، لأنها ما زالت تحتفظ بصفاء القلب وطهارة النفس التي لا توسوس بالشرور، ولا بمتطلبات الحياة التي أنهكت الجد والأم والفرن الذي تشتعل فيه النيران كل يوم لصنع الخبز للحي. تتر البداية وموسيقى تصويرية للموسيقي "راجح داوود" المنسجمة مع تطلعات كاتب النص والمخرج، وكل ممثل من المسلسل عبر تقمصه للشخصية بحيوية تمثيلية ذات تفاعلات طبيعية ميالة إلى يقين المجتمعات التي خرجت منها مفاهيم كل فكرة ناقشها المؤلف بالنص، وحاورها المخرج بالمشاهد المتماشية مع كل مشهد وأركانه وعناصره، دون كلام لأغنية تترجم النص. لتبقى عناصر التشويق ضمن رموز الصورة في شارة البداية التي تؤكد على مفاجآت عديدة في مسلسل تسيطر عليه فكرة مادة الكبريت الأحمر الخرافية. فهل نرث الآباء من جيل إلى جيل، لنبقى ضمن قيود اجتماعية لها التأثير الأكبر على البناء والتطور؟ فهل مجتمعاتنا هي التي تجعلنا فريسة الأوهام؟ أم أننا نرث الآباء بتوريث له قواعده الحياتية المبنية على المفهوم الخاطئ؟ والشك هو السبيل إلى اليقين والإرادة تهدم الخرافة، فما هو موروث الجهل الذي يعالجه مسلسل الكبريت الأحمر عبر الدراما؟ العقل والروح والضمير كينونة الإنسان التي تجتمع فيها خصاله الحميدة القادرة على رفع مستوى الوعي عند الإنسان من خلال العلم والمعرفة، كالدكتورة المناضلة في القرية حيث يعم الجهل، ولكنها لم تشعر باليأس ولم تغريها السياسة ولا مكانتها الاجتماعية من خدمة قريتها، لتمحو بذلك بعض المآسي التي تتعرض لها القرى الأميّة في الدول التي تحتاج إلى تكاتف المواطن الذي لا يلجأ إلى المغيبات ولا المنشطات ولا إلى الغيبيات التي تفتح أبواب السحر والشعوذة على مصراعيه، وقد نجح المسلسل في تبسيط الرؤية المعقدة للمشاهد، ليكتشف أن ما يسيطر على العقول هو أوهام النفوس الضعيفة. برؤية أخرى مسلسل "الكبريت الأحمر" يجسد رحلة درامية غنية بالرموز والمعاني العميقة، حيث ينجح في خلق تفاعل قوي بين المشاهدين وأحداثه. يتمحور النص حول جدلية السحر والشعوذة، مما يعكس رؤية عميقة للمؤلف "د. عصام الشماع" الذي يستخدم الأساطير والأبعاد النفسية في تشكيل شخصياته. النص يتمتع بتركيب درامي متماسك يشتمل على صراعات داخلية وخارجية تعكس الأبعاد الاجتماعية والنفسية لشخصياته. تتنقل الأحداث بسلاسة بين مشاهد التوتر والرعب، مما يساهم في جذب انتباه المشاهد ويجعله يتفاعل مع تطورات القصة. تتجلى هذه الديناميكية في تنقلات الشخصيات بين الإيمان بالخرافة والبحث عن الحقيقة، مما يخلق نوعاً من الصراع الداخلي الذي يتطور طوال المسلسل. الجانب البصري في المسلسل له دور محوري في إيصال الرسائل الدرامية. يتم استخدام الإضاءة والموسيقى بشكل متناغم لتعزيز أجواء الرعب والتوتر. الموسيقى التصويرية للمؤلف "راجح داوود" تضيف عمقًا لمشاعر الشخصيات وتساعد في بناء التوتر، مما يجعل المشاهدين يشعرون بالاندماج في الأجواء الدرامية. أداء الممثلين، مثل "أحمد السعدني" و"داليا مصطفى"، يعكس قدرة عالية على تجسيد التعقيدات النفسية لشخصياتهم. تمكنت "داليا مصطفى" من تقديم أداء مؤثر للشخصية المريضة نفسيًا، مما يعكس عمق الصراع الذي تعيشه. التباين بين الشخصيات المختلفة يعكس تنوع الرؤى والمعتقدات، مما يثري الحوار الدرامي. المسلسل يحمل رسالة قوية حول تأثير الخرافات والسحر على المجتمعات. من خلال طرح أسئلة عميقة حول الواقع والخيال، يشجع المشاهدين على التفكير النقدي والبحث عن الحقائق. هو ليس مجرد عرض للدراما، بل هو دعوة للتأمل في موروثات ثقافية تسيطر على عقول الأفراد. في الختام، "الكبريت الأحمر" هو عمل درامي متكامل يحقق توازنًا بين العوامل الفنية والدرامية. من خلال الكتابة الإبداعية، الإخراج البصري المدروس، والأداء القوي، يقدم المسلسل تجربة فنية تترك أثرًا عميقًا في نفس المشاهد، مما يجعله نقطة انطلاق لنقاشات أوسع حول تأثيرات السحر والشعوذة على الوعي الجمعي. هذا العمل يمثل خطوة مهمة في الدراما العربية، ويعكس قدرة الكتاب والمخرجين على تناول مواضيع اجتماعية معقدة بأسلوب فني جذاب ومؤثر. Doha El Mol dohamol67@gmail.com
×
المخرج والكاتب عصام الشماع
عصام الشماع (1955 - أبريل 2024)، مخرج وكاتب مصري. درس الطب والجراحة في جامعة عين شمس، وحصل على البكالوريوس في عام 1982. وله العديد من الأعمال الفنية التي تحمل رؤى جديدة. في 2011 انتخب نائب رئيس مجلس إدارة جمعية كتاب ونقاد السينما.
«
11
12
13
14
15
»