Movie
Series
Books
Paintings
Article
Anime
Interviews
Theater
Login
 
Contact Us
 
دراما مسلسل "طريق" هي كلعبة شد الحبل
BY Director Rasha Shurbatji
9.0
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
دراما مسلسل "طريق" هي كلعبة شد الحبل بين الأدب الروائي والفن الدرامي. ضحى عبدالرؤوف المل تحكم قصة مسلسل "طريق" العادات الاجتماعية والتقاليد اللبنانية والسورية والعربية. وقد تم اقتباس القصة من "الشريدة" للأديب الكبير "نجيب محفوظ"، إلا أنها نقلتنا إلى لب الواقع اللبناني والعربي، وتحديدًا إلى المرأة بطبقات اجتماعية مختلفة، بل إلى القيم الإنسانية العالقة في متاهات كالقشور، ما إن يزيلها الإنسان حتى يرى جيدًا ما كان يخفيه أو يضع له القناع الذي يجمّل الشخصية، أو تلك التي لعبت دورها "نادين نجيم"، خطيبة جابر الرجل الأمي أو العصامي، وبقدرات استنبطها "عابد فهد" بكل ما أوتي من قوة درامية. ليمسك المشاهد من الإطلالة الأولى في مسلسل "طريق"، الذي يعالج قضايا اجتماعية إنسانية بالدرجة الأولى، وهذا يليق بشهر الإنسانية، أو شهر رمضان المبارك المحمّل بالقيم الإنسانية. فالمسلسل أعادنا إلى زمن "نجيب محفوظ" والعالم الروائي القادر على حبك الخيوط الدرامية أولًا، لتكون بمثابة محاكاة مبطّنة للمشاهد الذي يتابع أحداث المسلسل مع شخصيات مرنة تخطت بأدوارها نزعة البذخ في التمثيل، وسلخت عنها عنجهية الأدوار المصطنعة، وبنضوج ممنهج التحديث، أي محاكاة الزمن الحالي. فما بين "الشريدة" و"طريق" فترة زمنية فاصلة نقلتنا من كلاسيكيات الزمن القديم إلى حداثة العصر في دراما تم تدعيمها بسيناريو تخطى به كل من "سلام كسيري" و"فرح شيا" صلابة الواقع وديناميكية القصص الأخرى المتناقضة، والمحاكية لقصة أميرة وجابر، بأسلوب فني تميز بشعبية لامست المشاهد بكافة مستوياته، وبقنطازية الأزياء (أزياء جابر) التي جمعت الغرابة البصرية مع غرابة الكف الأسود وسر الوصية، الذي وضعنا أمام غموض الأم ووصيتها وتعلق جابر بها. فهل دراما مسلسل "طريق" هي كلعبة شد الحبل بين الأدب الروائي والفن الدرامي وقدرة السيناريو على الجمع بينهما؟ تميزت موسيقى مسلسل "طريق" التصويرية المشدودة الأوتار برومانسية ذات حدود روحانية تمنح السمع الحنين إلى مفردة الأصوات التمثيلية ذات الدرجة السمعية المتناسقة مع بعضها. ليكون المشهد الموسيقي استكمالًا لمشهد غني بمعاناة أو غني ببهجة الحواس التي يمنحها اللحن، وإن بأسلوب يميل إلى اللحن المتنافر، وكأن اللعبة الموسيقية عند "أسامة الرحباني" هي لعبة الأغنية التي رافقت التتر بصوت الفنانة "هبة طوجي" وبكلمات اختزلت المسلسل بمشاعر موجعة تضعنا على أول الطريق الذي ينتهي به المسلسل أو قصة "الشريدة" التي كتبها نجيب محفوظ. وربما للعبة السيناريو تغييرات درامية كثيرة في نهاية قد تفاجئ المشاهد أو تجعله يعيد النظر في العلاقات الإنسانية أو علاقات الأزواج ببعضهم البعض، وإن أظهرت حاجة الفرد للآخر هي حاجة عاطفية إنسانية بالدرجة الأولى أو مادية انتهازية كخطيبة جابر في البداية، بمنطق متواتر ومشحون بالطيبة والغدر والتذبذب بين الحب وعدم الزواج عند عاشق يمتلك محطة البنزين وكوافيرة بلغت تضحيات حبها خسارتها لفترة إنجاب المرأة. وهذا ما استكملته موسيقى "أسامة الرحباني" التي لعبت على وتر المشاعر أو الحواس الوجدانية وبتذبذب بين النغمة القوية والمتراخية، أو تلك التي تنفر منها الحواس بلحظات، ومن ثم يسترد "أسامة الرحباني" سواها. وأكثر من الواقع الذي خاضته أميرة بو مصلح مع عائلتها، والجوانب المتناقضة مع شخصية أختها وأمها، أو ختام اللحام التي أبدعت في دورها هذا. لنشعر أن المرأة القوية ضعيفة أمام احتياجات العائلة عندما تمسك هي زمام أمورها. فهل الموضوع العائلي في مسلسل "طريق" بتنوعه شكل أرضية النجاح له عند المشاهد العربي؟ المحاماة المترغزي وغسان، أو بين أسعد رشدان وشخصية المحامي المنتهك حرمة الإنسانية في القضايا والتعامل، وبقدرة تمثيلية ترجمها الفنان رشدان بمصداقية تواءمت مع شخصية أميرة القوية، والتي تجابه قضاياها مع المتر غازي وصداقته مع جابر المبنية على العقل، الذي أشار له عندما نصحه بالعودة للعقل وترك مواجع القلب بعد أن غدرت به خطيبته السابقة. فالخيوط محبوكة بفنية عالية ومترابطة مع الحياة الواقعية، وهذا ما يميز مسلسل "طريق"، وكأنه قطعة من الحياة أمام المشاهد تسير ببطء، إلا أن تفاصيلها تضعنا برشد ووعي عملي أمام مفترقات طرق على الإنسان أن يسيرها ضمن شخصيته وتوجهاته، وبحب عائلي يحمل الكثير من الأسرار في الحلقات القادمة التي أصبحت كنتيجة لمعادلة الحلقات الماضية، وإن ضمن قصة الشريدة المحكومة بأسلوب "نجيب محفوظ" الاجتماعي والإنساني. وبوعي أدبي وفني، رفعت رايته المخرجة "رشا هشام شربتجي" مع وجوه تمثيلية أحببناها واستطاعت الدخول إلى قلوبنا بشكل أكبر في مسلسل "طريق" الذي ما زال يعرض في شهر رمضان المبارك. فهل نحتاج لدراما متلاحمة مع الأدب الروائي دائمًا أم أن نجاحها سببه السيناريو وطاقم التمثيل؟ برؤية تحديثية أخرى تُعتبر رواية "الشريدة" لنجيب محفوظ نقطة انطلاق مهمة لفهم التغيرات الاجتماعية والإنسانية في المجتمعات العربية، بينما يمثل مسلسل "طريق" تجسيدًا دراميًا معاصرًا لهذه التغيرات، ما يجعلهما مثاليين للمقارنة والتحليل من منظور إخراجي وكتابي وأدبي. تتناول "الشريدة" موضوعات التقاليد، العادات، والصراعات الإنسانية، مركّزة على حياة شخصيات تعكس واقع المجتمع المصري في حقبة معينة. تدور القصة حول معاناة المرأة والمشكلات الاجتماعية، حيث يظهر الأديب محفوظ براعة في رسم تفاصيل الشخصيات بطريقة تجعل القارئ يتعاطف معها. في المقابل، يستمد مسلسل "طريق" قصته من "الشريدة" لكنه يعيد صياغتها لتتناسب مع الواقع اللبناني والعربي المعاصر. يعكس المسلسل القضايا الاجتماعية المعقدة من خلال شخصيات متعددة، منها أميرة وجابر، والتي تعكس صراعات الهوية والمرأة في زمن تتغير فيه القيم. تمثل نادين نجيم كخطيبة جابر المرأة القوية الضعيفة، مما يجعل الصراع الداخلي للشخصيات أكثر وضوحًا. تتميز "الشريدة" بأسلوب سردي داخلي عميق، حيث يعتمد محفوظ على الوصف الدقيق لتفاصيل البيئة والشخصيات. بينما في "طريق"، استخدمت المخرجة رشا هشام شربتجي تقنيات إخراجية حديثة تعكس الديناميكية الزمنية وتستخدم الزوايا المختلفة لنقل الحالة النفسية للشخصيات. التصوير الفوتوغرافي الدقيق والموسيقى التصويرية المعبرة تعزز من الإحساس بالمشاهد، مما يجعل المسلسل أكثر جذبًا للمشاهدين. من الناحية الجمالية، تتمتع "الشريدة" بلغة أدبية غنية، مع استخدام الرموز والتشبيهات التي تعكس عمق المشاعر والصراعات. يُظهر محفوظ براعة في استخدام اللغة لتصوير تفاصيل الحياة اليومية، مما يضفي على القصة واقعية عالية. في "طريق"، نجد استخدامًا مبتكرًا للأزياء والديكور ليعكس التغيرات الاجتماعية، إضافة إلى تصويرٍ مرئي يُبرز الاختلافات بين الطبقات الاجتماعية. تلعب الموسيقى دورًا مهمًا في خلق الجو المناسب للأحداث، مما يجعل المشاهد يتفاعل عاطفيًا مع الشخصيات. في الختام، يمكن القول إن "الشريدة" و"طريق" يتكاملان في تقديم رؤية شاملة عن القضايا الإنسانية والاجتماعية، حيث يقدم محفوظ عمقًا أدبيًا يمكن تأويله بطرق متعددة، بينما يقدم "طريق" تجربة درامية معاصرة تتماشى مع روح العصر. يُظهر كلا العملين كيف يمكن للأدب والدراما أن يتداخلا ليعكسا واقع المجتمعات العربية وتحدياتها المتغيرة، مما يجعلهما كلاسيكيتين في سياقهما. Doha El Mol dohamol67@gmail.com
×
Director Rasha Shurbatji
رشا شربتجي (20 أبريل 1975 -)، مخرجة سورية تحمل الجنسية المصرية. تنتمي لعائلة فنية فوالدها المخرج هشام شربتجي وهو من المخرجين السوريين الأوائل، أخرجت العديد من المسلسلات السورية والعربية. عن حياتها ولدت في دمشق مأب سوري وأم مصرية انفصلا والديها وهي بالرابعة من عمرها وعاشت رشا شربتجي في طفولتها ومراحلها الأولى متنقّلة بين دمشق والقاهرة فاختلطت بالشعبين ودمجت لهجتيهما ممّا سبّب لها انتقادات لاذعة من الوسط السوريّ بعد ظهورها الإعلاميّ الأوّل واتّهامات بأنّها تحاول التملّق للشّعب المصريّ. انتقلت للعيش مع والدتها في مصر، ولذلك أجادت اللهجة المصرية وسهل عليها العمل في مصر مع الفنان يحيى الفخراني الذي أخرجت له عملين هما مسلسل شرف فتح الباب وابن الأرندلي، تدرجت بالبداية كانت مساعدة مخرج في مسلسل عيلة سبع نجوم بجانب والدها الذي أخرج المسلسل، كانت بدايتها في مجال الإخراج في حوالي عام 1997 وهي في الثالثة والعشرين من عمرها، تتلمذت على يد والدها المخرج السوريّ “هشام شربتجي” في أعمال كوميديّة عديدة، حتّى أخرجت أوّل أعمالها الخاصّة بعنوان “قانون ولكن”. وقد كان باكورة أعمالها الإخراجية هو مسلسل قانون ولكن عام 2003. وعرف عنها إخراجها للأعمال التراجيدية الناقدة للوضع السياسي والتي من أبرزها الولادة من الخاصرة والذي تولت إخراج الجزء الأول والثاني منه وكذلك خاضت تجربة التمثيل فيهم. حياتها الأسرية تزوجت في عام 2007 من المصور السينمائي ناصر ركا وسط معارضة والدها لهذا الزواج. وقد انفصلا في سبتمبر 2012. وفي فبراير 2013 تزوجت من ضابط المخابرات السورية تمام الصالح نجم الدين. أصبحت زوجة أخ سوزان نجم الدين وقد احتفلوا بزفافهم في دبي. إلا انها انفصلت عنه في يوليو 2023. تزوجت الممثل الشاب «إبراهيم الشيخ» في مايو 2024.الأعمال التي أخرجتهاالمسلسلات قانون ولكن. خمسة وخميسة. أشواك ناعمة. غزلان في غابة الذئاب. ولاد الليل. رجل الأحلام. شرف فتح الباب. يوم ممطر آخر. زمن العار. ابن الأرندلي. أسعد الوراق. تخت شرقي. الولادة من الخاصرة. بنات العيلة. الولادة من الخاصرة 2. وش رجعك. علاقات خاصة سمرا. شوق. طريق. ما فيي - جزئين. بروفا. حارة القبة. نور. كسر عضم. مربى العز. ولاد بديعة. بنات الثانوي.
عوالم خفية في دفاتر الحياة المنسية
BY المخرج رامي عادل إمام
9.0
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
عوالم خفية في دفاتر الحياة المنسية ضحى عبدالرؤوف المل فتح الفنان "عادل إمام" العوالم الخفية للكثير من ملفات الماضي المرتبطة بمافيات الفساد، التي تجعلنا نتساءل ألف مرة قبل أن تنتهي كل حلقة: ما الهدف؟ وماذا يريد الفنان "عادل إمام" من انتحار الفنانة التي ألقت بعوالمها الخفية في كتاب قبل أن تنهي الحياة وصراعاتها المتجددة في مجلدات موجودة مع غبار الماضي على رفوف موصدة لم تمت. بل! يبدو أنه يعيد مجد الصحافة الذي بدأ ينحسر بنبض الشعب كي لا يفتر، ولتبقى الصحافة محمية بالشعب الذي يحل الغاز كل مقال أو كل حدث أو كل رؤية يؤمن بها. كما فتح العام الماضي القراءة وأهميتها ضمن مكتبة وكتب استكملها هذا العام بالصحافة وعالم فك الألغاز. دراما رمضانية محملة بالمواضيع الاجتماعية والسياسية والفنية، وعبر شبكة محاطة بمفاتيح انصهرت مع بعضها، وكأنها تقود إلى باب الفساد الكبير أو باب اللغز المعقد بحلوله المستعصية على الفهم. إذ لا تنتهي العقد في كل حلقة، ولا يرضى إلا بالاحتواء حتى لحفيده ومشاكله مع ابنته. ومع ذلك، اقترب في كل مرة من الأسرة العربية بكل تفاصيلها في شهر رمضان. إن بمشاكلها البسيطة وعسراتها، من دار الأيتام إلى الإنتاج الفني وصولاً إلى المخدرات ومشاكل الشباب. فالنص الدرامي الذي كتبه "أمين جمال" و"محمد محرز" اتصف بالسهل الممتنع دون التخلي عن الكوميديا أو الضحكة المرنة التي تبلسم الموقف المؤلم. كما اتصف النص بالمآسي التي وقعت للفنانة مريم رياض، وإن تخلى عن الوجه الكوميدي نوعًا ما، إلا أنه تمسك بالمضحك المبكي الذي استغله كاتب النص لتمرير رسائل ملغزة مرسلة إلى مشاهد يرى الكثير من القضايا التي يطرحها من الماضي إلى الحاضر، ليحذرنا من مستقبل يجب تنظيفه من تاريخ طويل. لتكون بمثابة مجتمع يطرح الخير بعد شرور حملتها النفوس المتعلقة بمفاتيح اندفنت في الكثير من الأوراق المطوية، وبجرأة درامية تضحك وتبكي، وبتؤدة الفن المعمق بالمغزى والعبرة والمثل، وبواقع بات يعج بالمشكلات الاجتماعية التي تتسبب بها الأنفس المريضة بالجشع والطمع والإجرام. فهل سيحمل "عادل إمام" رسالة الإصلاح من خلال الدراما الرمضانية التي يقدمها كل عام؟ وهل نحن في السباق الرمضاني أصبحنا ننتظر الفنان "عادل إمام" وقضاياه التي يعالجها بحنكة درامية مغلفة بكوميديا سوداء ساخرة من الوضع الذي وصلت إليه المجتمعات العربية؟ بلغت رمزية "عوالم خفية" حيوات مختلفة، ومضامين بلغت فيها جرأة الصحفي هلال معارضة الرأي بنبض الشعب، الجريدة التي حدثت فيها متغيرات في بداية الحلقات، وكأن ما يبهج يحزن والعكس. بمهمة حساسة وصلت لحد معالجة قضايا اللواط والمثليين والمخدرات والاتجار بحبوب الهلوسة، وبالأستاذ صاحب المثل الذي ينتهك الأدب بقلة الأدب، وهذه مهمة الصحافة التي مارسها الفنان "عادل إمام" في دراما تعيد إلى الشباب صورة الصحفي الراضي بشرف المهنة خدمة لمجتمع، وبقناعة المواطن العربي قبل المصري. أيضًا بتناقض جريء وتلقائي في كوميديا ساخرة بمواقفها البسيطة. ليكون محببًا من خلال التأثير النفسي على مشاهد ينتظر الضحكة من فنان يستنكر ما يحدث على أرض الواقع بالدراما، مؤكدًا على الغمامة السوداء التي يجب أن يزيلها الأفراد كل من موقعه ومسؤولياته، متمسكًا بالضرورة الهزلية للشخصيات دون مبالغة تحيط بها، كالضابط الجدي الذي يقاتل ليحصل على زوجته السابقة، والضابط الذي يمازح زوجته المتحمسة للزواج الذي يتعارض مع قيامه بمسؤولياته. فلماذا أراد الفنان "عادل إمام" أن يدمج الماضي بالعالم المعاصر؟ ولماذا منح الشباب معالجة درامية تعيد لهم أولويتهم في الوجود الحياتي المعافى من سموم ماضٍ لم ينتبه له الجيل السابق؟ أو ربما كانت مخاوفه أكبر من تحدياته للظروف الأخرى التي مر بها، وكأن حداثة الزمن في خدمة الشباب على عكس الزمن القديم وغرابة أطواره في عوالم مخفية أعطتنا عدة أسباب مقنعة لرؤيته من خلال كتاب "مريم رياض" والألغاز المحبوكة التي دفعت الصحفي هلال لاستكشاف السلوك الإنساني المنحرف الذي أودى بحياتها. فهل يريد القول من خلال المسلسل إن ما يتم دفنه في زمن ما سيتم كشفه في أزمنة أخرى وما من حقيقة تموت؟ عوالم خفية في دفاتر الحياة المنسية، وابتسامة ساخرة أو احتواء بضحكة أو دعابة تمر لتخفف من ثقل الواقع الذي جعل من ابنة "مريم رياض" ضحية كأمها، كما جعلت من ابنة مندور ضحية أخرى، وابن الصحفي هلال الذي لم يستطع الاحتفاظ بابنه لأنه من حق أمه الروسية. والكثير الكثير من المواضيع المتشابكة، بعضها نجد له الحلول وبعضها الآخر معلق في زوايا القوانين المحتاجة لتحديث، لتتناسب مع الزمن الحديث الذي باتت فيه المعلومة عبر الإنترنت أسرع من صحفي يحتاج للشباب من حوله، ليضخ للصحافة الدم الجديد الذي تحتاجه. وهذا ما فعله عندما ترك لنهى كتابة مقالها عن دار الأيتام. وما بين التسامح والمحبة فسحة من أوجاع أحصاها اجتماعيًا وسياسيًا بحقيقة مرة لا يمكن تجاهلها، بل! فتحت الأبواب على مصاريعها. لندخل في شهر الإنسانية على واقع حافل بمشاهد لا يمكن أن ينكرها كل عقل راشد ومتابع لواقع نعيش فيه، وبسخرية اختلطت بتحفيز الذهن على تحليل كل حدث نراه، وفهم خلفياته دون الاستهزاء به. وهذا ما جعل من "عوالم خفية" شبكة معقدة من قضايا سلط الزعيم "عادل إمام" الضوء عليها بفن إنساني بالدرجة الأولى، ومن ثم درامي لا يخلو من السخرية والضحكة المبطنة. فهل سيكمل "عادل إمام" رسالاته في كل شهر رمضاني ليعيد للأدب والفن المجد الذي يخدم الواقع؟ وهل الإخراج في مسلسلاته بات يحمل نكهة خاصة به تميل إلى المشهد المفتوح على مساحة خاصة بالوجوه الشبابية التي يمنحها من خبرته ما يضفي عليها الثقة؟ برؤية أخرى تحديثية في عالم الدراما، يظل العمل الفني مرآة تعكس واقع المجتمع وتناقضاته. ومع دخولنا إلى عوالم الأعمال الرمضانية، يتألق أسلوب الكوميديا الهادفة، وهو نمط فني يجمع بين الضحك والتأمل في قضايا إنسانية معقدة. وفي هذا السياق، يظهر الفنان "عادل إمام" كرمز لهذا النوع من الأعمال، حيث يجمع بين الكوميديا والعمق الدرامي، ليقدم للجمهور تجربة فريدة تثير التأمل وتدفع للتفكير. من خلال عدسة الإخراج، نجد أن العمل يعتمد على توظيف عناصر الإخراج بشكل مدروس. اختيار الزوايا، الإضاءة، وتوزيع الشخصيات في المشهد يسهم في بناء جو متوازن بين الكوميديا والجدية. يبرز الإخراج استخدام الحركة الديناميكية، مما يمنح المشاهد إحساسًا بالتفاعل مع الأحداث، ويساعد في إبراز التوترات الدرامية دون الإخلال بالجانب الكوميدي. كما أن التصوير القريب للمشاعر الإنسانية يعمق من الارتباط بين المشاهد والشخصيات، مما يجعل التجربة أكثر تأثيرًا. أما من ناحية الكتابة، فإن النصوص التي كتبها "أمين جمال" و"محمد محرز" تتسم بالذكاء والعمق. يتم تقديم القضايا الاجتماعية والسياسية بلغة سلسة وممتعة، تجعل المشاهد يشعر بالتفاعل مع الأحداث. تبرز الحوارات الذكية والفكاهة العفوية، مما يسهل على الجمهور فهم الرسائل المتعددة التي يحملها العمل. كما أن الانسيابية في السرد تعكس التوتر والدراما بأسلوب يجذب الانتباه. الجماليات التعبيرية في العمل تأتي من التوازن بين العناصر البصرية والسمعية. الموسيقى التصويرية تساهم في خلق أجواء متباينة، من الفكاهة إلى اللحظات الدرامية المؤثرة. الألوان المستخدمة في المشاهد تضفي عمقًا بصريًا، حيث تعكس الفصول المختلفة للصراع الإنساني. وهذا يسهم في بناء تجربة شاملة تأسر الحواس. يتجلى عنصر الكوميديا الهادفة من خلال المشاهد التي تتناول قضايا مجتمعية معقدة بطريقة خفيفة، دون أن تفقد الجدية في طرحها. يُظهر العمل كيف يمكن استخدام الضحك كأداة للتغيير، مما يجعل المشاهد يعيد التفكير في القضايا المطروحة. الشخصيات ذات الطابع الكوميدي تصبح مرآة لنقاط الضعف والقوة في المجتمع، مما يعزز الفهم والتعاطف. في النهاية، يقدم هذا العمل نموذجًا مثاليًا للدراما الكوميدية الهادفة. يجمع بين عناصر الإخراج المتميزة، الكتابة الذكية، والجمالية التعبيرية، ليشكل تجربة فنية متكاملة. إن قدرة "عادل إمام" على تقديم الرسائل الاجتماعية بذكاء وفكاهة تظل علامة فارقة في المشهد الفني، مما يجعله واحدًا من أبرز رواد الكوميديا الهادفة في العالم العربي. Doha El Mol dohamol67@gmail.com
×
المخرج رامي عادل إمام
رامي عادل إمام (25 نوفمبر 1974)، مخرج ومنتج مصري ومالك شركة ماجنوم للإنتاج والتوزيع الفني والسينمائي وهو نجل الممثل عادل إمام وشقيقه محمد إمام. حياته تخرج من الجامعة الأمريكية في عام 1999 من قسم المسرح، وعمل في مجال الإخراج المسرحي، كما عمل مع والده الفنان عادل إمام كمخرج في مسرحية (بودي جارد)، بدأ في الإخراج السينمائي من خلال فيلم (أمير الظلام)، ثم واصل الإخراج للسينما والتليفزيون، فأخرج للسينما (غبي منه فيه، حسن ومرقص، بوحة)، وللتليفزيون (عايزة أتجوز، فرقة ناجي عطا الله، العراف).إخراجمسلسلات 2009: العيادة الجزء الثاني 2010: عايزة أتجوز 2012: فرقة ناجي عطا الله 2013: العراف 2014: صاحب السعادة 2016: مأمون وشركاه 2017: عفاريت عدلي علام 2018: عوالم خفية 2020: فلانتينو أفلام 1999: الواد محروس بتاع الوزير (عمل كمساعد مخرج) 2002: أمير الظلام 2004: غبي منه فيه 2005: بوحة 2006: 1/8 دستة أشرار 2008: حسن ومرقص 2008: كلاشنكوف مسرحيات 1999: بودي جارد مصدر السيرة الذاتية موقع ويكيبيديا
ربما لا شيء من هذا حقيقي في مسلسل( From)
BY Creator John Griffin
9.0
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
ربما لا شيء من هذا حقيقي في مسلسل( From) ضحى عبدالرؤوف المل يُبقي الزمن من نحبهم في عمق الذاكرة فلا يغادرونا، بل يسكنون فيها إلى الأبد. ونتمنى في لحظات خسارتهم أن نذهب إليهم. إلا أن في مسلسل From للمخرجين "جاك بندر، براد تورنر، ألكسندر لاروش" الأمر أشبه بلغز سريالي حافل برموز، والسر الكبير في جذع الشجرة الذي يصبح مع الأجزاء هو البداية للصراع النفسي القائم على استعادة الحدث. تبدأ القصة مع عائلة ماثيو جيم (أيون بيلي) وزوجته ثابيتا (كاتالينا ساندينو) وأولاده إيثان (سايمون ويبستر)، وهو اللغز الأكبر الذي يجعلنا نبحث في تصرفاته وقدرته على متابعة رسوم الأطفال التي تُشكل المنبع النفسي الأساسي للمسلسل. هذا يجعلنا نعيد النظر في القراءة النفسية لرسومات الأطفال، والرسومات الكابوسية، أو حتى الرسومات السيكوباتية، أو الانفصام، أو حتى الرسومات البسيطة التي يرسمها الطفل تلقائيًا، والتي قد تمثل وجعه النفسي أو فرحه ووجوده. فما علاقة الماضي بالنفس البشرية، وما هي مؤثرات الزمن على الذاكرة؟ وما الذي يمكن أن يشفي الإنسان من الكوابيس التي تهاجمه، أو الأحرى تعيش في مخيلة غير القادرة على قراءة الأحداث كما يجب؟ وما السر في التميمة؟ وهل الشخصيات الجديدة هي حبكة تزداد تعقيدًا في كل حلقة؟ وهل كل سلوك غير مدروس من الإنسان قد يؤدي إلى كوارث؟ لا يمكن دخول الوحوش من أبواب مفتوحة، ولا يمكن الوصول إلى الهلوسة والمرض النفسي من خلال العقل الباطن ما لم تسكنه الأخطاء القاتلة للإنسان نفسه. فالإنسان عدو نفسه، كما هي الحال مع أكثر شخصيات المسلسل الذين أخطأوا في مسارات حياتهم. فمزيج الأحداث مع كل شخصية يتخذ مسارًا نفسيًا هو معضلة حقيقية لا يمكن حلها، ومع ذلك يستمتع البعض منهم بوجوده مع الجماعة حتى إنه يخاف الخروج من هذه المتاهة كي لا يعود لحياته السابقة، رغم التصادم مع الجماعة. فالانفراد يؤدي إلى مزيد من الأمراض النفسية أو الكوابيس التي تأكل الإنسان كالحشرات التي تهاجم الذات، وفشل الإنسان في الابتعاد عما يخيفه أو تنظيف نفسه من أفعاله الشريرة أو الخاطئة، وما تؤمن به دونًا عن مجتمع حر كالهيبيين لا يتماشى مع العائلة ذات النظام الخاص بها. ومع ذلك، استطاعت أن تنجح بالمحافظة على الجميع في منزل واحد، إلا أنها في حلقات الجزء الثالث تنهار وتبكي، ونراها تحتاج لدعم نفسي كي تستمر في ضبط المنزل الذي يعيش فيه الجميع. ولكن السؤال الأكبر الذي يدفعك إليه المسلسل هو: هل الإنسان عدو ما يجهل، أم أن الأخطاء تقتل صاحبها أو تتسبب بالأذى للآخرين الذي يتسبب به الخوف، وهو الدافع الأساسي؟ حقائق الوعي غامضة في بداياتها، ولا تتكشف إلا عند العودة إلى الذات، وما بين السابق واللاحق حالة الدال والمدلول ومعادلة الأثر النفسي الذي يجعلنا نسير في دائرة لا تنتهي. وأما رمزية المستودع الذي نضع فيه أشياء الماضي، فهو مستودع العقل وما نخفي فيه من إصابات طفولية لا تضمحل، ولكنها كالديدان الكابوسية في هذا المسلسل تنتظر اللحظة الحاسمة للخروج إلى العلن. فهل الشجرة التي تقطع الطريق هي نهاية كل ما يتصل بالأرض، ويشكل فكرة القوة والكمال؟ أم أن ما هو بعد يختلف عما قبل؟ وحياتنا في مرحلة ما لا تشبه أي مرحلة أخرى؟ المؤثرات الصوتية والموسيقى التصويرية مؤثرة حسياً لدرجة أنها تشكل تنبيهاً نفسياً لحدث غامض لا نجد له الأجوبة، إلا أننا لو حاولنا تفكيك الرموز، نجد أن الشجرة الساقطة على الأرض هي رمز الفردية. فما من شيء في العالم لا يتأثر من الآخرين. وعبر الأدب والفن وحتى في الأديان، للشجرة رمزيتها تمامًا كالشجرة الملعونة في القرآن. فالشجرة المقتلعة ترمز للإنسان الذي يهرب من ماضيه، كالشخصيات في المسلسل الذين يريدون محو الماضي، ولكن الإدراك مرتبط بالنشأة الأولى التي يجهلها الإنسان عن نفسه، لأنها غالبًا تختفي في الباطن النفسي. فهل نجح صناع المسلسل في وضعنا أمام معادلات نفسية تقودنا إلى منبت الشجرة ورمزيتها ووقوعها، والتي تمثل الوعي واللاوعي عند الإنسان؟ فقد اجتذبت الشجرة الانتباه وجعلتنا نبحث عن أعمق مخاوفنا في إعادة الأحداث، وهي الدخول في معاناة من يدخل عالم الخوف والعيش في كوابيس الليل، وما ينتج عنه من انقطاع عن العالم. فهل الخوف من أنفسنا أصعب من الخوف من المجهول؟ وهل تراكم صور الرعب في الأذهان يؤدي إلى التمسك بالحياة بعد اكتشاف كم الأخطاء التي نحصدها في الحياة، وتؤثر سلبًا على تفاصيل حياتنا؟ يصطحبك المسلسل في كل جزء إلى عالم نفسي مغلق كعلبة خشبية، وراقصة الباليه، والصوت الذي يرافقه الحدث المأساوي، وكل ذلك بأسلوب نفسي مدروس ومعادلات فلسفية بحثية عن الخوف والأزمات النفسية والديستوبيا، والكثير من التفاصيل التي بنى عليها المؤلف هذا المسلسل، الذي لا يمكن القول إنه بالجديد من حيث الفكرة، ولا بالقديم، إلا أنه استجمع عدة نظريات نفسية في أدب الرعب عبر هذه الدراما التي تجعلنا ننتظر فهم الكثير من الأسرار في الأجزاء القادمة. برؤية تحليلية أخرى مسلسل ( From) يتمحور حول قضايا الذاكرة، الهوية، والصراع النفسي الذي يعيشه الأفراد في مواجهة ماضيهم. القصة تنسج خيوطًا معقدة بين عائلة ماثيو جيم والبيئة المحيطة بها، مما يبرز التوترات النفسية التي تتولد من ضغوطات الحياة اليومية والكوابيس التي تلاحق الشخصيات. إذ تتبع الأحداث نمطًا تصاعديًا يجذب المشاهد عبر إدخال عناصر الغموض والتشويق. الشخصيات ليست أحادية الأبعاد، بل تتسم بتعقيد نفسي يجعلنا نتعاطف معها رغم أخطائها. الصراعات الداخلية بين الأفراد تخلق ديناميكية مؤثرة تعكس جوانب متعددة من النفس البشرية. الإخراج في From يتسم بالعمق والاهتمام بالتفاصيل. استخدام الزوايا الغير تقليدية والإضاءة المظلمة يعزز من شعور الغموض والتوتر. بالإضافة إلى ذلك، يعتمد المخرجون على تصوير المشاعر الداخلية من خلال تعبيرات الوجه وحركات الجسم، مما يخلق تجربة بصرية قوية تعكس الصراعات النفسية للشخصيات. أما الأداء التمثيلي يبرز بوضوح التعقيد النفسي للشخصيات. يتمتع الممثلون بقدرة فائقة على إيصال المشاعر الداخلية من خلال النظرات والتعابير، مما يجعل المشاهد يتفاعل بشكل أكبر مع الأحداث. الشخصيات تجسد بصدق الصراع بين الرغبة في الهروب من الماضي والقدرة على مواجهة الحاضر. الموسيقى التصويرية والموسيقى الخلفية للأصوات المؤثرة تلعب دورًا أساسيًا في تعزيز الأجواء النفسية. تعكس الألحان حالات القلق والخوف، مما يزيد من تأثير المشاهد. الألوان الداكنة والتصميم الفني يعكسان التوتر والضياع، مما يسهم في بناء جو درامي قوي. أما الجمالية في From تتجلى في استخدام الرمزية، كجذع الشجرة الذي يمثل الروابط مع الماضي وصراع الشخصيات. المشاهد المصورة تجسد الصراع الداخلي والخارجي بطريقة تجعل المشاهد يتأمل في معاني الوجود والذاكرة. تتناول الشخصيات مواضيع الكوابيس، الخوف، والذكريات المؤلمة، مما يعكس جوانب عميقة من النفس البشرية. الصراع بين الفرد والمجتمع يظهر جليًا، حيث تعكس الأحداث تأثيرات الزمن على الذاكرة والعواطف. يُظهر المسلسل كيف يمكن للإنسان أن يكون عدو نفسه، مما يثير تساؤلات حول الهوية والاختيار. يعتبر From عملاً فنيًا متكاملًا يجمع بين الدراما النفسية والتشويق، حيث تتفاعل العناصر البصرية والصوتية مع النص الدرامي لتخلق تجربة فريدة للمشاهد. يُحسن المسلسل استكشاف أعماق النفس البشرية وتحديات الذاكرة، مما يجعله محط اهتمام لكثير من المتابعين. إن التحليل الانطباعي يعكس كيف يمكن للفن أن يعكس الواقع ويستكشف الأعماق النفسية للإنسان بطرق تعبيرية مؤثرة نفسيا. Doha El Mol dohamol67@gmail.com
×
Creator John Griffin
لاحقا
الدماء التي لا تنسى
BY المخرج محمد عبدالسلام
8.0
المقال
سيرة ذاتية
Share
×
Article
الدماء التي لا تنسى "فهد البطل" وجوهر الصراع الأخوي ضحى عبدالرؤوف المل في قلب كل قصة درامية عظيمة، تتجسد فكرة إنسانية عميقة تلامس أرواحنا وتثير فينا أسئلة حول الحياة والموت، الحق والخيانة، الحب والكراهية. وبينما تتنوع القصص وتختلف، تظل تلك التي تتناول الصراع الأخوي من أكثر الحكايات تأثيرًا، إذ تحمل في طياتها تناقضات إنسانية ومعارك داخلية معقدة. فالصعوبات التي يعيشها الطفل ترافقه طوال حياته، وما يحمله في نفسه هو أثر الظلم في سلوكياته واتجاهاته. وهذا ما لمسناه في مسلسل "فهد البطل"، ليكون أحد أبرز الأعمال التي تجسد هذا الصراع الدموي، متناولًا التوترات الأسرية بشكل تراجيدي مثير. فهل اختلف الربط بين الأحداث الماضية في شخصية فهد الذي يقوم بدوره أحمد العوضي وأخيه عمرو الذي يقوم بدوره أحمد ماجد، الذي نشأ كضابط بعيدًا عن معاناة فهد وأخته راوية؟ أم أنه حمل نفس الألم عندما قتل فهد عمه ومن تربى معه عمرو كأب، عندما أدرك حقيقة ما حدث لفهد ورواية من مأساة؟ الدراما الشعبية في هذا العمل ليست مجرد سرد لأحداث، بل هي رحلة استكشافية في أعماق النفس البشرية، تكشف عن أدق نزعاتها وأعمق جراحها. القصة تدور حول الابن الذي يسعى للانتقام لمقتل والده أمامه بيد عمه، ليجد نفسه في دوامة من الحقد والكراهية، حيث يواجه أخوته وعمه في صراع دموي لتحقيق الثأر. لكن، ليس هذا فقط ما يعترض طريقه؛ فهناك الشر المستتر في قلوب أحبائه، الذي يتخذ من الحب والتضحية غطاءً لتحقيق مآربه. فهد، بطل الحكاية، ليس مجرد شاب يبحث عن العدالة؛ بل هو شخصية تمزقها مشاعر متناقضة: من الحب للأخوة إلى الكره للظلم، ومن الرغبة في الانتقام إلى الحاجة الملحة في لم شمل الأسرة. يجسد فهد الصراع التراجيدي الذي يعيشه مع عمه القاتل ومع الأخوة الذين تربطه بهم روابط الدم، معركةً بلا نهاية، حيث تتبدد الأحلام وتُغتال الطموحات في لحظات من العنف والمأساة. في هذا الصراع، يسعى فهد إلى أكثر من مجرد الثأر؛ بل إلى محاولة إعادة توازن العائلة الممزقة، رغم أن الدماء والآلام التي تحيط به قد تحرم هذه المحاولة من النجاح. فهل شكلت هذه الأحداث تمثيل علاقة فهد مع الآخرين دون تضخيم وبمنطق تحليل الشخصية التي اكتوت بحادثة قتل الأب أمام أولاده بيد العم؟ الدراما الأخوية في "فهد البطل" تعكس التناقضات الإنسانية التي يسعى الفرد دائمًا للتغلب عليها: حب يتحول إلى كراهية، وشجاعة تنحسر أمام ضعف الإنسان الداخلي. الأخوة، الذين جمعهم حلم واحد، وهما راوية وفهد، يغرقون في دوامة القتل والانتقام. فيجد فهد نفسه في صراع داخلي رهيب بين رغبة لم شمل الأسرة وملاحقة الجرائم التي دمرت علاقاتهم، وحبه الشديد لأخوته ودفاعه المستميت عن أخته رواية. فهل استطاع فهد تغيير نمط الأخوة بين الأخ والأخت حين دافع عنها في قضايا مست الشرف؟ ما يميز هذه القصة ليس فقط المعركة الدموية بين فهد وعمه، بل أيضًا اكتشاف فهد لعمق الألم الذي يعانيه أخوته. إنهم الذين تربوا في أحضان الظلم والعنف، وهم ضحايا لتفرقة العالم وضغوطه المتزايدة. فهو يسعى إلى العدالة في عالم لا يوفر لهم هذا الحق، مما يجعله أسيرًا للانتقام والماضي الذي لا يفارقه. فهل استطاع المخرج محمد عبدالسلام أن يظهر كل الانفعالات التعبيرية للممثلين بما يتوافق مع الإحساس التمثيلي والتصويري؟ أم أن الأخ القاتل غلاب الذي قام بدوره الفنان أحمد عبدالعزيز هو من استطاع التعبير عن هذه الشخصية المريضة بنسبة كبيرة جدًا مما ترك أثرا في نفس المشاهد؟ مع تقدم الأحداث، أظهر لنا المسلسل أن الشر ليس فقط عدوًا خارجيًا نواجهه، بل هو جزء من تداخل العلاقات الإنسانية المتشابكة في العائلة الواحدة، ومن ثم القرية. وهذا جزء من معاناتنا المستمرة. الشر في هذه الدراما ليس فعلًا واحدًا، بل هو تطور داخلي لمس المحيط بأكمله، وهو جزء من النفس البشرية التي نتأثر بها وننجر إليها حتى في لحظات الحب والتضحية. ورغم قسوة فهد على عمه في قتله، إلا أنه لا يستطيع الهروب من تعقيدات الإنسانية التي تجره إلى مصير مؤلم. فهل كان المؤلف محمود حمدان عادلاً في دراسة شخصياته ليمتد الشر كل هذا الامتداد؟ المسلسل يقدم لنا رؤية عميقة حول تدمير الروابط الأسرية بسبب الشرور التي قد تلتهم كل شيء، ويعرض صورة لمجتمع غارق في الانتقام ليكتشف في النهاية أن الانتقام لا يحقق العدالة، بل يزيد من دائرة الألم. وعلى الرغم من أن الظالم قد يبدو في البداية منتصرًا، إلا أن الشر مهما طال الزمن، يعود ليصغر أمام الحقيقة، أمام الإنسانية التي يطغى عليها الألم والمعاناة. فهل يمكن المسامحة والغفران لمن تخطى كل الممكن والمعقول في القتل والأذى؟ "فهد البطل" ليس مجرد مسلسلاً عن العنف والانتقام، بل هو دعوة للتفكير في العواقب التي قد تترتب على قراراتنا. هو اختبار للإنسانية في مواجهة الحقد، وللأخوة في مواجهة الخيانة. يبقى التساؤل: هل يمكننا إيجاد الخلاص وسط هذا الظلام؟ وهل يمكننا إعادة بناء ما دمرناه بأيدينا؟ إجابة هذه الأسئلة قد تكون صعبة، لكنها في شخصية فهد تظهر لنا أن كل لحظة من الانتقام، مهما كانت مبررة، تترك أثرًا لا يمحى. فالألم الذي يعاني منه الشخص نفسه لا يمكن تعويضه بالثأر. الدراما الشعبية التي يقدمها "فهد البطل" تظل تذكيرًا بقدرة الإنسان على تحمل المعاناة، ولكن أيضًا بقدرته على تجاوزها، حتى في أحلك اللحظات. الدراما الشعبية ليست مجرد وسيلة للترفيه، بل هي مرآة تعكس أعماق النفس البشرية وأسرارها المظلمة. هي نافذة تتيح لنا النظر إلى زوايا مظلمة من الروح الإنسانية، حيث تنكشف المعاناة والألم في مواجهة التحديات الكبرى. وعندما تأخذ الدراما طابعًا مثيرًا، مليئًا بالصراعات والتقاتل الإنساني، فإنها تفتح أمام المشاهد أبوابًا من التأمل العميق في طبيعة الإنسان وحقيقة قواه الداخلية. في مسلسل مثل "فهد البطل"، حيث تتداخل مشاعر الانتقام والحب والكراهية في صراع دموي بين الأخوة، نجد أن هذه الدراما ليست مجرد سلسلة من الأحداث المأساوية، بل هي وسيلة لفهم طبيعة الصراع البشري. مآسي الشخصيات تتكشف ليس فقط من خلال أفعالهم المدمرة، بل من خلال المعاناة التي يعايشونها نتيجة لتلك الأفعال. فكل ضربة وجهها الأخ لأخيه، وكل لحظة غدر بين أفراد العائلة، تفضح الحقيقة المؤلمة: أن الإنسان قد يصبح أسيرًا لألمه الداخلي، مما يدفعه إلى حافة الجنون. المسلسلات الشعبية ذات الطابع العنيف لا تسلط الضوء فقط على المعارك الخارجية بين الأبطال والأعداء، بل تكشف لنا عن معارك داخلية أعمق: معركة الشخص مع ذاته. الصراع النفسي الذي يعصف بالشخصيات يعكس جزءًا من معركة الإنسان مع نفسه، مع قواه الداخلية المدمرة التي قد تؤدي به إلى هدم كل شيء بنى عليه حياته. وهنا تكمن الأهمية الكبرى للدراما الشعبية في قدرتها على نقل هذه المشاعر والمعاناة إلى المشاهد، الذي لا يرى نفسه في شخصية واحدة فقط، بل يتنقل بين جميع الشخصيات ويعيش معاناتهم. التأثير العميق للدراما الشعبية على النفس البشرية لا يأتي فقط من خلال الأحداث نفسها، بل من خلال الصراع الداخلي الذي يولده المسلسل. المشاهد الذي يتابع مسلسلًا عن الأخوة المتقاتلين أو العائلات التي تدمرها الخيانة والانتقام والاتجار بالمخدرات، يشعر بنوع من الانعكاس في حياته الشخصية. هذا التفاعل لا يقتصر على مجرد مشاهدة قصة من بعيد، بل يثير تساؤلات عميقة حول القيم: العائلة، الثقة، الخيانة، والعدالة. المشاهد يجد نفسه في حالة من الصراع الذاتي، محاولًا فهم إذا ما كان سيختار مسار الانتقام أو المسامحة في مواقف مشابهة. الدراما الشعبية، خاصة تلك المثيرة والمتشابكة، تبرز أهميتها في قدرتها على إيصال الأثر النفسي العميق للمشاهد. هي ليست مجرد أداة ترفيه، بل وسيلة لتفريغ مشاعر إنسانية مكبوتة، ومنصة لإعادة تقييم القيم. تعرض لنا كيف يمكن للإنسان أن يصبح أسيرًا لمشاعره القوية، وكيف أن تلك المشاعر قد تدمّر كل شيء جميل في حياته إذا لم يتمكن من السيطرة عليها. لن أتحدث عن الإخراج وما إلى هنالك من عناصر أخرى، لأن هذه الأعمال لا تبقى عابرة أو سريعة الزوال في أذهاننا، بل تستمر في التأثير على طريقة تفكيرنا لفترات طويلة بعد انتهائها كقصة مؤثرة. فالتقاتل الإنساني الذي نراه على الشاشة يعكس الصراعات التي نعيشها يوميًا، ويساعدنا على التفاعل مع أوجاعنا وأزماتنا الداخلية. وفي النهاية، تترك لنا الدراما الشعبية أثرًا عميقًا في نفوسنا، وتدفعنا للتأمل في تأثير مشاعرنا على العالم من حولنا، وكيف أن كل فعل، مهما كان صغيرًا، يمكن أن يغير مجرى حياتنا وحياة الآخرين إلى الأبد. فهل استطاع شادي مؤنس خلق بصمة حسية موسيقية لهذا المسلسل الشعبي؟ وهل أغنية التتر بصوت رحمة محسن أوجعتنا كلمة وصوتا ؟ https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=863463
×
المخرج محمد عبدالسلام
لاحقا
«
12
13
14
15
16
»